أسواق (دقلو).. الغش يطال كل شيء ويبدد نقود العالقين بالخرطوم
عاين- 4 ديسمبر 2024
تتخلل عمليات عرض وبيع السلع في أسواق (دقلو) في مناطق جنوب العاصمة السودانية الخرطوم التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع عمليات غش تجاري واسعة وسط شكاوى المواطنين الذين يتعرضون بشكل يومي لهذا الغش؛ مما يتسبب في تبديد النقود التي بحوزتهم على قلتها.
ومع اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل من العام الفائت، شهدت أسواق العاصمة ومنازلها عمليات نهب واسعة نشأت على إثرها أسواق لبيع المنهوبات في مناطق طرفية من العاصمة السودانية عُرفت شعبيا بـ(أسواق دقلو) في إشارة إلى لقب قائد قوات الدعم السريع.
زيت محولات الكهرباء يُباع على أنه زيت طعام
ومن بين السلع التي شهدت غشاً للمستهلكين خلال الحرب زيت الطعام، حيث يُعَبَّأ زيت محولات الكهرباء الذي يُنْهَب من المحولات في الأحياء، ويباع على أساس أنه زيت طعام، وفي الغالب من يقع ضحية للغش في هذه الحالة هم من الذكور باعتبار أن من بينهم من لا يفرق بين أنواع الزيوت، ويقول محمد عثمان وهو أحد سكان جنوب الخرطوم لـ(عاين) أنه “اشترى قارورة على أساس أنها زيت طعام، وعندما عاد إلى المنزل، وانتهى من طهي الطعام اكتشف أن الزيت الذي استخدمه ليس زيتاً للطعام، وإنما زيت محول كهرباء”. وأشار عثمان، إلى أنه توصل لعملية الغش بعد تذوقه للطعام الذي أعده وكان طعمه مختلفاً، واكتشف بعد ذلك أن الزيت الذي استخدمه لا يصلح للاستخدام الغذائي.
وتوصلت متابعات مراسل لـ(عاين) جنوبي الخرطوم، إلى كثرة ذلك النوع من الغش، بالإضافة إلى خلط ذات النوع من الزيت (محولات الكهرباء) في (الجازولين) وبيعه لمستخدمي السيارات، وهي فترة شهدت كثرة الأعطال لكون أن الجازولين غير خالص. وفي سياق الغش في الجازولين. ووقف مراسل (عاين) على حالة صاحب حافلة نقل ركاب اضطر لعملية صيانة كاملة لسيارته بعد تسبب الجازولين المخلوط في تعطلها، كما تسبب العطل في زيادة الأعباء المالية على صاحب الحافلة الذي يعتمد عليها في إعالة أسرته.
حالات الغش شملت بيع الدقيق ولبن البودرة منتهي الصلاحية
وتشهد هذه الأسواق بيع دقيق منتهي الصلاحية أو رائحته متغيرة بعد تعبئته في أكياس بوزن (الكيلو)، ويتم غش المستهلكين بوضع جوال من دقيق عالي الجودة جوار البائع لإيهام المشترين بأن المنتج الموجود في الأكياس معبأ من ذلك الجوال.
وشملت حالات الغش التجاري بيع لبن بودرة منتهي الصلاحية، حيث يتم تمزيق الجوال في المنطقة التي بها تاريخ الصلاحية، وفي حالات أخريات يتم التخلص من جوال الورق الذي يحتوي على تاريخ الصلاحية وعرض اللبن في الكيس الشفاف الذي يوجد في العادة داخل جوال الورق.
ومن أنواع الغش الذي مورس على المواطنين إعادة استخدام عبوات المستهلكات لماركات وشركات إنتاج معروفة فمثلاً يتم استخدام قارورة لمنتج معروف من الصابون السائل الذي يستخدم في غسل الأواني على أساس أنه من الشركة المنتجة، وتستخدم عبوة جديدة وعليها ملصق الشركة، غير أن المنتج الذي بداخلها رديء النوع، وليس من إنتاج الشركة ذات السمعة الجيدة.
تعبئة (الرماد) في أكياس صابون بودرة وبيعه في الأسواق
وشهدت (عاين) حالة غش باستخدام أكياس لمصنع ينتج صابون بودرة من نوع فاخر، لكن لا يُعَبَّأ من ذات المنتج حيث تعبأ تلك الأكياس بـ(رماد) ويتم إغلاق الكيس بطريقة لا يمكن التعرف عليها وبعد استخدامه يكتشف من اشترى أنه وقع ضحية غش تجاري.
ووفقاً للحالة التي وقف عليها مراسل (عاين) فقد اشترى (م ف) منتجاً على أنه صابون بودرة من نوع فاخر وبعد وصوله المنزل استخدمه في الغسيل، لكنه صدم بأن ما وضعه على الماء، وشرع في غسل ملابسه به ليس صابون بودرة، ولكنه (رماد) لتصيبه حالة ذهول.
وبعد اكتشاف الغش في صابون البودرة ذي العبوة الفاخرة وذيوع الأمر امتنع كثيرون عن شرائه.
وظهر في الأسواق نوع من القمح أحمر اللون يباع بسعر أقل من النوع الذي اعتاد السكان على استخدامه (الأبيض)، وأفاد مواطنون (عاين)، أن تجاراً لجأوا إلى تقشير القمح الأحمر وبيعه للمستهلكين على أنه من النوع الذي يعرف في أوساطهم بالقمح الأبيض.
تمكن التجار المزورون من توفير آلات حياكة الجوالات والعبوات التي تخص شركات ومصانع معروفة بالجودة
وتمكن تجار في أسواق (دقلو) من توفير الآلات التي تستخدم في حياطة الجوالات أو الأكياس التي تخص شركات ومصانع معروفة بالجودة، فتتم تعبئتها بمنتج من نوع غير جيد، وهو ليس منتج الشركة، وتتم خياطة تلك الجوالات والأكياس، فيظن المشتري أنها من المصنع، وعندما يصل منزله يكتشف عملية الغش، ومثال لذلك سلعة السكر الذي يُعَبَّأ في جوالات مختلفة الأوزان، وكذلك سلعة ملح الطعام، حيث تتم تعبئة نوع معين منه عادي الإنتاج في أكياس مصانع عالية الجودة.
ويتحصل التجار المعنيون على الأكياس الفارغة بعد عمليات النهب التي طالت تلك المصانع والشركات عقب الحرب وسُرِّبَت أكياسها وجوالاتها من الناهبين إلى أولئك التجار الذين يعيدون استخدامها بغير منتجاتها.
كما تشمل عمليات الغش إنقاص الوزن، فمثلاً تتم تعبئة سكر في جوالات على أنه زنة ١٠ أو ٥ كيلو جرامات، ولكن الوزن الحقيقي ينقص عن ذلك، وتتم خياطة الجوال وكأنه منتج كامل الوزن، ويضاف ذلك للغش في استخدام الأسماء والماركات التجارية.
عمليات النهب طالت الأغنام في جنوب الخرطوم والغش شمل اللحوم
ودخلت اللحوم مجال الغش حيث تشهد مناطق في جنوب الخرطوم حالات نهب واسعة للأغنام التي تباع لعدد من الجزارين الذين يعرضونها على أنها لحوم للضأن، ووقف مراسل (عاين) في أحد الأسواق، على حالة عرض لحم ماعز على أنه لحم ضأن في إحدى الجزارات.
وفي ظل الغياب الكامل لمؤسسات الدولة المعنية بالرقابة على الأسواق وحماية المستهلك، يظل السكان في خطر خاصة مع استخدام السلع منتهية الصلاحية أو غير القابلة للاستخدام الغذائي التي تهدد سلامتهم، بجانب تضررهم من حالات الغش التجاري واسعة النطاق.
ويبقى تعويل المواطنين على وقف الحرب ليكون المستهلكون في قمة الاهتمام في وضع السلم بدلاً عن الإهمال الكامل الذي يواجهونه حالياً في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع التي تهتم بتحصيل الإيرادات من التجار دون أدنى مراعاة لسلامة المستهلكين.