الأمن السوداني يوسّع من عمليات قمع الاحتجاجات واعتقال العشرات

1 يوليو 2022

وسعت القوات الأمنية رقعة انتشارها اليوم الجمعة في العاصمة السودانية وعمدت على اعتقال عشرات المشاركين في المظاهرات عقب عمليات كر وفر وملاحقة قوى الأمن المتظاهرين بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.

وتظاهر المئات في محطة شروني اليوم الجمعة في احتجاجات بدأت مبكرا صباح اليوم عقب اعتصام استمر قرب مستشفى الجودة حيث قضى المتظاهرين ليلتهم هناك.

وانتشرت مركبات جهاز الأمن وشرطة الاحتياطي المركزي والشرطة الفيدرالية في منطقة الخرطوم 2 و3 وأطلقت قنابل الغاز واعتقلت عشرات المتظاهرين حسب ما ذكر المتظاهر مجذوب لـ(عاين).

وتأتي التظاهرات التي استمرت اليوم الجمعة في مناطق متفرقة بالعاصمة السودانية ردا على مقتل تسعة متظاهرين برصاص قوات الأمن في “مليونية 30 يونيو” أمس الخميس حسب لجنة الأطباء.

ظهور مركبات الأمن

وأوضح المتظاهر مجذوب، أن المحتجين الذين توجهوا إلى محطة شروني من اعتصام مستشفى الجودة حاصرتهم قوات الأمن في تقاطع رئيسي في حي الخرطوم 3 وهناك تعرض العشرات منهم للاعتقال.

وأضاف: “شاحنات عليها رجال يرتدون الزي المدني ومسلحون اعتقلوا العشرات في تقاطع بيو يوكون في حي الخرطوم 3 بعد أن حُوصروا من كل الاتجاهات”.

وجرت مطاردات بين المحتجين وقوات الأمن بالقرب من مستشفى الجودة مقر اعتصام المتظاهرين كما طالت الملاحقات الأمنية المحتجين قرب مقابر فاروق في حي العمارات كما طالت قنابل الغاز المركز العام للحزب الشيوعي وانتشر القوات الأمنية قرب مقر الشيوعي في ضاحية الخرطوم 2.

وتأتي احتجاجات اليوم ضمن “التصعيد الثوري” الذي تبنته تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم ردا على “مجزرة 30 يونيو” التي راح ضحيتها تسعة متظاهرين في أم درمان والخرطوم أمس الخميس.

وكانت الأجهزة الأمنية أوقفت مئات المتظاهرين أمس الخميس من تظاهرات العاصمة السودانية ونقل العشرات إلى سجن سوبا شرق الخرطوم ونقلت السيدات والفتيات إلى سجن النساء في ام درمان.

وقالت هيئة محامو الطوارئ في بيان صحفي اليوم الجمعة إنها تخشى من اتساع نطاق الانتهاكات في “مليونية 30 يونيو” وحذرت العسكريين من التمادي في هذه الإجراءات.

وزادت التعزيزات الأمنية منذ مساء أمس في محيط محطة شروني وتوسعت اليوم إلى الأحياء المجاورة بالتزامن مع إعلان اعتصام “مستشفى الجودة” جنوب العاصمة.

وطلبت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم من المتظاهرين بالتوجه إلى “اعتصام مستشفى الجودة” اليوم الجمعة بنفس مسارات “مليونية 30 يونيو” معلنة استمرار الاحتجاجات حتى إسقاط الانقلاب العسكري على حد قولها.

المعتقلين وتماطل الشرطة

وقالت عضو هيئة محامي الطوارئ ميسون موسى في تصريحات لـ(عاين)، إن محامي الهيئة ظلوا يتواجدون في “نيابة وقسم الخرطوم شمال” وسط العاصمة منذ مساء أمس وحتى اليوم الجمعة لانتظار قائمة المعتقلين ولا تزال الشرطة تقول إنها تتولى إجراءات المعروضات.

وأشارت موسى، إلى أن الشرطة نقلت عشرات الفتيات إلى سجن النساء في أم درمان الساعات الماضية كما نقلت المعتقلين إلى سجن سوبا بينما نتوقع الإفراج بالضمانة عن الأطفال القصر.

وحول عدد الأطفال قالت ميسون موسى: “عددهم كبير لا توجد إحصائية دقيقة لأن الإجراءات لم تكتمل”.

وأضافت : “تُقيد الشرطة بلاغات ضد المتظاهرين وهذه الإجراءات أدت إلى تأخير المصادقة على الضمانة للإفراج عنهم”.

في الأثناء وصل محتجين من الخرطوم بحري إلى مدينة أم درمان ضمن “التصعيد الثوري” عقب مقتل سبعة متظاهرين في هذه المدينة أمس الخميس برصاص قوات الأمن حينما حاول عشرات الآلاف عبور جسر على النيل الأبيض للوصول إلى القصر الرئاسي.

الداخلية: خالفوا أوامرنا

من جهتها أعلنت الشرطة السودانية أنها شرعت في التحقيق حول واقعة مقطع فيديو متداول على الشبكة الاجتماعية ونشرته بعض القنوات التلفزيونية وهي الواقعة التي تظهر جنودا من الشرطة يطلقون النار على متظاهر أعزل في شارع الستين شرق العاصمة أثناء عمليات كر وفر بين المحتجين ورجال الأمن في “مليونية 30 يونيو ” أمس الخميس وقالت الشرطة إنها منعت تسليح عناصرها ولن تتوانى مع الجهات التي سلحت عناصرها مهما كان على حد قولها.

وأضاف بيان صادر عن وزارة الداخلية السودانية اليوم الجمعة : “ما شاهدناه يؤكد هنالك مخالفة للتعليمات وتصرف يشكل جريمة ولا نقبله بتاتا من منسوبينا في كافة المستويات”.

وتابع البيان: “شرعنا في التحقيق  وتحديد المسئولية و لاتخاذ القرارات التي تحفظ الحقوق كاملة غير منقوصة تجاه من خالف تعليمات وقرارات الرئاسة ومن ارتكب  الفعل ومن سمح له بالتسليح والخروج”.

وأكدت الداخلية السودانية أنها تلتزم بتطبيق  نصوص القانون دون حصانة لمثل هذه الأفعال التي لا تشرفنا على حد تعبيرها.

وقالت الداخلية ” لا يشرفنا ولا ندافع عنه ويتحملها صاحبها شخصيا ولا نرضي أن يكون بيننا من لا يحترم التعليمات لإعطاء كل ذي حق حقه سواء كان لنا او علينا لا نتردد في ذلك ولا نخشى  في الحق لومة لائم”.

رصاص حي

من جهته اعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الانسان ميشيل باشليت عن قلقه لمقتل تسعة متظاهرين على الأقل على يد قوات الأمن في السودان أمس – بينهم طفل يبلغ من العمر 15 عامًا – وقال “الشرطة في وقت سابق اعلنت أنها لن تستخدم القوة المميتة لتفريق المتظاهرين”.

وقال بيان المفوض “تشير التقارير إلى أن قوات الأمن المشتركة أستخدمت الرصاص الحي و الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضد المتظاهرين الذين بلغ عددهم عدة آلاف في المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد”.

وتابع “وقعت عمليات القتل الأخيرة في قت تم  فيه قطع الإتصالات عبر الهاتف المحمول والإنترنت في جميع أنحاء البلاد، حيث بلغ عدد القتلى على أيدي قوات الأمن في سياق الإحتجاجات منذ الإنقلاب العام الماضي إلى الآن 113. حتى الأن ، لم تتم محاسبة أي شخص على هذة الوفيات.”

وقال البيان الذي اطلعت عليه (عاين)، “بحسب مصادر طبية، فإن معظم القتلى أصيبوا بالرصاص في الصدر أوالرأس أوالظهر. كما قامت قوات الأمن بإعتقال ما لا يقل عن 355 متظاهرا في أنحاء مختلفة من البلاد، من بينهم 39 إمرأة على الأقل وعدد كبير من القاصرين”.

وذكّر البيان السلطات السودانية بأنه لا ينبغي إستخدام القوة إلا عند الضرورة القصوى وبإمتثال كامل لمبادئ الشرعية والضرورة و الحيطة والتناسب. و لا يجوز بأي حال من الأحوال إستخدام القوة لثني أو ترهيب المتظاهرين عن ممارسة حقوقهم في حرية التعبير و التجمع السلمي، أو تهديدهم بالأذى بسبب القيام بذلك. إن القوة المميتة تستخدم كملاذ أخير وفقط في الحالات التي يوجد فيها خطر وشيك على الحياة أو الإصابة الخطيرة.

ودعا السلطات إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف وشامل ونزيه في إستجابة قوات الأمن للمعايير الدولية ذات الصلة – بما في ذلك بروتوكول مينيسوتا المتعلق بالتحقيق في حالات الوفاة المحتملة غير المشروعة ، ومحاسبة المسؤولين عنه. كما أن للضحايا و الناجين و عائلاتهم الحق في معرفة الحقيقة و العدالة و التعويضات.