“انتهاكات مستحدثة”.. المتظاهرون بعد الاعتقال يواجهون “فحص المخدرات”
19 يوليو 2022
أجبرت أجهزة الأمن السوداني، 17 متظاهراً ألقت القبض عليهم أثناء احتجاجات في العاصمة على إجراء فحص المخدرات، الأمر الذي عده حقوقيون إنتهاكاً لحقوق المقبوض عليهم وضد مبدأ براءة المتهمين.
ومنذ تسعة أشهر يٌقاوم السودانيين إنقلاباً عسكرياً نفذه قادة الجيش، وواجهت القوات الانقلابية المتظاهرين السودانيين بوسائل قمعية متنوعة ما اسفر عن مقتل 114 متظاهراً، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية
“نحن أمام مواجهة شرسة ضد سلطات أمنية لا تتمتع بالأخلاق المهنية، ولا تتورع في استخدام الأساليب القذرة من أجل إلحاق الأذى والهزيمة بالثوار السلميين”. يقول أحد المواطنين الذين تم القبض عليهم وإحالتهم لإجراء فحص المخدرات في أعقاب مليونية السابع عشر من يوليو الماضي لـ(عاين)، ويضيف “لقد كان أمراً مهيناً، لكننا لن نستسلم حتى يسقط الانقلاب ولن نكف عن المقاومة السلمية”.
واخضعت السلطات 17 متظاهرا لفحص المخدرات وهو إجراء مخالف للقانون لعدم وجود مخدرات بحوزتهم ولم يتم إلقاء القبض عليهم في وضع إشتباه.
ووفقا لمحامي الطوارئ فإن إحالة المقبوض عليهم لفحص المخدرات يجب أن يكون بواسطة النيابة العامة، لأنه ليس من صميم عمل الشرطة البحث عن ما يُجرم المقبوض عليه، كما أنه ليس من صميم عملها أن تعرضه للتجريم المسبق، الذي يترتب عليه إساءة وإهانة وحط للكرامة.
تجريم
وقال مصدر نيابي، فضل حجب اسمه لـ(عاين): “لا يجوز قانوناً إحالة المتهم للفحص عن وجود مخدرات او كحول إلا في حالات الاشتباه إن توفرت شروطها. كما أن التلبس بالجرم لا يتم إلا بأمر من النيابة لأنها الجهة المُشرِفة على التحري.
وأوضح المصدر النيابي، أن المبادئ الأساسية الواردة في المادة (4) من قانون الإجراءات الجنائية حظرت الاعتداء على نفس المتهم وماله، كما حظرت إجباره على تقديم دليل ضد نفسه.
وأشار إلى أن أغلب الأشخاص المقبوض عليهم في المواكب أو بالقرب من التجمعات تُفتح ضدهم بلاغات تحت أحكام المادة (69) من القانون الجنائي، وهي الإخلال بالسلامة العامة، وبحسب القانون فإن عقوبتها السجن لمدة أقصاها شهر أو الغرامة، كما تُفتح ضدهم بلاغات تحت أحكام المادة (77) وهي الإزعاج العام وعقوبتها السجن لمدة لا تجاوز 3 أشهر أو الغرامة أو العقوبتين معا”.
ولفت المصدر النيابي، إلى أن الجدول الأول الملحق بقانون الإجراءات الجنائية يجوّز للشرطة القبض على الشخص بدون إذن من النيابة، إلا أن قانون الإجراءات الجنائية ألزم الشرطة بإبلاغ النيابة العامة عن أي حالات قبض تتم بواسطتها خلال 24 ساعة.
وبحسب المصدر فإن المادة (81) من قانون الإجراءات الجنائية ألزمت وكيل النيابة بالمرور على الحراسات بشكل يومي للتأكد من حالات القبض وصحة الإجراءات والإلتزام بمعاملة المقبوض عليه وفقا للقانون بما يحفظ كرامته الانسانية وعدم جواز إيذائه بدنياً أو نفسياً وتوفير الرعاية الطبية له إن إحتاج إليها.
ولفت المصدر إلى أن القانون منح المقبوض عليه الحق في الاتصال بأسرته ومحاميه وحق الحصول على احتياجاته من المواد الغذائية وغيرها.
ونصت المادة 3 من قانون النيابة العامة لسنة 2017 على عدد من المبادئ بينها أن يؤدي أعضاء النيابة العامة دوراً فعالاً في الإجراءات الجنائية بواسطة الاضطلاع بالتحقيق في الجرائم والإشراف على أماكن الحبس والسجون واحترام كرامة الإنسان وحقوق الإنسان.
وبالاشارة لبيان محامو الطوارئ بخصوص الانتهاكات التي صاحبت مليونية 17 يوليو يقول المصدر النيابي، أن البيان كشف الممارسات المخالفة للقانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في مواجهة المقبوض عليهم.
ويرى المصدر النيابي، أن المطلوب للحد من ممارسات الأجهزة الأمنية التي تنتهك القانون، هو الإصلاح القانوني لمعالجة الخلل في النصوص القانونية المتعلقة بالقبض والحبس بالإضافة للنصوص المتصلة بالحصانات التي تكرس مبدأ الإفلات من العقاب، مع ضرورة الإصلاح المؤسسي وإعادة تأهيل وتدريب منسوبي الأجهزه النظامية.
انتهاك
وقال عضو لجنة محامو الطوارئ عثمان البصري لـ(عاين):”أن إجراء فحص المخدرات على المواطنين المعتقلين من المواكب السلمية يعتبر إجراءً غير قانونياً، مشيراً إلى أنه إجراء يتم رغماً عن المتهم بهدف تجريمه.
ولفت إلى أن القانون نص صراحة على عدم إجبار المتهم على تقديم دليل ضد نفسه.
وأشار البصري، إلى أن عملية الفحص للمخدرات وفقاً للقانون تتم لأشخاص يشتبه في إرتكابهم جرائم لها علاقة بتعاطي المخدرات أو جرائم بحاجة لفحص معملي لإثبات ارتكاب الجرم المحدد ويتم بواسطة النيابة العامة، وهو الأمر الذي لم يحدث في حالة المتظاهرين المقبوض عليهم في 17 يوليو الجاري.
وأوضح عضو اللجنة، أن الفحص الذي يحدث للمتظاهرين السلميين يتم دون علم النيابة وداخل أقسام الشرطة وتحديداً في القسم الشمالي لمدينة الخرطوم.
وأفاد البصري، أن يوم موكب 17 من يوليو الجاري تم إعتقال مواطنين أُودعوا بقسمي شرطة الأوسط والشمالي لمدينة الخرطوم وتم إخضاع المقبوضين بالقسم الشمالي لإجراء فحص المخدرات داخل الحراسات دون رضاهم فيما تم التحري مع معتقلي القسم الأوسط وإجراء الضمانات دون إجراء فحص المخدرات.
ولفت عضو اللجنة، إلى أن الأجهزة الشرطية تجد صعوبة في إثبات تهمتي الإخلال بالسلامة العامة والازعاج العام، لذلك تسعى لإلصاق تهم أخرى بالثوار لتشويه سمعتهم ودمغهم بتعاطي المخدرات ليتسنى لها القول أن الحراك الثوري ضد إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر تنظمه مجموعات من متعاطي المخدرات والكحول.
وقال البصري “السلطات الأمنية للانقلاب تعمل على كسر شوكة الثوار بمحاولة إذلالهم عن طريق بقائه أطول فترة ممكنة في الحراسات والسجون”.