قتلى وجرحى في أعمال عنف بشرق السودان تنديداً بإقالة حاكم ولاية كسلا

14 أكتوبر 2020

على نحو متوقع تفجرت الأوضاع الامنية في شرق السودان مجدداً عقب قرار رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، إقالة والي كسلا صالح عمار، بعد ما يقارب 3 أشهر من تعيينه الذي خلق انقساماً وسط المجموعات الأهلية في الإقليم بين رافض ومؤيد لتوليه المنصب.

وظل عمار يدير شؤون الولاية من مقر إقامته بالعاصمة الخرطوم منذ تعيينه اواخر يوليو الماضي، وحتى صدور قرار اعفائه من المنصب أمس الثلاثاء، وتسبب في تجدد الإقتتال الأهلي في مدينتي بورتسودان وسواكن صبيحة اليوم الأربعاء، لينتج عنه سقوط العشرات بين ضحايا ومصابين.

وعلى خلفية هذه التطورات أعلنت اللجنة الأمنية بولاية البحر الأحمر حظر التجول في مدينتي بورتسودان وسواكن اعتباراً من اليوم الأربعاء، من الثانية عشر ظهراً وحتى الرابعة صباحاً وذلك لحين هدوء الأحوال الأمنية.

من ناحيتها أكدت وزارة الصحة بالبحر الأحمر سقوط 6 ضحايا بمدينة سواكن إضافة إلى 9 إصابات بجانب 12 حالة إصابة أخرى بمدينة بورتسودان، ناتجة عن احداث اليوم، في وقت وصفت فيه الإصابات بالمتوسطة.

وبحسب ما نقل شهود من سواكن لـ (عاين) فإن العمل بميناء (عثمان دقنة) المُخصص للركاب قد توقف بسبب الإحتجاجات التي تشهدها المدينة، في ظل ما وصفوه بالغياب التام للأجهزة الأمنية وتوقعات بإستمرار أعمال العنف.

كذلك تأثر العمل في الميناء الشمالي ببورتسودان والمُخصص لنقل البضائع، بالأحداث التي شهدتها المدينة اليوم، وذلك وفقاً لصور نشرها نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي.

وفي حديثها لـ (عاين) أعلنت مديرة عام وزارة الصحة بالبحر الأحمر، زعفران الزاكي، تشكيل غرفة طوارئ لمواجهة ما يُمكن أن تسفر عنه احداث العنف التي تشهدها الولاية، وذلك من واقع تجاربهم السابقة في هذا الصدد، في وقت أكدت توفر الإمداد الدوائي لجميع الحالات المتوقع وصولها للمشافي.

وأشارت الزاكي، لصدور قرار بإيقاف العمليات الجراحية المُبرمجة وتخصيص 3 مشافي لمواجهة تطورات الأوضاع، بجانب توفير الحماية الأمنية لها ووضع جميع الأطباء في حالة استعداد تام.

وجاءت إقالة الوالي عمار، عقب لقاء قادة ما يُطلق عليه (المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة)، الذي يقوده ناظر مجموعة (الهدندوة) سيد محمد الأمين ترك، برئيس مجلس السيادة الإنتقالي عبدالفتاح البرهان وعضو المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وعرضهم عدة مطالب منها إقالة عمار، مقابل وقف التصعيد الذي تبناه المجلس بإغلاق الطريق الذي يربط البلاد بميناء بورتسودان وإضراب عمال محطة الحاويات بالميناء الجنوبي.

وفي رده على قرار الإقالة نشر عمار، بياناً على صفحته بموقع التواصل الإجتماعي (فيسبوك)، قال فيه إن القرار جاء رضوخاً لابتزاز مارسته مجموعة من بقايا المؤتمر الوطني وسدنة النظام المباد، مع تأكيده بعدم وجود حرب بين اي من المجموعات الأهلية بشرق السودان.

ودعا الى ضبط النفس وعدم التعدي على الافراد او مؤسسات الدولة، مع التأكيد على كفالة حق التعبير السلمي، وتحذير الشرطة والاجهزة الامنية من اي استخدام للعنف ضد المتظاهرين سلميًا، ومطالبة هذه الاجهزة بحماية حقوق المتظاهرين الدستورية.

وفي بيان منسوب لناظر مجموعة الـ (بني عامر) على إبراهيم دقلل، وهي المجموعة التي ينتمي لها الوالي المُقال، حمّل الحكومة المسئولية كاملة لأي تداعيات يمكن أن تحدث بسبب إصدار قرار إقالة الوالي في ظل حالة الإحتقان الحالية.

وأشار إلى رفضهم لأي قرار بإعفائه بسبب ما وصفها بالمبررات العنصرية والتشكيك في الهوية التي إتكأت عليها حملة القوى الرافضة للوالي والتي استخدمت جميع أسلحة الاستهداف الصدئة مثل الطعن والتشكيك في الهوية بما يتعارض مع الوثيقة الدستورية التي تنص على المواطنة أساساً للحقوق والواجبات، بحسب نص البيان.

من جانبه أعتبر الخبير الأمني والمدير الأسبق لشرطة ولاية البحر الأحمر اللواء المتقاعد حيدر أحمد سليمان، أن الحلول الأمنية غير ذات جدوى لمعالجة حالة الإحتقان التي يشهدها شرق السودان حالياً.

فيما طالب بضرورة تدخل من وصفهم بالعقلاء من قادة الإدارات الأهلية لتهدئة الأوضاع، ولفت كذلك على أهمية أن تتحلى القوات الأمنية بضبط النفس حيال التعامل مع الأحداث.

وقال سليمان لـ (عاين)، إن الحكومة الإنتقالية وقعت في ذات الأخطاء التاريخية المتكررة في التعامل مع قضايا شرق السودان بالتفاوض مع مجموعات منفصلة عن قواعدها، وليس لديها سند أهلي في الإقليم، ورأى أن هذا المنهج قاد لذات النتائج السابقة.

وشدد على أن التفاوض حول قضايا شرق السودان لابد أن يأتي من القواعد الحقيقية التي تمثل الإقليم، فيما توقع أن تؤدي هذه السياسيا لتفجر صراعات في مناطق أخرى من البلاد.

وأشار سليمان لما اعتبره تفتت للنسيج الإجتماعي بين مكونات الإقليم وظهور صراعات ذات طابع إثني بين مختلف المجوعات التي تسكن الإقليم منذ عقود طويلة.