جنرالات السودان يتقاسمون جهازي المخابرات والشرطة لسيطرة مطلقة
28 نوفمبر 2021
اتخذ القادة العسكريون في السودان إجراءات الساعات الماضية بتعيين وإعفاء مدراء جهاز المخابرات والشرطة ضمن خطوة وصفت بـ الإصلاحية لتهدئة الاحتجاجات الشعبية وسخط الرأي العام على الشرطة عقب مقتل 42 شخصا في التظاهرات التي عمت العاصمة السودانية والمدن ضد الانقلاب العسكري الذي نفذ في 25 أكتوبر الماضي.
وأصدر رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك قراراً السبت بإعفاء مدير عام الشرطة السودانية الفريق خالد مهدي إبراهيم وشمل القرار أيضاً إعفاء نائب مدير عام الشرطة السودانية الفريق شرطة “حقوقي” الصادق علي إبراهيم، الذي يشغل أيضاً منصب المفتش العام على جهاز الشرطة.
وعين حمدوك الذي أبرم اتفاقا اطاريا مع قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 21 نوفمبر الماضي يقابل برفض واسع من المتظاهريين السلميين الفريق شرطة عدنان حامد محمد عمر محل مدير عام الشرطة اللواء خالد مهدي إبراهيم إمام واللواء عبد الرحمن نصر الدين عبد الله محل مساعده اللواء علي إبراهيم.
صفقة
ويؤكد مصدر أمني تحدث لـ(عاين)، بأن هناك “صفقة أبرمت” بين البرهان وحميدتي لاختيار كلاهما مدير المخابرات ونائبه ومدير الشرطة ونائبه وتمكن الجنرال دقلو من وضع حليفه إبراهيم مفضل في جهاز المخابرات.
فيما يقول محلل أمني في تصريحات لـ(عاين) إن تعيين إبراهيم مفضل مديرا لجهاز المخابرات يعني تمكين الجنرال دقلو من جهاز المخابرات. ويضيف إن “مفضل حليف قوي لحميدتي الذي يحاول السيطرة على جهاز المخابرات”.
وتابع: “على مايبدو أن البرهان سمح لحميدتي بتعيين مفضل لجهاز المخابرات مقابل تعيين مدير شرطة موال له من أبناء بلدته الصغيرة شمال السودان”.
ولفت المصدر الأمني إلى أن اللواء إبراهيم مفضل مدير المخابرات يعد من عناصر الحركة الإسلامية وعمل بمنظمة الدعوة الإسلامية وواليا لولاية جنوب كردفان في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير لكنه وضع هذه الانتماءات جانبا فهو يتخذ خيار براغماتي للعمل مع حميدتي في المرحلة القادمة لأن الجهاز لازال طبقا لنص الوثيقة الدستورية يعمل على جمع المعلومات ولا يملك سلطة الاعتقال وحميدتي يحاول السيطرة على مراكز القرار .
وكان البرهان قد أدلى في مقابلة مع صحيفة “فايننشال تايمز” أن الشرطة هي التي قتلت المتظاهرين وذكر قائد الجيش السوداني هذه التصريحات تمهيدا لإقالة مدير الشرطة ونائبه.
ولم تمض ساعات حتى تبعه نائبه الجنرال دقلو ومضى في ذات الاتهامات محملا الشرطة مسؤولية إراقة الدماء وإخفاء المعلومات.
ورصدت (عاين) خلال تغطيتها للإحتجاجات المناوئة للانقلاب العسكري مشاركة قوات الشرطة في عمليات القمع لكن رافقتها عناصر ترتدي الزي المدني وهم يحملون السلاح. ووثق نشطاء مقاطع فيديو أظهرت مشاركة عناصر بملابس مدنية في إطلاق الرصاص على المحتجين سيما في مدينة الخرطوم بحري شمال العاصمة.
أسباب إقالة
من جهته يقول المحلل الأمني والمتقاعد من الشرطة عادل سيماوي في تصريحات لـ(عاين)، إن الأسباب التي ادت إلى إقالة مدير الشرطة خالد مهدي ونائبه على خلفية المؤتمر الصحفي الذي عقدته الشرطة قبل أسبوعين وحاولت إنكار وجود شهداء في الحراك السلمي ، مشيرا إلى أن هذه التصريحات ادت إلى سخط الرأي العام على الشرطة.
وأشار سيماوي إلى أن المكون العسكري بإجراءات إقالة مدير الشرطة ونائبه يحاول تهدئة الشارع وتحميل المسؤولية لمدير الشرطة ونائبه.
وحول تعيين إبراهيم مفضل مديرا مديرا للمخابرات العامة يعتقد سيماوي أن المكون العسكري يحاول وضع الإسلاميين في كابينة الأمن والشرطة كما فعل بعد الانقلاب في المؤسسات المدنية. ويرى سيماوي أن مدير المخابرات عنصر رئيسي في الحركة الإسلامية.
وذكر المحلل العسكري حسن إدريس في تصريحات لـ(عاين) أن التغييرات التي طالت جهاز المخابرات جاءت على خلفية التقارير المغلوطة التي قدمها مسؤولون أمنيون لجنرالات المجلس العسكري بعد الانقلاب عن إنخفاض أعداد المحتجين في العاصمة والولايات.
وأضاف: “جاء أداء جهاز المخابرات في نظر جنرالات المكون العسكري مخيبا للآمال ولم يقدم قراءة جيدة للمشهد السياسي والحراك السلمي”.
وتابع: “خطة الجنرالات كيفية تهدئة الشارع و إسكاته وفي نفس الوقت تصوير هذه الإجراءات وكأنها استجابة لضغوط الشارع بمحاسبة من ارتكبوا الانتهاكات على الرغم من أن المحاسبة اقتصرت على الإقالات فقط دون أي محاكمة”.