الحرب وحياة النزوح تجبر سيدات وأطفال بدارفور لإمتهان الأعمال الشاقة
الفاشر: عاين
لايغيب مشهد النساء والاطفال الذين يمتهنون اعمالاً شاقة عن العابرين كل صباح في ضواحي مدينة الفاشر ومخيمات النزوح بولاية شمال دارفور غربي السودان، فمعامل صناعة الطوب واعمال البناء المختلفة يغلب عليها العنصر النسائي بمساعدة اطفال من الجنسين. وعلى الرغم من اقليم دارفور عرف عمل السيدات في الزراعة منذ القدم، إلا انه وبعد اندلاع الحرب في العام 2003 وتعددت معسكرات النزوح، تضاعفت متاعب النساء لسوء الحياة في المخيمات ورحلاتهن اليومية فيما يعرف بـ”الاحتطاب” جمع اغصان الشجر لاستخدامها في طهو الطعام، قبل ان تزاد الحياة سوءا في المخيمات ويلجأن للاعمال الشاقة في البناء وصناعة الطوب.
تضع النازحة “سليمة” طفليها بجوارها، وتعمل بجهد كبير في صناعة الطوب من الطين، وتقول لـ(عاين)، انها تأتي يوميا مع طفليها منذ الفجر لتبدأ رحلة عملها الشاقة بدوام منهك يستمر لساعات مقابل 150 جنيها في اليوم –اقل من دولارين- حتى توفر جزءا من التزاماتها المنزلية في تأمين ولو القليل من الغذاء لاطفالها الصغار الذين تعولهم بعد اختفاء زوجها عن الأنظار منذ سنوات. تشتهر الساحة الواقة جنوب شرقي مخيم ابوشوك للنازحين بالفاشر، بصناعة الطوب “البلكات” من الطين التي تنتجه النسوة هناك وبعدها يقمن بترحيله على رؤوسهن لبداية عملية رصه وحرقة فيما يعرف”الكمينة”.
في المكان الذي يضج بالعاملات والاطفال العمال، كانت بينهم الطفلة نعيمة عيسى، التي تقول لـ(عاين انها فارقت مقاعد الدراسة منذ وقت بعد عجز عائلتها عن دفع المستحقات التعليم ولجأت للعمل هنا شأنها وشأن سيدات واطفال وطفلات المخيم الذي يقطنونه. وتضيف”نعيمة” انها تعمل يوما كاملا مقابل المائة وخمسين جنيها من اجل ان “تأكل وتشرب” وتصرف على اخوتها. وتأمل نعيمة في انهاء الحرب وعودة السلام حتى تتمكن من العودة الى قريتها وتعود لمواصلة دراستها.
تصف القانونية، راوية آدم حامد، امتهان النساء والاطفال الاعمال الشاقة بـ”المأساة”. وتقول لـ(عاين)، ” القوانين السودانية تمنع ذلك، لكن ومع ذلك تستمر الحقيقة المؤلمة باضطرار هؤلاء النسوة والاطفال للعمل.. لابد ان تنتبه الجهات المسئولة لذلك”. وتشير حامد، إلى ان قانون حماية الطفل يندد بعمالة الاطفال، وكذلك، الاعمال الشاقة واستنادا على قانون العمل السوداني لسنة 1997م لا تجوز للمرأة الاعمال الشاقة او استخدامها في العمل الشاق كالطوب والكمائن وكل الاعمال الشاقة الاخرى.
القيادي الأهلي بمعسكر السلام، موسى احمد، يقول لـ(عاين)، إن الحرب التي شهدتها دارفور تسببت في نزوح الأسر وأدت الى أثار اقتصادية سالبة وزادت من معاناة الأسر خاصة شريحة النساء. ويشير موسى، إلى ان العودة الى الوضع الطبيعي يتطلب من الحكومة توفير وسائل الإنتاج للأسر عبر الشراكات والتمويل الأصغر علاوة على توفير متطلبات العودة الطوعية للنازحين من خدمات وتأمين القرى حتى يعود النازحين الى قراهم الأصلية بعد تعزيز عملية السلام والإستقرار وذلك للمساهمة في الإنتاج .