“الأموال نظير الولاء”.. حصاد زيارة (حميدتي) لدارفور
14 أغسطس 2022
سجل نائب رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو زيارة إلى دارفور تعتبر الاطول منذ اطاحة ثورة شعبية بنظام الرئيس السابق عمر البشير في أبريل من العام 2019.
اتخذ قائد الدعم السريع من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور مقرا له لا سيما وأنها الولاية شهدت احداث عنف في الفترات الاخيرة.
في كل زياراته لمدن وارياف الأقليم يُغدق حميدتي بالأموال على المؤسسات الحكومية ورجالات الادارة الاهلية، وشملت زياراته بعض معسكرات النازحين.
“قائد قوات الدعم السريع انفق اموال طائلة في خضم زيارته الى دارفور لكسب مؤيدين لقواته سيئة السمعة”. يقول مسؤول محلي في حكومة غرب دارفور فضل حجب اسمه لـ(عاين). ويضيف: ” أهدى حميدتي 10 سيارات بوكس ماركة تويوتا وبصان لجامعة الجنينة وكذلك تنشط مجموعات شبابية تحمل شعار -كلنا حميدتي- تقوم بعمليات النظافة في ولايتي غرب ووسط دارفور”.
تجنيد وصفقات سرية
شملت زيارة حميدتي إلى ولايات دارفور مناقشات مع مجموعات اهلية حول تجنيد ابنائها بقوات الدعم السريع. وخلال زيارته لولاية وسط دارفور عقد اجتماع بمنزل رئيس الإدارة الأهلية لقبيلة الفور، سيسي فضل سيسي بحي المحافظين وسط المدينة وناقش معه عدد من النقاط أهمها تجنيد عدد من ابناء الفور بقوات الدعم السريع.
مصادر: حميدتي وافق على استيعاب وافق على استيعاب 2500 شخص من اهلية الفور بقوات الدعم السريع.
وكشفت مصادر لـ(عاين)، عن موافقة حميدتي خلال الاجتماع على استيعاب 1500 من الأفراد الذين يأتي بهم سيسي فضل من كيان الفور الأهلي بصفوف قوات الدعم السريع، فيما قال مصدر آخر أن دقلو وافق على استيعاب 2500 شخص.
واثناء زيارته للاقليم أعلن حميدتي في لقاء حاشد عن استيعاب مئة شخص من ابناء بلدة “كرينك” في صفوف الدعم السريع. ويأتي ذلك بعد أشهر من المجزرة التي شهدتها المنطقة وتواجه فيها قوات الدعم السريع اتهامات بمساندة المكون الأهلي الذي هاجم البلدة.
ويقول الناشط الحقوقي بولاية غرب دارفور، حاتم عبدالله الفاضل، لـ(عاين)، أن قائد الدعم السريع تبرع بمبالغ مالية هائلة للمجموعات التي اجتمع بها سراً بقصر الضيافة. وأضاف الفاضل “هنالك سيارات تم توزيعها لأئمة المساجد والإدارات الأهلية بالولاية “.
“حميدتي” في قاعدة سلاح المدرعات
في الثامن من يوليو الفائت انتقل قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو الى شمال درافور وحل بمنطقة زرق التي تزعم ادارتها الاهلية خلال العام 2018 عمه جمعة دقلو، وسط رفض واسع من الأهالي.
وجلب دقلو عدد من أقاربه من مختلف المناطق وأسس قاعدة عسكرية هناك تضم سلاح المدرعات والاسلحة الثقيلة، ووعد حميدتي في هذه الزيارة سكان المنطقة ببناء المدينة بالكامل في وقت تصدق بعدد من المشاريع التنموية التي تضمن استقرار هذه المجموعات.
وتحصلت (عاين) على وثائق صادرة من وزارة التخطيط العمراني بولاية شمال دارفور تظهر التصميم الهندسي لمدينة زرق ويشمل كافة المشاريع الخدمية، وقال مدير البنى التحتية والتخطيط العمراني بشمال دارفور المهندس الماحي الشيخ إنه في وقت سابق كانوا في زيارة ميدانية لمنطقة الزرق ونتج عن ذلك هذه الخرائط الهندسية للمدينة. واضاف الشيخ، ان “قائد قوات الدعم السريع لم يخطرهم بأي معلومات جديدة حول إنشاء المدينة حتى الآن”.
ترعى عائلة قائد الدعم السريع بمنطقة زرق الخدمات الصحية والتعليمية في المنطقة. ويقول معلم بالمعاش لـ(عاين)، إن مهنة التدريس في منطقة زرق مغري من حيث العائد المادي ويصف المعلمون زملائهم العاملين بمنطقة زرق بـ”المغتربين”.
ورصدت (عاين) اجتماع جميع بين “حميدتي” وعمه رئيس الادارة الاهلية بمنطقة زرق قدم خلاله الأخير تقرير مفصل ذكر فيه أنهم تمكنوا من انشاء اكثر من 40 محطة مياه مجاناً لكل المواطنين بجانب 17 مدرسة و40 خلوة لتحفيظ القرآن وتعيين أكثر من 100 معلم ومشايخ للخلاوي.
فيما كشف مصدر تحدث لـ(عاين)، ان حميدتي وافق على تأمين قواته للشوارع حول المنطقة وإنشاء ميناء جاف بالمنطقة لاستقبال الشاحنات القادمة من دول الجوار ليبيا، وتشاد، ودول غرب افريقيا .
ما الذي يبحث عنه حميدتي؟
” السبب الاساسي الذي دعا حميدتي لدفع هذه الأموال يعود للطموح السلطوي الذي يفوق قدراته، لذلك اتجه لشراء الذمم لكسب التاييد الشعبي.. وتعتبر دارفور احد اهم المناطق التي ارتكبت فيها قوات الدعم السريع انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان لذلك يريد ان يطمس جميع الآثار الناجمة عن ذاك خاصة بمعسكرات النازحين”. يقول الناشط السياسي بدارفور، حسن بارنكوي لـ(عاين).
ويضيف حسن، أن أهم العوامل التي تساعد قائد قوات الدعم السريع لتنفيذ مشروعه السلطوي هو التوسع الاقتصادي لذلك يتحرك حميدتي في الاقليم لتوسيع قدراته الانتاجية في مجال التعدين.
ويعتقد بارنكوي أن قائد الدعم السريع يواجه خطر حصاد جرائم تُتهم بها قواته ضمن الانتهاكات التي نفذها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير وخاصة قضية العدالة التي باتت أهم المطالب الجماهيرية.
ويقول بيان مشترك لمنظمات مجتمع مدني في ولاية غرب دارفور، ” إن نائب رئيس مجلس السيادة أهدر كمية من الاموال خلال زيارته لنيل الولاءات القبلية وشراء الذمم”.
وأشار البيان الذي اطلعت عليه (عاين)، إلى انه كان الاجدر استغلال تلك الأموال لصالح المشروعات الخدمية وإعانة المتأثرين بأحداث العنف. وقال البيان: “من أهداف زيارة حميدتي هو السيطرة على مشاريع التعدين بالمنطقة وتجنيد أبناء النازحين في قواته كتسوية سياسية لرفع الحرج عن قوات الدعم السريع”.
مصالحات منقوصة
أثناء زيارته للاقليم اجرى قائد الدعم السريع عدد من المصالحات بين المكونات الاهلية المتقاتلة بولاية غرب دارفور بعد الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة كرينك على الرغم من الاتهامات التي طالت أفراد من قواته بالمشاركة في هذه العمليات الأمر الذي يثير السخط بين السكان هناك لجهة أن حميدتي لم يتخذ خطوات عملية تجاه محاسبة المتورطين من منسوبيه واكتفى بإبرام مصالحات بين المكونات المحلية.
وفي هذا الصدد، يقول سلطان عموم دار مساليت، سعد عبدالرحمن بحر الدين، لـ(عاين)، إن “المصالحات التي تمت لم تغفل قضية العدالة لأن هنالك بند رئيسي ينص على أن لا يؤثر هذا الاتفاق على مجريات العدالة، ويضيف أن هناك عدد من البلاغات الجنائية المتعلقة بأحداث العنف لن تسقطها هذه الاتفاقات وستقدم للمحاكم”.
أديب يوسف: عملية المصالحات التي عقدها حميدتي بدارفور لن تحقق الأمن و”السلام يجب أن يبدأ بالعدالة واي حديث عن عفى الله عما سلف لن يحقق استقرار مجتمعي بالمنطقة.
فيما، انتقد الحاكم المدني السابق لولاية وسط دارفور، أديب يوسف، عملية المصالحات التي قام بها “دقلو”. وقال إن “السلام يجب أن يبدأ بالعدالة واي حديث عن عفى الله عما سلف لن يحقق استقرار مجتمعي بالمنطقة”.
وشدد اديب في مقابلة مع (عاين): “المسؤولية تقتضي إنصاف الضحايا حتى يحس الجميع بالعدالة”. وأضاف: ” الطريقة التي يقوم بها نائب رئيس مجلس السيادة في حل النزاعات خاطئة لدرجة انه سلام فوقي تم بين رؤساء الادارات الاهلية في وقت تم تجاهل القواعد”. وتابع “دفع الأموال لا يحقق السلام”.
فيما يرهن السلطان سعد بحر الدين، صمود هذه المصالحات بفرض هيبة الدولة وتوفير الأمن للمواطنين. ولفت بحر الدين إلى أن “دقلو” وعد بإرجاع النازحين الى قراهم لكن العودة دون توفير الأمن والخدمات الاساسية للحياة مثل الصحة والغذاء والتعليم لا يؤدي الى استقرار. وأضاف: “هناك عدد من المشاريع التنموية التي وعد بتنفيذها حميدتي لكن الوضع الانساني سيء للغاية الناس هنا يرودون الخدمات الاساسية بصورة عاجلة الامن والصحة والغذاء”.