“كورونا” تتسرب إلى شرق السودان.. اقتصاد فقير وواقع صحي محطم
عاين – 12 مايو 2020م
مع تصاعد حالات الإصابة بفايروس كورونا في ولايات شرق السودان، ارتفعت المخاوف من تفشي الوباء بسبب متاخمة هذه الولايات لدولتي إثيوبيا وإريتريا وضمها لعدد من معسكرات اللاجئين من الدولتين. وما يزيد مخاوف السكان المحليين في بلدات شرق السودان، صعوبة وصولهم إلى مقرات الخدمات الطبية على فقرها.
وفي بلدة قرورة بولاية البحر الاحمر، يستخدم السكان عربات “الكارو” التقليدية والتي تجرها الدواب للوصول الى المراكز الصحية. ويقول الطبيب في مستشفى قرورة، حسن ابراهيم، ان مواطنين المنطقة يواجهون صعوبة بالغة للوصول إلى المستشفى ، وتلقي الخدمات الصحية، بسبب صعوبة الطرق الداخلية. ويقول ان منطقة قرورة التي تقع على الحدود مع دولة ارتريا تفتقد لاماكن العزل الصحي لمرض كورونا واجهزة فحص المرض.
ويبدي الطبيب، ابراهيم، مخاوف من تمدد المرض ويقول لـ(عاين)، ” فرص الاصابة قد تكون كبيرة في اذا سجلت المناطق المتاخمة لقرورة حالات إصابة”. ويشكو حسن من أوضاع مأساوية في المستشفى ينعدم فيها المولد الكهربائي، والاجهزة المعملية، على الرغم من إبلاغهم السلطات المختصة بالأمر.
كسلا.. تسلل عبر الحدود
ولاية كسلا الحدودية مع ارتريا ايضاً ليست احسن حالاً في الاستعدادات لمواجهة فايروس كرورنا، ويقول قال مدير تعزيز الصحة بولاية كسلا، الطبيب وائل متوكل، لـ(عاين)، ان الولاية شهدت طوال الفترات السابقة اوبئة منها الكوليرا وحمى الضنك والتي أصابت ثلاث من محليات الولاية، واضاف ان الولاية متمثلة في وزارة الصحة ومواطنيها وطرق استجابتها للاوبئة ، صارت تمتلك خبرة في التعامل معها، مؤكدا ان ذلك لا يعني مقدرتها على تحمل وباء الكورونا ولكن خبرتها تتمثل في التصدي للاوبئة عموماً.
ولفت متوكل، إلى ان الولاية اقامت مراكز عزل في كل المحليات، واكد على ان طبيعة السكن المتباعد في الارياف وقلة الحركة فيها، تساعد في التباعد الجسدي والتحكم في الكورونا.
وابدى المسؤول الحكومي، تخوفه من معسكرات اللاجئين في الولاية. وقال ان الاستعدادات الصحية في المعسكرات كانت قد بدأت قبل المناطق الاخرى، ونوه الى ان الحدود مغلقة وان هناك حالات تسلل تحدث من وقت لآخر، وقد اقامت الولاية غرف انتظار للمتسللين من خارج السودان، وقد تم تفعيل النظام الصحي اللا مركزي، وقال ان الولاية ليس لديها جهاز لفحص المرض، ولكن هناك جهود مبذولة لتوفيره وقد تم الاتصال بمنظمة العون الايطالي للحصول على جهاز للولاية.
وعي متدني
مخاوف تسلل المصابين عبر الحدود اكثر حدة في ولاية القضارف شرقي السودان، على الرغم من ان معظم الحالات التي تم تسجيلها في القضارف وهي الاعلى في شرق السودان قادمة من ولايات اخرى من داخل السودان. ويقول قال المواطن صالح ادريس، لـ(عاين)، “هناك خطورة في وجود منافذ حدودية للولاية مع دولة اثيوبيا وان معظم الحالات التي تم تسجيلها في القضارف قادمة من ولاية الجزيرة قبل ان يشكو من صعوبة الوصول الى مناطق تلقي الخدمات الصحية”.
لكن الطبيب بمستشفيات ولاية القضارف، علي يوسف، يقول ان المحليات الحدودية مع دولة اثيوبيا لم تسجل اي حالة اصابة، ويشير يوسف إلى الوعي المتدني لمجتمعات ولاية القضارف فيما يخص وباء كورونا، وينوه الى حالة عدم الالتزام بالحظر الطبي مقارنة بباقي المجتمعات مما ساعد على ظهور حالات إصابة. واضاف يوسف، “تم قفل الحدود مع دولة اثيوبيا منذ بدء الجائحة ومعظم الحالات التي سجلتها الولاية قادمة من ولاية الخرطوم، كما ان المحليات الحدودية لم تسجل حالات حتى الآن”، واكد على ان وزارة الصحة وضعت العديد من الترتيبات الاحترازية لمحاربة المرض متمثلة في مقرات العزل الصحي بالتنسيق مع وزارة الصحة الاتحادية، وعندما سجلت الولاية حالة اصابة تم فرض الحظر لسبعة ايام لكل الاسواق والمحليات ومازال مستمرا حتى الأن.
وفيما قال الطبيب عبدالله حامد، ان المحليات الحدودية بها عدد من دور العزل، لكن المراكز الصحية في الارياف الحدودية تواجه مشكلة عدم توفر الدواء، مما يحدث ازدحاما في المستشفيات الكبيرة ، ونوه إلى ان معظم الحالات التي تم تسجيلها جاءت الى المستشفى متأخرة وتسببت بحالات المخالطة بالنسبة للاطباء.
رفض الحجر الطبي
“الحالة الاقتصادية الصعبة لمعظم سكان مدينة كسلا قد تتسبب في عدم الالتزام بالحظر الصحي” هذا ما يقوله سامي عز الدين، اخد سكان مدينة كسلا لـ(عاين) ويضيف، “معظم سكان المدينة لا يتقاضون رواتب من الحكومة ويعتمدون على الاعمال الحرة في مقابل غلاء طاحن في أسعار المواد الغذائية.. بالنسبة لنا هذه كارثة كبيرة”. واشار عزالدين إلى ان نسبة الوعي بالمرض في كسلا لا تختلف كثيرا عن باقي ولايات السودان، وان حالة الاستهتار بالمرض هي حالة عامة في البلاد.
ولا يكف كثيرون ممن تحدثت لهم (عاين) في مدينة بورتسودان بولاية البحر الاحمرعن شكاوى مماثلة لتوقف اعمالهم بسبب تطاول ساعات الحظر الصحي ومنع التجوال وبالتالي الاعمال، ويقول المواطن ببورتسودان، عثمان بشير لـ(عاين) ان الظروف الاقتصادية للاسر تمنع الكثيرين من الالتزام بالحظر الذي تفرضه حكومة الولاية ، اذ لا يمكن لأحد ان يجلس في بيته وهو من ذوي الدخل المحدود وله اسرة واطفال مسؤول عن إعانتهم.
ويطالب بشير الحكومة بتوفير احتياجات الناس حتى يلتزموا بالحظر، وقال ان “المرض موجود بالفعل ولا يمكن انكاره ولكن لايمكن لعامل يومية ان يكف عن عمله ولا يجد عونا من الحكومة” ، وتساءل اذا ما كان بالامكان للحكومة توفير المواد الاستهلاكية للمواطنين، مشيرا الى متاجر البيع المخفض التي يجب إنشاؤها في الاحياء لتقليل الازدحام وتخفيف الاعباء المعيشية على المواطن، ونوه عثمان الى ان المخابز تشهد ازدحاما كبيرا مما قد يسهم في انتشار المرض وكذلك محطات الوقود.