السودان: ما هي دوافع حملات ضبط الأجانب؟

عاين- 2 أغسطس 2024

شنت القوات الأمنية في مناطق سيطرة الجيش بما في ذلك العاصمة السودانية حملات ضد ما أسمته بـ”الوجود الأجنبي” عقب اجتماع جرى بين قيادات أمنية وعسكرية شدد على إخلاء الولايات من الأجانب خاصة رعايا دول الجوار.

الحملات تركزت في الولايات الواقعة تحت سيطرة الجيش السوداني بمحلية كرري بمدينة أم درمان وولايات نهر النيل وكسلا والنيل الأبيض والقضارف والشمالية، وتعتزم السلطات السودانية طرد قرابة (1100) شخص في البلاد بحجة أنهم يقيمون بصورة غير شرعية وفق إفادات مسؤول محلي بالولاية الشمالية.

وبرر والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان وفقا لتصريح نقله وكالة السودان للأنباء الأربعاء 31 يوليو الجاري أن الحملات بحق الأجانب أسفرت عن ضبط 34 أجنبيا بولاية الخرطوم. وحسب إفادات مسؤول في دائرة الأجانب بوزارة الداخلية السودانية سيُحال الأجانب المخالفون إلى محاكمات.

الحملات استهدفت الأجانب الذين يقيمون بصورة غير شرعية، ولا يملكون وثائق لجوء أو تقنين وضعهم.

مسؤول محلي بالولاية الشمالية

ويقول مسؤول محلي بالولاية الشمالية- محلية دنقلا مشترطا حجب اسمه لـ(عاين): إن “الحملات استهدفت الأجانب الذين يقيمون بصورة غير شرعية، ولا يملكون وثائق لجوء أو تقنين وضعهم الهجري داخل البلد لدى سلطات الهجرة السودانية”.

وأضاف: “مع التقارير التي وردت إلى الحكومة السودانية عن مشاركة آلاف الأجانب في القتال في صفوف الدعم السريع كان يجب اتخاذ مثل هذه الإجراءات؛ لأن العدو يستخدم الأجانب للعمل في صفوفه سواء بالإغراء المالي أو الاختطاف القسري أو جلبهم من دول الجوار خاصة دولاً مثل إثيوبيا وجنوب السودان وتشاد سواء بعلم السلطات أو مع عدم قدرتها على إجراءات تحد من تدفق المقاتلين عبر الحدود“.

ويقول المسؤول المحلي، إن “السلطات الأمنية أوقفت 240 أجنبيا في ولايتي نهر النيل والشمالية ضمن هذه الحملات التي ستستمر إلى حين تقنين الوجود الأجنبي أو ترحيلهم إلى بلدانهم”.

ترحيل

بينما قال عماد من مدينة دنقلا الذي شاهد بعض هذه الحملات في شوارع المدينة لـ(عاين) إن “السلطات الأمنية رحلت الأجانب في عدد خمس حافلات، ونقلتهم إلى عطبرة بولاية نهر النيل لاتخاذ الإجراءات اللازمة”.

وكان المكتب الصحفي للشرطة السودانية أكد تنفيذ القوات الأمنية حملات ضد الأجانب الذين يقيمون بصورة غير شرعية في البلاد، وقالت إن السلطات ضبطت العشرات في نهر النيل وشمالي البلاد والقضارف.

إبعاد قسري

بالمقابل تحذر المنظمات الحقوقية من أن ترحيل الأجانب بحجة عدم توفيق الأوضاع ينطوي على مخاطر تواجه هؤلاء المبعدين إلى بلدانهم قد تصل مرحلة السجن أو تهديد حياتهم.

ترحيل الأجانب بحجة عدم توفيق الأوضاع ينطوي على مخاطر تواجه هؤلاء المبعدين إلى بلدانهم,.

منظمات حقوقية

ويرى الباحث في مجال حقوق الإنسان أحمد عثمان، إن ترحيل الأجانب لوجود دواعي أمنية وفق تبرير السلطات السودانية في مناطق سيطرة الجيش قد يهدد حياة آلاف اللاجئين خاصة دول إثيوبيا وجنوب السودان وإرتريا. وقال إن “الأجانب الذين ينتظرون طلبات اللجوء أو اللاجئين فقدوا التواصل مع مكتب مفوضية شؤون اللاجئين في العاصمة السودانية عقب إغلاق مكاتبها؛ بسبب الحرب بين الجيش والدعم السريع”.

وأضاف: “اللاجئون مثلهم مثل السودانيين لا يمكنهم الحركة والتنقل خلال الحرب لأسباب مالية أو حتى مخاوف أمنية إذا غادر المئات منهم إلى الولايات للعمل في الزراعة أو الأسواق أو المهن الاضطرارية في مناجم الذهب اضطروا لذلك لأن غالبية الأجانب من دول الجوار مثل إثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان يجب توفيق أوضاعهم والسماح لهم بحق العمل والتنقل“.

فيما يرى مسؤول محلي من مدينة وادي حلفا شمال البلاد، أن الحملات الأمنية بحق الأجانب مبررة؛ لأن انتشارهم بهذه الطريقة مثيرة للقلق كونهم أهدافاً للدعم السريع لاستخدامهم في القتال ضد الجيش السوداني. قائلا إن “هذا الأمر حدث في مدينة القضارف شرق البلاد، وألقت الاستخبارات العسكرية القبض على عشرات الإثيوبيين قبل شهرين في أثناء العمل لصالح (العدو).

حقوق مكفولة

فيما تقول صفاء عبد الرحمن وهي عاملة إنسانية في مدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية لـ(عاين): إن “الحملات التي استهدفت الأجانب كانت شرسة للغاية شملت بعض المواطنين السودانيين الذين لم يكن بحوزتهم أوراق الهوية.. جاء رجال الأمن في الأسواق، وجمعوا الأجانب في موقع واحد، ثم أُمروا بصعود الحافلات في صورة مهينة”.

بينما ينفي المسؤول المحلي بمدينة وادي حلفا استخدام القوة المفرطة ضد عملية ترحيل الأجانب، وقال لـ(عاين): إن “السلطات خاطبت مفوضية شؤون اللاجئين بالأمم المتحدة للعمل على تقنين أوضاع الآلاف من الأجانب الذين لجأوا إلى البلاد السنوات الماضية، ولم يتمكنوا من مغادرة البلاد خلال الحرب”.

الدعم السريع وظفت بعض الأجانب للعمل معها إما بالإغراء المالي أو الترهيب

مسؤول حكومي

ويرى المسؤول المحلي أن المبرر الوحيد للبقاء في البلاد يجب الحصول على بطاقة اللجوء من الأمم المتحدة عبر مكتبها في بورتسودان أو المدن التي نُقلت إليها مكاتب المفوضية السامية أو تقنين الوضع مع وزارة الداخلية السودانية بدفع الرسوم المالية المحددة وفقا لنص القانون مع البيانات الشخصية ومكان الإقامة.

وأضاف: “المدن الواقعة تحت نيران المعارك العسكرية وسيطرة الدعم السريع، وظفت بعض الأجانب للعمل معها إما بالإغراء المالي أو الترهيب من جهة أخرى هذه الحملات تحمي الأجانب من مخاطر التجنيد القسري“.

ورقة ضغط

وكانت بعض الدول أجلت رعاياها عقب اندلاع القتال بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع “شبه العسكرية” في مايو 2023 عبر رحلات برية امتدت من العاصمة السودانية والنيل الأبيض، مرورا بشرق البلاد.

فيما يعتقد الباحث في مجال حقوق الإنسان أحمد عثمان أن السلطات الأمنية نشطت في الحملات بحق الأجانب لممارسة الضغط على الأمم المتحدة لتمويل البنود المالية للاجئين؛ لأن السودان قبل الحرب كان يحصل على ملايين الدولارات.

ويقول عثمان لـ(عاين): “هذا غير مستبعد ربما ترغب الحكومة السودانية في مساومة الأمم المتحدة التي ستشعر بالقلق من ترحيل لاجئين إلى دول هربوا منها لأسباب متفاوتة بالتالي قد تتدخل لطلب وقف الحملات مقابل تقنين الأوضاع“.

وتابع: “غالبية الأجانب في السودان خلال الحرب جاؤوا من بلدان تشهد صراعات مسلحة، ولم يكن لديهم خيارات بالعودة مرة أخرى إلى تلك البلدان كما تخلى العالم عن سياسة التوطين في دولة ثالثة.

وزاد: “الحملات السودانية شملت الأجانب جميعهم بلا رحمة وكأنهم سبب من أسباب الحرب وسبقت ذلك بحملات كراهية ضد الأجانب على مواقع التواصل الاجتماعي“.