مشاهد من ميادين الثورة.. وسائل المتظاهرين السلميين لتحدي العنف
16 ديسمبر 2021
يظهر شابات وشبان الثورة السودانية الرافضين استيلاء الجيش على السلطة تحدياً كبيراً في مواجهة عمليات القمع المستمرة من قبل قوات الأمن لحراكهم الثوري في مدن البلاد المختلفة لاسيما العاصمة الخرطوم.
وفي كل مرة يرتفع نسق التعاطي العنيف من قبل القوات الأمنية، خاصة في التظاهرات ومواكب الرفض الجماهيرية التي تقترب من المقار الحكومية الرئيسية كالقصر الرئاسي ومبنى البرلمان والقيادة العامة للجيش، يبتكر المتظاهرون وسائل مقاومة مختلفة في التصدي لآلة القمع التي تتمثل في الغالب في مقذوفات الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.
ميدانيا، وعند اشتداد المواجهة، يبدي العديد من الشبان إصرارا على صد أذى قنابل الغاز عن بقية المتظاهرين ويتدافع العديد منهم لإلتقاط هذه القنابل واعادتها نحو مطلقيها. ويقاوم السودانيون منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي انقلابا عسكريا نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان واطاح بالحكومة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير في أبريل 2018.
وسقط نحو 45 قتيلا في الاحتجاجات التي تلت انقلاب البرهان، وأصيب العشرات من المتظاهرين استمرت ثورة ديسمبر 2018 في السودان شهور عديدة أكسبت كثيرة من الشبان والشابات خبرات ميدانية في تنويع وسائل المقاومة السلمية وحماية انفسهم بإرتداء قفازات لليدين ونظارات واقية.
على شارع البلدية القريب من القصر الرئاسي وسط الخرطوم، احتدمت مواجهة في الثلاثين من نوفمبر الماضي بين المتظاهرين وقوات الشرطة التي أطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة، (عاين) رصد أحد المشاركين في التظاهرة وهو يتحرك وسط المتظاهرين ويوجه نظره للأعلى ويصرخ في الحاضرين “ارفعوا أبصاركم لإعلى.. قنابل البمبان المقذوفة تسقط من أعلى”. مناداة هذا الشاب جنبت الكثيرين اصابات مباشرة بعبوات الغاز والتي ينتظرها على الأرض آخرين لإبطال أو تخفيف مفعولها في مواجهة المشاركين في التظاهر.
مع تصاعد الغاز في الفضاء المحيط لمكان التجمع الجماهيري، يلاحظ أن عدد كبير من هؤلاء الشبان يتحركون كالمعتاد في عتمة الدخان الكثيف الصادر عن قنابل الغاز وبعضهم يبدي تصميما على اعادتها لقوات الأمن قبل أن تفرغ حمولتها من الغاز.
يقول شاب كان في خط المواجهة الأمامي مع قوات الأمن، “عندما تتشبع بالغاز لمسافة طويلة في المرة الأولى لن يؤثر عليك في المرة الأخرى”. يقول لـ(عاين) وهو على يقين بذلك ويبدى تصميما في مواصلة عمله “صائدا للمبمان”، لكن مشاهد عديدة رصدتها (عاين) لكثيرين أصيبوا باختناقات.
واللافت ايضا السرعة التي تتم بها عملية إجلاء المصابين من أرض الميدان من قبل رفاقهم المتظاهرين لمراكز ميدانية يقدم فيها أطباء ومسعفين عمليات علاجية سريعة معظمها لوقف نزيف الدم جراء الجروح قبل أن يتم نقلهم عبر سيارات المشاركين في الاحتجاجات إلى طوارئ المستشفى القريب.