(عاين) شاركت في إنتاجه.. عرض فيلم “الخرطوم” في مهرجان سينمائي بأمريكا

عاين- 28 يناير 2025

جرت ليلة الأمس فعاليات العرض الأول لفيلم “الخرطوم” الذي أُنْتِج بتعاون أربعة مخرجين سودانيين، بمشاركة (شبكة عاين) في مهرجان صندانس في أمريكا، كما اُخْتِير لعرض لاحق في مهرجان برلين السينمائي في ألمانيا.

وتدور وقائع الفلم في مدينة الخرطوم، حيث خمس شخصيات سودانية: موظف حكومي، بائعة شاي، متطوعة في لجان المقاومة، اثنان من الأولاد في الشوارع، جميعهم في رحلة البحث عن الحرية. تتشابك قصصهم بطريقة غير متوقعة عبر الأحلام المتحركة، الثورات في الشوارع، والحرب الأهلية.

وعمل الخرطوم هو ثمرة تعاون لمدة عامين بين المخرجين السودانيين، راوية الحاج، وإبراهيم سنوبي، وتيمية أحمد، وأنس سعيد، مع الكاتب البريطاني فيل كوكس، ومحرر فلسطيني – إيرلندي يوسف جباه. يدمج الفلم بين الواقعية الصارخة للشارع السوداني، وإعادة البناء باستخدام الشاشة الخضراء والرسوم المتحركة.

ويقدم فيلم الخرطوم نظرة حديثة وشخصية على أسلوب السرد الوثائقي في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، ويأخذنا في رحلة إلى السودان في فترة الثورة والانقلاب العسكري والحرب الأهلية. يسلط الضوء على مشاعر وعوالم خمسة من المواطنين السودانيين المشاركين الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة في وطنهم الذي يعصف به الاضطراب.

وبدأ إنتاج الفيلم كورشة عمل وثائقية صغيرة اقترحها المخرج البريطاني فيل كوكس بالتعاون مع المدير التنفيذي لمصنع السينما السوداني في الخرطوم طلال عفيفي في العام 2022 بدعم من شبكة عاين، وتمويل من قبل شركة Native Voice Films.

بعد اندلاع الحرب غادر المخرجون والمشاركون إلى شرق إفريقيا، لكنهم واصلوا سرد قصصهم السينمائية المبتكرة.

شخصيات الفيلم

الفتى في الشارع لوكان (12 عامًا) وصديقه المقرب ويلسون (11 عامًا) ينطلقان في مهمة في مكبات القمامة في الخرطوم لشراء قميصين جميلين.

خادم الله (28 عامًا) هي أم وبائعة شاي تتفاعل مع زبائنها يوميًا، بينما تدرس الرياضيات لتحقق حلمها ببدء مشروع تجاري.

جواد (30 عامًا) هو متطوع صوفي رستافاري في المقاومة يركب دراجة نارية، ويحتج من أجل حكومة مدنية ضد الجيش.

مجدي (45 عامًا) هو موظف حكومي يهرب من روتين المكتب من خلال سباق الحمام مع ابنه.

ومع تصاعد التوترات في الخرطوم؛ بسبب الاحتجاجات والاعتقالات المستمرة، بما في ذلك هروب الفريق من مواقف خطيرة، اضطر المخرج فيل كوكس لمغادرة البلاد. ثم انضم المحرر يوسف جبّاه لمساعدة كوكس في تنسيق العمل بين المخرجين السودانيين خلال هذه الأوقات الصعبة.

توقف الإنتاج في أبريل 2023 بسبب اندلاع الحرب، حيث كانت الطائرات الحربية تقصف الخرطوم من السماء، وكان رجال مسلحون يجوبون الشوارع. قرر المنتجون جيوفانا ستوبوني وطلال عفيفي فوراً استخدام الأموال المتبقية من الإنتاج لمساعدة المخرجين السودانيين راوية، أنس، تيماء، وإبراهيم للهروب إلى شرق أفريقيا.

واصلت فرق الإنتاج جهودها للبحث عن المشاركين في الفيلم: خادم الله، مجدي، لوكان، وويلسون. بدأت عملية معقدة للبحث عنهم واستخراجهم من الخرطوم عبر طرق سرية. وبعد شهور من البحث في أواخر 2023 وأوائل 2024، تمكن الفريق من إيجاد طرق للخروج لكل مشارك. هناك، وُلدت “عائلة جديدة”: المخرجون والمشاركون، جميعهم يعيشون معًا كلاجئين في المبنى نفسه. في تلك اللحظة، نشأت علاقة قوية وعزم مشترك على استكمال الفيلم الذي بدأ قبل الحرب، وخلق عمل سينمائي يمثل السودان بكل مآسيه وطموحاته.

يمثل هذا الفيلم مقاومتنا للحرب وإيماننا بشعب السودان وقدرته على التغلب

مخرجو الفيلم

ويقول المخرجون السودانيون في بيان تلقته (عاين): “كمؤلفين سودانيين، نريد أن نمثل واقع أقراننا السودانيين في هذه اللحظة من الحرب والانقسام بشكل حقيقي وأصيل. نرغب في تصوير أقراننا السودانيين بإنسانية وعمق يتجاوز كونهم مجرد لاجئين أو ضحايا. بسبب مخاطر حمل الكاميرات الاحترافية في شوارعنا، بدأنا تصوير فيلمنا باستخدام هواتف آيفون، مما يعني أنه كان علينا أن نكون قريبين، وأن نكون حميميين، ونريد للجمهور أن يشعر بذلك.

ويتابع البيان: “لقد قدمت هذه الهواتف الحميمية السينمائية وهوية فيلمنا. مع اندلاع الحرب والتدمير الذي لحق بمدينة الخرطوم ومنازلنا، نشكر منتجينا على إيجاد ملاذ آمن لنا ودعمهم لنا. وعلى الرغم من أننا تركنا بلادنا بلا شيء، إلا أننا أدركنا أنه يجب علينا أن نواصل صنع فيلمنا؛ لأن هذا سيكون فعلنا من المقاومة الإيجابية.

ويقول المخرجون:”طورنا لغة سرد جديدة، حيث تعاونّا بشكل كامل مع مشاركينا، ودخلنا معًا عالم الشاشات الخضراء، والأحلام، والرسوم المتحركة في مسار قاده المدير الإبداعي فيل كوكس. ورغم هذا الأسلوب البصري المتنوع، حرصنا على الحفاظ على حقيقة عاطفية وأعمق لقصصنا. نحن نرفض أن نصنع أخبارًا تصورنا فقط كـ (أفارقة في أزمة)”.

ويتابع البيان: “كمخرجين ومشاركين، نحن جميعًا من خلفيات وعرقيات وأعمار وجنسيات وفئات اجتماعية مختلفة. هذه الاختلافات هي التي تم استغلالها في كثير من الأحيان لتغذية الصراعات السودانية السابقة وكذلك الحرب الأهلية الحالية في بلادنا. ومع ذلك، اكتشفنا بعضنا البعض من خلال رحلة هذا الفيلم، وتعلمنا أن نعمل معًا، وندعم بعضنا البعض. لقد أصبحنا عائلة سينمائية واحدة بغض النظر عن أعمارنا أو خلفياتنا الطبقية أو العرقية. نأمل أن يكون فيلمنا قطعة أرشيفية قيمة للمستقبل وتحية شعرية للخرطوم وشعبها ولشعب السودان كله في هذه اللحظة الحاسمة في تاريخ أمتنا.

وزاد البيان: “يمثل هذا الفيلم مقاومتنا للحرب وإيماننا بشعب السودان وقدرته على التغلب.”