مستشفى الجنينة بعد استقالات الاطباء توقف العمل وارتفعت معدلات الوفيات
٢١ نوفمبر ٢٠١٤
تلاحقت الاحداث بصورة سريعة و دراماتيكية في مستشفى الجنينة بعد قبول استقالات الاطباء الذين تقدموا بها في سبتمبر الماضي بسبب تردي الاوضاع الصحيه والادارية داخل المستشفي بعدها توقف العمل في العديد من الاقسام والمتابعة الدورية للمرضى في العنابر ، ومع قبول استقالاتهم اتهمت وزارة الصحة الاطباء المستقيلين بانهم ينفذون اجندات سياسية ووصفت اداءهم المهني بالصفر حينها اصبحت المستشفي خالية تماما من أي طبيب عمومي ، وتفاقمت احوال المرضى المتواجدين في المستشفي في وقت ارتفعت فيه نسبة الوفيات من الاطفال وامراض سوء التغذية، وتوقف اطباء الامتياز عن العمل تضامنا مع زملاءهم ليصبح عدد الاطباء المستقيلين 21 طبيب واطباء الامتياز المتوفقين 12 طبيب
توقف العمل في كل الاقسام وتعطل الاجهزة
شبكة (عاين) التقت المدير الطبي السابق لمستشفي الجنينة قمر الانبياء محمد الحسن الذي اقيل قبل ثلاث اسابيع عقب اضراب الاطباء ومطالبتهم باقالته ضمن الاصلاحات الادارية التى اشاروا اليها في مذكرتهم لوزارة الصحة ، ورغم وصفهم لفترة التى قضاها قمرالانبياء في ادارة المستشفى بالسيئة ، الا انه يرى ان مطالب زملاءه الاطباء بالعادية والخدمية لكنها اخذت طابعاً اخر افقدت معنى الهدف الاساسي الذي قامت عليه ، واوضح ان الوضع في المستشفي ازداد سوء بعد قبول استقالات الاطباء وكشف عن توقف العمل في كل العمليات البارده مع استمرار العمل في قسم الحوادث .
لكن يقول احد الاطباء لـ (عاين) ان العمليات الباردة متوقفة بسبب الاضرابات واشار الي تعطل جهاز الاشعة منذ اكثر من ستة اشهر ، الى جانب ان الاضاءة الان داخل غرفة العمليات غير كافية ، وتساءل قائلاً ( كيف يستطيع الاطباء العمل في مثل هذه الظروف؟ وفي وقت اكد وزير الصحة استقرار الاوضاع الصحية داخل المستشفى من ناحية تقديم الخدمات الصحية ، ويضيف (هناك عدد من الاطباء يسيرون عمل الحوادث والطواري) ، وفي تقرير سابق طلبته وزراة الصحة بالولاية من قسم الصيدلة بالمستشفى عن كمية الادوية الموجودة بالمخازن خلال فترة الثلاث اشهر كان رد قسم الصيدلة في ذلك التقرير والذي حصلت عليه (عاين) ان الادوية الموجودة بالمخازن كافية فقط لثلاث ايام ،والتقرير لم يشمل كافة الادوية التى يجب ان تكون في قائمة قسم الصيدلة
وفي خطاب تحصلت (عاين) على نسخه منه طلب مدير عام وزارة الصحة يونس هرون في الحادي عشر من الشهر الجاري اصحاب الصيدليات و التوكيلات الطبية مبلغ الف جنية من كل صيدلية و الفان جنية من كل صاحب توكيل شهريا لدعم المستشفى وايضا مبلغ مئتان جنية لمدة ثلاث اشهر لدعم كهرباء المستشفى وسمي ذلك بنفير دعم مستشفى الجنينة
الوزارة تخرق الاتفاق وتماطل في حل المشاكل
في الشهرين المنصرمين نفذ الاطباء سلسلة من الاضرابات لتنفيذ بعض ضروريات العمل بعد ان كشفوا فسادا في الجوانب الادارية والمالية ، حيث اتفق الجانبان الوزارة والاطباء في يوم سبتمبر الماضي على فك الاضراب شريطة ان تنفذ الوزارة جميع المطالب التي وردت في المذكرة المطلبية في فترة تتراوح مابين الاسبوع والخمسة واربعين يوماً ، ومن جانبهم هدد الاطباء بتقديم استقالات جماعيه اذا فشلت الوزاره في تلبية المطالب في التاريخ المضروب وبالفعل وبعد حلول التاريخ المعني لم تحرك الوزاره ساكنا تجاه الاطباء وماطلت في حل الاشكالات وقام (16) طبيبا بتقديم استقالات جماعيه تحصلت عاين علي نسخه منها اكدوا فيها بانهم قرروا تقديم الاستقالات بعد ان فشلت الوزاره في معالجة قضاياهم المطلبيه وبرر وزير الصحه اسامه ابكر فشله في تلبية طلبات الاطباء الى فقر الولاية مالياً ، وقال ان ولاية غرب دارفو رمن افقر ولايات السودان وان مشاكل مستشفي الجنينة متجذرة ولايمكن حلها خلال ايام معدودات بينما قال لـ (عاين) احد الاطباء طلب كشف اسمه لدواعي امنية ( اذا كانت هذه المطالب لايمكن حلها في الفترة المحددة لماذا التزمت الوزاره بذلك امام الاطباء)
التمييز في قبول الاستقالات تفجر الاوضاع
في خطوة وصفت بالمدهشة والغريبة اعلنت وزارة الصحه قبول استقالة (6) من الاطباء من جملة الـ (16) طبيبا الذين تقدموا باستقالاتهم ، وقد اتهم وزيراسامة ابكر االاطباء الذين تم قبول استقالاتهم بانهم يحرضون زملاءهم علي الاضراب ، وشكك في اداءهم المهني ، حيث قال ( اداءهم الطبي كان صفراً ولايوجد لهم أي عمل ملموس داخل المستشفي ) ، واضاف (نحن الذين نقوم بعملية تقييم اداء الاطباء) ، لافتا الي الاطباء الذين استقالوا ينفذون اجندة سياسية ، في وقت اكدت نجاح يوسف لـ (عاين) وهي احدى الطبيبات اللائي تم قبول استقالتها بان هذه الاتهامات لااساس لها من الصحة ، واشارت الي ان التمييز في الاستقالات كان مقصودا من الوزير لاشياء يعرفها هو ، واضافت (نحن ليس لدينا انتماء سياسي وقضيتنا واضحة ومطالبنا مشروعة) ، وحول مزاعم الوزير بعدم وجود عمل ملموس لهم ، قالت ( هذا الاتهام يتنافى مع الواقع وان الاطباء الذين قبلت استقالاتهم يعملون في اهم الاقسام ، واضافت ان زميلهم الطبيب محمد بشير يدير مستشفى منطقة (ارارا) والطبيبة تهاني الحبيب تعمل لوحدها في قسم الاطفال ، ومصطفي في قسم العظام وسعديه وعبدالباقي في الحوادث ، وقالت انها تعمل لوحدها في قسم الجراحة ، يذكر ان عدد آخر من الاطباء الذين سبق وان تقدموا باستقالاتهم ورفضت من قبل الوزارة عادوا مرة اخرى وقدموها من جديد ورفضوا اي محاولة لاثناءهم عنها .
كارثة صحية وارتفاع في معدل الوفيات
وصارت الاوضاع الصحية تتدهور باسوأ مما مضى ، وقد اعلن اطباء الامتياز ايضا توقفهم عن العمل بعد ان قبلت الوزارة استقالات الاطباء العموميين ، وهددت وزارة الصحة اطباء الامتياز بالفصل من العمل خلال 24 ساعة اذا لم يزاولوا اعمالهم وتم ذلك بخطاب مهمور بتوقيع المدير الطبي للمستشفى قمرالانبياء محمد الحسن تحصلت (عاين) على نسخه منه ، ومن ناحية اخرى اشار اطباء الامتياز في بيان لهم قرروا التوقف عن العمل نسبة لانهيار النظام الطبي في مستشفي الجنينة ، وقال احد اطباء الامتياز لـ(عاين) ان الوضع في المستشفي قد تأزم كثيراً ، واضاف (نحن مقبلون نحو كارثة صحية حيث هناك ارتفاع في معدلات الوفيات وامراض سوء التغذيه خاصة في قسم الاطفال) ، وفيما يخص تهديد اطباء الامتياز بالفصل اذا لم يزاولوا عملهم قال وزير الصحه اسامه (نحن نتعامل مع اطباء الامتياز باسلوب تربوي اكثر من التهديد واضاف لانريد الاستعجال في عمليه فصلهم لانهم حديثي التجربه ومازالوا يتعاملون بعقلية الطلبه ) الا ان طبيب الامتياز الذي تحدث لـ(عاين) اوضح ان حديث الوزير فيه جوانب خطيره جدا خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الاطباء باسلوب تربوي واضاف (نحن اطباء تم تربيتنا وتعليمنا واصبحنا نتخذ قراراتنا بشكل سليم) واكد انهم مازالوا متوقفين عن العمل لان اسباب توقفهم مازالت موجوده وقال ( لايمكن ان نرجع للعمل مالم يسحب الوزير قراراته وارجاع الزملاء لمواقعهم وقبل كل ذلك يجب حل جميع الاشكالات المطلبيه من اداريه وماليه وتحسين بيئة العمل) واشار الى وجود حلقه مفقوده الان في المستشفي ولايمكن لاطباء الامتياز مواصلة عملهم في حال عدم وجودها واضاف( حسب الاشياء المتعارف عليها في الطب ان يكون هنالك اخصائي ومن بعده نائب الاخصائي ثم الطبيب العمومي واخيرا طبيب الامتياز في كل قسم والاطباء العموميون غير موجودين حاليا )
الاعتداءات المتكرره على الاطباء
وفيما يتعلق باحد مطالب الاطباء في توفيرالحماية لهم وللعاملين من الاعتداءات المتكررة التى تحدث في المستشفيات ، قال الطبيب احمد لـ( عاين ) انه قبل ثلاث اسابيع تعرض زميليه عثمان علي عبدالله وصلاح عثمان حسين للضرب داخل المستشفى من قبل اسرة احد المريضات اثناء تادية الطبيب عثمان لواجبه واضاف ( ان احد الاسر احضروا ابنتهم التى تعرضت لكسور في ساقها الايسر بعد ان ساءت حالتها وفشلوا فى علاجها عند البصير ، فقررالاطباء بتر ساقها ولاجراء ذلك يتطلب توفير أوكسجين ودم ) ، وقال (وبعد انتظار دم لثلاث ايام اعتذر الطبيب عثمان عن اجراء عملية البتر بسبب عدم توفر الدم والاوكسجين في المستشفى لفترات طويلة ومن غيرهما ستكون اجراء العملية خطرة على حياة المريض) ، مشيراً الى ان اسرة المريضة فور سماعها راى الطبيب انهالوا ضربا عليه ، وقال ( قبلها تعرض الطبيب ابراهيم الطاهر في مستشفى فوربرنقا للضرب من قبل مرافقين وحبس لمده اربعة ايام في قسم شرطة فوربرنقا بتهمة الاهمال والتقصير) ، وعدد مجموعة من الاعتداءات التي تعرض لها الاطباء والعاملين في الحقل الصحي داخل المستشفى ، وقال ( لقد تعرضت الممرضة سعاد ادم للضرب من قبل احد افراد الامن بسبب منعه من دخول العنابر اثناء فترة مرور الاطباء ، فما كان منه الا وان قام بضربها واشهار مسدسه فى وجهها والي الاطباء ايضا وصادف هذا الحادث وجود وزير الصحة بالمستشفى وراى بام عينه ماحدث لكنه لم يحرك ساكن) ، واضاف بان الاطباء والعاملين يعملون في ظروف صعبة واوضاع معقدة ويبذلون مافي وسعهم لتأدية واجبهم الانساني قبل المهني ، وقال ( لكن النقص الحاد فى تسهيل العمل من اجهزة وادوية ومعدات جعلهم عرضة للتحرشات والاعتداءت المتكررة لذا طالبوا وزارة الصحة بتوفيرها وحماية العاملين ) ، غير ان وزير الصحه بالولاية اسامه ابكر قال ان الاعتداء علي أي طبيب سلوك مرفوض وهذا السلوك مربوط بثقافة المجتمع الذي عاني لسنوات طويلة من الحرب واصبح أي انسان عنده استعداد عدائي لذلك لا نستطيع توفير الحمايه مالم نغير ثقافة المجتمع
الامن الشعبي يتدخل تحت غطاء اعيان البلد
في ظل هذه الاوضاع المعقده التي تمر بها مستشفى الجنينة من جهة وفشل وزارة الصحة لايجاد حلول للمعضله من جهة طلب قياديان من حزب المؤتمرالوطني اجتمعا مع الاطباء لمناقشة المشكلة وايجاد فرص حلول لها وقال احد الاطباء الذين حضروا الاجتماع بان وفدا مكون من شخصين قيادييين في حزب المؤتمرالوطني وليدهما علاقة مع جهازالامن الشعبي اجتمعا بالاطباء المستقيلين ، وقد عرفا انفسهما بانهما من اعاين البلد ولديهما مساعي لحل القضية ، واشار الطبيب ان الموفدان قالا انهما وبكل ثقة (نحن نستطيع حل المشكلة ومن الان لا تلتفتوا الي وزير الصحة) ، واضاف ان الثقة الزائدة التي كانا يتحدثان بها جعلت الاطباء يشككون في نواياهما ومساعيهما ، وذكر الطبيب بان الاطباء طالبوا فقط بتوفير الاشياء المطلبية التي وردت في مذكرتهم ، و بعد مرور ايام تفاجأ الاطباء بخطاب من مكتب مديرعام وزارة الصحة تحصلت (عاين ) علي نسخه منه وكان بدون تأريخ بدون نمرة وبدون ختم او توقيع تحت موضوع ( رد الالتماس ) قرر فيه قبول الالتماس نسبة لتدخل لجنة المساعي الحميدة ولظروف البلاد التي لا تحتمل تعطيل الخدمات الصحية وطالب الاطباء الذين استقالوا والاخرين الذين طالبوا بالاستقالة وقد توقفوا عن العمل بالعودة الى مزاولة اعمالهم اعتبارا من مطلع الاسبوع القادم ، الا ان الاطباء المستقيلين نفوا في حديثهم لـ(عاين) تقديم اي اللتماس واشاروا الي رفضهم العودة الي العمل مالم تحل جميع المشاكل الادارية والمالية وتوفير كافة المعينات والادوات الطبية التي تنعدم في المستشفى
وقال احد الاطباء ( الفشل كل يوم يشهد الفشل) مستعيراً في سخرية مفردات قالها وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم محمد حسين في احد لقاءته التلفزيونية ابان القصف الجوي الاسرائيلي على مناطق فى شرق السودان ، واضاف الطبيب ان قيادات حكومة الانقاذ فشلت في كل المشاريع وفي ايجاد حلول لمشاكل البلاد التي اصبحت تزداد كل يوم ، واضاف ( لقد دمروا اغلب البنى التحتية والخدمية بقصد ومؤخراً وليس اخيرا اصبح الوسطاء والاعيان يحلون مشاكل الدولة ) واعرب عن اسفه لفشل وزير الصحة وحكومة غرب دارفور في ايجاد حلول لمشاكل الحقل الصحي بالولاية