الصحفيات السودانيات … صعوبات في الترقي المهني
شبكة عاين – ٣١ مايو ٢٠١٧
يبدو إنه من السهل جداً على النساء الولوج إلي العمل الصحفي في السودان، ولكن فرص الترقي المهني بعد ذلك تعد صعبة للغاية، كما ذكرت بذلك منظمات صحفية وإعلامية سودانية، إذ أن حوالي الـ ٦٠ بالمئة من العاملين في المجال الإعلامي في السودان هن نساء، وذلك وفقاً للإتحاد العام للصحفيين السودانيين، ومع ذلك القليل جداً منهن يتمكن من الترقي الوظيفي.
صباح أدم، رئيس التحرير الأسبق لصحيفة (The Citizen) ومديرة مركز الألق للخدمات الصحفية، تري إن مسألة عدم ترقي الصحفيات في السلم الوظيفي يعود إلي نهج الوصاية في السودان، وتضيف قائلة: (نستطيع أن نشير إلى إنه رغم الزيادة في عدد النساء في الصحافة السودانية، غير إننا لأنجدهن في مواقع قيادية كما يحدث لزملائهن الرجال، وذلك ليس لعدم مقدرتهن، ولكن لنهج الوصاية الذي يسود مؤسساتنا بما فيها الصحفية، فالتشكيك فى أن النساء لا يستطعن أن يتحملن أعباء السفر في التغطيات الإعلامية أمر مصطنع لإستمرار نهج الوصاية وتقليل فرص الترقي والحرمان، مما يقلل من إكتسابهن لخبرات متنوعة).
حالياً، لا توجد أي إمرأة تشغل منصب رئيس تحرير لصحيفة يومية من بين الـ٣٢ صحيفة التي تصدر في السودان، صباح أدم كانت واحدة من بين إثنتين فقط شغلن هذا المنصب في السودان، قبل أن يتم إغلاق صحيفتها لأسباب مالية من قبل الناشر. لذلك تشجع صباح وسائل الإعلام المحلية على إعطاء فرص أكبر للنساء الصحفيات في السودان، وفتح فرص لهن للتدريب والسفر، لأنه يطور من قدراتهن ويعزز من تجاربهن، ويجعلهن أكثر قوة على مواجهة التحديات.
تمييز ومعاناة
النساء السودانيات عانين طويلاً من التمييز السلبي، وأصبحن ضحايا الحروب وأشكال اخرى من الإضطهاد، فوفقاً لمنظمة (Human Rights Watch) فإن الإجهزة الأمنية في السودان تحرشت بالناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان جنسياً وهددتهم من أجل إسكاتهن. ويعتبرالسودان من ضمن أسواء ستة دول في العالم في سجل حرية التعبير، وفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود، فالسودان يأتى في المرتبة ١٧٤ من جملة ١٨٠ دولة في تقرير المنظمة الإخير للعام ٢٠١٧.
هناك من يعتقد إن التمييز ضد الصحفيات في السودان يأتي في إطار التمييز ضد المرأة عموما، في هذا الإطار تقول الصحفية شمائل النور: (أعتقد إن عدم الترقي في المناصب الصحفية يرتبط بوضع النساء عموماً)، تضيف شمائل الصحفية بجريدة التيار والتي واجهت هجوماً من قبل جماعات متشددة داعمة لداعش: تقول: (لا يمكن أن نجد إجابة على هذا السؤال بعيداً عن إجابة، لماذا لا تترقى النساء للرئاسة في الاحزاب السياسية؟ مثلا، فمريم الصادق سوف تعاني إن أرادات أن تتقلد قيادة الحزب خلفاً لوالدها. خلاصتي إن وضع المرأة في الصحافة، مربوط تماماً بوضعها في كل المؤسسات).
قيود على الكتابة
النساء الصحفيات، لا يواجهن فقط تمييزاً في المؤسسات الصحفية، بل هن لا يقوين على الكتابة عن قضاياهن الخاصة أيضاً، فوفقاً لتقرير صادر عن موقع (Nuba Reports) بعد رصدهم للصحف السودانية اليومية لمدة اسبوع، وجدوا أن ثلاثة صحف يومية فقط قد نشرت مواضيع متعلقة بالنساء، والصحف التي لم تورد أي موضوع عن النساء هي الراي العام، الصيحة والجريدة. وتعتقد شمائل إن ضعف التغطية الإعلامية لقضايا النساء هو نتيجة لعدم الوعي و ليس تجاهلاً عن قصد.
أما الصحفية لبنى عبدالله إحدي المؤسسات لمركز الحماية للخدمات الصحفية في السودان، فتعتقد إن الصحفيات لا يقوين على طرح قضاياهن الخاصة والمشاكل التي يتعرضن لها في الصحف، لأنه سيتم طردهن من الجرائد اذا ما قمن بذلك، وتضيف لبنى: (بعض الصحفيات خاصة الشابات منهن، تعرضن لتحرشات ومضايقات جنسية داخل الصحف، مما أدى الي تركهن المهنة، وأيضاً هنالك عدد من الصحفيات تركن المجال لأن المرتبات ضعيفة جداً).
في بعض الحالات يكون الاعلام عدواً لقضايا النساء، فحينما أعتقلت الصحفية لبنى أحمد حسين لإرتدائها (بنطلون) في عام ٢٠٠٩، وصفت بعض الصحف المظاهرات التي خرجت داعمة لها بإنها مظاهرات (للعاهرات والشواذ جنسياً)، أما الصحف التي غطت الحدث بصورة إيجابية كصحيفة اجراس الحرية، منعت من الكتابة في الموضوع من قبل الاجهزة الامنية.
إعلام غير منصف للنساء
وفقا لمنظمة اليونيسيف فان السودان يسجل أعلى معدلات ختان الإناث في العالم، ولكن التغطية الإعلامية لهذا الموضوع ضعيف ومتباعد، ويقول الصحفي عبدالقادر محمد عبدالقادر صاحب كتاب أسوار الصمت: (إذا نظرنا إلى وسائل الإعلام السودانية فان تناولها للقضايا النسوية غير كافي وغير متوازن في بلد مشحون بهذا النوع من القضايا، فمثلاً لا أتذكر أنني إطلعت على مادة صحفية تتناول أوضاع النساء في مناطق النزاعات، وحتى إن وجدت مثل هذه المواد فالتناول عادة يكون غير متعمق).
ويضيف قائلا :(هنالك أيضا قضايا نسوية أخرى مثل القوانين المكرسة لقهر النساء، عدم تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في بعض أماكن العمل، قضايا الأجر المتساوي، إجازات الأمومة، ومسائل منح الجنسية لأطفال الأمهات السودانيات من آباء أجانب، كل هذه القضايا تغيب تماما عن الصحف ووسائل الإعلام المحلية في السودان)، ويرجّع عبدالقادر ذلك لضعف الكادر الصحفي وقلة خبرته، ويضيف:(تناول مثل هذه القضايا من شأنه أن يعصف بمسلمات النظام الاجتماعي، والمشروع السياسي للنظام الحاكم، الذي يقوم على أساس الشريعة الإسلامية، الذي يكرس لمسألة إبقاء النساء حبيسات بين جدران المنازل، لذلك أتصور إن مثل هذه الموضوعات تندرج تحت قائمة الخطوط الحمراء التي لا يسمح بتناولها).