محاكم النظام العام … غرامات وإبتزازات بالمليارات
تقارير عاين الإستقصائية: ١٥ سبتمبر ٢٠١٧
لم تتمالك سارة (١٨ عاماً) نفسها عندما بدأت تروي قصتها مع إحدى محاكم النظام العام في الخرطوم، إذ تغلبت مشاعرها على جسمها النحيل؛ جاءت سارة إلى الخرطوم للدراسة في إحدى جامعاتها، حيث أقامت في داخلية الطالبات، بعيدة عن أهلها المقيمين خارج العاصمة.
“زرت صديقتي في مكان عملها بإحدى مطاعم ضاحية الرياض في الخرطوم، أثناء الزيارة، داهم عدد من أفراد الشرطة المكان، وإقتادوني والفتيات العاملات في المطعم، بما فيهم صديقتي، لم أعرف في بداية الأمر لماذا أخذونا؟”. هكذا إستعادت سارة تجربتها مع شرطة النظام العام، موضحة: “ما زاد من صدمة الإعتقال هو إسماعنا كلمات جارحة”.
وأضافت سارة: “عندما وصلنا إلى مركز الشرطة، عُرضنا على القاضي، وهنا عرفت ماذا فعلت، إذ قال لي: كنت تدخنين الشيشة، فقلت له: لم أفعل، وحتى لم تكن هناك شيشة في التربيزة التي كنت أجلس عليها”. لكن القاضي، بحسب سارة، “لم يُعر كلامي أي أهمية، بل سمع أقوال رجال الشرطة فحسب. وردد: أنتي متهمة بتدخين الشيشة”. ووجه القاضي لها أيضاً تهمة إرتداء الزي الفاضح لإرتدائها بنطالاً، وحكم عليها بـ٤٠ جلدة، ودفع غرامة قيمتها ٧ آلاف جنيه سوداني بتهمة تدخين الشيشة.
تلك المبالغ المالية باتت عصب محاكم النظام العام، إذ تُدر على الدولة والقضاة ورجال الأمن الموالين أرباحاً طائلة، بحسب تحقيق واسع أجرته “شبكة عاين” يشمل زيارة إستطلاعية لأحدى المقرات، ومقابلات خاصة مع قضاة وموظفين ومحامين وضحايا.
تقرير صوتي عن قانون النظام العام أنتجناه في شهر مارس٢٠١٧ ضمن سلسلة تقارير عاين الصوتية
الدين في محاكم النظام العام
“منذ تأسيس محاكم النظام العام في سنة ١٩٩٥م. بات هدفها ترسيخ الفكر الإسلامي لحكومة الإنقاذ، عبر تنفيذ أحكام الجلد”. وفقاً لأحمد صبير، المحامي والمستشار القانوني والناشط في مجال الحريات الدينية ومحاكم النظام العام، ومقدم العون القانوني مع عدد من منظمات المجتمع المدني. وأضاف: “لكن هذه المؤسسات تحوّلت منذ عام ٢٠٠٠م إلى محاكم اقتصادية (جبايات) لرفد خزينة الدولة، بدليل أنها إزدادت شراسة في جمع الأموال وتحصيلها بعد انفصال جنوب السودان وخسارة موارد النفط”. ولهذا السبب بالذات، بات عدد هذه المحاكم كبيراً جداً، إذ توجد في الخرطوم وحدها ٢٢ محكمة، وواحدة في كل مدينة سودانية. وأكد صبير أيضاً أن هناك أموالاً تذهب إلى جيوب قضاة هذه المحاكم وعساكرها، وفي كثير من الأحيان يدفع المتهم الغرامة بدون إيصال مالي.
هذه تفاصيل من وحي تجربة صبير في الدفاع عن الضحايا. في إحدى هذه القضايا، “أعتُقل ٦ طلاب جامعيين بينهم فتاتين خلال مداهمة شقة، ثم أتوا بهم إلى محكمة النظام العام في القسم الشرقي بأركويت، وعندما عُرضوا على القاضي قال لهم: “أنا عارفكم أصلاً ما كنت بتعملوا في حاجة، بل بتذاكروا في دروسكم”. وبعد ذلك، حكم عليهم القاضي بالمادة (١٥٤ ممارسة الدعارة)، وبغرامة قيمتها ٦ آلاف جنية سوداني لكل واحد منهم، حيث وصل المبلغ الكلي ٣٦ ألف جنيه.
عندما وصل صبير المحكمة، وجد أن الحكم قد صدر، والجلسة إنتهت خلال أقل من ربع ساعة. دفع بعدها الطلاب الغرامة المفروضة عليهم دون إيصال مالي. بالرغم من أن حكم هذه المادة في القانون الجنائي هو السجن لفترة تتراوح ما بين ٣ شهور وسنة. “فمثل هذه المبالغ تذهب على الأرجح إلى جيب القاضي وعساكر المحكمة” بحسب صبير. ولو كان القاضي أخلاقياً، ويطبق العدالة والقانون، لحُكم على العساكر، حسب القانون الجنائي، بالمادة ١٥٣ إنتهاك الخصوصية.
وتنسحب هذه الطريقة الإيجازية بالحكم، على أغلب قضايا محاكم النظام العام. حيث يسمع القاضي الشاكي- وهم العساكر – ثم المتهم من دون تدوين أي اقوال، فقط ملخص في سطرين، يُكتب فيه كل العبارات التي تُدين المتهم، ويصدر الحكم”.
العدالة تنافس محلات الأكل السريع
هذه النظرة إلى المحاكم وعملها، يؤكدها أيضاً المحامي نبيل أديب، الذي عمل فيها وكتب مقالات كثيرة عنها، جاء في إحداها “أن محاكماتها إيجازية، ولا توفر حق الدفاع عن النفس، وهو نظام محاكمة مأخوذ عن القوانين العسكرية، التي تتميز بسرعة إجراءاتها بشكل لا يتيح للمتهم تحضير دفاعه، ولا تُلزم القاضي بتسجيل محضر مكتمل، بل تكتفي بإلزامه بتدوين ملخص أقوال الشهود. ولا يعرف هذا النظام مسألة توجيه تهمة، بحيث يدخل المتهم دفاعاً عن نفسه دون أن يعرف الاتهام الموجه ضد”.
ويوضح أديب “أن الأجهزة الشرطة ووكلاء النيابة محاكمين بضبط تلك الجرائم بالتحري فيها والفصل فيها في ما لا يتجاوز الأربعة وعشرين ساعة. وهكذا أصبحت العدالة تنافس محلات الأكل السريع في سرعة الخدمة، فيتم القبض على المتهمين عادة بالليل، ويظلون في حراسة الشرطة حتى الصباح، حيث يُحالون للمحكمة في جلسة لا تستغرق سوى دقائق معدودة، وعادة تكون الأحكام بالجلد والغرامة، ولا ينبه أي من المتهمين إلى حقهم في الإستعانة بمحامي، إذ لا تكفل لهم الإجراءات الإيجازية أي حق في الدفاع عن أنفسهم، وتتم محكماتهم قبل أن يتبينوا جريمتهم”.
ويُتابع أديب “بالنسبة للنساء في هذا المجتمع المحافظ، إن مجرد إفشاء معلومة عن القبض عليهن في مسألة تتصل بالأخلاق، قد تؤدي إلى آثار بعيدة بالنسبة لوضعهن الاجتماعي وفرصهن في الزواج، حسب وضع الضحية المعنية، لذلك يفضلن الجلد والخروج في صمت و بدون إحتجاج ومحاولة نسيان ما حصل لهن”.
وبالعودة إلى صبير فإنه يرى أن العائدات أكثر أهمية من العدالة، لذلك تتم ترقيات القضاة وترفع وحوافزهم، بناء على إحصائيات إيرادات القضايا التي حكم القاضي فيها. إذ ترفع الإحصائيات نهاية كل سنة للجهاز القضائي. لذلك يحرص القضاة على إدانة المتهمين، ونادراً ما يُشطبون البلاغات.
“لكن ليست هنالك سقوف مالية لهذه الغرامات، حيث تختلف من قاضٍ إلى آخر بحسب التقدير الشخصي، حتى لو نص القانون على مبلغ محدد. مثلاً، تبلغ غرامات تعاطي الشيشة في قانون النظام العام ٢٠٠ جنيه، وفق نص صريح، لكن هنالك قضاة يحكمون على المتهم بدفع ٧ آلاف جنيه”. وزاد صبير:”ولدي تجربة، أدان فيها القاضي فتاة بتعاطي الشيشة، وحكم عليها بـ٧٠٠ ألف جنيه”.
ويرى صبير أن كل جرائم محاكم النظام العام حرية شخصية، لا تتعدى إلى الغير، كما أن فيها إنتهاكاً للخصوصية، سيما في اقتحام العساكر للمنازل، بحثاً عن متهم يمارس ”الزنا“ أو يشرب الخمر. إذ أن ٦٠٪ من القضايا في تعاطي وتجارة الخمر، و٤٠٪ تتمثل في جرائم الزي الفاضح والزنا والأفعال الفاضحة. وصفاً هذه المحاكم بأنها لا تطبق القانون، وفيها تمييز، ويضيف صبير:” مثلاً تجد متهم محكوم تحت المادة (١٣٠ قتل عمد)، يُنظر له كمرتكب جرم عادي، في حين ينظر القاضي إلى المتهم بالزنا كمرتكب خطيئة كبيرة جداً رغم أنها جريمة شخصية، وبرضا الطرفين“.
العسكري هو الشاكي والشاهد
وفي حديث مع “شبكة عاين”، يؤكد أحد قاضاة المحاكم الجنائية -فضل حجب إسمه – حديث المحامى صبير عن خلل في عدالة قضايا محاكم النظام العام، “لأن الشاكي والشهود فيها هم العساكر”. فعندما تزدحم محاكم النظام العام، تُحال إليهم بعض القضايا للبت فيها، “لكن هذا قانون أنا مرغم على تطبيقه، إلا أنني أستخدم ذات القانون، لكي أدرأ الحدود بالشبهات، وأستغل القواعد العقابية التي تُفسّر الشك لصالح المتهم”. وفي الوقت ذاته، يُوضح أن محاكم النظام العام تحكم بالصورة الإيجارية، و”هذا في حد ذاته يهدم فكرة العدالة”، فالدفاع يجب أن يحصل على فرصة كافية، سوى أكانت الجريمة كبيرة أو صغيرة.
لكن لقاضي محكمة النظام العام الذي تحدث إلى “شبكة عاين” – الذي رفض الكشف عن هويته أيضاً- رأياً مخالفاً، إذ يقول:”هذه المحاكم تضبط المجتمع وتحافظ على أخلاقه”. ويُوضح أن اغلب القضايا التي تأتي اليها تتعلق بتجارة وتعاطي الخمور والحبوب المخدرة التي ظهرت مؤخراً، إلى جانب قضايا الزي الفاضح والدعارة والزنا والافعال الفاضحة”.
وأغلب الاحكام لا تتجاوز السجن لستة اشهر، وفقاً للمصدر ذاته، لكنهم يلجأون في أغلب الأحيان إلى إستبدالها بالغرامة التي لا سقفاً محدداً لها، بل تحدد وفقاً للوضع الإقتصادي للمتهم، لكن هنالك غرامات أصبحت شبه ثابتة، بحسب المصدر ذاته، إذ تتراوح غرامة بيع الخمور مثلاً، مابين بين ٣ إلى١٠ آلاف جنيه سوداني.
موظف: الهدف إقتصادي
لكن ما يزيد شكوك عدالة تلك المحاكم وفاعليتها، هو مواردها المالية الضخمة مقارنة بغيرها من الدوائر. الموظف م. م. أ. الذي يعمل في محاكم النظام العام منذ أكثر من سبع سنوات، وتنقل بين عدد منها، قدم لـ”عاين” شهادة مغايرة للقاضي. يؤكد فيها بأن الهدف الأول والأخير لهذه المحاكم إقتصادي، إذ يتمثل في توفير أكبر قدر من الإيرادات لخزينة الدولة والقضاء، مبيناً أن القاضي دوماً حريص على إدانة أي متهم، وثم الحكم عليه بغرامة. “طيلة وجودي في هذه المحاكم، لم أرى شخصاً تمت تبراْءته، إلا في ما نادر”.
ودافع الربح ينسحب حتى على عمل الشرطة وكشاتها، بحسب هذا الموظف، إذ تُركز على السلوكيات الرائجة حتى تجمع أكبر قدر من المال. على سبيل المثال، “عندما يرون في هذه الأيام تزايداً في تعاطي الشيشة في عدة أماكن، يُنفذون حملة على مقاهي الشيشة، وكذا الأمر بالنسبة الى الخمور وغيرها. وأحياناً، إذا لم يجدوا سبباً، يستهدفون الجالسين في شارع النيل، ويتهمونهم بالأفعال الفاحشة”. بيد أن هذه المحاكم، بحسب المصدر عينه، “مهمتها الجبايات، لا تهذيب الناس، وهي مهمتها الأخلاقية المزعومة، بل إنها تدفع الناس إلى الجريمة، فإذا أخذت شخصاً جالساً أمام عيون الناس، وتتهمه زوراً بالفاحشة، فماذا يرجى منه بعد ذلك؟ أو تقفز داخل منزل شخص، وتتهمه بممارسة الدعارة أو بيع الخمر زوراً، فماذا تنتظر منه؟ أليس هذا دافع إلى صناعة مجرمين؟“.
الدور المالي للكشات أكده أحد عساكر محاكم النظام العام بالخرطوم لـ”شبكة عاين”. بحسب هذا العسكري، “العساكر يومياً بطلعوا كشات، يفتشوا عن الناس البشربوا الخمر، والبصنعوها، والبشربوا الشيشه ومحلات الدعارة، لازم في اليوم نجيب كم قضية، وكلها بتكون غرامات، وأغلب الكشات بتكون يوم الخميس، لانه نهاية الإسبوع، والقاضي بيكون في اجازة جمعة وسبت، لذا سيتم حبسهم، وعرضهم على القاضي يوم الأحد، لذلك المتهمين ما بيكونوا دايرين يقعدوا في الحراسة ثلاثة أيام، وخاصة أن الحراسات سيئة ولا تطاق، لذا يدفعون أي مبلغ يتم تحديده”.
مساومات وإبتزازات
يؤكد العسكري بأن للقاضي والعساكر نصيب من تلك الغرامات، وأضاف قائلاً: ” في أي محكمة هناك عسكري متخصص في بيع القضايا، مهمته التفاوض مع المتهمين، وبعلم القاضي والمتحري، ويبيع القضية، وهم يشطبوا البلاغ، ويتقسموا القروش“. وهنا روى مثالاً، أنهم قبضوا على رجل أعمال عارياً ومعه فتاة في شقة بالخرطوم، وعندما جاءوا به إلى قسم الشرطة كان خائفاً من إفتضاح أمره وإهتزاز مركزه الإجتماعي، فبدأ يتفاوض مع المتحري قائلًا له “إنه ممكن يدفع أي مبلغ”، إستجاب المتحري له، وطلب منه أن يدفع للعساكر والشاكي والشهود مبلغ ٣ آلاف جنيه، وعددهم ٤ أشخاص، وأن يدفع للمتحري ٢٠ ألف جنيه، وللقاضى ٢٥ ألف جنيه، وفعلاً دفع هذا المبلغ، وتم شطب البلاغ”.
وبالعودة إلى قضية سارة، لم يشفع لها مرضها بداء السكري من تفادي عقوبة الجلد، إذ لم يستمعوا إلى إستغاثتها، كون جروحها لن تشفى بسهولة. تقول سارة:”عندما بدأوا يجلدوني كنت أستجديهم أن يكفوا عن ذلك وأصيح بأعلى صوت، لكن لا حياة لمن تنادي، بل ضربوني ضرباً مبرحاً، وفعلاً، أصبت بجروح بسببها، والآن مرت خمسة أشهر، وما زلت أتلقى العلاج. وأما بالنسبة لدفع مبلغ الغرامة، فلم يكن معي. كان خارج استطاعتي. فوضعوني في السجن“.
مشكلة الأهل
ولأن أهل سارة لن يتفهموا تجربتها، أخفت الأمر عنهم. ”بدلاً من اللجوء إليهم، أرسلت لزميلاتي في السكن، رسالة أبلغتهن فيها بإنني سأقيم فترة مع إحدى صديقاتي بمنزلها، وفعلت ذلك حتى لا يتسرب الأمر ويصل إلى أهلي، لأنهم أذا علموا بذلك سيمنعونني من مواصلة دراستي. وبالنسبة للفتيات اللائي كن معي، دفع لهن صاحب المطعم المبلغ المطلوب، لأنهن يعملن معه في المحل، وبقيت أنافي السجن شهراً كاملاً، حتى عرف قصتي فاعل خير وجاء ودفع المبلغ المطلوب، وأخرجني من السجن”.
ترتعش سارة من شدة الغضب والحزن عندما تُكمل قصتها، إذ كانت أياماً عصيبة عليها، وتضيف قائلة: ”في السجن سمعت كلمات نابية من السجّانات، وكانت بيئة السجن سيئة جداً، لأول مرة أدخل في تجربة مثل هذه، وأشد ما يؤلمني أنني لم أرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، ومع ذلك عُوقبت. وحتى القاضي لم يسمح لي بأن أدافع عن نفسي، أو أن أستعين بمحامي”.
“ومنذ تلك اللحظة، عرفت معنى أننا نعيش في بلد لا يحترم حقوق الإنسان، وليس فيها قانون أو عدالة، وأصبحت أنظر لرجال الشرطة والقضاء بأنهم أشخاص أشرار، يستقوون على الناس بحسب مناصبهم”.
حملة سجينات: دخل القاضي ٩٠ ألف جنيه شهرياً
في ذات الإتجاه، حصلت شبكة عاين على إستبيان أُجري بواسطة “حملة سجينات” الحقوقية و٢٠ محامياً متخصصاً، إرتكز على إستطلاع وأبحاث وإحصائيات حول محاكم النظام العام، بعد التحليل توصلت الحملة إلى أن ٩٧ ٪ من قضاة النظام العام لديهم سمعة سيئة في سجل إنتهاكات حقوق الإنسان وإصدار إحكام تنتهك الحقوق الدستورية للمواطنين والمواطنات السودانيين.
وتوصّل التحليل أيضاً إلى أن القضايا التي تٌعرض فيها النساء والفتيات بهذه المحاكم ٦٠٪ منها متعلقة ببيع الخمور، و٢٠٪ مرتبطة بالزي الفاضح، و٩٪ بالأعمال فاحشة و٣٪ إزعاج عام، كما خلص الإستبيان إلى أن العقوبات التي تفرضها المحاكم على النساء اللائي يمثلن إمامها هي ٦٠٪ غرامات، ٣٢٪ عقوبات بدنية و ٨٪ سجن.
وأوضح الإستبيان أن هذه الغرامات بلا أسقف، ويترك تحديدها للقاضي. إذ بلغ مجموع متوسط ما تُحصله محاكم النظام العام بولاية الخرطوم شهرياً ما يقارب الـ١٣٥ مليون جنيه سوداني- وهو ما يقارب ميزانية وزارة الصحة في ولاية الخرطوم – إذ يحصل قضاة محكمة النظام العام بولاية الخرطوم على نسبة ١٥٪ فيما تذهب نسبة ٥٪ لشرطة النظام العام بالولاية، و٢.٥٪ للعاملين والموظفين بمحاكم النظام العام.
ووفقاً لحملة سجينات بلغ متوسط الدخل الشهري لقاضي محكمة النظام العام بولاية الخرطوم ٩٠ ألف جنيه في عام ٢٠١٦، بينما بلغ متوسط إيردات شرطة النظام العام بولاية الخرطوم من خلال غرامات محاكم النظام العام ٦٠٠ ألف جنيه شهرياً، وبلغ متوسط مجموع الإيرادات الكلية للغرامات التي تفرضها محاكم النظام العام في كل ولايات السودان سنوياً حوالي ٧٢ مليون و٥٤٠ ألف جنيه سوداني. ومتوسط ما ترفد به محاكم النظام العام بالسودان الموازنة العامة للدولة حوالي ٥٦ مليون و٤٣٦ ألف جنيه، أي ما يعادل ٠٨.٪ من ميزانية السودان لعام ٢٠١٦.
أشار الإستبيان إلى أن الأرقام والإحصائيات الواردة فيه ليست دقيقة، موضحة أن السلطات السودانية ممثلة في الجهاز القضائي ومحاكم النظام العام لا تنشر إحصائيات بحجم إيراداتها من الغرامات المفروضة على المدانات، لذا فإن هذه الإحصاءات نتيجة لمقاربات مع بحوث وإحصائيات لغرامات محاكم النظام العام.