السودان: قائد الانقلاب يحذر الإسلاميين من المساس بالجيش..لماذا؟
6 نوفمبر 2022
لأول مرة منذ تنفيذه الانقلاب العسكري والاطاحة بالمدنيين من الحكومة الانتقالية بدأ قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، أكثر وضوحا في خطابه المعادي للحركة الإسلامية في السودان وحزب المؤتمر الوطني المحلول على الرغم من تمهيده عودتهم إلى مفاصل الدولة بعد الانقلاب.
وأطلق البرهان اليوم الاحد، تهديدات للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني قائلا إن “القوات المسلحة لن تكون بوابة للعودة إلى السلطة”.
وحذر قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في خطاب أمام الضباط والجنود في قاعدة بحري العسكرية شمال العاصمة السودانية اليوم الأحد الإسلاميين وحزب المؤتمر الوطني “المحلول” من المساس بالقوات المسلحة وتوعد بالقتال حتى الرمق الأخير مضيفا أن “الجيش لن يسمح بالعودة إلى السلطة من خلاله” وذلك بالتزامن مع محادثات غير رسمية بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي”.
وقال قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان إن الجيش لديه تفاهمات سياسية لكنه لن يوافق أو يوقع على وثيقة دستورية قد تقود إلى تفكيك القوات المسلحة.
تفاهمات
ووجه البرهان من القاعدة العسكرية بالخرطوم بحري تحذيرات للإسلاميين قائلًا : “كلام خاص للمؤتمر الوطني والحركة الاسلامية أبعدوا من القوات المسلحة” مضيفا أن التفاهمات السياسية الجارية تسع الجميع عدا حزب المؤتمر الوطني.
وأضاف البرهان قائلا وهو يقف على منصة على وقع هتافات الجنود شمال العاصمة السودانية : “إذا كان لديك الانتماء السياسي وأنت في صفوف الجيش عليك أن تغادر القوات المسلحة وتقاتل لتحقيق من أجل الانتماء السياسي لكننا سنبقى هنا ونقاتل من أجل الجيش”.
وأقر قائد الجيش السوداني بوجود “تفاهمات سياسية” مع بعض الشباب الحريصين على مصلحة الوطن على حد تعبيره وقال إن مشاعرهم مثل مشاعرنا في حب السودان لذلك لن نتردد في وضع أيدينا في يد اي شخص يحب السودان.
وتأتي تصريحات البرهان عقب تهديدات أطلقها اسلاميين بالاطاحة بالقادة العسكريين عن السلطة إذا أبرموا اتفاقا مع قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” إلى جانب حشود شهدتها شوارع رئيسية في العاصمة تهدد بطرد بعثة الأمم المتحدة “يونتيامس” المتهمة بالتدخل في الشأن السوداني حسب إدعاءات هذه الجماعات المقربة من الحركة الاسلامية.
وقال البرهان في خطاب القاعدة العسكرية بحري اليوم سنقاتل حتى الرمق الأخير من أجل الجيش والوطن ولن نسمح للحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني بالعودة إلى السلطة عبر القوات المسلحة مخاطبا حزب المؤتمر الوطني المحلول “كفى ثلاثين عاما من السلطة يجب أن تمنحوا الفرصة للسودانيين”.
تحذيرات غربية
بينما كشف مصدر من الحرية والتغيير لـ(عاين)، أن بعض السفارات الغربية في الخرطوم أبدت انزعاجا من إطلاق عناصر النظام البائد وأرسلت رسالة ضمنية للجيش للكف عن المناورة عبر هذه التظاهرات”.
وأضاف المصدر: “بعض السفارات توقعت تنفيذ عناصر موالية للحركة الاسلامية انقلاب جديد والاطاحة بالجنرالات وهذه المعلومات قد تكون حقيقية”.
وبدأت قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” محادثات غير رسمية منذ يونيو الماضي لكن الصلاحيات فيما يتعلق برأس الدولة إلى جانب الإصلاحات المطلوبة في الجيش لا تزال تحول دون التوصل إلى اتفاق كما أن الجيش عرض عفوا عن العسكريين إذا ما أقدم على إبرام الاتفاق مع المدنيين.
كما أبدى الجيش تحفظًا على إلغاء قرارات أصدرها بعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021 ويشترط مراجعتها فقط.
ويقول المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير -المجلس المركزي- شهاب الطيب، لـ(عاين)، إن خطاب قائد الجيش موجه إلى الحركة الاسلامية بشكل خاص قبل أن يوجه للمؤتمر الوطني. مشيرا إلى أن الاسلاميين يشكلون مصدر تهديد للتحول الديمقراطي لذلك يرغبون في العودة إلى السلطة عبر الانقلاب العسكري.
وأوضح الطيب، أن تصريحات البرهان عن عدم المساس بالجيش مفهوم سياسيا وتكتيكيا باعتبار أن الأمر في طور التفاهمات السياسية ولم تنتقل إلى المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير.
وقال شهاب الطيب إن الفترة الانتقالية لن تنجح في الانتقال إلى التحول الديمقراطي إذا لم تحسم أي حكومة قادمة الاسلاميين موضحا أن الحركة الاسلامية لا تزال تعتقد أنها قادرة على العودة إلى السلطة “بأي ثمن” حتى ولو كان عبر الانقلاب العسكري.
ضغوط المجتمع الدولي
وكان البرهان في خطاب قاعدة بحري العسكرية اليوم إن الجيش لن يسمح بتفكيكه عبر الوثيقة الدستورية ولن يتبعها وحذر الأحزاب من المساس بالجيش أو المساس بالجنود والضباط حتى لو جرى تشكيل حكومة جديدة في تصريحات قد تشكل تهديدات بعدم تطبيق العدالة إذا ما اتفق الجيش مع المدنيين خاصة وأن القوى المدنية تشترط العدالة في الانتهاكات التي وقعت قبل وبعد الانقلاب العسكري.
من ناحيته أشار المحلل السياسي مصعب عبد الله في حديث لـ(عاين)، إلى أن خطاب البرهان موجه للإسلاميين داخل الجيش لإبطال تكهنات ومخاوف جدية من وقوع انقلاب عسكري خاصة وأن الاسلاميين جمعوا الحشود وهددوا بالانقلاب على البرهان إذا اتفق مع “الحرية والتغيير” وأعادهم إلى السلطة.
ويرى عبد الله أن البرهان تعرض لضغوط عربية مكثفة للاتفاق مع “الحرية والتغيير” في ذات الوقت تعرض لضغوط من الإسلاميين لعدم الاتفاق وحينما حانت لحظة تنفيذ وعوده التي بذلها للغربيين أوصد الباب أمام الاسلاميين عبر خطاب القاعدة العسكرية بالخرطوم بحري الذي حمل رسائل إلى الاسلاميين وإلى أطراف أخرى أيضا في ذات الوقت.
وتابع: ” لا نستبعد أن البرهان يستخدم مخاوف الإسلاميين والانقلاب للضغط على الحرية والتغيير وتمرير الاتفاق حتى لو كان ضعيفا وغير منصفا للمدنيين”.