“لم نعد إرهابيين”.. السودانيون في انتظار الإدارة الامريكية الجديدة
31 يناير 2012
لا يعني انتقال إدارة الولايات المتحدة للرئيس جو بايدين بعد هزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات الامريكية الاخيرة الكثير بالنسبة للمواطن السوداني “ياسر دفع الله 61 عاماً”، وما يهم “دفع الله” مع كثير من السودانيين هو ما رسخته له وسائل اعلام حكومة ما بعد الثورة السودانية بتحسن العلاقة مع واشنطون وبالتالي تلقي السودان دعمها الاقتصادي على وجه السرعة.
وبين الإدارة الامريكية الجديدة والقديمة في امريكا لا يرى دفع الله شيئا ملموسا يحسه في تلاشي صفوف الوقود والخبز والدواء وغيرها من الضروريات التي “كنا ننتظر فيها دعم الدول الصديقة، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية بعد رفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب.. لكن لا اعلم اذا ما كنا سننتظر كثيرا ام لا”.
“الحكومة الانتقالية في السودان تنظر إلى حكومة جو بايدن باعتبار أنها ادارة امريكية جديدة لا تمارس ضغوطا عليها، في القضايا المتعلقة بالعلاقات الثنائية، لذا تتوقع حدوث انفراج وتعاون بينهما وتقديم الدعم للسودان“ تماضر الطيب |
لم نر شيئاً
“لم نعد إرهابيين”. يقول دفع الله، لـ(عاين)، ويضيف، اعلنت حكومتنا الانتقالية عدد من الاتفاقيات مع الحكومة الامريكية تحت ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب بما فيها اجراءات التطبيع الجارية مع إسرائيل برعاية أمريكية، وسمعنا كذلك عن أموال طائلة تعتزم الولايات المتحدة الامريكية دفعها للسودان وكذلك هناك منحة قمح لمدة أربع سنوات.. كل هذا تم تحت ادارة ترامب، لكن ماذا عن الادارة الجديدة بقيادة جو بايدن، وكيف ستكون علاقات السودان مع واشنطون في هذا العهد الجديد. اسئلة الشارع السوداني على لسان دفع الله، طرحتها (عاين) على عدد من الخبراء والمختصين.
الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بعد وقت وجيز من تنصيبه الغى السياسات المتعلقة بالهجرة التي سنها سلفه دونالد ترامب بما في ذلك تلك التي ألقت بظلالها على المواطنين السودانيين. واعقبت هذه الخطوة تطورات مرتبطة بملف العلاقات مع إسرائيل الذي ترعاه واشنطون وزيارة مسؤول كبير لأول مرة السودان بجانب المباحثات العسكرية التي جرت هي الاخرى في الخرطوم بين مسؤولين عسكريين كبار في الجانبين السوداني والأمريكي.
استمرار هذه التطورات تراها عضوة مركز الدراسات الدبلوماسية بجامعة الخرطوم، تماضر الطيب، متسقة مع طبيعة العمل في الإدارة الامريكية سواء كان في عهد ديمقراطي أو جمهوري ولا تختلف عن السياسة المرسومة اصلا، مع فرق طفيف ما بين الادارة الديمقراطيين والجمهوريين يتمثل في ان الإدارات الديمقراطية تتسم سياستها الخارجية بالمرونة في كل القضايا الدولية مثل نظم الحكم في افريقيا، والسياسة الخارجية تجاه الشرق الأوسط، ولا توجد معضلة في محاولة تحسين العلاقات مع إيران وكوريا الشمالية والانظمة في افريقيا فيما يتعلق بمواضيع حقوق الإنسان.
وتضيف الطيب، انه حتى علاقات أمريكا مع الدول الكبرى في العالم، سياسة الديمقراطيين تتسم بالمرونة عكس الإدارات الجمهورية دائما تكون ادارتهم متعنتة في الفترات التي يحكمون فيها.
وتشير تماضر إلى أن الادارة الديمقراطية المقبلة ستخدم السياسات في افريقيا، وتتمتع بعلاقات طيبة مع دولها، وستنظر للعلاقات مع السودان بصورة معاكسة تماما للفترة التي كان يحكم فيها النظام السابق، وحتى بعد السقوط، تلاحظ أن ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب تعاملت بعنجهية، وكان السودان دائما يقدم تنازل، قدم السودان تنازلات دفع تعويضات السفارتين في نيروبي ودار السلام، كان مبلغا كبيرا جدا، وفي ظل ادارة اخرى لن يدفع السودان هذا المبلغ، ويمكن ان تحدث تسويات.
لكن ادارة ترامب اصرت ان يدفع السودان هذه المبالغ، وتعتقد ان الحكومة الديمقراطية المقبلة ستحسن علاقاتها مع الحكومة الانتقالية، وسيكون فيها شكل من التعاون الثنائي من غير أن تكون هناك ضغوط، على عكس التي مارستها ادارة ترامب لتزيل اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مقابل التطبيع مع اسرائيل.
الحكومة الانتقالية في السودان تنظر إلى حكومة جو بايدن باعتبار أنها ادارة امريكية جديدة لا تمارس ضغوطا عليها، في القضايا المتعلقة بالعلاقات الثنائية، لذا تتوقع حدوث انفراج وتعاون بينهما وتقديم الدعم للسودان- بحسب تماضر الطيب- وتوقعت عضوة مركز الدراسات الدبلوماسية بجامعة الخرطوم، ان تشهد البلاد المزيد من الاستثمارات الامريكية لجهة انتفاء العراقيل التي كانت موجودة في الفترة السابقة.وتنصح تماضر، با ستعداد السودان لاغتنام فرصة تحسين العلاقات بسبب ان السودان سيكون مدخل امريكا للقارة الافريقية
ملفات مهمة
فيما يتعلق بملف السودان، فان الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن، ستركز على الملفات المهمة، أهمها حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي في السودان- وفقا لما يقول المحاضر بجامعة بروكلين بالولايات المتحدة الأمريكية بكري الجاك، لـ(عاين)، ويضيف ” الادارة الامريكية السابقة بقيادة دونالد ترامب لم تهتم بهذه الملفات، بل كان اهتمامها متمركز حول التطبيع مع دولة اسرائيل. محاضر بجامعة أمريكية يستبعد أي دور لدول المحور، “الامارات والسعودية ومصر” في السودان بعد تولي جو بايدن مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويشير الجاك، إلى ان ملف اسرائيل كان هو الملف الأهم لترامب وضغط على الحكومة السودانية حتى ينجح التطبيع. هذا إلى جانب ادارة ترامب جعلت دور المحور في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر القيام بدور بالوكالة في السودان بعد سقوط النظام السابق، ويستبعد أن قيامهم بأي دور في السودان بعد تولي جو بايدن مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويلفت بكري، إلى بايدن يؤمن أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون نموذج للديمقراطية في العالم، ولن تقبل بأي محاولات انقلاب عسكري على السلطة في الفترة الانتقالية، وعدم السماح بتعطيل التحول الديمقراطي، والاستمرار في تمتين العلاقات مع اسرائيل، وستعمل أيضا على إيجاد حلول في المناطق المضطربة في اليمن وليبيا، وهذا ينعكس ايجابا على الواقع في السودان.
ويضيف، ان النصف الاول من هذا العام، ستركز ادارة بايدن على محاربة فيروس كورونا، وكيفية إيجاد حلول اقتصادية لملايين العاطلين عن العمل في أمريكا، فترة الستة أشهر ستكون الولايات المتحدة الأمريكية مشغولة بنفسها، وبعدها ستتجه إلى الملفات الخارجية التي تهم الولايات المتحدة الأمريكية التي تركتها الادارة السابقة للوكلاء في المنطقة، هذه الادارة الجديدة لن تسمح بذلك.
لا تأثير سلبي
لن يكن للادارة الامريكية الجديدة تأثير سلبي على حكومة الفترة الانتقالية في السودان، رغم أن ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب قدمت مساعدة في ازالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكنها كانت مساومة للتطبيع مع اسرائيل، وفقا لما يرى أستاذ القانون الدولي بمركز الدراسات الدبلوماسية، الرشيد أبو شامة.
ويقول الرشيد لـ(عاين)، ان الرئيس الجديد انتقد معاملات الرئيس ترامب باجبار السودان ان يدفع مبلغ 350 مليون دولار كتعويضات لضحايا تفجيرات السفارتين في دار السلام ونيروبي، تفجير البارجة كول على خليج عدن، كي يكسب الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة الانتخابات التي خسرها، يكرر ان بايدن انتقد المبلغ الذي يذهب كتعويضات لاولئك الضحايا.
“يستبعد المحاضر بجامعة بروكلين بالولايات المتحدة الأمريكية بكري الجاك أي دور لدول المحور، “الامارات والسعودية ومصر” في السودان بعد تولي جو بايدن مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية“. |
يشير إلى أن حكم بايدن يصب في مصلحة السودان، وكل الابواب ستكون مفتوحة للسودان، ويسهل دخول الاستثمارات الامريكية. بينما لا يرى المحاضر في الجامعة الأمريكية في القاهرة، حامد علي، تسارع الخطى الأمريكية نحو السودان في الوقت الراهن، ويقول ان السودان بالنسبة لبايدن ليس في الاولوية الامريكية بالنظر للمشاكل الداخلية الكثيرة التي تمر بها امريكا ومن بينها انتشار فيروس كورونا، وقضايا الفقر في أمريكا، والصراع من الصين، والعلاقات مع إيران.
ولاحقا، يتوقع حامد، ان يكون للادارة الامريكية الجديدة دور في بسط حكم المدنيين بالبلاد ومساندته في التحكم على فترة الحكم الانتقالية في السودان وتحجيم دور العسكريين.