معركة تعديلات قانون الصحافة والمطبوعات
تقرير: شبكة عاين 29 نوفمبر 2017
آثار تعديل قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2017 جدلاً واسعاً وسط الاوساط الصحفية. حيث جاء الرفض كأبرز عنوان لبدء معركة التعديل التي أدخلت على قانون الصحافة والمطبوعات المجاز في العام 2009 قبل انفصال جنوب السودان عن السودان.
ونظم الصحفيون السودانيون العديد من السمنارات وورش العمل والمؤتمرات الصحفية للإدلاء بآرائهم حول مواد تعديل القانون، ونظمت شبكة الصحفيين السودانيين وقفة احتجاجية أمام مجلس الصحافة والمطبوعات، وقد اعتقلت على اثرها الصُحفية شمائل النور، فيما عد اتحاد الصحفيين السودانين القانون بالمُعيب، على الرغم من أن الإتحاد كان جزءاً من هذه التعديلات التي أشرف عليها مجلس الصحافة والمطبوعات السودانية، حيث كان يمثل الإتحاد رئيسه الصادق الرزيقي، وهو إتحاد يوالي الحكومة.
تهريج سياسي
ويرى الصحفيون السودانيون أن تعديلات القانون آلية للحط من قيمة الصحافة بخلق قيود جديدة وضوابط مشددة على حرية التعبير التي تعاني من تضييق أصلاً، غير أن مجلس الصحافة والمطبوعات يعتقد أن التعديلات المزمع إدخالها على القانون بالأمر الطبيعي، وقد وصف أمين عام مجلس الصحافة والمطبوعات جدل الصحفيين حول تعديلات قانون الصحافة والمطبوعات بالتهريج السياسي، وقال عوض لـ(عاين) إن عملية تعديل القانون أمر طبيعي وتمت أكثر من مرة، وأضاف متسائلاً “ما الجديد الآن على هذا التعديل ؟” ، موضحاً إن الذين يرفضون التعديلات هم من شاركوا في هذه التعديلات، وتابع “نقيب الصحفيين السودانيين الصادق شارك في اللجنة التي أعدت تعديلات قانون الصحافة، وهي لجنة تضم إلى جانبه وزير الإعلام وعضوية أمين عام المجلس “، نافياً صلة جهاز الامن او اي جهة اخرى لها صلة بالتعديلات المقترحة ، رافضاً موقف تنصل إتحاد الصحفيين من مشاركته في التعديلات التي جرت على قانون الصحافة.
وهذه ليست المعركة الأولى التي يدخلها الصحفيون في مواجهة قانون الصحافة ،حيث شهد العام 2008 وقفات احتجاجية متكررة حتى وصل الأمر إلى اعتقال ما يزيد عن(60 ) صحفياً من أمام البرلمان السوداني.
لكن معركة هذا العام بدأ في أعقاب تصريحات وزير الدولة بالإعلام ياسر يوسف التي كشف فيها عن تعديلات جديدة على قانون الصحافة والمطبوعات تشمل هذه المرة الصحافة الالكترونية، الامر الذي اثار حفيظة الوسط الصحفي لا سيما أن التعديلات شابها تكتم شديد وجرت بسرية، وما أن كشف مجلس الوزراء عن التعديلات التي احالها الى جهات الاختصاص، إبتدر الصحفيون فتح مناقشات على نوافذهم المقروءة بالسودان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من ” فيس بوك وتويتر وواتساب ” وإصدار البيانات وتنظيم وقفة احتجاجية وعقد ندوات وورش عمل ؛ فضلا عن تعليق رئيس اتحاد الصحفيين الذي كتب ثلاث حلقات متتالية.
وقال نقيب الصحفيين الصادق الرزيقي في تصريحات صحفية سابقة ( تعديلات القانون الجديد، لم يقبلها المجتمع الصحافي والتي مثلت صدمة قاسية بما ورد فيها من عقوبات مجحفة، وما جاء فيها من تخليط ومغالطات هيجت الساحة الصحافية وجعلتها عُرضة للتزيُّد السياسي والتكسُّب الأخرق من بعض الناشطين السياسيين، يتوجب علينا ألا نخرج من دائرة الموضوعية والنظر الدقيق والعميق لجدوى هذه التعديلات على القانون ومقصدها الأخير، هل ستؤدي الى الغرض والهدف الذي من أجله تم سن القانون؟ وهل ستسهم في تطوير مهنة الصحافة، أم تهوي بها في قاع صفصف و درك سحيق؟).
قوانين معيقة
من جهته طالب الكاتب الصحفي فيصل محمد صالح بتعديل القوانين المعيقة للصحافة والصحفيين وقال ” إذا كانت لدينا خيارات، فلنترك قانون الصحافة على ماهو عليه، ولنبحث إزالة تعديلات قانون الأمن الوطني والممارسات غير القانونية الأخرى على الصحافة والصحفيين” ، وأضاف ” أما فيما يتعلق بالحديث عن التجاوزات فإن هناك حزمة من المواد في القانون الجنائي لعام 1991، وقانون جرائم المعلوماتية لعام 2007، وقانون الأمن الوطني لعام 2010، إلى جانب المواد الموجودة في قانون الصحافة، كفيلة بمعالجة التجاوزات والمعاق تعديلات إدخال الصحافة والنشر الاليكتروني في قانون الصحافة وتطرق صالح لكل التعديلات المقترحة ومنها تعديلات ما نصت عليه المادة”.
وشملت التعديلات المادة الرابعة،المتعلقة بالتعريفات، لتضمين تعريف النشر الإلكتروني، كما شمل المادتين الثامنة والتاسعة ، اختصاصات وسلطات مجلس الصحافة والمطبوعات، ويقول فيصل محمد صالح أن التعريفات معممة وفضفاضة، حيث تقرأ المادة ” النشر الصحفي الإلكتروني : يقصد به استخدام التقنية في بَث إرسال واستقبال ونقل المَعلومات المكتوبة، سَواء كَانت نُصُوصاً أو مشاهد أو أصواتاً أو صوراً ثابتة أو متحركة بغرض التداول”، ويضيف أن هذا التعريف غير دقيق وغير محدد، وهو توسيع ليمتد من الصحافة الاليكترونية ليشمل كل وسائل التواصل الاجتماعي، من فيسبوك وتٍويتر، يوتيوب، إنستغرام…الخ. ويحذر من ذلك سيشكل خطورة حقُوقية لأنه سيُقيد استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي وبالتأكيد يحتاج لمراجعة وتدقيق، ويتابع “ولو استمر النص سيدخل القائمين على تطبيقه في دوامة متاهات عديدة حول النطاق المستخدم في تسجيل الصحيفة الاليكترونية ومكان وجود الصحيفة ومسؤولي تحريرها”.
موقف ثابت لشبكة الصحفيين
وكعادتها ظلت شبكة الصحفيين في موقفها ولم تَتزح قيد أنملة وقد نظمت وقفة احتجاجية أمام مجلس الصحافة والمطبوعات ، وقالت عضو الشبكة شمائل النور إن التعديلات تعد تمهيداً اولياً لانتخابات 2020 ، واصفة التعديلات الأخيرة بأنها تمثل قانون عقوبات جديد ، وقالت “هي نفس العقوبات التي ظل يفرضها جهاز الأمن عبر قانونه ضد الصحف والصحفيين والصحفيات، ولكن الآن أصبحت مضمنة في قانون الصحافة مع الاحتفاظ للأمن بذات الصلاحيات “.
والحكومة عادة ما تردد بالقول إن الصحف أصبحت منفلتة ولذلك تم إجراء هذه التعديلات، واستطردت شمائل النور قائلة ” لكن التعديلات لم تعالج في نصوصها الفضفاضة هذه القضية بل ذهبت مباشرة لانتهاك حرية التعبير بشكل صارخ، هذه التعديلات معركة حياة أو موت للصحافة تحتاج جبهة واسعة للمقاومة تستنهض القاعدة الصحفية “.
ومضى في ذات الاتجاه الصحفي حسن فاروق قائلاً “بالنسبة للتعديلات من حيث المبدأ الشبكة ضد وجود قانون للصحافة أصلاً” وأن الشبكة لها رؤية بأن يتم عرض الصحفي والصحافة إلى القضاء العادي والقانون المدني في حالة وجود شكوى ضدهما، كما يحدث في كل الدول التي تحترم الحريات والراي والراي الاخر ، وأضاف ” وبالتالي قانون خاص بالصحافة مرفوض وناهَضنا وسنُناهض أي قوانين خاصة للصحافة وبالنسبة للتعديلات فهي مرفوضة لأنها اعتمدت علي عقوبات الصحفيين والتي تصل إلى حد الإيقاف لمدة طويلة للصحيفة وتصل إلى إعدام مهنيته بسحبه من السجل كما تصل العقوبة إلى السجن “.
بالنسبة لوسائل مناهضة القانون الكارثي المقترح للصحافة فإن حملة المناهضة تتواصل بكل الوسائل المتاحة للقانون والشبكة في الأساس مجموعة ضغط وبالتالي ستواصل الضغط لفضح قانون إرهاب الصحفيين وقمعهم ،ولن تتوقف عند الوقفات الاحتجاجية فهناك أشكال مختلفة الضغط وتتواصل، أما بخصوص حديث أمين عام مجلس الصحافة ووصفه التحركات الصحفيين المناهضة لقانون بالتهريج السياسي ، قال حسن فاروق ” هذا أمر طبيعي من جهة معينة بقرار حكومي تنظر للأمور بعين الحكومة بالضرورة تتحدث بلسانها ، والغريب في أنه يدافع عن قانون سياسي تمت صياغته بعيدا عن رؤية الصحفيين بمعنى لم تتم مشاورتهم حوله “.
ويقول الصحفيون أن لا مستقبل للصحافة في سياسة القمع والتضييق التي يتبعها النظام الحاكم، وأن الأمل معقود على قاعدة الصحفيين التي تقاتل بقوة ضد كل محاولات القضاء على الصحافة ، ويرى الصحفيون والقانونيين أن التعديلات الأخيرة على قانون الصحافة بمثابة عقوبات إضافية.