انسحاب اليوناميد: تقاطعات السياسة والتمويل تضيّع حقوق المدنيين

تجاهلًا لتحذيرات منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية والمحلية ، تتقدم (يوناميد) بخطتها لخفض عدد قواتها ويتبعها انسحاب كامل. السبب الذي ذكرته يوناميد والخرطوم هو الاستقرار الأمني والإنساني، رغم أن الأوضاع على الأرض تظهر عكس ذلك. يقول المراقبون والخبراء لـ(عاين) ان الأمن والاستقرار الإنساني ليس هو السبب في الانسحاب، وإنما تطبيع العلاقات الدولية مع الخرطوم،  إضافة إلى جهد (تقوده الولايات المتحدة) لخفض الأموال المتجهة إلى مهام حفظ السلام.

تزايدت التحذيرات في الاونة الاخيرة من قبل دوائر عديدة لا سيما منظمات حقوق الانسان الدولية والاقليمية والمحلية خوفا من استمرار تنفيذ خطة انسحاب قوات حفظ السلام من اقليم دارفور المنكوب، وما يتوقع ان يحدثه ذلك من المزيد من التدهور الامني والانساني. يحدث هذا في وقت لم تتوقف فيه الحروبات القبلية وهجمات المليشيات الحكومية ضد المدنيين، يصاحبه فشل في مشاريع العودة الطوعية مع استمرار الخطة الحكومية متعددة الأبعاد لتجفيف معسكرات النازحين.

وتتزامن الخطة ايضا مع اتساع رقعة المعارك بين قوات حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور والقوات الحكومية في وحول جبل مرة.

ورغم ان اختلاف الاجندة العالمية وارهاق المانحين يعدان الأسباب الرئيسية لمضي مجلس الأمن الدولي قدما في تنفيذ الخطة، إلا أن تصريحات مسؤولي البعثة ذهبت الى مساندة الادعاءات الحكومية بشأن الاستقرار الامني والانساني في الاقليم، ملقية بظلال شك اضافية حول نوايا وادوار البعثة التي تواجه تهما وادعاءات سابقة من أحد كبار موظفيها بالتستر على الانتهاكات الحكومية في الاقليم.

وفي المقابل واصلت الحكومة السودانية ضغوطها على البعثة الدولية وموظفيها من اجل انفاذ خطة الخروج المتدرج التي أجازها مجلس الأمن الدولي، وتم اخلاء 11 موقعا تابعا لليوناميد بناءا على ذلك وخفضت ما يزيد عن سبعة آلاف جندي أممي وتخطط للإبقاء على موقع واحد في منطقة قولو بجبل مرة بالاضافة لوجودها في مدينة زالنجي.

ويرى مراقبون ومحللون متابعون للشأن السوداني أن انسحاب قوات اليوناميد من دارفور يأتي دون مسوغ منطقي في ظل استمرار التدهور الامني والانساني في الإقليم. ويتم الانسحاب وفقا لتراجع في الاجندة الدولية تجاه الاهتمام بالأوضاع في دارفور على المستويين السياسي والمالي ما أدى لنقص قدر كبير من التمويل من قبل المانحين للبعثة علي رأسهم الولايات المتحدة الامريكية، اضافة للتطبيع النسبي للعلاقات بين النظام والمجتمع الدولي في الآونة الاخيرة.

ويمضي هؤلاء الى التأكيد بان اختلاف الاجندة الدولية وتجاهل الاوضاع الامنية والانسانية المتدهورة في دارفور تعد العامل الأساسي في هذا الإطار، مشيرين إلى تنامي الاتجاه العالمي لتخفيض التمويل الممنوح لبعثات حفظ السلام لا سيما من قبل الادارة الامريكية برئاسة ترامب. وفي يونيو 2017 قالت نيكي هالي ، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ، “بعد 5 أشهر فقط من وقتنا هنا، قمنا بتخفيض أكثر من نصف مليار دولار من ميزانية حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة”، مشيرة الى الصفقة التي تقطع 600 مليون دولار من ميزانية حفظ السلام السنوية التي تبلغ أكثر من 7.5 مليار دولار.

ويمضون المراقبون للقول بأن تغييرا كبيرا طرأ في ترتيب أولويات المانحين لا سيما في ظل ظهور أزمات إنسانية ضاغطة أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا مثل سوريا واليمن وجنوب السودان.

فضائح التستر والخروج المتدرج

وكانت خطة الخروج المتدرج للبعثة الاممية المختلطة في دارفور، قد اعتمدت من قبل مجلس الأمن الدولي في العام 2014 عقب اتهامات أطلقتها المتحدثة السابقة لبعثة اليوناميد في دارفور المغربية عائشة البصري ضد أنشطة البعثة في الإقليم واتهمتها بالتستر على الاعتداءات والجرائم الحكومية هناك. وتوصلت لجنة تحقيق دولية إلى صحة جزء أساسي من اتهامات البصري للبعثة، ورغم عدم توجيه اتهامات لأي من مسؤولي البعثة مباشرة إلا أن اللجنة أوصت بضرورة الخروج التدريجي لقوات البعثة من الإقليم بمكوناتها العسكرية والشرطية والمدنية بالاضافة لتغيير التفويض الممنوح للبعثة من حفظ السلام إلى بناء السلام والقدرات.

وتشمل الخطة التي بنيت على عدة مراحل تخفيض أكثر من 50% من القوات العسكرية والشرطية البالغة ما يقارب 20 ألف جندي معظمهم من دول أفريقية بنهاية شهر يونيو الحالي. ووضعت لجنة مشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وحكومة السودان أسس الاتفاق على عملية الخروج المتدرج التي اشتملت على مرحلتين يتم في الأولى والتي انتهت في يونيو 2017 بتخفيض عدد القوات التي 11.395، فيما تم تخفيض قوات الشرطة إلى 2.888، وأعلنت البعثة وقتها انسحابها من حوال 11 معسكرا ومركزا لها وتسليمها للحكومة السودانية. وظلت الأطراف الثلاثة في حالة اجتماعات مستمرة في الخرطوم وأديس أبابا حيث مقر الاتحاد الأفريقي، لوضع اللمسات النهائية للمرحلة الثانية والتي تنتهي بنهاية شهر يونيو الحالي، ويتوقع أن يصل عدد قوات بنهاية المرحلة الثانية الي 8.735 فيما ينخفض عدد قوات الشرطة إلى 2.500

وكانت البعثة الاممية الافريقية المختلطة (يوناميد) قد تم نشرها بدارفور في ديسمبر من العام 2007 عقب جولات تفاوضية وضغوط دولية كبيرة مورست علي الخرطوم ليتم نشر قوات حفظ سلام يصل عددها الي 26.000 جندي معظمهم من دول أفريقية، يوجد بينهم بضع مئات من المستشارين العسكريين والشرطيين الغربيين. وتعرضت البعثة لمقتل وجرح العشرات من جنودها في كمائن نصبت من عدد من المجموعات المسلحة في الإقليم خلال العشرة سنوات الماضية ولم يتم القبض على المتهمين او تقديم الجناة للعدالة في اي منها، كما كان لافتا ان القوات عجزت في معظم الحالات عن الدفاع عن نفسها.

مكافآت وصفقات

وفي هذا السياق تذهب المجموعة السودانية للديمقراطية أولا (وهي مركز بحثي وحقوقي يختص في إعداد دراسات عن الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية في السودان) إلى أن المجتمع الدولي يسير بشكل متعمد في اتجاه ترجيح كفة الحكومة السودانية ضد مناوئيها الداخليين و الإقليميين كمكافأة للخرطوم لقاء الخدمات التي قدمتها للغرب في إطار الحرب على الإرهاب والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وغيرها.

وتقول الديمقراطية أولا في تقرير أصدرته هذا الشهر ((يونيو)) عن اعتزام مجلس الأمن سحب قوات اليوناميد من دارفور ان الامر يعد استهانة بالمدنيين وتخلي من قبل المجتمع الدولي عن التزاماته تجاه الدارفوريين.

وأبدت المجموعة استغرابها من مناقشة مجلس الأمن الدولي لخطته سحب قوات اليوناميد من دارفور، في نفس الوقت الذي يشهد الاقليم تصاعدا للقتال والتشريد والنهب والاغتصاب، واضافت “ان اليوناميد يتم التضحية بها، مقابل الخدمات الجليلة التي تقدمها الحكومة للمجتمع الدولي، في مجالات استخباراتية عديدة ، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، ومحاربة الإرهاب“. ,ويتابع التقرير “نستغرب لهذا الاتجاه لخروج قوات اليوناميد من الاقليم ، ان المجتمع الدولي بما في ذلك بعثة الأمم المتحدة في دارفور يتخلون عن التزاماتهم الدولية والقانونية والانسانية في وقت تستمر فيه الهجمات على المدنيين والاعتداءات على النازحين واغتصاب الفتيات على نحو مستمر“.

قصة فشل

وفي اتجاه ليس ببعيد يرى كبير منسقي السياسات في منظمة كفاية الامريكية عمر قمرالدين، ان البعثة فشلت في اداء كافة المهام الموكلة اليها من قبل مجلس الامن بدءا بالدفاع عن نفسها وحماية المدنيين وتسهيل عمليات الاغاثة وحماية عمال الاغاثة بالاضافة لدعم عملية السلام في دارفور وإجراء الحوار الدارفوري – الدارفوري الي جانب استكمال المصالحات القبلية وبناء القدرات والسلام والمحاسبة. ويري قمر الدين في حديث لـ(عاين) ان مهام البعثة فيها الكثير من الخلط بين حفظ السلام وحماية المدنيين منذ البداية الامر الذي أضعف التفويض الممنوح لها، خاصة أن عملية السلام ما تزال تراوح مكانها في دارفور فيما فشلت اتفاقيات أبوجا سابقا والدوحة حاليا في توفير أرضية شاملة ينطلق منها السلام في الإقليم. أما بخصوص قاعدة اليوناميد التي سيتم انشاؤها في منطقة (قولو) بجبل مرة، يقول قمر الدين أن قاعدة قولو المؤقتة، مثل قاعدة كورما، وقاعدة منواشي، ولا قيمة لوجود اليوناميد على الأرض، في حالة خضوعها التام لهيمنة حكومة الخرطوم، وتخليها عن التفويض الممنوح لها.

ويضيف المسؤول في منظمة كفاية الامريكية ان القتال اصلا لم يتوقف في دارفور، رغم الاعلان الحكومي المتكرر لذلك، متهما الحكومة بالإصرار على اعتماد الحلول الامنية والعسكرية لحل النزاعات ذات الطابع السياسي او الثقافي في البلاد، الأمر الذي سيؤدي الى توسيع رقعة القتال قريبا الى خارج دارفور. واضاف قمر الدين ان تمدد القتال لن يتوقف بجنوب كردفان والنيل الازرق بل يتوقع ان يتمدد الي أواسط وشمال البلاد ما لم يتم إيجاد حلول ناجعة للعديد من الأسباب العميقة للنزاعات في السودان ككل.

توقيت حاسم ومعارك مستمرة

ومع اقتراب موعد انتهاء تفويض اليوناميد بحلول نهاية يونيو الحالي، أعطت زيارة وفد مجلس الامن خلال الشهر الماضي لتقييم الأوضاع في دارفور الضوء الأخضر للتعجيل في انفاذ خطة الخروج المترد لليوناميد.

وينتقد تقرير (المجموعة السودانية للديمقراطية أولا) ما توصل اليه الوفد الأممي المكون من مندوبي بريطانيا وفرنسا والسويد وهولندا، قبل أن يضيف بأن حجم البعثة التي أرسلها مجلس الأمن والفترة التي قضتها على الأرض في دارفور ليست كافية مطلقا للتوصل لمثل هذه النتيجة الحاسمة. وتوقع التقرير ان يتم تصفية نهائية لوجود بعثة اليوناميد في دارفور خلال العامين المقبلين.

في غضون ذلك شهد إقليم دافور تداعيات أمنية وسياسية سلبية تمثلت في تجدد القتال العنيف في وحول جبل مرة وفرار الالاف من المدنيين في المنطقة خلال شهري مارس وأبريل الماضيين. كما شهدت الفترة الأخيرة انهيار مفاوضات برلين بين الحركات المسلحة والحكومة رغم المجهودات الكبيرة والضغوط التي مارسها الوسطاء الدوليون لا سيما على الحركات، ذلك إلى جانب المحاولات الحكومية تفكيك معسكرات النازحين، الأمر الذي أسهم في المزيد من تأزيم الاوضاع في الاقليم.

وتذكر تقارير أن تجدد القتال مؤخرا أدى لنزوح آلاف المواطنين بجبل مرة، هرباً من هجمات متوقعة من القوات الحكومية على المناطق التي تسيطر عليها قوات حركة عبد الواحد نور بجبل مرة.هذا وقد أعربت الخارجية الامريكية عن قلقها العميق، جراء تواصل العنف، وأوضحت الناطقة باسم الخارجية الامريكية (هيذر نويرت)، ان هنالك تقارير لها مصداقية تحدثت عن استهداف القرى، ما تسبب في نزوح الآلاف.

وفي ما يتعلق بالتطورات الامنية بولاية غرب دارفور، في 17 يونيو الجاري، قُتل مزارع من الزغاوة، واصيب اكثر من عشرين شخص من قبل القوات النظامية بمنطقة “أدري” بعد مشادة كلامية حدثت بعد أن ذهب المواطنين لمعسكر القوات النظامية يشتكون من هجوم آخر عليهم من قبل أفراد ينتسبون لقبيلة الرزيقات الرعوية بعد ان تعرضوا لهم اثناء تجهيزاتهم للموسم الزراعي.

عجز

حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد من جانبها شنت هجوما لاذعا علي بعثة اليوناميد، متهمة إياها بالصمت على الجرائم والاعتداءات الحكومية في وحول جبل مرة. يتهم محمد عبدالرحمن (بوتشر) الناطق باسم حركة جيش تحرير السودان جناح عبد الواحد، اليوناميد بالتواطؤ مع الحكومة، واشار الى ما اوردته المتحدثة السابقة باسم اليوناميد دكتورة عائشة البصري، وكشفها عن التواطوء بين قادة البعثة وحكومة السودان، وتغاضينا عن الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين العزل.

ويصف بوتشر في حديث لـ(عاين) جنود البعثة بالدمي العاجزة حتى عن الدفاع عن نفسها والتي فشلت لذلك في القيام بمهمة حماية المدنيين في دارفور. ويتابع بوتشر بالقول “قوات اليوناميد، في ذاتها ضعيفة، تفتقر إلى التسلح. ان بعثة اليوناميد تحتاج إلى من يحميها من مليشيات الحكومة المنتشرة في المنطقة، فكيف لها أن تحمي المدنيين العزل من بطش المليشيات الحكومية؟” وطالب بوتشر المجتمع الدولي بالقيام بما اسماه التزامه الانساني الاخلاقي، وتجديد مطالبته، بتغيير هذه القوات، وأن تكون هناك قوات أخرى، لها المقدرة على جلب الاستقرار والسلام وحماية المدنيين.

بينما اتهمت الحكومة السودانية، حركة جيش تحرير السودان، المسؤولية عن تجدد القتال في جبل مرة بالإقليم، وادعت ان خلايا نائمة خطيرة تتبع حركة جيش تحرير السودان جناح عبدالواحد، تسببت في احداث منطقة دربات، بجبل مرة، ما دفع قوات الأمن للعمل علي ضبطها، وتقديمها للمحاكمة. ويؤكد القيادي في المؤتمر الوطني الدكتور ربيع عبدالعاطي في حديث لـ(عاين) ان نوايا الحكومة دوما تجنح للسلام في المنطقة، محملا حركة تحرير السودان مسئولية تدهور الأوضاع في جبل مرة. “الحرب غير مقبولة للحكومة ولا تجد القبول من أهل المنطقة أنفسهم، لأن القتال ينعكس سلبا على حركة السكان والاستقرار ويؤدي إلى فرارهم إلى المعسكرات.

مفترق طرق

مجلس السلم والامن التابع للاتحاد الافريقي أكد في بيان له هذا الشهر ان البعثة ستتم تصفيتها بصورة نهائية في كل الاقليم بحلول العام 2020، فيما ستستمر عمليات التقليص حاليا مع الإبقاء على قاعدة البعثة التي لم يتم افتتاحها بعد في منطقة قولو بجبل مرة. ورغم بواعث القلق العديدة التي أبداها مجلس السلم والامن التابع للاتحاد الافريقي المتعلقة بسلامة المدنيين وتدهور الاوضاع الامنية والانسانية وعدم السماح للمنظمات الانسانية واليوناميد للدخول إلى المناطق المتأثرة بالنزاعات، الا ان المجلس أجاز بالاجماع ضرورة مواصلة خطة الانسحاب التدريجي لبعثة اليوناميد مع التمديد للبعثة لعام آخر بحلول نهاية شهر يونيو الحالي.

في غضون ذلك بدأت الأوضاع الأمنية على الارض في الإقليم تأخذ منحى أكثر تعقيدا مع ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية بين الحكومة وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور في مناطق جبل مرة، وفرار آلاف المدنيين من مناطقهم. وفي تطور مثير للأحداث بجبل مرة، بدأ المئات من الفارين من النزاع في المنطقة يطلبون الحماية من بعثة حفظ السلام في الإقليم. قالت بعثة اليوناميد في بيان لها بتاريخ 20 يونيو أن أكثر من 300 من المدنيين الفارين تجعوا طلبا للحماية حول معسكر البعثة في منطقة (قولو) بالقرب من جبل مرة، مشيرة إلى أن أعداد الفارين في ازدياد مستمر.

وفي سابقة جديدة فيما يخص أزمة دارفور دعت دول الترويكا (امريكا، بريطانيا والنرويج) المجتمع الدولي إلى تطبيق عقوبات على مفسدي عملية السلام ومثيري القلاقل في الإقليم. ونددت دول الترويكا في بيانها بعدم سماح الحكومة السودانية لبعثة حفظ السلام ومنظمات الاغاثة لمناطق النزاع. فيما حذرت حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور من الاستمرار في رفض الانضمام للمحادثات الرامية لإحلال السلام أو على الاقل وقف اطلاق النار بين الحكومة والحركات المسلحة.

وفي السياق يحذر نائب المبعوث الخاص السابق لبعثة اليوناميد (بيتر شومان) من انهيار شامل للأوضاع في دارفور ما لم يتم تغيير شامل من قبل المجتمع الدولي الاوضاع في الاقليم بشكل كامل. ويدعوا شومان في ندوة نظمها المعهد الملكي للعلاقات الدولية بعنوان كارثة الانسحاب من دارفور ومستقبل اليوناميد، يدعو إلى نظرة أعمق للازمة في دارفور تشمل أولا اعتبار الاوضاع في الاقليم منطقة حرب، اذ ان الحركات المسلحة ما تزال تقاتل على الاقل في جبل مرة بالاضافة لانتشار أعدادا ليست قليلة من قوات التمرد المستقلة عن الحركات تحت قيادات ميدانية وأسماء مختلفة. وشدد شومان في حديثه على ضرورة تعديل التفويض الممنوح للبعثة بدلا عن خروجها من الإقليم بما يمكنها من العمل كبعثة حفظ سلام تقليدية كغيرها من البعثات في العالم، الأمر الذي يمكنها من حفظ الأمن وحماية المدنيين ومراقبة الأوضاع الأمنية والعسكرية في دارفور بأكملها. ويشير إلى أن التفويض والمدخل لتحليل النزاعات في الإقليم من قبل البعثة يعد الامر الاساسي في عجزها عن القيام بمهام حقيقية يمكن أن تعدل الاوضاع الامنية والانسانية في الاقليم، مبينا ان البعثة تبذل كل جهودها حاليا في حماية نفسها فقط رغم انها تسير مالا يقل عن 7000 دورية عسكرية وشرطية شهريا. ويطلق شومان الذي يعد خبيرا في مجال حفظ وبناء السلام في الأمم المتحدة نداءا واسعا بالنظر إلى عوامل أخرى ستؤدي إلى المزيد من التدهور في دارفور مثل ازدياد التصحر والجفاف واتساع رقعة الفقر والجوع، بالإضافة لانهيار مؤسسات الخدمة العامة في الاقليم الى جانب التأثير الكبير للتدهور الأمني في المنطقة لا سيما في ليبيا على دارفور.