زحف الصحراء بشمال السودان.. أراضٍ زراعية وقرى تحت الرمال

عاين- 27 فبراير 2025

يشير “داؤود محمد الخير” وهو أحد سكان منطقة العقال في الولاية الشمالية إلى منزله الذي ابتلعته رمال الزحف الصحراوي بالكامل، ويقول لـ(عاين) من أمام منزله المدفون تحت الكثبان الرملية: “الرمال دفنت حوالي (13) منزل في القرية، ويمتد ضررها ليشمل المرافق الخدمية وخطوط وأعمدة توصيل وحتى المساحات الزراعية تقلصت بفعل الزحف الصحراوي“.

يهدد الزحف الصحراوي مساحات واسعة في الولاية الشمالية (شمال السودان)، ويبتلع تمدد الكثبان الرملية حولي 6 كيلومترات مربع من مساحة الولاية التي تبلغ 350 الف كيلو متر”.

وتقاوم السلطات المحلية والسكان عمليات تمدد الكثبان الرملية إلى داخل المساحات الزراعية والقرى بزراعة الأحزمة الخضراء، لكن هذه الجهود لم تجد نفعا مع تزايد الظاهرة.

تقلص المساحات الزراعية

في منطقة العقال التي يحاصرها الزحف الصحراوي وزارتها (عاين) وتبعد حوالي 30 كيلو متر جنوبي مدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية، يتحسر داؤود على مغادرته بلدته مضطرا إلى منطقة لاقو، بعد أن حاصرهم الزحف الصحراوي الذي بدأ قبل حوالي 20 سنة في هذا المكان.

يشير بلال صديق هو الآخر إلى مساحات زراعية واسعة غمرتها رمال الزحف الصحراوي بالكامل، ويقول لـ(عاين) من بلدة العقال:” منطقتنا من أكثر المناطق تأثراً بالزحف الصحراوي.. الرمال غطت المركز الصحي، ومنزل الطبيب المجاور له، وكانت هناك مساحات كبيرة صالحة للزراعة والسكن هي الآن تحت الرمال”.

 ويتابع صديق: “أرهق الزحف الصحراوي المستمر سكان المنطقة الذين يضطرون للبناء مرة أخرى بعد فقدان منازلهم، وهناك جهات كثيرة ساعدت على بناء المركز الصحي والمدرسة وخزان المياه الرئيسي، ولكن لا بد من المساعدة بشكل أكبر لمواجهة الزحف الصحراوي”.

ويزيد:”أثر الزحف على المواصلات والطرق غير ثابتة؛ بسبب الرمال ويواجه المزارعين تحديات كثيرة مع الزحف، وأسلاك الكهرباء موجود تحت الرمال، وهذا يشكل خطرا كبيراً على حياة السكان”.

“الزحف الصحراوي غطي ثلثين المساحة، وكذلك تواجه المنطقة خطراً تقلص وأصبحت مساحة الزراعة صغيرة جداً، وتعتبر الزراعة مصدر الدخل الرئيس للسكان، وتأثر النخيل بزحف الكثبان الرميلة”. يقول عبد العزيز صالح موسى أحد سكان قرية العقال لـ(عاين). ويتابع: “أصبح السكان يزرعون الفول المصري وهو المحصول الرئيسي في مساحات ضيقة والمحاصيل الجانبية غير مجدية، ونتوقع أن يقضي الزحف الصحراوي والهدام على ما تبقى من منطقتنا”.

يعز  على “ختمي محمد أحمد علي” مغادرة منزله الذي يقول إنه قام ببنائه في العام (1980) بمنطقة العقال، ويصر على البقاء في القرية، ويؤكد أن أعمدة الكهرباء تسقط في الخريف، ويضطرون إلى جمع الأموال من السكان الذين يعتمدون عليها في الزراعة، وليس هناك مصدر دخل غيرها، وطالب الخيرون بدعم صيانة الكهرباء”.

زراعة المسكيت

بقيت آثار من منزل “ختمي” وهو يشير إليها متحدثًا لـ(عاين): “الذي يظهر من منزلي فوق الرمال هو الطابق الثالث، دفن الزحف منازل أقاربي وسكان القرية، ونحاول زيادة زراعة المسكيت للحد من الزحف الذي تضررنا منه”.

المهندس الزراعي مهند شمت، والذي يعمل في مشروع زراعي بالمنطقة يقول إنهم يضطرون إلى تجريف الرمال من الزراعة؛ وبالتالي نفقد تربتنا الزراعية المستصلحة معها، ويشير إلى أن آلاف الأفدنة محاصرة بالزحف الصحراوي، الأمر الذي تواجههم على أثره مشكلة في زراعة محصول القمح الذي تعتمد عليه الولاية بأكملها كغذاء رئيسي.

يصف شمت في مقابلة مع (عاين) الوضع في المشروع الموجود في منطقة الزحف الصحراوي بالكارثي، ويقول: أن “المحور الزراعي مساحته (120) فدان، ويشكل الزحف أكبر عائق في تكاليف الزراعة. وسنويا يفقدون حوالي (60) فداناً من المحصول تضاعف عليهم التكاليف من الآليات والعمالة”.

يأمل شمت في مقاومة الزحف الصحراوي، ويؤكد أن مساحة الزحف الصحراوي أكبر من المساحات المزروعة وهناك حاجة إلى معالجة جماعية بزراعة الأشجار، ويشير إلى أن مشاريع كثيرة خرجت من الإنتاج بسبب التكاليف العالية.