السودان: قوى الإطاري تقترب من تشكيل الحكومة وسط تهديدات المناوئين

29 مارس 2023

في الوقت الذي تقترب فيه القوى المدنية والعسكرية الموقعة على الاتفاق الإطاري من تشكيل حكومة مدنية في السودان عبر مصفوفة مقرر ان توقع اتفاقاً سياسيا نهائيا بحلول أبريل وإعلان هياكل الحكومة في الحادي عشر من نفس الشهر، صعدت القوى المناوئة للاتفاق لاسيما التي كانت حليفة للعسكريين من نبرتها ضد الاتفاق.

وقبل انتقال المصفوفة الزمنية إلى حيز التنفيذ تواجه بتهديد إغلاق شرق البلاد-مقر الموانئ الرئيسية- من قبل الزعيم الأهلي محمد الأمين ترق إلى جانب تهديدات أخرى محتملة في نهر النيل وغرب كردفان.

واستبق الزعيم الأهلي نظارات مجلس البجا محمد الأمين ترك بالإعلان عن إغلاق شرق السودان ليوم واحد في الأول من أبريل بالتزامن مع توقيع الاتفاق النهائي بين قوى الإطاري المدنية مع العسكريين.

كما أصدر التحالف الأهلي في ولاية نهر النيل شمال السودان بيانا هدد فيه بإغلاق الولاية حال تشكيل حكومة مدنية وقال إن “ٌقلة من السياسين” لن تنفرد بحكم البلاد.

لكن مقرر مجلس نظارات البجا “مجموعة منشقة” عبد الله أوبشار قلل من تهديدات ترك بإغلاق الشرق. وقال إن العوامل والظروف اختلفت عما كانت عليها في “إغلاق 2021” لأن المطالب في ذلك الوقت كانت واضحة.

واتهم أوبشار زعيم مجلس البجا محمد الأمين ترك بالعمل مع الكتلة الديمقراطية من أجل مصالح سلطوية تخص آخرين وليس انسان شرق السودان.

عبد الله ابوشار: “ترك بعيد من قضايا شرق السودان ولا يمكن تكرار تجربة إغلاق الشرق 48 يوما كما حدث في 2021”.

وأضاف: “ترك بعيد من قضايا شرق السودان ولا يمكن تكرار تجربة اغلاق الشرق 48 يوما كما حدث في 2021”.

وقال عبد الله أوبشار في مقابلة مع (عاين): إن “أصحاب المصلحة الحقيقيين” في شرق السودان ينتظرون تشكيل حكومة مدنية للتفاوض معها حول قضايا الإقليم وليس تنفيذ الإغلاق قبل أن نختبر صناعة الحلول السلمية والموضوعية.

تأتي هذه التطورات قبيل إعلان هياكل الحكومة المدنية التي ستشكل حسب المصفوفة في 11 أبريل القادم بينما يعارض قادة حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان وهما جبريل إبراهيم ومني اركو مناوي الانضمام إلى العملية السياسية والاتفاق الإطاري ويشترطان توسيع الدائرة لتشمل الحرية والتغيير -الكتلة الديمقراطية- التي تضم أحزاب وكيانات تقول مجموعة المجلس المركزي إنها ليست قوى الثورة.

وفي ندوة بمدينة الفاشر مساء الثلاثاء اتهم مني أركو مناوي “مجموعة المركزي” التي تستحوذ على الاتفاق الإطاري وتحظى بقبول دولي وغربي بحياكة المؤامرات ضدهم. وقال إنهم لن يسمحوا لهم بالانفراد بالسلطة.

وفي ذات الوقت سارع جبريل إبراهيم في مؤتمر صحفي عقده بمنزله مساء الثلاثاء إلى تجديد الرفض وقال إن العملية يجب أن تشمل الجميع.

لكن قبل مرور ساعات من هذه التصريحات أعلنت الآلية الثلاثية التي تقودها بعثة الأمم المتحدة في السودان عن وجود تقدم في اجتماعها اليوم الأربعاء مع جبريل إبراهيم وهشام الزين ممثلا عن جعفر الميرغني والحزب الاتحادي والتجاني السيسي نور الدائم طه ممثلا لحركة تحرير السودان بقيادة مناوي.

مصدر بـ يونتامس: لقاء البعثة مع جبريل وممثل لمناوي وجعفر الميرغني شكل اختراقا كبيرا في العملية السياسية بموافقة هذه الأطراف التوقيع على الاتفاق النهائي والانتقال إلى مرحلة جديدة بتشكيل الحكومة الجديدة.

هذا اللقاء حسب مصدر من “اليونتامس” شكل اختراقا كبيرا في العملية السياسية بموافقة هذه الأطراف التوقيع على الاتفاق النهائي والانتقال إلى مرحلة جديدة بتشكيل الحكومة الجديدة.

ويضيف المصدر لـ(عاين)، إن الاجتماع الذي عقده فولكر بيرتس رئيس بعثة اليونيتاميس وعضو الآلية الثلاثية مع هذه الأطراف حقق تقدما كبيرا قد يؤدي إلى تغيير الأمور”.

من جهته قال عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” محمد الفكي سليمان لـ(عاين)، ردا على سؤال حول اقتراب المصفوفة واستمرار حالة الرفض لبعض الأطراف. قال إن : “الكتلة الديمقراطية لن تكون جزءا من الاتفاق الإطاري والعملية السياسية التي حددت الأطراف بدقة”.

ويعلق الفكي عما إذا كان تشكيل الحكومة المدنية سيتم في الموعد المضروب حتى لو استمر رفض المجموعة المعنية في الكتلة الديمقراطية بالقول :”المجال مفتوح أمام الأطراف المحددة للتوقيع”.

الشيوعي: موجة عنف

وكان الحزب الشيوعي حذر في مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء من موجة عنف في السودان نتيجة تشكيل حكومة أسماها بـ”المزيفة” وقال إن العملية السياسية مفروضة من وراء ظهر الشعب بواسطة المجتمع الدولي.

صالح محمود: أن الحكومة المدنية فرضها المبعوثون الستة الذين زاروا السودان في فبراير الماضي لمنافسة الصين وروسيا على موارد السودان

وقال عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي صالح محمود في مؤتمر صحفي إن إعلان الحكومة الجديدة من شأنه أن يولد العنف وصعود حركة الاحتجاجات رفضا للحكومة.

وأوضح صالح محمود، أن الحكومة المدنية فرضها المبعوثون الستة الذين زاروا السودان في فبراير الماضي لمنافسة الصين وروسيا على موارد السودان قائلا إنه التقى بهم وكانت إجابتهم “لا وقت لدينا يجب تشكيل حكومة مدنية”.

وأشار صالح محمود، إلى أن الابتزاز والتلويح بالحرب على الشعب السوداني لا يمكن أن يجعله يوافق بحكومة مدنية. وأضاف: “المصالح الاقتصادية التي تجمع المجموعات المسلحة في السودان كبيرة وهي تخشى من الحرب لأنها ستفقد الاستثمارات”. وأردف: “من يملك جبالا من الذهب يجب أن لا يبتز السودانيين بالحرب”.

وكان رئيس بعثة اليونيتاميس فولكر بيرتس قال في مقابلة تلفزيونية مساء الثلاثاء إن المصفوفة ستوقع حسب الجداول المعلنة إلا اذا كان السودانيين لا يقدسون الوقت وتوقع مبعوث الأمين للأمم المتحدة والذي يواجه معارضة شرسة من أنصار نظام البشير – فولكر بيرتس توقع نجاح الحكومة الانتقالية المدنية لأنها تأتي بعد عام ونصف من الإحباط وفقدان الأمل والأزمة الاقتصادية والأمنية. وقال فولكر إن “هذه الحكومة ستحصل على المساعدات الاقتصادية من المجتمع الدولي دون شروط”.

تصعيد

أما الكتلة الديمقراطية التي ترفض الاتفاق الإطاري وتشكك في تنفيذ المصفوفة الزمنية في موعدها، تقول -حسب القيادي محي الدين جمعة- إنها تعتمد على وسائل متعددة لمناهضة المصفوفة وذلك بإغلاق جميع الطرق الحيوية بين العاصمة السودانية والأقاليم.

وأفاد جمعة في مقابلة مع (عاين)، إن الكتلة الديمقراطية تضم أطراف تمثل أقاليم السودان من الشرق والغرب والوسط والشمال جميع هذه المكونات ستقوم بإغلاق الطرق التي تربطها بالعاصمة السودانية احتجاجا على محاولات قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” قيادة العملية السياسية بشكل منفرد والوصاية على الآخرين.

وتابع: “آليتنا أيضا العمل الجماهيري مع لجان المقاومة والندوات السياسية وعقدنا ندوة في الفاشر مساء الثلاثاء ولدينا ندوة أخرى في ود مدني الأيام القادمة”.

ويقول جمعة إن الكتلة الديمقراطية على تواصل دبلوماسي مع الاتحاد الأفريقي لأن هناك دول مع التوافق الوطني وليس الحل الآحادي.

يشدد محي الدين جمعة على استحالة تشكيل حكومة مدنية من طرف الحرية والتغيير “المجلس المركزي”. وقال إنهم يعملون استحالة هذا الأمر والمصفوفة الزمنية عبارة عن تهديد للقوى الرافضة للإطاري.

وأضاف: “مجموعة المركزي حددت جبريل ومناوي وجعفر ثم أضافت التجاني السيسي وترك وكأنها تريد أن تقود العملية بنفسها وتحدد للآخرين ما يريدونه لذلك الحل في توافق بين الكتلة الديمقراطية والحرية والتغيير – المركزي- لتجاوز هذه الأزمة”.

انسحاب العسكريين

يصف المحلل السياسي مصعب عبد الله العملية السياسية بالضعف لأن الأطراف المشاركة لا تعبر عن مطالب المتظاهرين الذين يطالبون بالسلطة المدنية الكاملة لا تحالفات مدنيين وعسكريين.

محلل سياسي: الحكومة المدنية القادمة ستواجه صعوبة بالغة من العسكريين الذين قد يضعون لها عقبات أو يتخلون عنها في منتصف الطريق ولا يوفرون لها الحماية

ويرى عبد الله في حديث لـ(عاين)، أن الحكومة المدنية القادمة ستواجه صعوبة بالغة من العسكريين الذين قد يضعون لها عقبات أو يتخلون عنها في منتصف الطريق ولا يوفرون لها الحماية.

وأضاف: “هناك عقبات في طريق الحكومة المدنية القادمة أبرزها -تحالف الكتلة الديمقراطية- والثانية النظام البائد الذي استعاد نشاطه خاصة خلال شهر رمضان بندوات ولقاءات واجتماعات سرية”.

ويرى عبد الله، أن صانعي العملية السياسية التي ستنتج الحكومة المدنية لم يتمكنوا من انتزاع وعود قوية من الجيش بحماية الحكومة المدنية بل ظل قائد الجيش يطلق التهديد قبل أن تأتي الحكومة.

وأردف: “الحكومة الانتقالية بقيادة عبد الله حمدوك كانت تحصل على سند الشارع في مواجهة العسكريين لذلك صمدت بعض الوقت أما الحكومة المدنية القادمة فهي لا تحظى بتأييد الشارع حتى الكتلة الصامتة تنتظرها لترى ما ستفعله بشأن إصلاح الوضع الاقتصادي واذا فشلت ستسقط لأن الجيش لن يتردد بالاطاحة بها متى ما شعر أنها بلا غطاء شعبي”.

وتابع هذا المحلل السياسي قائلا : “الحل لانقاذ الحكومة المدنية القادمة توسعة الحاضنة المدنية السياسية بإقناع الأطراف الرافضة من لجان المقاومة والأحزاب بتقريب وجهات النظر أي بالتنازلات بين الطرفين هنا وهناك خاصة في ملفات العدالة”.