مواطنون بمناطق الحركة الشعبية يرفضون الاغاثة عبر الخرطوم

مواطنون بمناطق الحركة الشعبية يرفضون الاغاثة عبر الخرطوم

تقرير عاين : 12ديسمبر 2018

بعيدا عن الجولات التفاوضية المستمرة بين أطراف النزاع في جنوب كردفان والنيل الازرق، يرفض مواطنون بمناطق سيطرة الحركة الشعبية بالمنطقتين استلام الاغاثة عبر الممرات الداخلية المسيطر عليها من قبل الحكومة السودانية. ويحذر مواطنون تحدثت اليهم عاين من عدم الثقة في اشراف الخرطوم علي تلك الممرات في ظل تدهور الأوضاع الانسانية في المنطقتين.

عدم ثقة  

ويرى مواطنين من مناطق الصراع تحدثوا لـ(عاين) ان الثقة  غير متوفرة في الحكومة السودانية لفتح ممرات آمنة لايصال الغذاء مُعزيين ذلك لعدة اسباب اولها تاريخ السلطات السودانية في التعامل مع الاغاثة التي وجدت في الأسواق ولم تذهب الى المحتاجين.

أما السبب الثاني فهو الضائقة الاقتصادية التي تضرب السودان والتي ادت بدورها الى انعدام السلع الاساسية وغلائها بصورة غير مسبوقة.

ويقول المواطن الفريد موسى من جبال النوبة  ل (عاين) ” الحكومة السودانية اذا استلمت اغاثة ممكن تبيعها في السوق ذي ماباعت قيادة اغاثة  متضرري السيول”. وتذهب في ذات الاتجاه المواطنة اميرة نور من النيل الأزرق قائلة لـ(عاين) ” الحكومة السودانية دايرة تدمرنا اصلاً عشان كدة لو جابت اغاثة ممكن تكون فيه مواد ضارة لانو البحاول يكتلك بالطيران ساهل يدس ليك اي شي في الاغاثة” موضحة عدم ثقتهم في أي اغاثة من مناطق سيطرة الحكومة السودانية خشية من الأضرار غير المعلومة.

موسم زراعي ناجح ولكن

مواطنون بمناطق الحركة الشعبية يرفضون الاغاثة عبر الخرطوم

رغم النجاح النسبي للموسم الزراعي في مناطق سيطرة الحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان  حيث بدأ المواطنين في حصاد محصول “الجباريك”، لكن الأوضاع الانسانية في المنطقة ما تزال متدهورة في جبال النوبة، بالاضافة لوجود ما وصفته الحركة الشعبية بالفجوة الغذائية في مناطقها بولاية النيل الأزرق.

وتبقى الممرات الانسانية لوصول الاغاثة  مغلقة من قبل الحكومة السودانية التي ظلت متمسكة بالمقترح الأمريكي لتوصيل الإغاثة إلى مناطق الحركة في الولايتين والقاضي بأن يتم عبر الممرات الداخلية تحت إشراف المعونة الامريكية والامم المتحدة، فيما ترى الحركة الشعبية ضرورة وجود نسبة 20% كمسارات من خارج السودان وتحديدا أثيوبيا وكينيا وجنوب السودان. وما تزال تلك الخلافات تراوح مكانها بشأن المقترح الأمريكي لايصال الاغاثة الى مناطق سيطرة الحركة الشعبية في الولايتين  في ظل تدهور في الأوضاع الغذائية والصحية للمواطنين.

يأتي ذلك في ظل تمسك  الحكومة السودانية بخارطة الطريق  التي تحفظت عليها الحركة الشعبية في آخر اجتماع لها مع الحكومة السودانية بجنوب أفريقيا.

ورغم انطلاق المفاوضات بين أطراف نداء السودان إلى جانب الحركة الشعبية-جناح الحلو في أديس أبابا مؤخرا الا ان انطلاق المفاوضات المباشرة بين الطرفين ما يزال غير معروف المصير والموعد في ظل استمرار تباعد مواقف أطراف التفاوض حتى الآن.

وكان  طرفي الحرب تبادلا  قرارت وقف إطلاق النار لفترة تقارب العامين ونصف.  كمبدأ لحسن النوايا ولكن الحكومة السودانية مازالت  متحركة في مناطق تعتبر هي الأكثر انتاجاً لذوات الاكتفاء الذاتي مثل مناطق الأزرق-   وأبو الحسن- كاو نارو- وريفي كادوقلي بجنوب كردفان، فضلاً عن بعد الطلعات العسكرية بالنيل الازرق مناطق سيطرة الحركة الشعبية. وكانت الحركة الشعبية قد قالت في عدة بيانات أنها رصدت تحركات للقوات الحكومية وأخرى اشارت فيها الى وقوع معارك الأمر الذي يتنافى مع اي اتجاه لحسن النوايا.

مواطنون بمناطق الحركة الشعبية يرفضون الاغاثة عبر الخرطوم
وتوقع امون في تصريح لـ (عاين) أن تتسع الفجوة الغذائية في مواقع سيطرة الحركة بولاية النيل الأزرق ، كاشفاً عن تحوطات الحركة الشعبية لذلك بإبلاغ المنظمات العاملة في حقوق الإنسان بخطورة الاوضاع في اقليم النيل الازرق.

فجوة حادة

ويحذر سكرتير  عام الحركة الشعبية عمار امون من تدهور الوضع الإنسانية بولاية النيل الأزرق، مشيرا إلى وجود فجوة غذائية في المنطقة  بسبب غزارة الامطار اثناء موسم الحصاد. وتوقع امون في تصريح لـ (عاين) أن تتسع الفجوة الغذائية في مواقع سيطرة الحركة بولاية النيل الأزرق ، كاشفاً عن تحوطات الحركة الشعبية لذلك  بإبلاغ المنظمات العاملة في حقوق الإنسان بخطورة الاوضاع في اقليم النيل الازرق.

واستدرك امون قائلاً ”  لكن هذه المنضدة ستصطدم بموقف الحكومة الرافض لفتح ممرات امنة.و حتى الآن لم تجد  مُناشدتنا أي استجابة من الجهات المعنية رقم تحسبنا لذلك بإطلاق مناشدة باكرة للمنظمات المانحة لمساعدة المتضررين خاصة في النيل الازرق”. موضحاً إن الوضع في جنوب كردفان افضل حالاً من النيل الأزرق بسبب نجاح أمطار العام 2018.

أمراض ووفيات

مواطنون بمناطق الحركة الشعبية يرفضون الاغاثة عبر الخرطوم

وفي ذات الاتجاه تمضي  اشراقة خميس مسئول الشئون الإنسانية بالحركة الشعبية بقيادة مالك عقار ، قائلة ” إن الوضع الإنساني بصورة عامة غير جيد في المنطقتين لأن قلة الأمطار في شهر يوليو و اغسطس اجبر الأسر لإعادة زراعة مزارعهم مع انعدام التقاوي الجيدة وقلة المساحات الزراعية”  وتضيف اشراقة الملاحظ الآن هو ارتفاع أسعار الذرة بصورة كبيرة جدا خاصة فى النيل الازرق رغم أننا ما نزال في موسم الحصاد …غالبية المزارعين لجأوا لزراعة السمسم. متوقعة ان يبدأ موسم الندرة و الشح قريبا لضعف الانتاجية ، مضيفة “هناك تحدي كبير جدا فى مسألة الأمن الغذائي فى الشهور القادمة “. “هناك ندرة فى الدواء و أغلب الأمراض الملاريا و نقص التغذية لدى الأطفال و الاسهالات و الحساسية.  اضافة الى عدم وجود الماء النقى ساهم في انتشار مرض البلهارسيا فى المنطقة الغربية للنيل الأزرق وتوفي ١١ طفل فى الفترة من يوليو- أكتوبر …العيادات ينقصها الكثير من الكادر الطبي المدرب التشخيص و المعامل، الدواء ..لا تقدم سوى الرعاية الاولية البسيطة جدا و لا يوجد رعاية الاطفال او الحوامل”.

تدهور

ووفقاً  لمجموعة المنظمات الدولية العاملة في المنطقتين  “جنوب كردفان والنيل الأزرق التابعة”  فان الاوضاع الانسانية لسنة 2018 افضل حالاً بسبب نجاح الموسم الزراعي وبدء جمع محصول “الجباريك “.. بينما هناك بعض المناطق تعاني من شح غذائي  امثال مناطق كاو نارو ورشاد. التي ظل انسانها يعتمد بشكل أساسي على ثمار المواد الغابية، وتطرقت الوحدة الى غياب الكادر الطبي الذي اصبح هاجساً كبيرا في المنطقتين. في مساحة تقدر بـ 4000 كيلو توجد فقط 51 مستشفي وعيادة  فضلاً عن غياب وسائل الترحيل وتدهور الوضع في مناطق النيل الأزرق حيث يضطر المواطنين لقطع مسافات طويلة للوصول الى المستشفيات في االمابان.

مواطنون بمناطق الحركة الشعبية يرفضون الاغاثة عبر الخرطوم

ضغوط و رفض

يتهم الامين العام للحركة  الشعبية عمار امون الحكومة السودانية بعرقلة  عملية السلام، منددا بموقف الحكومة السودانية الراغب في القفز الى مفاوضات امنية قبل الوصول الى تفاهم حول الملف الإنساني.

وكانت 12 جولة مفاوضات منذ العام 2011 الى العام  2017 فشلت في إحداث اختراق سياسي في ملف السلام في المنطقتين بسبب  إصرار الحكومة السودانية على ربط ملف الترتيبات الامنية بقضية المسارات الانسانية، وهو الامر الذي ترفضه الحركة الشعبية بشدة.  

وازداد الأمر تعقيدا عقب طرح المقترح الأمريكي  لايصال الاغاثة ، الذي تلقفته الحكومة السودانية وما تزال تتمسك  بضرورة ادخال الاغاثة عبر نقاط داخلية رافضين في ذلك معبر اصوصا في اثيوبيا وغيرها من المعابر الاقليمية التي طرحها وفد الحركة الشعبية منذ العام 2016.   

يقول أمون  معلقا على ذلك ” الحكومة ليست لها الصلاحية للحديث حول  مناطق سيطرتنا وزاد فيما يختص بالمعونة الامريكية موقف الحكومة مرفوض موضحاً أنهم تناقشو مع الامريكان حول المقترح باستفاضة ولم يتوصلوا لاتفاق حول المسارات”  من جهتها طالبت الحكومة السودانية بالضغط على المتمردين لايصال الاغاثة وفق المقترح الأمريكي.

من جانب آخر يؤكد نائب رئيس المؤتمر الوطني د. فيصل حسن  موافقة الحكومة السودانية على المبادرة التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية لادخال الاغاثة  ولكن سكرتير عام الحركة الشعبية  عمار امون وصف لـ( عاين) “المبادرة الأمريكية بالمصممة حول تجاوز المسارات”  معلنا ان الحركة الشعبية لن تستسلم لأي ضغوط مهما بلغت ، مضيفا “لا يمكن بناء حسن نوايا أو قفزة فوق ادخال المساعدات   الانسانية التي تمسكت بها الحكومة السودانية كوسيلة ضغط على المواطن”.