صرعات واستهداف ..اي مستقبل ينتظر لجنة إزالة التمكين ..؟

عاين  – 15 فبراير 2021

تثير الصراعات الدائرة بين مكونات السلطة الإنتقالية في السودان جدلاً واسعاً القى بظلاله على مستقبل لجنة إزالة التمكين ” المختصة بتفكيك نظام الثلاثون من يوليو ” ، في وقت تستمر فيه محاولات منسوبي النظام البائد لتعطيل عمل اللجنة، وشغلت الصراعات بين لجنة إزالة التمكين وجهات حكومية اخرى الرأي العام في الأيام الماضية اثرالأحداث الأخيرة التى شهدتها الساحة بعد ان استقالة رئيس اللجنة ،الفريق ياسر العطا، فيما القي القبض على عضو اللجنة د. صلاح مناع ودون المكون العسكري بمجلس السيادة بلاغات في مواجهته خلفت ردود افعال متباينه بين مناوئين وداعمين لعمل  اللجنة التى بدورها اتهمت النيابة العامة بتعطيل عملها وقالت انه استهداف يقف خلفه منسوبي النظام البائد . 

وتشكلت لجنة إزالة التمكين في ديسمبر من العام 2019 لمحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة بعد صدور قانون لتفكيك نظام الإنقاذ وحل حزب المؤتمر الوطني وكافة واجهاته الحزبية والمنظمات التابعة له ومصادرة أصولها وممتلكاتها، وبدأت اللجنة في مصادرة أموال رموز النظام البائد وممتلكاتهم ووجدت دعماً كبيراً من القوى الثورية ولجان المقاومة ، وتواجه اللجنة هجوم مستمرمن قبل بقايا النظام البائد ، وتضم اللجنة ممثلين من وزارات الدفاع ،الداخلية ،العدل،المالية ،الحكم الاتحادي، المخابرات العامة، قوات الدعم السريع، البنك المركزي، ديوان المراجعة القومي، وقوى الحرية والتغيير .

 

حملات ممنهجة

صرعات واستهداف ..اي مستقبل ينتظر لجنة إزالة التمكين ..؟

 وينفذ  منسوبي النظام البائد حملات واسعة  ضد لجنة إزالة التمكين طالت تشويه سمعة أعضائها والتشهير بهم إعلاميًا والقدح في مهنيتهم وان الجنة  تعمل على تصفية الحسابات وتحركها دوافع شخصية، ويصل الإستهداف الى تهديد اعضائها بالاغتيال، ولكن اللجنة أكدت استمرارها في العمل على تفكيك النظام البائد وتصفيته  بسند جماهيري كبير من القوى السياسية ولجان المقاومة، بجانب صلاحيتها الواسعة في نزع الأموال ومصادرة الممتلكات وإعادة الأصول المنهوبة ، وتطورت حملات النظام البائد ضد اللجنة في غضون الأسبوع المنصرم، وشهدت عدد من ولايات السودان أعمال عنف وتخريب طالت مقار لجنة ازالة التمكين بالولايات في مدن الضعين وكسلا وسنار، ووجهت لجنة التمكين السلطات الحكومية بفتح بلاغات جنائية ضد كل منسوبي حزب المؤتمر الوطني المحلول ، ويقول القيادي بالحزب الشيوعي صديق التوم لـ(عاين)، إن لجنة تفكيك التمكين حققت جزءاً كبيراً من اهداف الثورة  السودانية تفكيك النظام البائد وتصفيته، ولكن اللجنة إهملت  محاسبة المجرمين الذين استردت منهم الأموال، وكان من المفترض  ان تشكل مفوضيات مختصة بالأراضي ومحاربة الفساد وإصلاح الخدمة المدنية ، واشار إلى تشتت جهود اللجنة في استرداد الأراضي والأموال وإعفاء عناصر النظام البائد بالخدمة المدنية، وأضاف ” اللجنة دخلت في مهام معقدة ليست من اختصاصها ، ولفت الى حالة التخبط  وانعدام المؤسسية التى تعاني منهما اللجنة اذ انها فصلت اعضاء بالحزب الشيوعي  السوداني من الخدمة المدنية” 

ويرى التوم  ان عمل اللجنة ارتبط  مؤخراً بالعمل الإعلامي لإشاعة حالة من الرضا عن عمل الحكومة، واعتمدت على ان أخبار تفكيك النظام البائد تجد قبولاً وسط  الجماهير وتضفي طابعاً من الجدية على عمل السلطة الانتقالية، وطالب بضرورة استكمال تشكيل المفوضيات المختصة للإسراع في تفكيك وتصفية ومحاسبة النظام البائد، واضاف ” أن تحول التغيير إلى فرقعة إعلامية أحد الأشياء التى عطلت العمل بجانب تصريحات بعض مؤسسات الدولة ضد لجنة تفكيك التمكين نفسها ” .

 اولوية قانونية 

ويوضح الخبير القانوني محمد الحافظ محمود، أن الأولوية القانونية لتكشيل مفوضية محاربة الفساد التى ستكون شاملة لتفكيك النظام البائد ومحاربة الفساد بكل أشكاله قديمًا وحديثًا، وقال لـ(عاين) إن تكوين لجنة تفكيك التمكين جاء في ظرف غياب مفوضيات مختصة، ويمكن ضم اللجنة داخل المفوضيات ليعمل كل في دائرة اختصاصه، لأن المفوضيات تعمل وفق معايير وأسس قانونية منضبطة بدون مهام سياسية مباشرة، بإعتبار ان المفوضيات ستكون جميعها تحت سلطات النيابة العامة بطبيبعتها كسلطة مستقلة لا تخضع لرقابة من لجان مكونة بموجب قوانين خاصة . 

وكانت وزارة العدل طرحت مشروع قانون مفوضية مكافحة الفساد للنقاش وتطالب حركات مسلحة موقعة على اتفاق السلام بتكوين مفوضية لمحاربة الفساد مهمتها جمع المعلومات وتقديمها للقضاء لمحاكمة الأطراف  .

انسحاب العسكري

صرعات واستهداف ..اي مستقبل ينتظر لجنة إزالة التمكين ..؟

من جهتها قالت القيادية بتجمع المهنيين السودانيين قمرية عمر، إن السند الذي تجده لجنة تفكيك التمكين، شعبي من الجماهير فقط دون أي دعم سياسي، وان معظم القوى السياسية المتصدرة للمشهد لديها مصالح اقتصادية متقاطعة مع النظام البائد، والأولوية لتشكيل مفوضية الفساد،  واعتبرت غياب المفوضيات تغول على الوثيقة الدستورية وتعطيل تنفيذ بنودها ، واستبعدت قمرية في مقابلة لـ(عاين) تاثير استقالة عضو المجلس السيادي ياسر العطا من رئاسة اللجنة على العمل لطبيعة المهام المؤقتة الموكلة إليها هي مطالبات شعبية ، وقالت ان رئاسة الفريق العطا للجنة  غير موضوعية من البداية، ووصفته بأنه جزء من النظام البائد باعتباره عضوا في اللجنة الأمنية العليا لنظام البشير، وزادت: “ليس من المنطقي أن يكون رئيس لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو أحد مكونات النظام المستهدفة بالتفكيك ” . 

 وكان رئيس لجنة ازالة التمكين ،الفريق ياسر العطا،  قد دفع بإستقالته من العمل في اللجنة  اثار مخاوف كبيرة  اعتبرها البعض انسحاب المكون العسكري من اللجنة، ولكن رئيس اللجنة  قال أنه قبل بالعمل  لهشاشة وضع الثورة وترسيخ الشراكة في ذلك الوقت، حسب تعبيره، ونفى مطالبته بحل اللجنة، واوضح أن تصريحاته السابقة جاءت في سياق انتقادات توجهها الحاضنة السياسية لعمل اللجنة، وقال  ان مفوضية محاربة الفساد صلاحياتها ستكون أعلى من اللجنة، وكشف عن تكليفه بمهام أخرى لا تقل عن أهمية عمل اللجنة، وقلل التحالف الحاكم في السودان من تأثير إستقالة رئيس اللجنة على عملها الدستوري وأداء مهامها بسبب تواجد الرئيس المناوب واللجان المتخصصة. 

صرعات واستهداف ..اي مستقبل ينتظر لجنة إزالة التمكين ..؟

تقاطعات السيادي والتمكين 

تصاعدت الخلافات بين لجنة إزالة التمكين والمجلس السيادي سيما المكون العسكري ، وصلت الى منع عدد من اعضاء لجنة التمكين من الدخول الى القصر الرئاسي ويقول مسؤول الإعلام بلجنة ازالة التمكين ،ماهر أبو الجوخ، في مقابلة لـ(عاين)  إن قرار منع أعضاء اللجنة من دخول القصر الرئاسي تم أتخاذه بصفة فردية من رئيس مجلس السيادة وليس قرار المجلس السيادي كمؤسسة دولة ويمكن حل ذلك في الإطار الدستوري، وعلق على استقالة رئيس اللجنة والمخاوف من تخلي المكون العسكري على اللجنة بأن المكون العسكري كان حاضراً عند صياغة قانون تفكيك الثلاثين من يونيو، وتنازلهم عن المشاركة في اللجنة تنازل عن حقهم”، وأضاف أن البلاغات المفتوحة في أعضاء لجنة إزالة التمكين تتم بصورة فردية من رئيس مجلس السيادة عن طريق المستشار القانوني لمجلس السيادي، الأمر الذي يخلق خلطًأ بين الشخصي والمؤسسي ويمكن لذلك أن يؤثر سياسيًا ، ويستبعد ابو الجوخ أن يكون لتشكيل مفوضيات مكافحة الفساد وإصلاح الخدمة المدنية والأراضي، أثرًا على عمل اللجنة الذي يندرج تحت مهام الفترة الانتقالية ويختص بتفكيك نظام الإنقاذ في 30 عامًا، ونوه إلى عدم وجود تداخل بين عمل تلك المفوضيات وعمل لجنة التفكيك، باعتبار أن عمل المفوضيات يختص بالحاضر والمستقبل، بينما عمل اللجنة يختص بفترة حكم نظام الإنقاذ فقط وعلى ذات الصعيد، نفى مسؤول الإعلام بلجنة التمكين ماهر أبو  الجوخ في حديثه لـ(عاين) أن يكون لتشكيل مفوضيات مكافحة الفساد وإصلاح الخدمة المدنية والأراضي، أثرًا على عمل اللجنة الذي يندرج تحت مهام الفترة الانتقالية ويختص بتفكيك نظام الإنقاذ في 30 عامًا، ونوه إلى عدم وجود تداخل بين عمل تلك المفوضيات وعمل لجنة التفكيك، باعتبار أن عمل المفوضيات يختص بالحاضر والمستقبل، بينما عمل اللجنة يختص بفترة حكم نظام الإنقاذ فقط .  

صرعات واستهداف ..اي مستقبل ينتظر لجنة إزالة التمكين ..؟

إتهامات متبادلة 

يواجه عضو لجنة ازالة التمكين صلاح مناع، بلاغات جنائية تحت المواد (159) اشانة السمعة والمادة(60) الإساءة والسباب و والمادة (162) اثارة الكراهية ضد القوات النظامية، وذلك بسبب اتهامه لرئيس مجلس السيادة ونائبه بالتدخل لإطلاق سراح رمز النظام البائد وداد بابكر زوجة الرئيس المخلوع ورجل الأعمال التركي أوكتاي أوغلو، كما فتح رئيس المجلس السيادي بلاغات جنائية ضد عضو اللجنة عروة الصادق تحت المواد ( 24 و25 و26 ) من قانون جرائم المعلوماتية، وكان عروة قد هدد رئيس مجلس السيادة باقتياده إلى سجن كوبر على غرار مافعلوا بالرئيس السابق عمر البشير، وذلك خلال حديثه أثناء اعتقال عضو اللجنة  صلاح مناع بالنيابة الأسبوع الماضي ، واتهمت لجنة ازالة التمكين النيابة العامة بالتلكؤ في التحرك ضد قيادات وواجهات تتبع للنظام السابق، فيما اتهمت النيابة العامة لجنة التفكيك بالتغاضي عن ملفات فساد في قضية الفلل الرئاسية، وبرزت تساؤلات كبيرة بعد تراشق الاتهامات بين النيابة العامة ولجنة إزالة التمكين، ومدى صحة الاتهامات للنائب العام بتعمده إطلاق سراح قادة النظام البائد ومساعدتهم على الإفلات من العقاب، حسب تصريحات مناع، وبرر مراقبون ذلك الصراع بمحاولة أذرع النظام البائد في السلطة الانتقالية، تعطيل عمل لجنة التمكين قانونيًأ وذلك بإحلال مفوضية مكافحة الفساد بدلًأ عنها.