جنوب كردفان … ثلاث اعوام من القتل والتشريد والمعاناة الانسانية

جنوب كردفان ... ثلاث اعوام من القتل والتشريد والمعاناة الانسانية٢٤يونيو٢٠١٤

مضت ثلاثة اعوام من الحرب بين الجيش السوداني وقوات الجيش الشعبي التابعة للحركة الشعبية في ولاية جنوب كردفان ، والتي بدأت في الخامس من يونيو العام 2011 بعد ان حاولت القوات المسلحة تجريد قوات الجيش الشعبي من السلاح بالقوة مما ادى الى تفجير الاوضاع بشن حرب شاملة من الجيش النظامي ومليشيات تابعة له على المنطقة استهدفت المدنيين وفقا لتقارير وتصريحات لمسؤولين في الولايات المتحدة ، بريطانيا وآخرين، وقد استخدمت القوات الحكومية سلاح الطيران الذي ظل يقصف المناطق المكتظة بالسكان الى جانب حرق القرى وسياسة التجويع بمنع وصول المساعدات الانسانية الى المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها الجيش االشعبي .

كيف بدأت الحرب ؟

يقول القيادي  بالحركة الشعبية رمضان حسن نمر لشبكة )عاين( ان الإحصاء الخاص بالولاية كان من الإنجازات الكبيرة التي إستطاع شعب الولاية أن ينجزها في فترة إتفاقية السلام، لأن الإحصاء السكاني كان بمثابة  “مربط الفرس” لإنفاذ حق المشورة الشعبية ، ويمضي قائلاً ( الغرض الأساسي من الاحصاء هو تحديد نسبة السكان في الولاية لأنها المناط بها إتخاذ موقف فيما يختص بالمشورة الشعبية ، ويشير الى ان النظام تجاوز احد بنود البرتكولات الأمنية  الذي ينص على إبقاء القوات المشتركة المنصوص عليها الى حين إنفاذ المشورة  الشعبية .

ويشير الى ان نمر ان حركته رفضت نتائج الانتخابات  ، ويقول (إن قاصمة الظهر تمثلت في الخطاب الذي ارسله رئيس هيئة الإركان العامة الفريق عصمت بواسطة قائد الفرقة 14 اللواء بشير مكي الباهي متجاهلاً بذلك الوضعية الدستورية والقانونية للجيش الشعبي لتحرير السودان) ، وينوه الى ان هناك محاولات بدأت لرأب الصدع من وفدين مشتركين من الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ، ويضيف ( لكن قبل ان تقلع الطائرة التي كانت تقل الوفدين من مطار كادوقلي اندلعت الحرب التي خطط لها المؤتمر الوطني وان عناصر الاستخبارات اعتقلت العميد مهنا بشير ويعقوب كالوكا ) ، ويقول ( لقد نجوت انا وتاو كانجلا باعجوبة من كمين في مدخل المدينة وهذا دليل آخر ان المؤتمر الوطني كان يخطط لتصفية قيادات الحركة الشعبية في جنوب كردفان) .

اعتقالات واسعة وتعذيب حتى الموت

يقول الناشط في حقوق الإنسان خالد محمد احمد لشبكة (عاين) ان السلطات الامنية شنت هجوماً واسعاً داخل ولاية جنوب كردفان بعد بدء العمل العسكري للحركة الشعبية في الولاية، ويضيف ان تلك الفترة شهدت وإعتقالات عشوائية للمحسوبيين على الحركة الشعبية  ثم صحبتها إغتيالات وسط هذه الكوادر، ويقول ان الحكومة قامت باعتقالات عشوائية وانتهاكات واسعة وسط المدنيين والتي صاحبتها عملية تعذيب وحشية اودت بحياة عدد من المعتقلين السياسيين على رأسهم القيادي بالحركة الشعبية احمد بحر هجانة والصيدلي الشهير بمدينة الدلنج إبراهيم كرندل وعضو البرلمان الولائي عمر فضل والناشط الشاب أمية عبد اللطيف، الذي أثبتت كافة المعلومات الوارده من كادوقلي بانه تم قتلهم تحت التعذيب  الوحشي .

وأعتقلت السلطات أكثر من ( 29) إمرأة في مدينة كادقلي بتهمة التخابر لصالح الحركة الشعبية ومكثن في المعتقل اكثر من ثلاثة أشهر في سجون الإستخبارات العسكرية الي أن تم تحويلهم الي سجن الابيض ، ولاحقت الحكومة ائمة المساجد داخل الخرطوم، الى جانب تحريض القبائل بعضها ضد بعض حيث تعرضت منطقة ( تقلي ) لاكبر عملية تهجير سكاني بعد ان استهدفت المليشيات قرى ( الحجير ، سوق الجبل ، تاجلبو ) والمناطق التي تقع في حزام العباسية رشاد الفيض .

تكثيف القصف الجوي واستهداف المدنيين

كانت سياسة القصف الجوي واحدة من ادوات التي تخوض بها الحكومة الحرب في جنوب كردفان حيث وصل عدد البراميل المتفجرة والقنابل التي ترسلها طائرات الانتنوف والسخوي والميج الى (4000) اضافة الى قصف سلاح المدفعية ، وقد ادى القصف الى وفاة العديد من المواطنين، الى جانب الاصابات التي ادت الى بتر الاطراف وسط الاطفال والنساء وكبار السن، وتسبب في تدمير عدد كبير من المنازل والمرافق المدنية ونفوق المواشي وحرق المزارع . كما ادى الى تدمير مستشفي  الرحمة وهو المستشفى الوحيد في الاقليم .

ويرجع المحلل العسكري قادم النو في حديثه لشبكة ( عاين ) الخسائر الكبيرة وسط المدنيين ليس لديهم معرفة بالتاكتيكات العسكرية اثناء إسقاط القنابل عليهم ، موضحاً أن نسبة الخسائر عند العساكر قليلة لأنهم  يدركون كيفية التعامل مع مثل هذا السلاح لذلك المتأثرين هم المدنين في المنطقة.

ويكشف المواطن بجنوب كردفان محمد الفيل عن معاناة السكان في منطقة الفيض ام عبد الله في جنوب كردفان منذ بداية الحرب ، ويقول لشبكة (عاين) قبل الحرب تعرض سكان المنطقة الى إستهداف إثني من بعض  مليشيات “الرواوقة ” وفي تلك الأثناء تم احتواء الأمر ، ويضيف ( في الأيام الاولي  للحرب قامت ذات المجموعات القبلية بمداهمتنا ونحن في المسجد  نستعد لعقد قرآن احد افراد العائلة ، وقتلت شقيقي وزوج شقيقتي وابنته ) ، ويشير الى ان الهجوم ادى الى تهجير العائلة بشكل كامل حيث تفرقوا الى مناطق متعددة وهناك من فضل البقاء في مناطق الحكومة وقد تعرضوا للإعتقال، ويقول ( امثال والدي الذي مازالت السلطات تكرر اعتقاله حتى الان ) ، ويضيف ( فضلنا اللجوء بدولة جنوب السودان التى تدهورت الاوضاع فيها ) .

وتقول مواطنة  فضلت عدم ذكر اسمها لاسباب امنية من كادوقلي   لشبكة (لعاين) ان الوضع اصبح في غاية السوء بعد إشتداد المعارك وتبادل إطلاق النار ، وتضيف ان القصف استهدف السكان وان والدتها اصيبت بشظايا وادت الى وفاتها لاحقاً الى جانب بتر ساق الطفلة ( مسرة )  ، وناشدت الطرفين الاحتكام لصوت العقل وتحقيق السلام ، وتقول ( ان الحركة الشعبية لم تستطع السيطرة على كادوقلي والحكومة لم تدخل كاودا، منذ ثلاث سنوات ) ، وتضيف  ( القتلى جميعهم ابناءنا لماذا يقتلون بعضهم البعض انا ادعو الحكومة والحركة بوضع السلاح وتحقيق السلام والإستقرار )   .

من جانبه يقول الناطق الرسمي بإسم إقليم جبال النوبة  جاتيقو دلمان  لشبكة ( عاين ) ان القصف الجوي اصبح يتزايد بشكل مكثف وعشوائي خلال الايام  القليلة الماضية ،إذ تقوم طائرات النظام بطلعات جوية يومية علي كافة المدن والقري التي يقطنها المدنيون جانب القصف المدفعي الأرضي ،ثلاثة أنواع من الطائرات المقاتلة ( أنتنوف،السوخوي والميج) ضد الأهداف المدنية و أدت عمليات القصف الجوي الممنهجة منذ إندلاع الحرب في يونيو 2011م وحتي الأن الي مقتل وإصابة المئات من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال حيث تشرد أكثر من (70) الف مواطن من مناطقهم واصبحوا يعيشون كلاجئيين في دولة جنوب السودان ودول شرق أفريقيا.

مطالب شعب النوبة

ويحدد دلمان مطالب شعب جبال النوبة في اي مفاوضات تجرى في اديس ابابا  بقوله ( علي ضوء ما يجري في أديس أبابا يري شعب جبال النوبة أن تفضّي المفاوضات الجارية تحت رعاية الالية الأفريقية رفيعة المستوي برئاسة ثامبو مبيكي الي الحل السياسي الشامل والجذري لقضايا السودان  أو الأستمرار في الكفاح المسلح لحين إسقاط نظام المؤتمر الوطني وهيكلة الدولة السودانية علي أسس جديدة، ويضيف ان مطالب شعب جبال النوبة يتمثل في اتفاق طرفي النزاع دون شروط على فتح ممرات لايصال المساعدات الانسانية عبر وكالات الامم المتحدة  ، انشاء آلية اقليمية ودولية لحماية المدنيين وايقاف جميع الاعمال العدائية ويطالب الاقليم بحكم ذاتي في اطار السودان الموحد على غرار ( كردستان العراق ) ودفع تعويضات فردية وجماعية لمن تضرر من الحرب او فقد ممتلكاته ، تشكيل لجنة تحقيق دولة حول الانتهاكات في حقوق الانسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وتقديم مرتكبيها الى العدالة الدولية .

 

 This is debug window. Set define(‘DEBUG’, FALSE) in config.php file to hide it.