خفايا تأجيل لقاء (البرهان- حميدتي)

عاين- 29 ديسمبر 2023

عندما هبطت الطائرة التي تقل قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ “حميدتي” في مطار عنتيبي في أوغندا، كانت هناك ساعات قليلة تفصل عن لقائه المزمع بقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في جيبوتي.

لم ينعقد اللقاء بين البرهان وحميدتي في جيبوتي كما كان مقررا الخميس الماضي في وقت أنهى الجنرال دقلو جولتين إلى أوغندا وأثيوبيا في غضون يومين تمكن خلالها من إجراء نقاشات حول مستقبل الحرب في السودان في مسعى لإحداث تقارب بينه وبين زعماء دول الجوار.

الظهور الأول

ظهر حميدتي لأول مرة بعد نحو ثمانية أشهر من الحرب في منزل الرئيس الأوغندي منهيا الإشاعات التي جرت بكثافة عن وفاته مصابا في إحدى المعارك العسكرية مع الجيش في العاصمة السودانية.

حميدتي والرئيس الأوغندي- عنتبي

ترجح مصادر مقربة من دوائر ترتب هذا اللقاء لـ(عاين)، أن جولة حميدتي إلى أوغندا وأثيوبيا يومي الأربعاء والخميس عوضا عن لقاء البرهان في جيبوتي والذي أرجأت إلى مطلع يناير، جاءت في إطار محاولة الجنرال تقاسم “الشرعية” مع قائد الجيش.

سريعا جاء رد وزارة الخارجية السودانية مساء الأربعاء، معلنة تأجيل اللقاء إلى يناير القادم لتعذر وصول حميدتي إلى جيبوتي حسب ما أفادت نظيرتها في جيبوتي عبر مذكرة إلى الخارجية السودانية.

كواليس الساعات الأخيرة، لقاء (البرهان -حميدتي)  

مصدر مقرب من الايقاد، أدلى لـ(عاين) بتفاصيل جديدة حول اللقاء الذي كان مقررا بين قائد الجيش والدعم السريع في جيبوتي أمس الخميس. وقال: “فوجئت المخابرات السودانية الموالية للجيش بظهور حميدتي في أوغندا وسرعان ما أرسلت إلى البرهان وطاقمه رسالة سريعة للحضور إلى جيبوتي وبالفعل تم إرسال وفد مقدمة من مطار بورتسودان وصل إلى أحد فنادق جيبوتي”.

وأردف المصدر الذي – فضل حجب اسمه، “معاونو البرهان طلبوا من الإيقاد أن يكون اللقاء مقتصرا على البرهان وحميدتي والرئيس الجيبوتي عمر قيلي لكن الدعم السريع رفض وقال إنه لن يشارك في اجتماع لا يضم الدول الأعضاء في الإيقاد حتى يكونوا شهودا على أي اتفاق محتمل”.

وتابع المصدر: “تدخل الرئيس عمر قيلي وأقنع نظام البرهان بقبول تأجيل اللقاء كخيار لإنقاذ الموقف وبالفعل تم ترتيب اللقاء في الأسبوع الأول أو الثاني من يناير القادم”.

الباحث في العلاقات الدولية، موسى فضل السيد يقول في مقابلة مع(عاين)، إن “جولة حميدتي تحقق له عدة نقاط قبل لقاء البرهان أبرزها محاولة نزع الشرعية منه وشاهد السودانيين كيف جرى استقباله عبر مراسم رسمية في مطار أديس ابابا كما جرى استقباله في منزل الرئيس الأوغندي وحظي بتقدير كبير من الرئيسين الافريقيين”.

ويرى فضل السيد، أن الفريق البرهان وافق على لقاء حميدتي لاعتقاده انه قد لا يتمكن من الحضور وعندما ظهر في أوغندا تغيرت حساباتهم تماما وعملوا على إنقاذ الوضع لكنهم لم يتمكنوا. واضاف: “أعتقد أن البرهان حاليا تورط في منح الموافقة على هذا الاجتماع ولن يستطيع التراجع عنه مهما تعرض إلى ضغوط من الإسلاميين”.

خلافات

بينما يقول المسؤول السابق في مكتب رئيس الوزراء أمجد فريد في تصريحات لـ(عاين): إن “الجولة الدبلوماسية لحميدتي تأتي لغرضين رئيسين الأول زيادة دعم موقفه الدبلوماسي في الاتصال مع دول الجوار ومحاولة تقديم نفسه كشريك قادر على إدارة العلاقات الخارجية ومصالح هذه الدول خاصة الدول التي تلعب دور الوساطة في حرب السودان”.

ويشير فريد إلى أن السبب الثاني في جولة حميدتي محاولته رفع الروح المعنوية لقواته بظهور إعلامي ودبلوماسي مكثف وهذا يقود حسب فريد إلى وجود سبب داخلي أيضا لهذه الجولات وهو معالجة الخلافات التي طرأت بين قيادات مليشيا الدعم السريع في غيابه وخصوصا في ملف إدارة علاقاتهم الخارجية.

وأضاف أمجد فريد : “الملاحظ غياب المستشار السياسي لحميدتي – يوسف عزت عن جميع هذه اللقاءات منذ اجتماع الإيقاد الذي حضره وفد الميليشيا بمعية وزير الدولة بالخارجية الإماراتي”.

“ظهور حميدتي يجب أن يقود المجتمع الدولي إلى تكثيف جهود تحقيق العدالة وملاحقة هذه القوات على جرائمها”.

مسؤول سابق بمجلس الوزراء: أمجد فريد

ويعتقد أمجد فريد، أن ظهور حميدتي يجب أن يقود المجتمع الدولي إلى تكثيف جهود تحقيق العدالة وملاحقة هذه القوات على جرائمها خاصة وأن قائد هذه القوات يجري جولات خارجية وبإمكان مؤسسات العدالة الدولية التحقيق معه.

إثارة مخاوف مصر

الخبير في الشؤون الأفريقية عادل إبراهيم، يرى زيارة حميدتي إلى أثيوبيا أثارت قلق المصريين من وصول هذه القوات مناطق تقع على مجرى النيل الأزرق الذي يشكل 75% من واردات مصر من المياه لذلك هناك أصوات داخل النظام المصري تدعو إلى التعامل مع حميدتي بعقلانية وفتح قنوات تواصل معه”.

“زيارة حميدتي إلى أثيوبيا رسالة إلى مصر بأنها ربما يسيطر على مناطق مجرى النيل الأزرق داخل الأراضي السودانية”

خبير في الشئون الأفريقية: عادل إبراهيم

وتابع إبراهيم: “زيارة حميدتي إلى أثيوبيا رسالة إلى مصر بأنها ربما يسيطر على مناطق مجرى النيل الأزرق داخل الأراضي السودانية ومصر تعد الداعم الرئيسي دبلوماسيا وفنيا للجيش السوداني”.

حميدتي في اثيوبيا

ومنذ منتصف ديسمبر الجاري سيطرت قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة المحاذية للنيل الأزرق وشنت هجمات على مناطق داخل ولاية سنار التي تعد الولاية الثانية بعد ولاية النيل الأزرق في مجرى مياه النيل. وسط مخاوف مصرية من تمدد الدعم السريع إلى ولايتي سنار والنيل الأزرق على الحدود مع إثيوبيا.