من يريد إشعال شرق السودان..؟
مسؤولان في الحكومة لـ(عاين): الوضع “خطير” والمكون المدني في السلطة سيتجه للتصعيد
19 سبتمبر 2021
لليوم الثالث توالياً، واصل آلاف المحتجين من مكون البجا الأهلي شرقي السودان إغلاق موانئ البلاد الرئيسية والطرق القومية والتعطيل الكامل لحركة النقل في الإقليم الحيوي للبلاد.
ويطالب المحتجون الذين يقودهم الزعيم الأهلي البجاوي محمد الأمين ترك، بحل الحكومة الانتقالية في البلاد وإلغاء مسار اتفاق سلام شرق السودان الذي جرى التوقيع عليه أكتوبر الماضي ضمن مسارات اتفاق سلام السودان بمدينة جوبا.
وفي تصعيد جديد اليوم الثلاثاء، أغلق المحتجون، بنك السودان المركزي فرع مدينة بورتسودان ومنع تحويل اموال إيرادات موانئ البلاد للبنك المركزي. وسبق ذلك الجمعة الماضية إغلاق موانئ “الجنوبية” و”سواكن” و”بشائر للبترول”. وهدد المحتجون بإغلاق شركات الذهب وجميع مرافق الخدمة المدنية المركزية بالولاية استعدادا لإعلان العصيان المدني الكامل بشرق السودان.
المدنيون في السلطة: لن نصمت
وفي غضون ذلك، ابلغ مصدر مسؤول في مجلس الوزراء السوداني، (عاين) إلغاء اللجنة الحكومية التي جرى تكوينها السبت زيارتها لمدينة بورتسودان ولقاء المحتجين في مدينة بورتسودان.
وقال المصدر الحكومي الذي فضل حجب اسمه، ان الاوضاع في شرق السودان تتجه إلى تصعيد وصفه بـ”الخطير” وسط صمت حكومي فرضته تقاطعات بين المكونين المدني والعسكري حيال الازمة في شرق السودان.
ويرجح المصدر الحكومي، إلى أن إلغاء زيارة الوفد الحكومي لمدينة بورتسودان مرده إلى رفض قائد الاحتجاجات الزعيم الأهلي محمد الأمين ترك التفاوض مع المكون المدني في السلطة الانتقالية.
في وقت يتوقع انخراط الهيئة القيادية لقوى اعلان الحرية والتغيير -التحالف الحاكم- في اجتماعات لمناقشة الازمة المتفاقمة رجح مسؤول سيادي تحدثت اليه (عاين)، بأن المكون المدني في السلطة سيصعد الأمر – دون إبداء مزيد من التفاصيل-.
وسبق القيادي الأهلي محمد الأمين ترك التحركات الحكومية امس السبت بتصريحات أمام مناصريه بمدينة سواكن، اكد فيها رهانهم على رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان لاتخاذ إجراءات عاجلة، منها إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وحلّ الحكومة المدنية، وتشكيل حكومة جديدة، مع إلغاء اتفاق الشرق، والتأسيس لمنبر تفاوضي جديد خاص بشرق السودان، يضم كل مكونات الإقليم.
وأعلن الزعيم القبلي أن عدداً من الولايات الأخرى مثل الشمال، ولفت إلى أنهم يمتلكون 45 آلاف عنصر مدرّب، ملوّحاً بتكوين حكومة خاصة بالإقليم تمهيداً للانفصال.
وعلى الرغم من تهديدات ترك للحكومة المركزية، لا يرى المحلل السياسي المختص في شئون شرق السودان والقرن الأفريقي، عبد المنعم أبو إدريس، أن تصل الأمور في شرق السودان على خطورتها إلى مواجهة عسكرية.
ويعتقد أبو إدريس في مقابلة مع (عاين)، بأن الصراع حول شرق السودان رمى بإشارات إلى أن هناك صراعات داخل المكون العسكري نفسه لجهة أن المجموعات التي قادت التفاوض في جوبا من العسكريين والجبهة الثورية وهي الآن في سدة الحكم تلاقت تحالفاتها وقتها بأن ينتج مسار الشرق بالإجراءات المعلومة التي تم بها وما قاد لاحقا إلى مقاومة من المكونات الأهلية التي تحتج الآن.
ويعتقد عبد المنعم، أن القيادي الأهلي محمد الامين ترك الذي يتزعم الاحتجاجات الآن ارتكب خطأ باستغلال القبيلة سياسياً، وهذا المنحى -بحسب ابودريس- “خطير ويغذي المواجهة مع المكونات الاهلية الأخرى- البني عامر- التي ترى أن اتفاق مسار الشرق عادل وواجب التنفيذ.
من هو “ترك” ومن يسانده؟
محمد الأمين ترك، هو ناظر قبيلة الهدندوة أحد المكونات الرئيسية لقومية البجا في شرق السودان قبل أن يترأس المجلس الأعلي لنظارات البجا- مكونات أهلية.
مطالب صرّح بها ترك: “إقالة الحكومة الانتقالية “الشق المدني” برئاسة عبد الله حمدوك، رفض علمانية الدولة السودانية، حل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة، تفويض المكون العسكري لتشكيل حكومة جديدة في السودان”.
وعرّف ترك بانتمائه إلى حزب المؤتمر الوطني المحلول وترشحه ممثلا له في انتخابات تشريعية محلية في شرق السودان.
“إقالة الحكومة الانتقالية “الشق المدني” برئاسة عبد الله حمدوك، رفض علمانية الدولة السودانية، حل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة، تفويض المكون العسكري لتشكيل حكومة جديدة في السودان” هذه جملة مطالب مبعثرة ظل الزعيم الأهلي يرددها منذ تشكيل الحكومة الانتقالية في البلاد والذي اتخذ مبكرا موقفا مناوئا لها وسط مساندة عناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول.
وبينما ييستمر ترك في التحشيد ضد الحكومة الانتقالية، انضمت له عناصر مناوئه لتحالف الحرية والتغيير من المغاضبين للتحالف الحاكم- بحسب مصادر في التحالف لـ(عاين).
وتضم هذه المجموعة، الجانب الثاني من قوى الحرية والتغيير “جماعة اللجنة الفنية” وحلفائهم من الشمال والوسط، ومجموعة الغاضبين من المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، بجانب كل الرافضين لاتفاقية جوبا 1 والمعارضين لنهج المسارات، إضافة إلى كل الإسلاميين المناوئين للحكومة الانتقالية.
تقاطعات دولية
ما يثير قلق المحلل السياسي والمهتم في شؤون شرق السودان والقرن الأفريقي، عبد المنعم أبو إدريس، هو أن الصراع في شرق البلاد منفتح على أطماع دولية وتقاطعات اقليمية عديدة، فمثلا بالنسبة لمصر فهي تعتبر شرق السودان المجال الحيوي وهما أمن البحر الأحمر وبالتالي أمن قناة السويس.
فيما يعتقد ابو ادريس، ان دولة الجوار اريتريا لن تتفرج هي الأخرى على الصراع في شرق السودان ومعلوم لديها أن ما يهدد نظامها هو المعارضة الارترية في الغرب الاريتري والتي لديها امتدادات في السودان من مكون البني عامر الأهلي، وأن أي نفوذ لهذا المكون الأهلي في شرق السودان يهدد مصالحها، بجانب مطامع إثيوبيا في منفذ على البحر الأحمر.
فيما تعتبر دول الخليج من بينها السعودية ان التوتر على ساحل لا يبعد عنها سوى 300 كيلومتر هو مهدد لأمنها- بحسب عبد المنعم أبو إدريس، ومعلوم مدى التنافس بين الخصوم الأمريكان والروس والإيرانيين.