السودان:”تعثر الاتفاق الإطاري”.. الحرية والتغيير تلوّح بخيارات بديلة
4 أبريل 2023
رغم تراجع الآمال بتوقيع الاتفاق النهائي في السادس من أبريل الجاري بين “قوى الاتفاق الإطاري” إلا أن تحركات المجتمع الدولي تكشف عن مناورة اللحظات الأخيرة لحمل الجنرالات إلى طاولة التوقيع.
“العملية السياسية في السودان والتي بموجبها ستشكل حكومة مدنية وفق اتفاق دستوري بين الجيش وقوى مدنية تواجه شبه الانهيار”. هذه المؤشرات حملها البيان الصادر عن القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري عقب اجتماعها اليوم الاثنين بدار حزب الأمة بمدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية.
وذكر بيان القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، أنها تعتزم وضع الخطة “ب” للتعامل مع العسكريين والمشهد السياسي حال تعثر الاتفاق النهائي الذي يواجه معارضة شرسة من “الفلول” حسب البيان الصادر عن الاجتماع الموسع الذي عقد بدار حزب الأمة.
واضاف البيان والذي اطلعت عليه (عاين): “العملية السياسية تظل خياراً مفضلاً لنا ولكن إذا تعثرت بالعراقيل المختلفة التي يضعها الفلول امامها فإننا بالمقابل سنطور خيارات بديلة ولكل حادثة حديث”.
تأتي تطورات الوضع داخل قوى الإطاري بسبب انسداد الأبواب بين الجيش والدعم السريع عبر اللجنة العسكرية المشتركة التي تعمل على صياغة بنود ستدرج في الاتفاق الدستوري لدمج الدعم السريع التي أسسها الرئيس المخلوع منذ العام 2006 لقتال الحركات المسلحة المعارضة .
اختراق مرتقب
بالمقابل قال المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف في تصريحات صحفية اليوم الاثنين، إن اللجنة المكلفة بصياغة الاتفاق النهائي اجتمعت اليوم في القصر الجمهوري وأدرجت ملاحظات القوى المدنية والعسكرية حول الاتفاق النهائي ضمن البنود التي ستوقع عليها “قوى الإطاري” و”الجيش” و”الدعم السريع” في السادس من أبريل حسب التوقيت المعلن مبدئيا بين جميع الأطراف.
ورهن متحدث العملية السياسية توقيع الاتفاق النهائي بتسريع وتيرة العمل بين اللجنة العسكرية المشتركة بين الجيش والدعم السريع دون أن يدلي بتفاصيل عن سير العملية بين الجانبين وسط تقارير صحفية تحدثت اليوم عن حل 70% من النقاط الخلافية بين الجيش والدعم السريع.
ولا تزال الخلافات بين الجيش والدعم السريع محصورة حول توقيت الدمج فبينما يتمسك البرهان قائد الجيش عبر لجنته العسكرية بعامين كأقصى حد لدمج الدعم السريع في الجيش الوطني يتمسك الجنرال محمد حمدان دقلو بعشرة أعوام لدمج آخر جندي من قواته في الجيش.
تدخل دولي
ويرجح المحلل السياسي مصعب عبد الله في حديث لـ(عاين)، أن تسود رؤية المجتمع الدولي الذي يتمسك بخمسة سنوات لدمج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني قائلا إن : “رئيس بعثة اليونيتامس فولكر بيرتس طرح خمسة إلى ستة سنوات وهو لم يعبر عن هذا المقترح دون جدوى”.
ويوضح مصعب عبد الله، أن الطرفين – الجيش والدعم السريع- سيوافقان على مقترح المجتمع الدولي لضمان التمويل المالي للدمج والترتيبات الأمنية.
ويحمل هذا المحلل السياسي القوى المدنية في الاتفاق الإطاري مسؤولية تطاول وتوسع خلافات المكون العسكريين في الورشة الأمنية والعسكرية لأنها لم تتحسب لها منذ وقت مبكر ولم تعمل على تفاديها عبر تقريب وجهات النظر.
ويرى عبد الله، أن الجيش صنّف القوى الموقعة على الإطاري على أنها موالية لأطروحات الدعم السريع وهذا خلق التوتر داخل العملية السياسية.
وأردف: “الخلافات بين الجيش والدعم السريع ستحل عبر تدخل مباشر من المجتمع الدولي ممثلا في الرباعية الدولية والآلية الثلاثية وسينال العسكريين نقاط على حساب التحول المدني والانتقال نفسه”.
في خضم الخلافات التي في طريقها إلى التهدئة بين الجيش والدعم السريع أعلنت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم في تصريح صحفي اليوم الاثنين الاستعداد لمليونية السادس من أبريل عبر مواكب دعائية اليوم وغدا، وطالبت بالعمل على توسيع نطاق الاحتجاجات ضد الانقلاب العسكري.
تأتي هذه التطورات داخل التنسيقيات في ظل رغبة من القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري بالعودة إلى الاحتجاجات حسب الاجتماع الذي عقد اليوم بدار حزب الأمة للضغط على العسكريين.
بينما أكدت لجنة أمن ولاية الخرطوم في تعميم صحفي اليوم الاثنين أن المؤسسات الحكومية والوضع سيكون اعتياديا غدا الأربعاء قبل ساعات من ذكرى السادس من أبريل.
عودة الإسلاميين
جاءت تصريحات لجنة الأمن ولاية الخرطوم في ظل انتشار أمني في العاصمة السودانية وقالت الشرطة إنها نشرت ثلاثة آلاف جندي لمكافحة الجرائم والنهب والمخدرات.
وتزايدت خلال الأسابيع الماضية وتيرة الخطابات التي تحدث خلالها إسلاميون أبرزهم أنس عمر المسؤول الأمني في النظام البائد وإبراهيم محمود حامد وزير الداخلية في عهد المخلوع وتوعدوا بإفشال أي اتفاق بين الجيش والمدنيين.
ويرى الباحث في مجال الديمقراطية والسلام مجاهد أحمد في حديث لـ(عاين)، أن “جميع المؤشرات تؤكد عودة الحركة الاسلامية لممارسة الفعل السياسي”. وأشار إلى توزيع مساعدات إنسانية في ولاية الجزيرة خلال شهر رمضان بقيمة 400 مليون جنيه هو فعل سياسي دشنت به الحركة الاسلامية عودتها إلى المجتمع وتهيئة الرأي العام لتطورات قادمة.
وقال أحمد: إن “تصريحات قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول جميعها ركزت على الوعيد والتهديد تحت أنظار الجيش والسلطات الأمنية ما يعني أن هناك ثمة تنسيق بين “بعض الجنرالات” والاسلاميين للعودة إلى الواجهة و إفشال الاتفاق السياسي المرتقب.
لكن المحلل السياسي مصعب عبد الله يقلل من هذه التهديدات ويتوقع اتفاق قوى الإطاري والعسكريين في السادس من أبريل. وقال: إن “اي انقلاب في هذا الوقت يعد مغامرة لا يمكن أن يقدم عليها أي طرف سياسي أو عسكري لأن المجتمع الدولي يركز على نجاح العملية السياسية”.