الدعم السريع من مليشيا قبلية الى قوات بديلة للجيش السوداني
الدعم السريع من مليشيا قبلية الى قوات بديلة للجيش السوداني
تقرير : عاين
لم يكن قرار جهاز الامن بنشر ما يسمى بقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم محض مصادفة ، حيث ان هذه القوات التي عرفت بارتكابها بجرائم حرب في دارفور ، وجنوب وشمال كردفان ، وروعت وارهبت المواطنين في تلك المناطق ، اصبحت لها حصانة من قبل اعلى سلطة في الدولة ، لان الحكومة اصبحت تتشكك في ولاء القوات لمسلحة لها
ونشر هذه القوات في العاصمة واطرافها اثار حفيظة المواطنين والقوى السياسية حتى كان احد ضحايا المناداة بادانة جرائم قوات حمدتي رئيس حزب الامة الصادق المهدي حيث تم اعتقاله بعيد مخاطبة جماهيرية عندما قال المهدي ان هذه القوات قامت بارتكاب جرائم في دارفور وجنوب وشمال كردفان ، مما دفع السلطات لاستدعاءه للتحقيق لكنها سرعان ما قامت باعتقاله واودعته سجن كوبر ليواجه اتهامات تصل عقوبتها بين الاعدام والسجن المؤبد .
ولاول مرة بدأ محمد حمدان المشهور (بحمدتي ) يظهر في الاعلام بشكل يومي ويتحدث للصحافة المحلية في الخرطوم ، وحمدتي تجاوز الاربعين من عمره بقليل ، وهو قائد قوات الدعم السريع وهي في اصل احدى مليشيات (الجنجويد )التي تم تشكيلها في العام 2003 للقتال في دارفور وتدعمها الحكومة السودانية ، لمواجهة الحركات المسلحة هناك وتحولت الى قوات حرس الحدود، وقوات الجنجويد مجموعة من القبائل المختلفة غالبها من القبائل العربية ، وقامت الحكومة في الاونة الاخيرة توحيد هذه القوات تحت قيادة واحدة وهي تتكون من (30 الف) جندي ، وبحسب مصادر تحدثت لـ(عاين ) قالت ان هناك عناصر مما تبقى من عناصر المعارضة التشادية تصل نحو (5 ) الف مقاتل اصبحوا ضمن صفوف قوات حمدتي الى جانب المئات من الهاربين من قوات معارضة دولة مالي ، وايضاً من قوات المعارضة في دولة افريقيا الوسطى ، وتم تدريب مجموعات اخرى للحاق بقوات الدعم السريع التي سيتم استخدامها في الصراع داخل النظام بين البشير والمجموعات المناوئة له من الاسلاميين لا سيما ان القوات المسلحة قد تبعد القيادات الاسلامية على غرار ما حدث في مصر بعد ابعاد الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي في اطار ابعاد جماعة الاخوان المسلمين من سدة الحكم .
ونظمت قوات الدعم السريع المعروفة الاربعاء الماضي استعراض عسكري في الخرطوم ، وطالب قائد القوات اللواء عبد العزيز عباس خلال مخاطبته الاستعراض في الخرطوم من اسماهم (بالمنزلقين خلف الدعاوى الكاذبة ضد قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم في دارفور وجنوب كردفان بالاعتذار ) في اشارة الى زعيم حزب الأمة القومي المعارض المعتقل في سجن كوبرالصادق المهدي وأضاف (أرجو أن يعتذروا لقوات الدعم السريع ولكل الشعب السوداني وأن يتوبوا إلى الله ) وشدد على أن قوات الدعم السريع لم تأتِ لحماية النظام ، وقال (نحن أتينا من أجل أن نقيم الدولة ونثبّت أركانها ولا يهمّنا مَن يحكم وهذا موقفنا ولن نتزحزح عنه ) ، ويتداول السودانيون في مواقع التواصل الاجتماعي موضوع قوات الدعم السريع وانتشارها في الخرطوم ، وسط حالة من الرعب والتوجسات من ان تقوم هذه القوات بتكرار ما فعلته في مناطق دارفور وجنوب وشمال كردفان في خلال الشهور الماضية من قتل ، حرق واغتصاب .
إختطاف الجيش
يقول لواء متقاعد في الجيش السوداني طلب عدم ذكر اسمه لـ(عاين ) ان الجيش تم اختطافه منذ زمن بعيد ، بعدة طرق ووسائل ابرزها كانت احالة الضباط الاكفاء للمعاش وتعقبهم بعد ان يصبحوا فاقدين للعمل، ومنهم من لم يستطع تدبير امر معيشته اليومية بسبب صرف كافة مستحقاته على التكاليف الحياة اليومية ، كاشفاً عن ان هنالك مجموعة من افراد جهاز الامن مختصة بتتبع اي من تتم احالته للمعاش وما ان تتدهور اوضاعه المعيشية تقم هذه المجموعة بعرض مبلغ من المال برغبة المساعدة لاغراءه ومحاولة استمالته للعمل في جهاز الامن في تدريب القوات الخاصة ، ويضيف ( يعرضون راتب مغري ورتبة عسكرية اما تكون هى ذات الرتبة التى احلت بها للمعاش او رتبة اعلى فهنالك من وافق للعمل معهم واخرون رفضوا ) ، ويواصل اللواء المتقاعد (ومن رفضوا تم تأليب الاجهزة الامنية كافة عليهم حتى يصل الفرد الى مرحلة لايستطيع فيها تدبير مصروفه اليومي فمنهم من يختار الهجرة ومنهم من ينصاع اليهم ويقبل بالعرض )
ويذهب في ذات الاتجاه المقدم معاش الذي طلب ان نرمز على اسمه بالاحرف (ق. ا) وقد بدأ حديثه لـ(عاين) بالقول ان الامر في غاية الخطورة حيث استطاع جهاز الامن والمخابرات في فترة وجيزة ان يخلق قوة بديلة وذلك بملاحقة الضباط بعد المعاش والحقاهم بهيئة العمليات تدريب التابعة لجهاز الامن وفي فترة (4) اعوام استطاع جهاز الامن ان يملك قوة ضخمة تم تقسيمها الى قوات امنية منها من الحق بمكافحة الشغب الى ان ظهرت في الاونة الاخيرة قوات الدعم السريع ، ويضيف ( استطاع جهاز الامن أن يخلق قوة بديلة بإشراف مباشر من اللواء (عبد الغفار الشريف) احد قيادات جهاز الامن وهو الذي يشرف مباشرة على عملية استقطاب المعاشيين وهنالك من تمت احالتة للمعاش عن قصد للاستفادة منه في تأهيل قوات تابعة لجهاز الامن ، ويقول ان القوات الموزاية من المليشيات المنتشرة اصبحت تحت اشراف جهاز الامن والمخابرات وتعمل في المواقع التي تختارها قيادة الجهاز
محاولات تبديل القوات المسلحة السودانية بالمليشيات
لم تبدأ محاولة تصفية مؤسسة القوات المسلحة التي كانت تعرف بقوة دفاع السودان ابان فترة الاستعمار البريطاني ، منذ عهد الاسلاميين في الحكم فقط ، بل منذ فترة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي الذ اصدر قانوناً بانشاءها، واتعود لفكرة في الاصل الى ان الرجل اراد مواجهة الحركة الشعبية – الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الراحل الدكتور جون قرنق خلال الحرب الاهلية التي استمرت لاكثر من (22) عاماً ، كما ان المهدي لا يثق في المؤسسة العسكرية التي سبق ان انقلبت عليه في فترة حكمه الاولى اواخر الستينيات بانقلاب الرئيس الاسبق جعفر نميري والشيوعيين الذين تحالفوا معه ، وبعد وصول الجبهة الاسلامية الى سدة الحكم بعد الانقلاب العسكر على حكم الصادق المهدي في يونيو (1989 ) ، وقد توجه الاسلاميون الى تأسيس قوات مليشيا الدفاع الشعبي ، والتي اصبحت تخوض الحرب الاهلية تحت راية (الجهاد ) في مناطق جنوب السودان ، جبال النوبة والنيل الازرق
ويقول اللواء معاش المتقاعد ان مؤسسة القوات المسلحة قد تمت تصفيتها ، مشيراً الى ان جرائم كثيرة ارتكبت في حق الشعب السوداني في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق حتى في الخرطوم نفسها ومناطق المناصير، واضاف ان الاعتداءات المتكررة على المدنيين في هذه المناطق لم تحدث من القوات المسلحة وانما من مليشيات كقوات الدعم السريع والقوات الامنية التى تضرب الرصاص الحي في جماجم المواطنين العزل في كل مكان حتى في وسط الخرطوم ، وتسائل (اي جيش يستبيح دماء المواطينين هكذا ؟ اي جيش ينظر الى الجرائم التى ارتكبت في الابيض والفاشر ونيالا على وضح النهار ولم يتحرل لحماية المدنيين ؟ ليس هناك جيش في السودان ).
اما المقدم في الخدمة العسكرية الذي طلب عدم الكشف عن هويته ، اتفق مع سالفيه ، مؤكدا لـ(عاين ) ان قوات االدعم السريع لها من المزايا التى يسبق للقوات المسلحة الاستفادة منها مثل التوشين والدعم اللوجستي وغذاء القوات التى يتم حملها بالسيارات ، ويتم توزيعها لافراد قوات الدعم السريع في منازلهم فضلاً عن المرتب الكبير الذي يتقاضاه افراد الدعم السريع حيث يتم (مقاولتهم) على العمليات العسكرية مباشرة .وهو ما اكده المقدم معاش (ق. ا) بان قوات السريع يتم الاتفاق معها قبل اي عملية بملبغ (50.000) الف جنيه للجماعة التى تتكون من (11) (يعني العمليات اصبحت بالمقاولة ) في اي عملية عسكرية مؤكداً شهادته بالمبلغ الطائل الذي دفعه والى كردفان احمد محمد هارون لقوات الدعم السريع مقابل خروجهم من الابيض عاصمة الولاية بعدما عاثت هذه القوات فساداً من قتل ونهب واغتصاب مما دفع المواطنين بالخروج في مسيرات كبيرة ارغمت هارون للاتفاق مع هذه القوات بدفع هذه المبالغ
اما اللواء المتقاعد فقد نفى علمه بالمبالغ التى تصرف لقوات الدعم السريع بالتحديد ، ولكنه عاد وقال (انه على علم بان مرتبات افراد وضباط الصف في قوات الدعم السريع اعلى من مرتبات الضباط والجنود في القوات المسلحة السودانية وهو ما ادى الى تذمر الجنود في الجيش الوطني )
حميدتي :البلد مافيها جيش
قال هيئة اصلاحي القوات المسلحة المقدم خدمة (ع. ل) ان التململ في وسط ضباط الجيش السوداني يعود الى الانتهاكات التى ظلت ترتكب ضد المدنين بشكل متكرر معلنا عن موقف اكثر حدة وصلابة من قبل القوات المسلحة في القريب العاجل في حال عدم تراجع مؤسسة الرئاسة ووزارة الدفاع عن نشر قوات بديلة للجيش خاصة في العاصمة القومية ، وكشف عن امكانية تدخل الجيش حال استمرار وجود قوات الدعم السريع في العاصمة ومحاولة انتهاكاتها ضد المواطنين .
ولكن المقدم بالمعاش ( ق. ا) استبعد ذلك تماماً قائلاً ( انا اجزم لك بان الجيش الموجود حالياً لايمكن ان يصطدم مع قوات الدعم السريع لعدة اسباب اولها ان القوات المسلحة اصبحت بلا انياب وليست لها قوة تستطيع ان تواجه بها الدعم السريع . ثانياً : لماذا لم تتصدى القوات المسلحة للدعم السريع حينما ارتكبت جرائم في حق المواطنيين في مناطق دارفور ، جبال النوبة وفي شمال كردفان ؟ والسبب الثالث ان الجيش اصبح في حالة توهان ويفتقد لزمام المبادرة. وهنا تجدر الاشارة الى ان الدكتور نافع على نافع القيادي الانقاذي البارز المقال من منصبة والدكتور يوسف الكوده القيادي الاسلامي المعارض والمقيم خارج السودان كانا قد ارودا على صفحتيهما في مواقع التواصل الاجتماعي حديث قائد قوات الدعم السريع العميد حميدتي لقواته بالعاصمة القومية الخرطوم نفتبس من صفحتيهما ما يتختص بالجيش (اي واحد يعمل مجمجمة ياهدي النقعة الذخيزة توري وشها نحن الحكومة ويوم الحكومة تسوي لها جيش بعد تكلمنا).
السؤوال الذي يطرح نفسه الان هل سيشهد مواطنو الخرطوم خاصة اطرافها ذات الانتهاكات التى شهدها المواطنون في جنوب وشمال كردفان ودارفور ؟ ام ان هنالك قوة اخرى ستتدخل لحماية المدنيين وتحدث فوضى تؤدي الى تغيير النظام امر البلاد اصبحت في يده هو فقط .