ماذا بعد تمديد عمل بعثة تقصي الحقائق الدولية للسودان؟

عاين- 11 أكتوبر 2024

تمديد بعثة تقصي الحقائق التابعة إلى مجلس حقوق الإنسان إلى السودان لعام آخر خطوة رفضتها وزارة الخارجية السودانية، وقالت إن الحكومة قادرة على توفير الحماية للمدنيين.

وكان مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة من مقره في جنيف أعلن الأربعاء 9 أكتوبر 2024 تمديد عمل بعثة تقصي الحقائق في الأزمة السودانية والنزاع المسلح وحماية المدنيين لعام آخر محطمة آمال الحكومة المدعومة من الجيش في بورتسودان بعدم التجديد لعام آخر.

رفض الخارجية السودانية

فيما أشارت الخارجية السودانية في بيان مساء الأربعاء إلى أن السودان انطلاق من المبادئ المستقرة في ميثاق الأمم المتحدة بشأن احترام سيادة الدول واستقلالها واتساقًا مع ما ورد في قرار الجمعية العامة بإنشاء مجلس حقوق الإنسان تجدد الحكومة السودانية رفضها القاطع لقرار مجلس حقوق الإنسان اليوم بخصوص بعثة تقصي الحقائق في السودان، والذي لم يصوت أغلب الأعضاء لصالحه.

وقال بيان وزارة الخارجية السودانية أن القرار جانبه الصواب في توصيف ما يجري في السودان وتحامل على القوات المسلحة بشكل مبالغ، لافتا إلى أن القرار لم يراع الأولويات الحقيقية للسودان في هذه المرحلة التي تتلخص في إنهاء التمرد أولاً وإيقاف الفظائع المستمرة وإخلاء مساكن المواطنين والأعيان المدنية بما فيها المستشفيات ودور العبادة وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية بموجب إعلان جدة.

حماية المدنيين أولوية

ويشرح المدافع عن حقوق الإنسان أحمد عثمان الدوافع التي جعلت غالبية الدول خاصة أوروبا والولايات المتحدة تصوت لصالح تمديد عمل بعثة تقصي الحقائق إلى السودان خاصة وأن الاجتماع انعقد عقب تعثر المفاوضات في جنيف قبل أقل من 60 يوما واتجاه الطرفين المتصارعين إلى التصعيد العسكري بالتالي شعر المجتمع الدولي أن حماية المدنيين لن تكون ضمن أولوية الجيش وقوات الدعم السريع خلال المعارك العسكرية أو حركة الانتقال والنزوح.

ويرجح عثمان في حديث لـ(عاين) دفع البعثة المستقلة بتقرير إلى مجلس الأمن الدولي لنشر قوات دولية لحماية المدنيين في السودان خاصة وأن الطرفين أظهرا عدم القدرة في هذه المهمة منذ 18 شهرا من الصراع المسلح.

وتشمل ولاية البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان للتحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي وإثباتها وإثبات الوقائع والظروف والأسباب الجذرية لها، بما في ذلك تلك المرتكبة ضد اللاجئين، والجرائم ذات الصلة في سياق النزاع المسلح المستمر الذي بدأ في 15 أبريل 2023، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فضلا عن الأطراف المتحاربة الأخرى.

المجتمع الدولي قلق من مصير عشرة ملايين شخص معرضين للخطر نهاية العام

خبير سابق بالأمم المتحدة

ويقول الخبير السابق في بعثة الأمم المتحدة بعدد من دول غرب أفريقيا حمودة عيسى لـ(عاين): إن “المجتمع الدولي يتعامل مع تحذيرات جدية بوصول عشرة ملايين شخص إلى مرحلة فقدان الحياة خلال نهاية العام الحالي ومطلع العام 2025 من بين التهديدات التي تلاحق ملايين المدنيين في السودان الانتهاكات التي ترتكبها القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والأخيرة بدرجة أكبر كونها متورطة في هذا الصراع ضد مؤسسة عسكرية وجهاز دولة متمرسين لسنوات ولديهما القدرة على خلق نوع من الانضباط في مواقع سيطرتها”.

ويعتقد عيسى، أن بعثة تقصي حقائق التي تتشكل من دبلوماسيين أفارقة وأمميين ستتقدم بطلب لزيارة السودان خلال الشهور القادمة، وفي الغالب لن يتحمس حيال ذلك طرفي النزاع خاصة وأن السودان عارض تمديد مهمة البعثة المستقلة.

ويعتقد عيسى حمودة أن البعثة المستقلة عندما أصدرت تقريرها الأول الشهر الماضي استندت إلى مقابلات أجريت مع عدد من السودانيين من بينهم عائلات الضحايا بموجب هذه الشهادات طالبت بنشر قوات دولية، وفي مثل هذه الأحوال عادة لا تتعجل بعثات تقصي الحقائق التابعة إلى الأمم المتحدة نشر القوات الدولية، لكن في حالة السودان، فإن الوضع مغاير تماما بالنسبة لها هناك معايير تحدد مدى درجة الخطورة التي تلاحق المدنيين مثل نقص الغذاء؛ بسبب انعدام الممرات الآمنة وعدم نجاعة الضغوط الدولية على الجيش والدعم السريع لحماية المدنيين.

ويقول عيسى حمودة إن الطرفين يواجهان اتهامات ترتق إلى درجة اليقين أنهما ارتكبا مجازر بحق المدنيين كل في منطقة سيطرته خلال الشهور الماضية وقعت مجزرة ود النورة في ولاية الجزيرة إلى جانب الأنباء عن تصفية مدنيين في الحلفايا بالخرطوم بحري حسب بيان تنسيقية “تقدم”.

تصويت الإمارات إلى جانب السودان ضد قرار عمل تمديد البعثة يعكس مدى الفوضى الدولية

باحث

ويقول المتخصص في شؤون النزاعات في أفريقيا عادل إبراهيم، إن “بعثات تقصي الحقائق التي تشكلها الأمم المتحدة عادة تكون بلا أنياب، ولا تقدم حلول عملية للبلدان الغارقة في الصراعات المسلحة، ولا تنصف الضحايا بالتالي لا يمكن التعويل عليها في إنهاء الإفلات من العقاب بالنسبة للعسكريين المتورطين في قتل آلاف المدنيين خلال حرب السودان.

ويشير إبراهيم في حديث لـ(عاين) إلى أن تصويب الإمارات إلى جانب السودان ضد قرار تمديد عمل البعثة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن الأزمة السودانية والصراع المسلح يعكس مدى الفوضى التي تضرب منظمات الأمم المتحدة.