دولتا السودان .. حدود ملتهبة باستمرار

23 أغسطس 2021

منذ انفصال جنوب السودان عن السودان في يوليو 2011 لا تزال قضية فتح الحدود بين البلدين تواجه تحديات عديدة بسبب وجود الجماعات المسلحة المناوئة للسلطة في كلا البلدين على الرغم من التصريحات المتفائلة لقادة البلدين في المحافل تجمع بينهما بضرورة  تحويل الحدود على منطقة آمنة ومرنة.

وزار رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك العاصمة جوبا الأسبوع الماضي على رأس وفد حكومي وعقد لقاءات مع رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ونائبه ريك مشار ناقش التوترات بين الفرقاء الجنوبيين حول التوترات الحدودية للمعارضة المسلحة.

واتفق حمدوك مع سلفاكير على إنهاء استضافة البلدين للمعارضة المسلحة لتحقيق السلام في البلدين وزار رئيس الوزراء السوداني العاصمة جوبا بصفته رئيسا لمنظمة الإيقاد إلى جانب محاولة الخرطوم احتواء التوترات بين المعارضة المسلحة وحكومة سلفاكير.

يتنازع السودان وجنوب السودان على تبعية خمس مناطق حدودية هي “ابيي، وكاكا التجارية” و”دبة الفخار” و”المقينص،” “الميل 14 جنوب بحر العرب” “حفرة النحاس” و “كافي كنجي”.

كما إن الدولتين تقدمان الرعاية بحسب اتهامات متبادلة للمعارضة المسلحة ففي مارس من العام الحالي أشار سلفاكير ميارديت في حفل على هامش المحادثات مع الحركة الشعبية شمال بزعامة عبد العزيز الحلو مخاطبا رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى الكف عن إرسال الجماعات المسلحة لبلاده.

اتهامات متبادلة

كانت هذه التصريحات إشارة من سلفاكير إلى قادة السودان أن الخرطوم لاتزال بعد الإطاحة بالنظام البائد تسير في ذات الإتجاه بتقديم الدعم والإيواء للمعارضة المسلحة التي تستخدم الأراضي السودانية وتشن هجمات على البلدات الحدودية لجنوب السودان.

سلفاكير والبرهان في جوبا 26 مايو 2021

ويرهن المدير التنفيذي لصندوق إعمار ولاية النيل الأزرق الحدودية مع جنوب السودان عبد الجليل محجوب حاكم في تصريحات لـ)عاين) عودة الآمن للحدود بالوصول إلى سلام مستدام مع الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.

وأضاف حاكم: “في ولاية النيل الأزرق الحدودية مع جنوب السودان المناطق المتاخمة لولاية أعالي النيل في جنوب السودان تسيطر قوات جوزيف توكا-قيادة الحلو-  على تلك المنطقة أما في المنطقة الجنوبية لولاية النيل الأزرق تستخدم قوات عبد العزيز الحلو هذه المناطق كنفوذ لها وفي الجزء الشمالي الشرقي تنتشر قوات الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار آير وما فاقم من ازمة الحدود انقسام الحركة الشعبية شمال”.

وتابع حاكم: “الوصول إلى مرحلة الحدود الآمنة والتنموية يحتاج لإرادة سياسية قوية لقادة البلدين بإنهاء الوجود المسلح على الشريط الحدودي بتوقيع اتفاق سلام فعال وغير هش وإذا لم يحدث هذا الأمر لن تكون الحدود طبيعية مهما كانت التصريحات والاتفاقات”.

انظمة غير مستقرة

تستضيف ولاية النيل الأبيض الحدودية مع جنوب السودان مخيمات اللاجئين الفارين من جنوب السودان منذ العام 2013 بسبب الحرب الأهلية التي نشبت في العاصمة جوبا وانتقلت الى الولايات.

ويأوي السودان نحو مليوني شخص من جنوب ينتشرون بين العاصمة السودانية وولاية النيل الأبيض السودانية.

لا يمكن لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك القادم من الشق المدني تقديم تعهدات لسلفاكير بعدم إيواء المعارضة المسلحة لأن هذه الخيوط تدار بواسطة أطراف اخرى في السلطة – خبير في مناطق الحدود

ويوضح الخبير في حركة الهجرة والنزوح والمناطق الحدودية عابدين عبد الله في تصريحات لـ(عاين) بأن الحدود بين البلدين لن تكون آمنة في ظل الاضطرابات الأمنية التي تسود بين الدولتين.

وأشار عبد الله، إلى أن قادة البلدين يحتفظان في الغالب بالمعارضة المسلحة حتى تتحرك في هذا الإطار بإجبار البلد الثاني على تقديم التنازلات ففي الحرب الأهلية التي اندلعت في جنوب السودان في ديسمبر 2013 استضافت الخرطوم ريك مشار زعيم المعارضة المسلحة ومولت تحركاته وحتى عملية التسليح بواسطة النظام البائد.

وتابع: “كانت الخرطوم على ايام عهد الرئيس المخلوع عمر البشير تأمل التخلص من سلفاكير الذي في نفس الوقت لديه كروت بحوزته بشأن الحركات المسلحة السودانية ويبدو مؤخرا وصل البلدين الى قناعة التخلص من المعارضة المسلحة المناوئة لهما لكن هناك تعقيدات في هذا الصدد هذه الحركات المسلحة لديها مطالب وشروط وتداخلات صعبة”.

صعوبة السيطرة

وتعد الحدود بين البلدين الأطول في أفريقيا ويواجه البلدان صعوبة في السيطرة عليها وقبل سنوات قدمت الولايات المتحدة الأميركية معلومات الى النظام السوداني بوجود قائد جيش الرب اليوغندي جوزيف كوني في منطقة حدودية بين السودان وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان داخل الأراضي السودانية دون علم الخرطوم.

ويرى المستشار السابق لشئون السلام بمجلس الوزراء والخبير في فض النزاعات الحدودية جمعة كندة في تصريحات لـ(عاين) أن البلدين يجدان صعوبة في السيطرة على الحدود وقال إن الحدود غير آمنة بسبب عدم وجود الدولة فيها.

الحديث عن حدود مرنة مجرد أماني غير واقعية لأن البلدين لا يسيطران على الحدود ويمكن أن تستخدم كملاذات آمنة جماعات خارجة عن القانون دون علم الدولتين– جمعة كندة

وتابع: “لا اعتقد ان الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو تستخدم الحدود مع جنوب السودان لأن قواتها داخل الأراضي السودانية ربما تستخدم الحركة جنوب السودان سياسيا فقط خاصة مع استضافة جوبا للمحادثات بين الحلو والخرطوم”.

وأضاف: “الحديث عن حدود مرنة مجرد أماني غير واقعية لأن البلدين لا يسيطران على الحدود ويمكن أن تستخدم ملاذات آمنة جماعات خارجة عن القانون دون علم الدولتين وللسيطرة على الحدود هناك طرق مهمة مثل الاتفاق على الادارة المشتركة للمناطق المتنازع عليها وتنمية المناطق الحدودية”.

وأردف: “في السودان هناك قلة في الكثافة السكانية في المناطق الحدودية من النواحي الاستراتيجية ينبغي ان تنشر القوات العسكرية بإنشاء قواعد عسكرية في المناطق الحدودية وليس في المركز للسيطرة على الحدود وجعلها جاذبة بإنشاء مناطق تجارية”.