السودانيون يتذمّرون من شُح الكهرباء والقطوعات تشل خدمات المياه والصحة  

11 أبريل 2021  

تثير قطوعات التيار الكهرباء في السودان والتي تمتد لساعات استياء المواطنين وسط احتجاجات متفرقة تشهدها مدن البلاد المختلفة اعنفها في مدن أقليم دارفور الذي شهدت فيه مدينة الفاشر اليوم الأحد مظاهرة هي الاعنف لطلاب المدارس اقتحم على اثرها المحتجون مقر حاكم ولاية شمال دارفور وأسفرت عن مواجهات أصيب على إثرها مواطنين ونظاميين.   

ويتوفر الإمداد الكهربائي لدى السودانيين  15 يومًا في الشهر نتيجة برمجة يومية على خلفية نقص الإنتاج إلى 40% بينما تعاني العاصمة من إظلام جزئي يُغطي نصف مساحتها يوميًا.

وتراجع إنتاج الكهرباء في السودان بين العامين 2020 و2021 جراء تدهور غير مسبوق في العملة الوطنية إلى جانب نقص شحنات الوقود الواردة إلى المحطات الحرارية التي تغطي نصف الإنتاج لكن التدهور بدأ عقب إجراءات نفذها وزير الكهرباء الأسبق في عهد النظام البائد أسامة عبد الله بإنشاء شركات حكومية يرى محللون في الطاقة أنها تستهلك مصروفات إدارية عالية بدلًا من إنفاقها على رفع كفاءة الإمداد.

–         قطوعات مؤثرة

قطوعات الكهرباء تشل خدمات مياه الشرب والعلاج في ثاني أكبر المدن السودانية

وتسبب قطع التيار الكهربائي عن مدينة “نيالا” بولاية جنوب دارفور وثاني أكبر المدن السودانية في توقف الخدمات الضرورية بالمدينة خاصة في المستشفيات ومحطات المياه بصورة كاملة، الأمر الذي فاقم في معاناة المواطنين في الحصول على مياه الشرب والعلاج.

وقامت الشركة التركية المسؤولة عن توليد الكهرباء في المدينة بقطع التيار الكهربائي وإيقاف تشغيل محطة الكهرباء مطلع الأسبوع الماضي، الى أجل غير مسمى، راهنة تشغيل المحطة بسداد وزارة المالية الاتحادية مديونية الشركة والبالغة نحو (20) مليون دولار.

التاثير الاكبر جراء قطع التيار الكهربائي كان في قطاع المياه حيث خرجت أحياء وسط وشمال مدينة نيالا عن الخدمة لليوم السابع على التوالي، الأمر الذي أدى بدوره إلى إرتفاع غير مسبوق في مياه الشرب، في وقت بلغ سعر برميل المياه (600) جنيها.

وأقر مدير عام هيئة مياه الشرب في ولاية جنوب دارفور بشير مختار لـ(عاين) بالشلل التام في الإمداد المائي في المدينة وخروج (80%) من أحياء المدينة بصورة كاملة من الخدمة لجهة أن معظم محطات المياه تعتمد على الكهرباء.

–         شلل قطاع الصحة

ولم تكن آثار قطع التيار الكهربائي عن مدينة نيالا، أقل تأثيرا على القطاع الصحي.

 وتقول مدير عام وزارة الصحة بولاية جنوب دارفور رحاب علقم، إن قطع التيار الكهربائي أدى لتوقف المعامل والتشخيص وتوقفت عمل المبردات التي تحفظ فيها الأدوية والعينات. مشيرة الى توقف المعمل الرئيسي لفحص كورونا بشكل كامل بسبب الكهرباء.

صيدلية رئيسية مغلقة في مدينة نيالا

وكانت عودة التيار الكهربائي مطلب رئيسي في الاحتجاجات التي شهدتها مدينة نيالا يومي الاربعاء والخميس.

وقال والي ولاية جنوب دارفور بالانابة حامد هنون لـ(عاين)، إن أزمة كهرباء مدينة نيالا أصبحت تشكل مهدد أمني مباشر ومحرك للاحتجاجات والمظاهرات، لافتا الى تواصل الولاية مع وزارة المالية الاتحادية لسداد المديونيات وعودة التيار الكهربائي للمدينة قبل دخول شهر رمضان.

وقامت الشركة التركية المسؤولة عن توليد الكهرباء بقطع التيار الكهربائي في عدد من المدن السودانية للمرة الخامسة بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، بسبب تراكم المديونية بحسب خطابات إنذار لحكومات الولاية المستفيدة.

 –        حلول غير مجدية

وتؤدي قطوعات الكهرباء إلى زيادة الطلب على المولدات الخاصة التي تباع سعاتها بين 500 ألف جنيه وحتى 5 مليون جنيه للسعات الكبيرة للمرافق بالتالي وضع تكلفة اضافية على الخدمات التي تقدم الى المواطنين سواء في القطاع الطبي والتجاري.

وتقول أماني عبد المنعم التي تقطن في مبنى استثماري في الخرطوم 2 وسط العاصمة السودانية في مقابلة مع (عاين)، أن موظف المبنى طلب سداد (40) ألف جنيه شهريا لشراء الوقود للمولد الخاص بالمبنى.

وتضيف قائلة : “الوقود مكلف وفي نفس الوقت نسدد فاتورة الكهرباء مسبقا”.

–        عجز حكومي

مسؤول حكومي: باخرة وقود الفيرنس بدأت تفريغ حمولتها في ميناء  بورتسودان بعد إنتظار دام 18 يومًا لعجز وزارة المالية في سداد تكلفة الشحنة

الخبير في مجال الطاقة إيهاب محمد علي في مقابلة مع (عاين) أن قطاع الكهرباء بحاجة إلى خطط قصيرة الأجل بتوفير الحكومة الانتقالية الوقود وقطع الغيار للمحطات الحرارية حتى تخفض القطوعات اليومية.

 أما الخطط المتوسطة حسب محمد علي-  هي إدخال المحطات المتوقفة إلى الخدمة وانسياب الوقود وقطع الغيار لشهور طويلة بينما الخطط الطويلة المدى تكمن في إنشاء محطات طاقة شمسية ورفع انتاج سد مروي من (800) ميغاواط إلى (1250) ميغاواط بإضافة 350 ميغاواط يضيف محمد علي.

لكن مدير الشركة القابضة للكهرباء عثمان ضوء البيت يشير في تصريحات لـ(عاين) يوضح أن باخرة وقود الفيرنس بدأت تفريغ حمولتها في ميناء  بورتسودان بعد إنتظار دام 18 يومًا لعجز وزارة المالية في سداد تكلفة الشحنة.

ويعتقد ضوء البيت، أن وصول شحنة الفيرنس إلى المحطات الحرارية يساعد على تحسين الإمداد خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان.

وانتشر وسم على مواقع التواصل الإجتماعي “سودان بلا كهرباء” جراء تزايد القطوعات من ستة ساعات إلى 14 -12 ساعة يوميًا ويتم تقاسم اليوم الفترات الصباحية والمسائية لتوزيع الإمداد الشحيح الذي يقل عن 1400 ألف ميغاواط فيما يحتاج السودان إلى ثلاثة آلاف ميغاواط للخروج المؤقت من الأزمة بحسب وزير الطاقة جادين علي عبيد في شهر مارس الماضي.

ويوضح الخبير في مجال الطاقة إيهاب محمد علي أن هيئة الكهرباء قبل تحويلها إلى شركات استعانت بشركة بريطانية أجرت دراسة وقدمت حلول متوسطة وقصيرة وطويلة لتنفيذها وأردف : “يجب تسريح الشركات الخمس لهذا القطاع والعودة إلى تأسيس هيئة الكهرباء”.

وكان وكيل قطاع الكهرباء بوزارة الطاقة خيري عبد الرحمن والذي استقال من منصبه الأسبوع الماضي اتهم الحكومة الانتقالية بتعطيل مشروع قانون الهيئة القومية للكهرباء معترفًا بوجود تحديات هائلة تواجه القطاع مثل عدم تأمين وقود الفيرنس وأوضح في استقالة دفع بها إلى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أن الحكومة وفرت 40 ألف طن فقط من جملة 240 ألف طن مطلوب توفيره خلال فبراير ومارس وابريل.

وكيل وزارة الطاقة والتعدين-المستقيل، خيري عبدالرحمن

فيما ذكر مصدر مطلع من وزارة الطاقة لـ(عاين) أن الخلافات اتسعت بين خيري ووزير الطاقة جادين علي عبيد لأن خيري يعتقد أن الوزير لا يمارس ضغوطًا على وزارة المالية للإفراج عن تكلفة الوقود والصيانة وقطع الغيار.

–        مصروفات عالية

ادارة الكهرباء: لدينا خطة لحسين شبكات النقل وزيادة الربط مع إثيوبيا ومصر جميع هذه الخطط بحاجة إلى تمويل عاجل من الحكومة السودانية

من جهته يرى المحلل في مجال الطاقة إيهاب محمد علي أن : “المصروفات الإدارية للشركات الخمس التي تدير قطاع الكهرباء عالية جدًا والحاجة ماسة حاليا لتوفير الإمداد… يمكن إدارة القطاع عن طريق هيئة حكومية فعالة وإبعادها عن المحاصصات السياسية التي أضرت بهذا المرفق الحيوي حتى في عهد حكومة الثورة”.

وتابع محمد علي : “لا تشجع الحكومة التي تدير إنتاجًا شحيحًا للكهرباء  المواطنين على ترشيد الاستهلاك إذا ما تبنت الحكومة خطة إعلامية لتشجيع الترشيد يمكن توفير 50% لأن ذلك يساعد على إدارة الكمية الشحيحة بصورة أفضل”.

من ناحيته يقول المدير العام للشركة القابضة للكهرباء عثمان ضوء البيت أن الحلول على المدى الطويل والقصير والمتوسط موجودة لزيادة الإنتاج مع التركيز على الطاقات المتجددة وهناك مشاريع نسعى استكمالها بدأت منذ العهد البائد.

ويضيف ضوء البيت قائلًا : “لدينا خطة لحسين شبكات النقل وزيادة الربط مع إثيوبيا ومصر جميع هذه الخطط بحاجة إلى تمويل عاجل من الحكومة السودانية”.

وعلى المدى القصير لتحسين الإمداد يتوقع ضوء البيت رفع إنتاج محطة أم دباكر بولاية النيل الأبيض من 350 ميغاواط إلى 110 ميغاواط مع بداية شهر رمضان ورفع التوليد في محطة قري الحرارية شمالي العاصمة السودانية عقب توفر وقود الفيرنس ودخول محطة بحري الحرارية أيضًا.

ونفى ضوء البيت خروج محطة أم دباكر بولاية النيل الابيض والربط الإثيوبي من الخدمة وقال : “تعملان بشكل جيدة حتى الآن”.