مستشفى بشائر.. رصاص الدعم السريع يلاحق الأطباء
عاين- 30 يناير 2024
لم يتمكن الأطباء المعالجون في مستشفى بشائر جنوبي العاصمة السودانية من تقديم الخدمة الطبية لحالات منومة بالمستشفى منذ أسابيع وأغلبها إصابات ناتجة عن قذائف مدفعية، بعدما كسر سكون المستشفى صوت أعيرة نارية مساء الأحد أطلقها مقاتلون يتبعون لقوات الدعم السريع داخل المستشفى.
وبشكل متسارع تطورت الأحداث في مستشفى بشائر جنوب العاصمة السودانية، وردًا على تصرفات المقاتلين التابعين للدعم السريع قرر الأطباء والكوادر العاملة والمتطوعين الدخول في إضراب احتجاج على إطلاق النار في فناء ومحيط المستشفى إلى حين إشعار آخر.
صعوبة وقف الانتهاكات
يضاعف إضراب الأطباء والمتطوعين في مستشفى بشائر جنوب العاصمة السودانية معاناة مئات الآلاف من المدنيين من الذين يتلقون الرعاية الصحية من هذا المستشفى منذ اندلاع الحرب.
وقالت غرفة طوارئ جنوب الحزام حيث يعمل عشرات الشبان المتطوعين بما في ذلك التطوع في مستشفى بشائر إن “الطاقم الطبي والعاملين في المستشفى قرروا الإضراب عن العمل حفاظا على حياتهم”.
“بعض المقاتلين الذين انضموا إلى القتال في صفوف الدعم السريع مؤخرا لا يمكن ضبط تصرفاتهم”.
عضو غرفة طوارئ بالخرطوم
ويقول عضو في غرفة طوارئ جبل أولياء جنوب العاصمة السودانية لـ(عاين): إن “الانتهاكات التي تقوم بها قوات الدعم السريع في بعض المنشآت الصحية أو الأحياء السكنية أو داخل منازل المواطنين في العاصمة السودانية تحسم مؤخرا عبر التواصل مع قيادات ميدانية من هذه القوات التي تعاني عدم ضبط تصرفات غالبية عناصرها”.
وأضاف: “بعض المقاتلين الذين انضموا إلى القتال في صفوف الدعم السريع مؤخرا لا يمكن ضبط تصرفاتهم، وتسمى قوات الإسناد لذلك لا يمكن توقع ما سيحدث في أي منطقة وصلوا إليها”.
تعمل منظمة أطباء بلا حدود على تمويل العمليات الصحية في مستشفى بشائر ضمن مستشفيات أخرى في العاصمة أبرزها البان جديد في محلية شرق النيل والمستشفى التركي في محلية جبل أولياء جنوب الخرطوم.
وحسب غرفة طوارئ جنوب الحزام استقبل مستشفى بشائر خلال يناير الجاري 5445 ألف حالة مرضية منها 583 حالة حرجة ناتجة من أعيرة نارية ومقذوفات، و 4849 حالة باردة في أقسام الباطنية والنساء والتوليد، و418 من هذه الحالات لأطفال.
وبلغت حالات الوفاة خلال هذا الشهر في مستشفى بشائر 13 حالة، وتقول غرفة طوارئ جنوب الحزام إنه في ظل توقف المستشفى عن العمل سيحرم آلاف المدنيين من الخدمات الطبية؛ بسبب انعدام الأمن في محيط وداخل المستشفى.
وانسحبت وزارة الصحة الاتحادية من متابعة أوضاع المستشفيات العاملة في مناطق الحرب خاصة الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع، وتقتصر إشرافها على التنسيق مع المنظمات الدولية التي تدعم المستشفيات، والتي تشمل الواقعة في مناطق الحرب بالعاصمة والولايات.
تكرار الانتهاكات
ويقول عضو في غرفة طوارئ جنوب الحزام جنوب الخرطوم لـ(عاين): إن “بعض العناصر غير الخاضعة للانضباط العسكري لدى قوات الدعم السريع ترتكب انتهاكات بحق المدنيين في المنطقة بما ذلك مستشفى بشائر، وهذه هي المرة الثانية خلال أشهر معدودة يتوقف خلالها المستشفى بسبب الوضع الأمني وتصرفات جنود الدعم السريع”.
وأردف: “لا يمكن التسامح مع إطلاق أعيرة نارية في محيط وداخل المستشفى من أفراد الدعم السريع؛ لأن المنطقة خاضعة لسيطرتها بالتالي تتحمل المسؤولية القانونية لحماية المدنيين بما في ذلك المرافق المدنية والصحية”.
وساعد مستشفى بشائر آلاف المواطنين على تلقي العلاج جراء الإصابة من الاشتباكات المسلحة في المنطقة الواقعة جنوب العاصمة الخرطوم كما يعمل المستشفى على توليد النساء في أوقات حرجة حسب ما يقول هذا العضو.
إعادة حياة الضحايا
عندما كانوا يجلسون في فناء المنزل سقطت مقذوفة صاروخية قربهم بالكاد تمكنوا من معرفة أحدهم جراء احتراق الوجه بالكامل، لكن البقية نقلوا إلى مستشفى بشائر من منطقة السلمة جنوب الخرطوم، والتي شهدت سقوط قذائف صاروخية الشهر الماضي. هذا ما حدث مع عائلة “مأمون” الذي وصل إلى مدينة القضارف شرق السودان قبل أسبوعين.
ويصف مأمون في مقابلة مع (عاين) الوضع بأنه كان مأساويا، لقد “أنقذنا الأطفال وبعض أفراد العائلة في مستشفى بشائر جنوب الخرطوم.. ضمد الأطباء الجروح الناتجة المقذوف الصاروخي”.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في منتصف أبريل 2023 خرجت نحو 120 مستشفى بالقطاع العمومي والخاص عن الخدمة لصعوبة الحصول على ممرات آمنة إلى جانب الاقتحامات العسكرية للمنشآت الصحية خاصة قوات الدعم السريع حسب تقارير نقابة الأطباء.
وتقول نور الموظفة السابقة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر لـ(عاين): إن “الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع في محيط المرافق المدنية والصحية وداخلها لا يمكن القضاء عليها في ظل عجز هؤلاء المقاتلين عن معرفة تصرفاتهم.
وتضيف “الخطاب العسكري ظل هو المسيطر على فضاء هؤلاء المقاتلين، ولا تقوم الدعم السريع بالفعل الكافي لمنع هذه الانتهاكات”.
وتضيف: “من الطبيعي أن تستمر الخدمات الصحية في أثناء الحرب حسب القوانين الدولية، لكن في السودان عندما يهاجم الدعم السريع، فإن أول شيء يتعرض للانهيار الكامل هو القطاع الصحي”.