السودان: قوة خاصة لمكافحة الإرهاب.. لماذا؟
19 يناير 2022
واجهت خطوة إعلان السلطات العسكرية الحاكمة في السودان إنشاء قوة خاصة لمكافحة الإرهاب انتقادات قانونية لجهة عدم دستوريتها وانها محاولة للحد من الاحتجاجات المتصاعدة في البلاد ضد الانقلاب العسكري.
والاثنين الماضي، أصدر مجلس السيادة الإنقلابي، أمراً قضى بتأسيس قوة خاصة لمكافحة الإرهاب لمجابهة ما أسماه البيان “بالتهديدات المحتملة”، وذلك في جلسة طارئة لمجلس الأمن والدفاع، الذي يترأسه القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان.
ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، يخرج آلاف المحتجين في تظاهرات سلمية تنديداً بالإنقلاب العسكري على حكومة الفترة الانتقالية، وقتل منذ تنفيذ قائد الجيش لانقلابه 72 متظاهرا وآخر قتيل في هذه الاحصائية التي أعلنت عنها لجنة اطباء السودان المركزية سقط مساء اليوم الأربعاء برصاصة في الصدر بمدينة أم درمان أثناء حراسته مع آخرين متاريس تحاول قوات الأمن فكها وإزالتها عن الطرقات في عدد من أحياء العاصمة.
تمرير إجراءات القمع
“يصف قانون مكافحة الإرهاب، أعمال الإرهاب بأوصاف قانونية محددة، الأمر الذي لا يشمل المواكب الجماهيرية السلمية التي درجت تنسيقيات لجان المقاومة على تنظيمها”. يقول عضو التحالف الديمقراطي للمحامين، نصر الدين يوسف.
ويشير يوسف، في مقابلة مع (عاين)، إلى أن وصف السلطات الإنقلابية للمواكب السلمية بالإرهاب، هدفه تمرير الإجراءات القمعية ضد المتظاهرين السلميين.
ولفت يوسف، إلى أن السلطة القائمة لا تهدف إلى حماية التظاهرات بل قمعها عن طريق إصدار قرارات فاقدة للشرعية والسند القانوني، بهدف تخويف الناس وترويعهم.
وأكد أن قانون الإجراءات الجنائية للعام 1991، يشير إلى أن المواكب إذا جانبت السلمية أو أصبحت مهدداً، فعلى الشرطة إتباع إجراءاتها بناءً على اللائحة التي تنظم عملها، والتي تشير إلى أن يرافق الموكب الجماهيري أحد وكلاء النيابة يرافق بهدف حمايته.
وأوضح، أن وكيل النيابة بدوره يعمل على تقدير الموقف قبل استخدام أي نوع من القوة، لافتاً إلى أنه ملزم بالتدرج في استخدام القوة، بموجب القانون إذا ما أُضطر لها، مع تجنب إلحاق الأزى بالمتظاهرين وتجنب الإصابة في الرأس والعنق والقلب.
وأشار يوسف، إلى أن أي إستخدام للقوة “غير المفرطة” يجب أن يبدأ بمخاطبة المحتجين عبر مكبر للصوت “ميكروفون” لأن التظاهر السلمي حق مشروع بنص القانون، لافتاً إلى أن القرارات غير الشرعية الصادرة من سلطات الإنقلاب يجب مجابهتها بالسلمية التي تتمثل في الطعن القانوني من أجل مناهضتها.
وأكد يوسف، على وجود اتجاه قوى لمقاومة القرارات غير القانونية التي أصدرتها السلطات الانقلابية بواسطة عدد من المؤسسات الحقوقية، بينها لجنة تسيير نقابة المحامين والتحالف الديمقراطي للمحامين السودانيين ولجنة محامو الطوارئ وهيئة محامي دارفور.
من جانبه، يقول المحامي والقانوني عبد الباسط الحاج في حديث لـ(عاين)، إنه “بالمرور على سياق البيان الصادر من مجلس الأمن و الدفاع الذي يترأسه البرهان، نجد أن نية البرهان تتجه نحو تجريم لجان المقاومة ومجموعات الضغط التي انخرطت في الحراك الشعبي بعد إنقلاب القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان”.
وأوضح الحاج، أن مجلس السيادة الإنقلابي، عقب فشله في إخماد الشارع، يحاول اللجوء للحلول الأمنية بدمغ الثوار بتهم الإرهاب، الأمر الذي تكذبه الإحتجاجات السلمية للثوار. ولفت إلى أن السودانيين ظلوا يقدمون في كل تظاهرة إحتجاجية عدد من الشهداء، في مدن العاصمة الثلاثاء منذ بدء التظاهرات.
وأشار الحاج، إلى أن القانون الجنائي السوداني لم يحدد صفة معينة للإرهابي، وترك النص مفتوحاً للتأويل، موضحاً أن نصوص القانون الجنائي للعام 1991 صممت لخدمة سياسات الجبهة الإسلامية لتشريع القمع الممنهج ضد الخصوم السياسيين.
وبين الحاج، أن نص المادة 65 المختص بمنظمات الإجرام والإرهاب، تتحدث عن “من ينشئ أو يدير منظمة تدبر لإرتكاب أي جريمة و من يشارك أو يعاون قصداً في تلك المنظمة”، لافتاً إلى أن هذا النص تركته الجبهة الإسلامية عند إجازتها لهذا القانون بهذا السياق ليدخل فيه أي جسم معادي لها حتى يتم تجريمه بالإرهاب.
وأشار الحاج إلى أن نص المادة 144 والتي وردت تحت عنوان (الإرهاب) جاء مختلفاً عن وصف الإرهاب في نص المادة 65.
ويعتبر الحاج أن مفهوم الإرهاب أو العمل الإرهابي غير مضبوط وفقاً للقانون الجنائي السوداني، مشيراً إلى وجود فرق بين مفهوم الإرهاب في المادة 65 والمادة 144، لافتاً إلى القانون يهدف إلى ترك مساحة غير مضبوطة بهدف إستغلال الإرباك ممكن الحدوث لأهداف سياسية.
المحامي عبد الباسط الحاج: “البرهان” يسعى إلي قمع الشارع بشكل مستمر ومفرط بذريعة محاربة الإرهاب وتجريم عمل لجان المقاومة السلمي تجاه السلطة الإنقلابية.
وأشار الحاج، إلى أن البرهان وأجهزته الإنقلابية، بدءوا هذه الخطوات عملياً عندما هاجمت أجهزته مقرات لجان المقاومة واعتقلت بعض أعضاءها، وألبست البعض منهم تهماً جزافية.
تخويف
من جانبه، يقول القانوني، المعز حضرة، في حديث لـ(عاين) إن مجلس السيادة الإنقلابي ليس له الحق في إنشاء أي قوة لمكافحة الإرهاب، لافتاً إلى أن أحقية تكوينها بموجب القانون يعتبر ضمن إختصاصات الشرطة، لأنها الجهة المعنية بالأمر، بواسطة وزير الداخلية، حالة اقتضت الضرورة تكوين أي قوة أمنية أو عسكرية، مشيراً إلى أن إنشاء هذه القوة يعد أمراً مخالفاً للدستور والقانون.
ولفت إلى أن الشرطة يتضمن تكوينها شرطة لمكافحة الإرهاب، وغير ذلك من الإختصاصات الشرطية الاخرى، مؤكداً على أن مجلس السيادة وعبر إعلانه إنشاء قوة خاصة لمكافحة الإرهاب، يهدف لتخويف المتظاهرين، الأمر الذي لن يحدث.
ورأى حضرة أن الإعلان عن إنشاء قوة أمنية إضافية، على الرغم من تعدد القوى الأمنية التي تمارس العنف المفرط ضد المحتجين السلميين، نوعاً من العجز البائن، ويقود إلى مزيد من الإحتقان السياسي الذي تشهده البلاد. مؤكداً على أن الإنقلابيين ليس بمقدورهم منع السودانيين من ممارسة حقوقهم المشروعة في التعبير السلمي ضد الانقلاب والمطالبة بالدولة المدنية.