السودان: حكم ذاتي لـ”جنوب كردفان والنيل الأزرق”.. تحديات ماثلة 

25 يونيو 2021

أثار القرار  الذي أصدره رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، الأحد الماضي والقاضي بمنح ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان حكما ذاتيا استنادا على اتفاقية “سلام جوبا” جدلاً في البلاد على الرغم من انه احد استحقاقات اتفاقية السلام.  

ونصت اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة الانتقالية والفصائل المسلحة بعاصمة جنوب السودان جوبا في الثالث من أكتوبر الماضي،  بمنح منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حكما ذاتيا، دون المساس بوحدة السودان شعبا وارضا أو السلطات الحصرية او المشتركة على أن تقسم موارد ومداخيل المنطقتين بنسبة 60% للسلطة الفيدرالية و40% المحلية.

وشمل قرار  رئيس مجلس السيادة أيضا، وبحسب اتفاق السلام، ولاية غرب كردفان، على أن يحدد مؤتمر نظام الحكم بالسودان حدودها مع ولاية جنوب كردفان.

تحديات

ويثار الجدل السياسي حول القرار لجهة أن الحكومة الانتقالية في البلاد مازالت تفاوض الحركة الشعبية لتحرير السودان- قيادة عبد العزيز الحلو- ذات النفوذ السياسي والعسكري في المنطقتين وتسيطر بالفعل على اراض بهما.

ويرى الباحث في السلام الاجتماعي بولاية النيل الأزرق، ادريس يعقوب جمعة، أن قضية منح الحكم الذاتي للمنطقتين من دون التوصل إلى صيغة سلام نهائية وشاملة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة عبدالعزيز  الحلو خطوة غير حكيمة من حكومة الفترة الانتقالية التي تعلم أن بعض فصائل الجبهة الثورية ليس لها أي وزن عسكري أو اجتماعي في المنطقتين.

السودان والعلمانية.. رحلة شاقة نحو الديمقراطية
مفاوضات متعثرة بين الحكومة والحركة الشعبية قيادة الحلو

 ويقول ادريس لـ(عاين)، “حتى الآن، ليس هناك آليات واضحة لتنفيذ الحكم الذاتي في منطقتي جبال النوبة بولاية جنوب كردفان ولا وولاية النيل الأزرق، وهذا نوع من التخبط السياسي”.

ويشدد ادريس، على أنه دون انجاز اتفاق سلام شامل مع الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة عبدالعزيز ادم الحلو، وكذلك مخاطبة القضايا الجوهرية التي تنادي بها الحركة، أبرزها قضية فصل الدين عن الدولة، وكيفية حكم السودان، وقضية  هوية الدولة السودانية في المستقبل، لا يتوقع نجاح فكرة الحكم الذاتي على الإطلاق.

بينما يقول الكاتب والباحث في شؤون السلام، عبدالله آدم خاطر لـ(عاين) إن اتفاقية سلام جوبا أعطت المنطقتين الحكم الذاتي في إطار الفيدرالية السودانية، ما يفرض على أبناء المناطق مسؤولية كبيرة  في إدارة الشأن المناطقي، في ذات الوقت أن التفاوض في المنطقتين لم يكتمل مع رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان عبدالعزيز ادم الحلو، وأنه جزء من الحوار الذي يقرر الحكم الذاتي والحقوق المحلية، وأوضح خاطر أن العقبات على طريق السلام وبناء الدولة هي شيء طبيعي في مسيرة البناء الوطني، في هذه المرحلة من تاريخ البلاد.

ويشير  خاطر، إلى أن بناء الدولة السودانية، ونقل السلطة من المركز الى الاقاليم، هي مسيرة عملية مستمرة، وأهم العقبات هي فكرة قبول اخذ السلطات من المركز، ثم نقلها إلى الولايات، وان نجاح الحكم الذاتي في المنطقتين، يتطلب بناء المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية فيها، بدلا من الاعتماد على الدعم المركزي من العاصمة الخرطوم.

سوء التغذية يفتك بأطفال مناطق سيطرة (الشعبية) والجوع يهدد السكان

ويطالب خاطر الحاكمين في المنطقتين بتأسيس سلطاتهم الاقتصادية. ويوضح أن أن التنمية الاقتصادية من أهم العوامل التي تقود إلى نجاح الحكم الذاتي في البلاد. مضيفا أن “الفرصة متاحة للقادة الجدد قبول التنوع والتعاون معا على بناء السودان من جديد”.

مقومات حكم معدومة:

 بينما يرى المحاضر الجامعي، دكتور فيصل عوض حسن، ان السودان لا يمتلك مقومات الحكم الذاتي، ويقول فيصل لـ(عاين) ان الحكم الذاتي في المنطقتين له شروط، أهمها توفير الأمن، وهذا غير موجود في المنطقتين، وهناك صراع بين حركتي الحلو ومالك عقار في المنطقتين، وايضا الحاجة إلى موارد مالية ضخمة لتسيير دولاب العمل، وكذلك السلم الاجتماعي بين جميع المكونات الاجتماعية. ويتابع ” كيف تنجح إدارة الحكم الذاتي في ظل الصراعات القبيلية المتفشية”.