كساد محصولات أحد أكبر الولايات الزراعية في السودان

عاين- 13 مايو 2025   

يتخوف مزارعون في ولاية القضارف شرقي السودان، من تكدس المحاصيل الزراعية سيما وأن حركة البيع والشراء ضعيفة مقارنة بوفرة الإنتاج هذا العام، فيما يواجهون صعوبة في ترحيل محاصيلهم إلى مدن السودان الأخرى بسبب ظروف الحرب.

ويقول المزارع في ولاية القضارف الدسيس عبدالله حسن: أن “الإنتاج مبشر جداً، ولم ينته الموسم بعد، والذرة متوفرة ولا يزال هناك وارد، ولكن المشتريات ضعيفة.. كنا نُصدر الذرة إلى إقليم دارفور لكن لم نستطع هذا العام بسبب الحرب.. لدينا حصاد كثيرا، ولا يوجد مشتريين”.

وتعتبر مدينة القضارف مركزاً استراتيجياً مهماً لتأمين الغذاء في السودان، وتشكل الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي للسكان، وتعتمد على الري المطري، إلى جانب الخدمات المرتبطة بالزراعة والتجارة بما فيها تجارة الحدود مع إثيوبيا وإريتريا.

الوضع المعقد الذي تشهده البلاد ربما يساهم في تخلي المزارعين عن الزراعة، والسبب أن الدولة لم توفر صادراً لمحاصيل الذرة والسمسم والتسالي

مزارع

ويؤكد حسن في مقابلة مع (عاين)، أن الوضع المعقد الذي تشهده البلاد ربما يساهم في تخلي المزارعين عن الزراعة، والسبب أن الدولة لم توفر صادراً لمحاصيل الذرة والسمسم والتسالي، ويجابه المزراعون صعوبات يومية تبدأ من أجور العاملين وتوفير الوقود، ولا يتوقع المزارعون دعماً حكومياُ من الجهات المختصة بالزراعة والتي تهمل مشاكلهم.

ويتسبب عدم ترحيل المحاصيل سيما الذرة إلى مدن السودان الأخرى في شح الغذاء لاعتماد السكان على الذرة كغذاء رئيسي.

وتوقعت لجنة  دولية ديسمبر الماضي أنه بحلول منتصف العام 2025 أن يصل نحو 24.6 مليون شخص في السودان إلى مرحلة انعدام الغذاء نتيجة شح الخيارات بشأن الحصول على المساعدات الإنسانية وتوقف شبكات الأمان الغذائي؛ بسبب الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وتقول اللجنة الاستشارية المعنية التابعة لنظام تصنيف الأمن الغذائي المتكامل (IPC) إن المجاعة في السودان امتدت إلى خمس مناطق جديدة متوقعةً اتساعها إلى خمس مناطق أخرى بحلول مايو 2025 لتضع اللجنة الدولية عددا من المحاذير وسط عدم اعتراف حكومي بالتقرير .

وزارة الزراعة السودانية ممثلة في وزيرها أبوبكر البشرى  تؤكد  أن السودان أنتج خلال هذا الموسم الذي وصل لخواتيمه نحو (6,6) مليون طن من الحبوب الغذائية، بحسب تقرير CFSAM الدولي ـ تقييم منظمة الأغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة، منها نحو (5,4) مليون طن ذرة، وأوضح الوزير أن حاجة البلاد من الذرة تقدر بـ(4) ملايين طن، وقال في تصريحات صحفية نهاية أبريل الماضي: “نحن في حالة اكتفاء ذاتي من الحبوب وإنتاجنا من الذرة يفوق حاجتنا”.

لا يختلف الوضع بالنسبة لتجار المحاصيل في مدينة القضارف الذين اعتادوا تغذية أسواق المدن الأخرى بالمحاصيل، ويصف التاجر، متوكل عثمان الهادي، إن الموسم الزراعي بالجيد، لكنه أقل من الموسم السابق. ويقول: إن “البنوك لم تمول المزارعين خاصة البنك الزراعي الذي منحهم مرابحات فقط، وليس بالسلم وكذلك البنوك الأخرى مولت بنسبة ضعيفة، وواجهه المزراعون صعوبات كثيرة رغم ذلك زرعت الذرة بأنواعها، السمسم، والتسالي، وأسعار الذرة غير مجزية وأقل من العام الماضي حدث العكس، إذ بلغ سعر الجوال (100) الف جنيه سوداني السنة الماضية، وفي هذا العام تقدر الأسعار ما بين (75 – 85) الف جنيه لا تغطي التكلفة بالنسبة للمزارعين وتمويلهم للموسم من التحضير إلى الحصاد”.

“وردت كميات مهولة من المحاصيل إلى سوق المحاصيل بمدينة القضارف، ما يقارب (4) مليون جوال منذ بداية الموسم من شهر نوفمبر وحتى نهاية أبريل، ولا زالت ترد إلى إدارة أسواق المحاصيل كميات جيدة”. يقول مدير أسواق المحاصيل بالقضارف، مصطفى أحمد حسين لـ(عاين).

رغم تناقص الأسعار بسبب تكدس المحاصيل، ننتظر أن يتدخل البنك الزراعي ويشتري من المزارعين بأسعار مناسبة لرفع الضرر عن المنتجين

مدير سوق المحاصيل بالقضارف

 ويشير مصطفى، إلى تخزين كمية كبيرة في السواق، وبدأ الآن ترحيلها إلى المخازن والصوامع بعد بداية هطول الأمطار، ولا بد أن تجد مخازن جيدة وصالحة لحفظها بجانب التسويق، ويعتبر الركود الذى تشهده الأسواق وعدم الترحيل للظروف الأمنية التي تعيشها مناطق كردفان ودارفور التي تأخذ الكمية الأكبر من المحاصيل.

ويقول حسين: إن “كميات المحاصيل التي وردت للسوق كافية لترُحل إلى المناطق الغربية والشرقية، ويرى بعد استقرار الخرطوم يمكن ترحيل المحاصيل إذا بدأت مزارع الأبقار والدواجن بالعمل”. وأضاف: “في الوقت الحالي هناك ترحيل لولاية الجزيرة، ونتوقع بحلول يونيو أن ينساب الترحيل لمناطق مختلفة، ورغم تناقص الأسعار بسبب تكدس المحاصيل، ننتظر أن يتدخل البنك الزراعي كما تدخل في حصاد محصولي التسالي، ويشتري من المزارعين بأسعار مناسبة خارج نطاق السلم لرفع الضرر عن المنتجين”.

خلال عامي الحرب، والقضارف باعتبارهما من أكبر الولايات الزراعية المنتجة للمحاصيل في السودان تأثرت بشكل مباشر، ويوجد تكدس كبير للمحاصيل في سوق القضارف؛ بسبب تراجع القوة الشرائية للصادر بنسبة عالية. وفقا  للخبير في شؤون الزرعة السمؤال البدوي الذي يشير إلى أكثر الصادرات في العام الماضي كانت من محصولي حب البطيخ والبصل، وهذه السنة خرجت كثير من شركات الصادر من السوق ما يؤثر على المنتجين، وعلى الزراعة في المواسم المقبلة إذا لم يتمكن التجار من توزيع المحاصيل المتكدسة هذا الموسم لن يستطيع المزارعون استغلال مساحات كبيرة.

ويشير البدوي في مقابلة مع (عاين) إلى أن ولاية القضارف قبل الحرب كانت تصدر أكثر (50) شحنة يومياً لمدن السودان الأخرى، ويعتقد أن الأوضاع الأمنية التي يشهدها السودان لديها دور كبير جداً في تضرر الاقتصاد وخاصة الزراعة، وبعد توقف عمليات الترحيل جراء الحرب والصراعات التي يشهدها السودان، تأزم الوضع في الوقت الحالي بالولايات الأخرى التي ليس لديها إنتاج بجانب انخفاض أسعار المحاصيل وضعف القوة الشرائية.

معظم المزارعين في ولاية القضارف أصبحوا لا يعتمدون على البنوك في التمويل؛ لأن القطاع المصرفي نفسه ليس لديه إمكانية تمويل المزارعين والقيام بدوره كما في السابق- بحسب البدوي- الذي يشدد على ضرورة انتباه الحكومة وتوفير تمويل سريع في الولايات الآمنة لجهة أن انتظام الزراعة يوفر فرص عمالة لسكان المدن والنازحين.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *