قتال أهلي بجنوب كردفان ” نزاع الأرض والموارد” ..

27 يونيو 2021م

تتقاتل مكونات اهلية بالأسلحة الثقيلة في مدينة كالوقي بولاية جنوب كردفان حول الموارد سيما الذهب، ونزحت المئات من العائلات  بعد تصاعد وتيرة القتال الأهلي الذي أسفر عن مقتل (8) أشخاص بحسب إحصاءات رسمية ، ولكن إحصاءات اهلية تقول ان عدد القتلى وصل الى (132) قتيل من الجانبين على الأقل وعدد غير محصور من الجرحى بحسب مراقبين ، ويتوقع أن تشهد المنطقة مزيدا من النزاعات المسلحة بين المكونات الأهلية في حال لم يتم احتواء النزاع بعقد صلح أهلي وتعزيز الأمن ، ويناهض سكان المنطقة الأحداث الماثلة بوسائل سلمية للتعبير عن مطالبهم وحقهم في الحياة . 

ويتنازع مكوني “الحوازمة دار علي – والكنانة” الأهليين منذ وقت على أرض بمحلية قدير يدعي كل طرف ملكيتها،  ودارت في وقت سابق مواجهات بين الطرفين حول الأرض المكتنزة بمخلفات تعدين الذهب ، وبدأ التفلت الأمني في طرق المناجم التى تربط بين المدينة ومناجم (باجون ، القردود ) في العام 2018م وشهدت المنطقة اعمال نهب وسرقة وقتل وترويع العمال و الصاغه وأخذ أموالهم وسط صمت السلطات ما أدى الى هجر المناجم بحسب مصدر (عاين).

قتال أهلي بجنوب كردفان " نزاع الأرض والموارد" ..

ويقول والي جنوب كردفان، د. حامد البشير ، ان الدولة قامت بـ(11) مبادرة لإحتواء النزاع في محلية قدير بينهم مبادرتين من الحكومة المركزية وواحدة شعبية و(8) مبادرات قامت بها حكومة جنوب كردفان كلها باءت بالفشل بسبب تعنت المكونات المتنازعة (كنانة – والحوازمة دار علي ) ووصل الأمر إلى حد الاصطدام بالأسلحة الثقيلة وبصورة مكثفة  في الأسبوع الأخير من شهر يونيو الماضي  انتهى الصراع بإبعاد “دار علي ” من منطقة كالوقي وتم تدمير الحي الذي يعيشون فيه بشكل تام ،  والسبب الظاهر في النزاع بين المكونات أنه نزاع حول الأرض ولكن ليس دقيقاً حيث بدأ بعد ظهور مورد الذهب .

وكانت حكومة ولاية جنوب كردفان أعلنت في السابع عشر من يونيو الماضي حالة الطوارئ وحظر التجوال ليلاً بمحلية قدير على خلفية تجدد الاشتباكات القبلية في المنطقة، ويتنازع  المكونين الاهليين على أرض يعتبرها مكون الحوازمة ملكاً له ويمنع مكون الكنانة من استغلالها وسط اتهامات لأنصار النظام البائد بتأجيج الصراعات بطرق مختلفة أبرزها الأرض والتعدين ومخلفات الذهب في منطقة الشبكة والحميض بمحلية قدير جنوب كردفان  بين ” الحوازمة دار علي ومكون كنانة” .

وأضاف والي جنوب كردفان في مقابلة مع (عاين) ” قبل حدوث الصراع أرسلنا كتيبتين من الجيش قوامها (90) جندي وأرسل المركز كتيبة من قوات الإحتياطي المركزي الوضع مستقر هذه الفترة والحياة هادئه ولكن هدوء مشوب بالحذر إذ لم يحدث صلح حتى الآن ، وبدأت عمليات اغاثة النازحين وهم عدد كبير ولكن لا توجد إحصاءات دقيقة للقتلى والجرحى ويعود ذلك لعدم ثقافة البلاغات بسبب العادات الأهلية ” .

وقال  بشير إن الوضع معقد جداً وانخرطت حكومته في عمليات اغاثة وقامت بنقل موظفي الإغاثة الى منطقة أبو جبيهة  لمساعدة النازحين وتم تغطية (60%) ويعملون على اغاثة البقية خلال الثلاثة ايام المقبلة بعد إعلان حالة الطوارئ في (6) محليات لمنع (الفزع) وهو نوع من المناصرة واستعانة أحد الجانبين بقبائلهم في المناطق الأخرى من جنوب كردفان ولكن الوضع الآن مستقر وتوجد قوات امنية كافية في حال انفجار الوضع مجدداً – على حد قوله.

قتال أهلي بجنوب كردفان " نزاع الأرض والموارد" ..

ونفذ مواطنو جنوب كردفان اعتصاماً سلمياً بمدينة العباسية تقلي جنوب كردفان استمر لـ(37) يوماً إحتجاجاً على الوضع الأمني بالمنطقة وتدهور الخدمات وطالبوا بإخلاء بعض المرافق الحيوية التى تستقلها السلطات الأمنية للإقامة ، وتم رفع الاعتصام  أواخر الشهر الماضي بعد وعود حكومية بتنفيذ جميع المطالب .

وتصدر مطالب المعتصمين بمدينة العباسية بحسب حديثهم لـ(عاين) القبض على المجرمين وتقديمهم للعدالة وترحيلهم ومحاربة النهب المسلح ، وجمع السلاح الغير مقنن لدى المواطنين والقبائل ومنع إستخدام الدراجات النارية ، و ومحاسبة اللجنة الامنية بالولاية عبر لجنة تحقيق مستقلة فى أحداث حي فلاته ، بجانب تأمين المزارعين والمشاريع الزراعية من القتل والنهب الممنهج والمتكرر سنويا ، تسليم مسؤولية إدارة المحروقات للمحلية وحصر دور الأجهزة الأمنية فى الرقابة والتحقيق فى التجاوزات السابقة .

وطالب المعتصمين بإيقاف عمليات القطع الجائر للغابات بواسطة أفراد القوات المسلحة و ناقلاتها وغيرهم ، إخلاء المدارس والأراضي السكنية المستغلة مقر إقامة للقوات المسلحة  وإقالة اللجنة الامنية ، وحل مليشيات الدفاع الشعبي ، مع إجراء تنقلات واسعة لأفراد وضباط  قوات الشرطة ، وتأهيل وصيانة مستشفى العباسية تقلي وحل مشاكل الخدمات الصحية ، بجانب توفير خدمات المياه والكهرباء وشبكات الإتصالات وتشييد الطرق والكباري وتأهيل البنية التحتية للتعليم  .

              قتال أهلي بجنوب كردفان " نزاع الأرض والموارد" ..

ويعتبر مستشار رئيس الوزراء السابق للسلام ، بروفيسور جمعة كندة ، أن الحلول الإسعافية والمؤقتة لن تحول دون تجدد الصراعات بين المكونات ولكن الحل الناجع في السلام وأن يكون هناك حكومة مركزية قوية مع وجود برنامج وطني على مستوى السودان لتحقيق السلام وجمع السلاح ، وقال في مقابلة مع (عاين) يبدو أن المؤسسة العسكرية غير قادرة أو ليس لديها الرغبة في جمع السلاح بشكل منتظم ، ويمكن أن يتم جمعه بشكل كامل في جنوب كردفان ولكن هذا لا يمنع دخوله مرة اخرى طالما أنه موجود حول المنطقة وفي كل السودان لذلك يجب جمعه عبر حملة وطنية في كل البلاد سيما أن الحدود السودانية مفتوحة وتجارة السلاح اصبحت تجارة عابرة للحدود .

ويرى كندة ، أن الحديث عن انتشار السلاح في منطقة معينة بإستثناء السودان ككل ليس منطقياً فهو ليس حكرا على جنوب كردفان ودارفور وربما وجد في هاتين المنطقتين بشكل مكثف بسبب الحروب الطويلة عمليات التسليح التى تمت تاريخياً  لمجموعات معينة خارج المنظومة العسكرية بالإضافة الى ضعف الدولة والسيولة الأمنية بالذات بعد التغيير وانتشار ثقافة حماية النفس ولكن اذا تحقق السلام وجمع السلاح وشعر المواطنين بالأمان سيشعرون انه لم تعد هناك حاجة لامتلاك السلاح .

قتال أهلي بجنوب كردفان " نزاع الأرض والموارد" ..

من جانبة يؤكد رئيس تحرير صحيفة الجريدة السودانية ، أشرف عبد العزيز ، أن الحكومة يجب أن تسارع بعقد صلح أهلي قبل أن يتأزم الوضع أكثر في المنطقة سيما بعد حدوث عمليات استنجاد بالقبائل الأخرى من قبل المكونات المتنازعة وفي ظل وجود إتهامات لوالي جنوب كردفان بعدم الحيادية عليه ان يدرك الوضع وان يثبت عكس ذلك ، وعلى الحكومة المركزية ارسال قوات أمنية كافية لمنع حدوث إشتباكات جديدة .

وقال عبد العزيز في مقابلة مع (عاين) أن الأزمة ظهرت بعد اكتشاف الذهب ما أدى الى اقتتال عنيف بين مكونين (كنانه – دار علي ) وصل فيها القتلى بحسب احصاءات رسمية الى (8) قتلى و(132) قتيل وفقاً لإحصاءات اهلية وإذا لم يتم تدارك الأمر ستشهد المنطقة صراع كبير يؤدي لمزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات  .

وحذرت منظمات مدنية وناشطين في ولاية جنوب كردفان، من تجدد عمليات قتال أهلي في المنطقة من واقع عمليات التسليح التي تقوم بها الأطراف المتنازعة على الرغم من الانتشار العسكري ، وتتهم لجان مقاومة مدينة كالوقي في ولاية جنوب كردفان سلطات الولاية بأنها كانت كانت على علم بالتوترات إلا أنها لم تتحرك لتدارك الأمر .

قتال أهلي بجنوب كردفان " نزاع الأرض والموارد" ..

ويتهم الناشط المدني اسامة سعيد، شركات تعدين الذهب بتغذية الصراعات القبلية والانشقاقات لتأمين مصالحها الاقتصادية وتراكم رأس مالها على حساب أرواح المواطنين  واضاف سعيد في مقابلة سابقة لـ(عاين)، “تتداخل ايضا في هذا الصراع القوات الأمنية للمحافظة على مصالح مجموعات بعينها من أصحاب النفوذ والأموال وتمديد عمليات تعدينهم التي تتداخل مع المراعي والأراضي الزراعية “

وحذر سعيد، من إستمرار عمليات الاقتتال الاهلية التي اعتبرها المهدد الأول لمستقبل السلام في ولاية جنوب كردفان ومستقبل الاستقرار الأمني والمجتمعي والغذائي على وجه الخصوص لجهة موجات النزوح التي بدأت مع اقتراب بداية الموسم الزراعي مما ينذر بمجاعة في المنطقة .