مواجهات المدنيين والعسكريين.. من يهدد انتقال السودان الديمقراطي

22 سبتمبر 2021

تصاعدت حدة التوتر بين طرفي الحكم العسكريين والمدنيين في السودان في أعقاب محاولة إستيلاء فاشلة على السلطة يُباهي العسكريين في الحكم إحباطها، فيما يقول الشق المدني ان منفذي المحاولة بينهم ضباط في القوات المسلحة بمعاونة مدنيين.

وعلى إثر هذه المواجهة التي اصبحت مكشوفة بين العسكريين والمدنيين انطلقت دعوات واسعة لقوى الثورة بضرورة مراجعة وإصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية ليشمل ذلك مراجعة الشراكة على أسس وطريق يؤدي الى الانتقال المدني الديمقراطي.

هجوم وإقصاء

وسارع المكون العسكري في السلطة إلى توجيه انتقادات حادة للشق المدني بعد ساعات من فشل المحاولة الانقلابية، وهاجم رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” شركائهم المدنيين في الحكم خلال مخاطبتهما اليوم الأربعاء احتفالية عسكرية شمالي الخرطوم.

ويتقاسم المدنيون والعسكريون في السودان منذ أغسطس 2019، حكومة انتقالية مهمتها الإشراف على عودة الحكم المدني الكامل، لكن هذه المهمة تواجه عثرات عديدة واتهامات متبادلة بين الإطراف.

واتهم البرهان قوى سياسية بالسعي إلى بث الفرقة في صفوف الجيش والقوات النظامية. وقال إن تلك القوى همها الاقتتال حول كراسي السلطة. وشدد، “لا أحد يستطيع إقصاء الجيش من الحياة السياسية والقوات المسلحة هي الوصية على أمن السودان ووحدته”

البرهان وحميدتي في زيارة لقاعدة عسكرية شمالي الخرطوم اليوم الاربعاء: الصورة وكالة السودان للانباء

وقال البرهان، “تم اقصاؤنا من مبادرة رئيس الوزراء الاخيرة ولا يمكن لأي جهة قيادة البلاد وحدها.. بيدنا كل شيء”.

من جانبه، حمّل نائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع، شركائه السياسيين في الحكم مسؤولية المحاولات الانقلابية العسكرية المتكررة على السلطة. وقال، “السبب وراء محاولات الانقلاب على السلطة، هم السياسيين الذين انشغلوا بالصراع على المناصب والكراسي وأهملوا المواطن ومعاشه ما خلق حالة عدم رضاء وسط المواطنين”.

وأضاف دقلو خلال مخاطبته احتفالية عسكرية خاطبها رفقة البرهان، ” عملنا على الحفاظ على الفترة الانتقالية وتحقيق شعارات الثورة  وصوناً للشراكة. وتابع “رغم ذلك الا اننا لم نجد من الذين يصفون أنفسهم بالشركاء إلا الإهانة والشتم ليل نهار لجميع القوات النظامية ـــ  فكيف لاتحدث الانقلابات والقوات النظامية لا تجد الاحترام والتقدير”.

وانتقد نائب رئيس المجلس السيادي، شركاء الوثيقة الدستورية وممارستهم اقصاء أطرافها، وقال:” تحدثنا عن ضرورة توحيد الجهود السياسية والاجتماعية للمضي بالفترة الانتقالية الى نهاياتها المطلوبة، دعمنا مبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لتجاوز الأحتقان السياسي الذي تعيشه البلاد، لكنهم مارسوا الاقصاء حتى على الذين وقعوا معهم الوثيقة الدستورية”.

تهافت العسكريين

وتأتي تصريحات القائدين العسكريين في أعقاب دعوات واسعة من الشق المدني في الحكم لاصلاح الاجهزة الامنية والعسكرية التي يقودونها في البلاد بعد فشل المحاولة الانقلابية وما عده المدنيين تهديدا من العسكريين لعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.

عقوبات تطال العاملين الداعمين للثورة في الخدمة المدنية

ويصفف المحلل السياسي، أحمد يونس، خطابات رئيس مجلس السيادة ونائبه لـ “الإنقلاب الفعلي رغم التناقضات ومحاولة التملص من المحاولة الانقلابية التي تمت يوم أمس وتحميل المسؤولية الشق المدني بجانب تحميله الأزمات والفشل خلال الفترة الانتقالية مع أنهم شركاء ولهم نصيب الأسد في السلطة لذلك يقع على عاتقهم المسؤولية الأكبر” .

ويشير يونس في حديث لـ(عاين)، إلى ان المكون العسكري يتهم الأحزاب بالتهافت على السلطة، وفات عليهم أن الأحزاب تأسست للوصول الى السلطة، لكن السؤال لماذا تصارع الجيوش على السلطة سيما أن الخرطوم بها خمسة جيوش ايهم الجيش الوطني وايهم يدافع عن ارض الوطن ولم يتمكن المكون العسكري من دمج هذه الجيوش لتصبح جيش واحد. وأضاف، ” المحاولة الإنقلابية التي حدثت هي تمهيد للانقلاب الذي حدث اليوم على القوى السياسية.

ويحذر يونس، من خطورة الانقلاب على التغيير العسكري في البلاد الذي يترتب عليه ضياع تضحيات الشعب والشباب ويغلق الطريق أمام التطور الوطني، وان المجتمع الدولي لن يقبل التعامل مع السودان  ويفقده المساحات الدولية التي اكتسبها بعد الثورة.

 والخطير في الأمر- وفقا ليونس، أن ردة فعل الثوار ستكون عنيفة وتسيل حمامات الدماء، ولذا يرى أن الطريق الوحيد هو تدارك القوى السياسية داخل الحكومة وخارجها مسؤوليتها، وليس هناك خيار سوى الرجوع الى الشارع واسترداد الثورة لأنه إذا حدث إنقلاب عسكري سيقع الضرر على الجميع بدون إستثناء .

انقضاض العسكر

” المكون العسكري يريد التخلص من الوجود المدني في الحكم مستفيدين من ضعف المدنيين في السلطة وتشرذم القوى السياسية: يقول المتحدث بإسم تجمع المهنيين السودانيين، الوليد علي، لـ(عاين)، ويضيف: “يظهر بوضوح طمع الجنرالات في السيطرة الكاملة على السلطة وتتآمر معهم بعض بقايا قوى الحرية والتغيير التي ليس لديها مشكلة أن تتواجد مع العسكر في اي وضع”.

المدن السودانية تواصل الانتفاض والمعارضة تتهيأ للعصيان

وبحسب الوليد، فأن الإنقلاب الحقيقي هو ما أدلى به قيادات المكون العسكري ولكن تجمع المهنيين يقف ضد هذه التحركات ولن يتنازل عن شعار الحكومة المدنية “رغم عدم رضانا عن أداء المدنيين في الفترة الماضية و المحاصصات التى تمت بتقسيم السلطة”.

 ويرى الوليد ان تجمع المهنيين الذي قاد الاحتجاجات ضد نظام البشير، يرى انه من المهم توحد القوى السياسية لإستعادة الشارع.  وأضاف ” الشعب السوداني يواجه جنرالات بقايا اللجنة الأمنية الذين يعملون على حماية مصالح النظام السابق، ومالم نستعيد السيطرة على الشارع لحماية الحكومة المدنية ستصبح سيطرة العسكر كاملة على مفاصل الحكم”. 

 حزب الأمة يقلل

من جهته، يقلل حزب الأمة القومي من المواجهات بين المدنيين والعسكريين ويعتبرها سجالات اعلامية لكنها سوف تنعكس سلباً على عملية الانتقال في السودان، ويؤكد الأمين السياسي لحزب الأمة القومي، محمد المهدي الحسن، في حديث لـ(عاين) أن مكوني الحكومة الإنتقالية من المدنيين والعسكريين كل يقوم بدوره بتوافق تام الى حين الوصول الى انتخابات.

 وأضاف المهدي، “هناك إخفاق من الشق المدني في إدارة ملف الإقتصاد ومعاش الناس وتمت معالجة قاسية ولكن المكون العسكري لديه إخفاق واضح في ملف الأمن وهو  لايقل اهمية عن الإقتصاد وأن الإخفاق والقصور في ملفات الحكم مشترك” .