الحكم علي الدكتورة مريم بالاعدام شنقاً بتهمة الردة يعيد للاذهان محاكمة محمود محمد طه

 

الحكم علي الدكتورة مريم بالاعدام شنقاً بتهمة الردة يعيد للاذهان محاكمة محمود محمد طه١٥مايو٢٠١٤

تقرير: عاين

في تمام الساعة الحادية عشر حكمت محكمة الحاج يوسف  بالإعدام  على الطبيبة مريم يحي إبراهيم المسيحية التي اتهمت بالردة  وتم منحها ثلاثة أيام للاستتابة إلا أنها تمسكت باعتناقها للديانة المسيحية ، وعلى الفور اصدرت      المحكمة حكم الاعدام وفقاً للمادة (126 ) في القانون الجنائي العام 1991  على أن يتم تنفيذ الحكم بعد (٢٦ ) شهراً حتى تضع حملها وترضع جنينها ، ويعد هذا الحكم هو الثاني في السودان ، حيث سبق ان وجهت ذات التهمة الى رئيس الحزب الجمهوري محمود محمد طه في العام 1985 في عهد الرئيس الاسبق جعفر نميري ، وتم تنفيذ الحكم على الشيخ السبعيني .

غير أن الأستاذ نبيل أديب المحامي الذي كان عضواً في هيئة الدفاع عن محمود محمد طه ، قال عقب إعلان الحكم على مريم بالاعدام  إن المادة ( 126 ) من القانون الجنائي لعام 1991 تخالف الدستور المادة ( 38 ) من دستور السودان لعام 2005 والمادة ( 27 ) من الدستور نفسه مقروءة مع المادة ( 18 ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان و( 18 ) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادة  (8 ) من الميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب، وأكد أديب أن القاضي الذي يطبق المادة ( 126 ) نفسه مخالف للدستور  لأن  المادة ( 48 ) تلزم القاضي  بحماية وثيقة الدستور بعد تطبيق القوانيين المعارضة.

وقال اديب لـ(عاين ) ان حديث النبي محمد الذي قال فيه (من بدل دينه فاقتلوه ) قد جاء في سياق زمني محدد حيث ان في عهده دخل الناس الإسلام بقناعة أي لم يرثوه من آباءهم  ، واضاف ( عليه الحديث لمن اقتنع بالاسلام ثم ارتد عنه ) ، وقال إن الحكم على مريم سيفتح باب فتنة على مصراعيه ، داعياً البرلمان باعادة النظر في  القوانيين المتناقضة مع الدستور، منتقداً  مخاطبة  قضايا الدين من خلال اثارة العواطف الدينية ، وقال ان أكثرهم يخاطب قضايا الدين بالعاطفة بعيداً عن العقل، وبشأن قصر فترة الاستتابة لمريم قال إن فترة الاستتابة متروكة للمحكمة، وانتقد طريقة الاستتابة التي سبق ان نظمت للجمهورين من قبل .

التضامن المدني

ونظم  ناشطون وحقوقيون وقوى سياسية وكيانات شبابية منها ( التغيير الآن، قرفنا، لا لقهر النساء، اللجنة الوطنية للدفاع عن الحريات والحقوق) وقفة تضامنية مع الدكتورة مريم ابراهيم رافعين شعارات(عقوبة الاعدام تخالف الانسانية) ، فيما اصطف عدد من الاسلاميين وهم يرددون عبارات مستفزة ضد المناصرين للدكتورة مريم ، منها ( الله اكبر ، لا تبديل لشرع الله) ،  ( اخرجوا وأذهبوا إلى أروبا، أتركوا هذا البلد) ، وفتحت قضية مريم الباب على مصراعيه لاصرار الدولة على مخالفة نصوص الدستور، والقوانيين الدولية التي وقعت عليها حكومة السودان منذ العام 1986 ، واثارت القضية  ردود أفعال  عنيفة في المجتمع المدني المستنير، كما حظيت بتضامن المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية.

وناشدت سفارات غربية وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان الحكومة السودانية بأن تحترم حق تلك المرأة في اختيار دينها ، وأصدرت سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وهولندا بيانا مشتركا أعربت فيه ” قلقها العميق ” بسبب القضية وطالبت حكومة السودان باحترام حرية اعتناق الأديان، بحسب فرانس برس.

وذكرت تقارير محلية إن الحكم لن ينفذ في الحال، وسيؤجل لعامين بعد أن تضع المرأة الحامل مولودها وتنتهي فترة رضاعته.

ويعيش في السودان أغلبية مسلمة وتطبق حكومتها الشريعة الإسلامية.

“لم أرتد”

وفي بداية جلسة المحاكمة، تحدث رجل دين مسلم إلى المرأة وهي في قفص المحكمة لنحو ثلاثين دقيقة. ثم تحدثت المرأة إلى المحكمة في هدوء وقالت “أنا مسيحية، ولم أرتد على الإطلاق.”

وقالت منظمة العفو الدولية إن المرأة، التي تدعى مريم يحيى إبراهيم اسحق، ربيت كمسيحية أرثوذكسية، وهي ديانة والدتها، لأن أباها المسلم كان غائبا في فترة طفولتها.

وأضافت أن المرأة ألقي القبض عليها بتهمة الزنا في شهر أغسطس/ آب عام 2013، وأن المحكمة وجهت إليها تهمة الردة في فبراير/ شباط 2014 عندما قالت المرأة إنها مسيحية وليست مسلمة.

وقالت منظمة العفو الدولية إنه ينبغي إطلاق سراح المرأة فورا، والتي تقول إنها حامل في شهرها الثامن.

كيف بدأت القضية

وبدأت قضية  الطبيبة مريم في محكمة النظام العام بالحاج يوسف إجراءات جلساتها الأولى قبيل إحالتها إلى قاضي الدرجة الأولى عباس محمد خليفة بجنايات الحاج يوسف، لتتحول الى قضية معقدة وشائكة ، وشهدت الباحة  الخارجية لقاعة المحاكمة الكبرى الأحد الماضي حالة من الحراك الضخم من المحامين، والمناصرين   الى جانب منظمات حقوق الإنسان، وتحظى  قضايا الإنتهاكات الحقوقية  اهتماماً كبيراً.

عدد ليس بالقليل من المحامين والمناصرين  وتدافعت جموع من الجماهير في مبنى المحكمة، حيث بدأ قاضي الدرجة الأولى في محكمة جنايات الحاج يوسف عباس محمد خليفة، حيثيات قراره الأحد الماضي  بتلاوة آيات من القران، ثم وجه بصره إلى ملف قراره الذي توصلت إليه محكمة النظام العام وقال ( بعد النظر في وقائع البلاغ الذي أشار إلى أن المتهمة الأولى (الطبيبة مريم) من ولاية القضارف قرية( القريشة)، ثم انتقلت إلى ولاية الخرطوم بغرض الدراسة في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا في كلية المختبرات الطبية ) ، لكن مريم قالت إنها درست بجامعة الخرطوم ، غير أن الجامعة نفت وجودها ضمن سجلاتها منذ العام 2005م .

وكانت مريم تسكن في إحدى الداخليات بالخرطوم إلى ان تخرجت في الكلية، وانخرطت في مجال الأعمال المختلفة بالخرطوم، لتسكن في المرة الثانية لدى أحد أصدقاء والدها في منطقة المايقوما بشرق النيل؛ حينها انقطع أثرها عن أهلها، ليقوموا بالبحث عنها  المعارف ولكن دون جدوى، إلى أن تم العثور عليها في أحد المنازل بالمنشية بضاحية الخرطوم متزوجة من المتهم الثاني بجنسية أجنبية (جنوبي الأصل أمريكي الجنسية) ، ويعمل مترجماً لدى الأمم المتحدة، وعندما حاصرها ذووها بالأمر عند العثور عليها أنكرت صلتها بهم وادعت أنها لا تعرفهم بجانب ادعائها أنها مسيحية الديانة ووالدتها بجنسية إثيوبية وأن أصلها الثابت من ولاية دارفور وغيرت اسمها الحقيقي (أبرار) .

غير ان رواية مريم  تقول  إن اسمها مريم آدم يحيى إسحق وأن والدتها أثيوبية  وهي مسيحة وتتردد على الكنسية منذ العام 2005 م وشهد بذلك خفير الكمبوني الذي شهد بأنها كانت تتردد على الكنسية مع بعض الاثيوبيات، وعضد حديثه بائع الكتب بالقرب من الكمبوني الذي قال إنه عزها في وفاة الدتها حينما غابت مدة وجاءت إلى الكنسية وان صديقاتها ابلغنه بأن والدتها قد توفيت.، وأنها تزوجت في العام 2011م في الكنسية ، ويبدو أن شهادة جامعة الخرطوم بعدم وجود اسمها ضمن سجلات الجامعة وضعف الخبرة القانونية لمحاميها تسببا في وضع مريم في مأزق ( حكم الردة ) لأنهما اغفلا تماماً تنويرها قانونياً بما تدلي به في التحقيقات فانحرفت التهمة من (الزنا ) إلى (الردة ) مع ابقاء التهمة الاولى ضدها واسقاطها من زوجها بعد أن واجهت المحكمة بانتقادات حادة بشأن توجيه تهمة الزنا لغير المسلم فاسقطت منه التهمة في جلسة الأحد الماضي.

الاسرة.. حقيقة ام إدعاء

أسرة مريم هي التي أقحمتها في مواجهة الردة  بتحريك إجراءات قانونية ضدها      بقسم حلة كوكو وتحرير بلاغ في مواجهتها تحت المواد المتعلقة بالزنا والردة من القانون الجنائي، وذلك للعلم بأنه بلاغ لاحق لآخر تم تدوينه سابقاً في العام 2012م لاختفائها عن ذويها وانقطاعها عنهم، ليتم اقتيادها وزوجها الأجنبي المتهم الثاني إلى القسم ومباشرة الإجراءات الجنائية، وبعد اكتمال تحرياتهما أحالت النيابة ملف البلاغ للمحكمة للفصل فيه، وبعد سماع قضية الاتهام والدفاع وجهت المحكمة للمتهمة الطبيبة (تهمة الردة والزنا) من القانون الجنائي، الى جانب توجيه تهمة الزنا في مواجهة المتهم الثاني زوجها، إلا أن المحكمة وفي حيثيات قرارها توصلت إلى إعلان براءة المتهم الثاني زوجها وتبرئة ساحة اتهامه من الزنا، وذلك لعدم كفاية الأدلة في مواجهته وعزت المحكمة براءته إلى أنه عندما تزوج من مريم، كانت قد غيرت ديانتها إلى المسيحية وبذلك تعتبر إجراءات زواجه منها صحيحةً والتي تمت بالكنيسة الأورشية الكاثوليكية بالخرطوم، لتنجب من جراء زواجها به طفلاً يدعى (مارتن دانيال) وهي كذلك أيضاً حبلى بآخر في بطنها.

لكن المحكمة في قرارها أشارت إلى أن نكاح المتهمة الأولى (المرتدة) يعتبر غير صحيح وباطل، لذلك وجهت لها تهمة الزنا من القانون الجنائي لمخالفتها للمادة (146). وأوضحت المحكمة فحوى المادة التي تنص : (بأن كل  امرأة تمكن رجل منها وهي في غير ذمته تعتبر زانية) ، لذلك أدانتها المحكمة بتهمة الزنا الى جانب إدانتها بتهمة الردة من القانون الجنائي ومخالفتها نص المادة (126) ، وناقشت المحكمة الركنيْن المادي والمعنوي للجريمة اللذين أديا إلى اقتراف الفعل الإجرامي، وذلك بتوفرهما من قصد جنائي لارتكاب جريمة الردة والتي فسرتها المحكمة بأن كل من يرتكب جريمة الردة أو يجاهر بها بالخروج عنها بقول صريح أو فعل قاطع الدلالة للخروج من ديانة الإسلام (بالكفر والإلحاد أو الارتداد يعتبر هنا مرتداً عن دين الإسلام وجبت استتابته لمهلة تقدرها المحكمة إلى حين صدور حكمها النهائي في الأمر) .

وعددت المحكمة في تلاوتها لقرارها مخالفات أكدتها البينة والشهود والمستندات بأن الطبيبة المرتدة من أسرة سودانية وترعرعت على التقاليد وتعاليم الدين الإسلامي وتعتنق الديانة الإسلامية وأنها كانت كذلك مسلمة وظهر ذلك جلياً في استجواب المحكمة وشهود الدفاع الذين أكدوا ترددها على الكنيسة إلى أن تزوجت بها واعتنقت المسيحية فيها، الى جانب قول  المتهمة بأن والدها من دارفور ووالدتها من دولة إثيوبيا. وأشارت المحكمة إلى أنها بذلك قامت بالغش عندما استخرجت شهادة فقدان لتغير اسمها وثبت أن جميع مستنداتها بالقضارف وأن المذكور في استمارة مستنداتها الرسمية بسجل القضارف هو والدها والشاكون أشقاؤها، وأن ديانتها الإسلام. وذهبت كذلك المحكمة إلى أن المتهمة كذبت حين ادعت أنها طالبة بكلية الطب في جامعة الخرطوم لتنفي إدارة الجامعة ذلك في ردها لذات المحكمة، بأنها لم تكن من ضمن الطلاب الدارسين بكلية الطب في ذات الكلية التي ادعت ارتيادها، وقالت المحكمة ان (ذلك كله يشكل مخالفتها التي قامت بارتكابها لمجافة الحقيقة التي فجرتها والدتها شاهدة الاتهام بالمحكمة حين أدلت بأقوالها لتؤكد أن المتهمة الأولى بنتها حملتها في بطنها وأرضعتها من ثديها بينما تصر مريم على ان والدتها متوفية ) .

محمود محمد طه

قضية مريم  ليست الأولى من نوعها سبقتها قضايا ردة ،كقضية محمود محمد طه مؤسس الفكر الجمهوري  الذي حكم عليه بقانون أصولا الأحكام وذكر دكتور محمود الشعراني مدير  المركز السوداني لدراسات حقوق الإنسان لـ(عاين ) إن هناك خلط في السلطات في قضية محمود محمد طه  وكانت الحكومة هي الخصم والحكم ، ومضى قائلاً مازلنا نعاني من مسألة فصل السلطات وهيمنة السلطات التنفيذية على القضاء

واضاف أنهم كحقوقيين  طالبوا باسقاط بالمادة ( ١٢٦ ) لتتوائم مع دستور   2005 ، وقال ( قدمنا مذكرة لرئاسة الجمهورية وقلنا إن هذه  القوانيين لا تتفق  مع الدستور والقانون الدولي  وفي حالة تعارض القوانيين المحلية مع الدولية تسمو القوانيين الدولية ) ، في إشارة لحكم الإعدام على مريم ،وونبه إلى ان حكم الردة ليست لها عقوبة  في الشريعة ، وقال إن حق الكفر منحه الله للناس بقوله ( لا إكراه في الدين ) ، وقطع بأن مادة الردة تتناقض مع حرية الاعتقاد في القوانيين الدولية ، ومضى قائلاً ( إن قضية محمود محمد طه هي قضية تخطيط سياسي لتصفية الخصوم السياسيين بالقانون ) ، معتبراً اعتراف دكتور حسن مكي القيادي الإسلامي خير دليل على أن ماحدث لمحمود طه تصفية سياسية لكون فكره  يقتل المشروع السياسي للحركة لإسلامية، وانتقد تناقض النظام الذي يطبق مادة الردة على مريم وله علاقات مع الحزب الشيوعي الصيني .

الردة والنبوة

هنالك قضايا ردة مختلفة في السودان ، في سبعينيات القرن الماضي ادعى سليمان ابو القاسم – في مدينة نيالا بجنوب دارفور- النبوة ولكنه تراجع ليعود من جديد ويستتاب فتاب ، ولكن مرة اخرى أوقفت الشرطة  سليمان ابو القاسم موسى واتباعه بمنطقة الازهري جنوبي الخرطوم وكان الرجل قد ادعى انه (المهدي المنتظر) فوجهت له النيابة الاتهام  بالردة وقد التفت حوله مجموعة من المواطنين بينهم طلاب جامعات ،واكد الرجل (64) امام المحكمة أنه (المسيح عيسى ابن مريم جسداً وروحاً وانه نزل من السماء روحا في رحم امرأة اسمها دارالسلام محمد )، واضاف ابو القاسم ( بمرور الزمن اتضح له بأنه ليس لديه اب ولا جد وله ام وانه عيسى عليه السلام، وان الله عز وجل في العام 1981م، قال له بلغ الناس وبدأ دعوته في سجن نيالا في نفس العام الذي بلغ فيه ) ، وقال مدعي المسيح انه جاء الى الخرطوم وعقدت له مناظرة مع الشيخ حسن عبدالجبار والشيخ حسن حامد، لكنهما لم يتوصلا معه إلى شيء، وذلك بأنه يصلي صلاة الجمعة بمنزله ولا يصلي خلف امام وذكر المتحري في اقواله أن جميع المتهمين عند استجوابهم قالوا بأنهم يؤمنون ايمانا قاطعا بأنه المسيح عليه السلام والمهدي المنتظر وخليفة الرسول صلى الله عليه وسلم، وان العلامات الموجودة به من ثقل في الكلام واسمرار اللون من وانه السودان، تؤكد صحة ما جاء به ، ولا يصلون الا خلفه.. وعليه شهدت محكمة جنايات حي النصر مايو جنوب الخرطوم محاكمة 129 متهما بالردة بعد ان توفرت معلومات لدى الشرطة بوجود مجموعة (الجماعة القرآنية) وعلى إثرها ألقت القبض على( 138 ) متهما داخل خلاوي بمايو بينهم (6) نساء، وبعد التحري معهم شطبت المحكمة الاتهام المدون من قبل الشرطة وتم اطلاق سراحهم بعد أن أعلنوا توبتهم وقطعوا بعدم العودة للمعتقدات السابقة ، وأمرت المحكمة بإغلاق الخلوة التي كان يتخذها المتهم الأول يحى عمر ابراهيم مقراً لتدريس أتباعه علوم القرآن دون السنة ،ومنعت إقامة الصلاة فيها ووجهت الجهات المختصة بمتابعة تنفيذ أوامر المحكمة فيما يتعلق بإغلاق الخلوة ، ووجهت بإعادة المصاحف والألواح الخشبية التي ضبطت داخل الخلوة أثناء المداهمة ، وتوصلت المحكمة لشطب القضية بعد أن استعانت بالشيخ محمد أحمد حسن عضو هيئة علماء السودان واستفسرته عن الجانب الشرعي في تراجع المتهمين عن المعتقدات الدينية التي كانوا يؤمنون بها وطوت ملف قضية الردة. وكان صاحب الخلوة يحيى عمر واربعة من اتباعه قد سبقت محاكمتهم بالردة في العام 2008م واعلنوا توبتهم واطلق سراحهم .

الدستور والدين

وأكد أديب أن المادة 126 مخالفة للدستور و للفهم الديني العام واستشهد بقوله بأن عدداً من العلماء المعترف بفهمهم يرفضون هذا الحكم باعتبار القضاء لا يتعلق بالاعتقاد بل الدخول في حرب مع المسلمين في إشارة لتفسير (من بدل دينه فأقتلوه)  ، والعلماء يرون بان هذا الحكم الشرعي غير صحيح وهو مادة مثيرة للجدل ،ويضيف إن الانسان دواخله غايرة وبمجرد اعلان توبته بحسب نص القانون تسقط عنه العقوبة وما يدور في النفوس هو شأن الله لذا اعتقد ان هذه المادة تعقيداتها اكثر من حدودها، وذهب قائلاً (فمسألة الدين اذا ما تركت للمتخصصين في الدين يشرحون فيها للناس كان افضل ) ،وتسأل ( هل نحن في حوجة لهذه المادة ؟ وهل من اجل الحفاظ على الدين نحتاج الى مواد ونصوص قانونية خاصة ؟ ، ورد قائلاً ( الايمان شئ في الدواخل ويمكن للشخص ان يعلن خلاف ما يبطن اتقاء العقوبة القانونية، لذا لا ارى اي جدوى لهذه المادة خاصة مع تكرر العمل لاكثر من مرة واكثر ما نحتاجه هو التربية الدينية ونشر الثقافة الصحيحة ) ، وتابع ( لان ذلك سيكون اجدى حتى من العقاب في القانون الجنائي المادة 126 بالعقوبة الاستتابة ثلاثة ايام ) ، واشار الى امكانية الموائمة بين حرية الاعتقاد الديني والدستور الذي يعطي حرية المعتنق الديني ، وقال ان الدستور يتحدث عن الشريعة في المادة 5 المغالطة أن  مادة الردة جزء من الشريعة، واضاف (علماء على المستوى العالم الاسلامي،  مثل المهدي الترابي يرون أن الردة عقوبتها  أخروية، وأن الحديث من بدل دينه  فاقتلوه هو لمن انضم للعدو ) .

وحول قضية رئيس الحزب الجمهوري محمود محمد طه قال أديب  إن محاكمته لم تكن بمادة الردة لأنها لم تكن موجودة بل وحهت إليه تهمة  الهجوم على  تطبيق الشريعة واثارة الحرب أي بمواد جنائية عادية،إلا أن النظام فاجأ الناس بالحكم عليه بالاعدام، وحينما تقدمت هيئة الدفاع للاستئناف  جاء الرد بأنه تمت محاكمته بمادة في قانون اصول الاحكام القضائية  وهي تقول  (اذا لم تكن هناك مادة في القانون يمكن للمحكمة أن تتبع الشريعة في القانون المدني ) ،ومضى قائلاً ( ولذا فإن المحكمة العليا ابطلت المادة الثالثة من القانون الجنائي ) وأكد إن قضية محمود دفعت النائب العام الذي كان يدافع عن الحكومة لأن لا يعارض الطعن الذي قدمته هيئة الدفاع في الحكم.

 

 This is debug window. Set define(‘DEBUG’, FALSE) in config.php file to hide it.