ردود الأفعال على إستفتاء أبريل القادم: في ظل غياب المصالحات الإجتماعية
– شبكة عاين – ١٢ نوفمبر ٢٠١٥ –
اثار اعلان الرئيس السوداني عمر البشير باجراء الاستفتاء في دارفور في ابريل القادم حفيظة الكثيرين في هذا الوقت بالذات، سيما وان الحركات الرئيسية ترفض فكرة الجلوس على التفاوض وفق وثيقة الدوحة لسلام دارفور، والتي اصبحت جزء من الدستور السوداني، كما ان الحرب ما زالت دائرة لاكثر من (12) عاماً. ورغم ان اجراء الاستفتاء في دارفور نصت عليه الاتفاقية الاولى في ابوجا 2006 والتي اصبحت ملغية بخروج الفصيل الرئيسي عنها “حركة تحرير السودان فصيل مني اركو مناوي”، واكدت اتفاقية الدوحة ايضاً على اجراء الاستفتاء بين ان يتم تبقى دارفور بولاياتها الحالية ام ان تصبح اقليماً واحداً، الا ان الكثيرين ينظرون الى هذا الاجراء بانه تكرار لما حدث في جنوب السودان بفصله قبل خمس سنوات.
الخوف من ضرب النسيج الاجتماعي عند اجراء الاستقتاء في دارفور
لا سلاما تحقق في الاقليم حتى الان، كما يشير الى ذلك المهتمون من القيادات السياسية والشبابية والحركات المسلحة ايضا ويقول الكثيرون منهم ان الهدف الاساسي من اجراء الاستفتاء هو زرع الفتنة بين ابناء دارفور وضرب النسيج الاجتماعي، ويشدد هؤلاء بان الاقليم اكثر ما يحتاجه الان تحقيق السلام والامن فيه، بينما يرى طرف قريب من اتفاقية الدوحة الاخيرة انه استحقاق دستوري، باعتبار ان الدوحة جزء من دستور البلاد، لكن الاوضاع على الارض تستبعد قيامه في ابريل القادم، وايضا يجب ان تصاحبه استكمال العملية السلمية والمصالحات بين الاطراف المتصارعة والعدالة الانتقالية، والصراعات القبلية بين المجموعات العربية في شرق دارفور وجنوب دارفور لم تنتهي بعد .
وحذر نواب من دارفور من مخاطر اجراء الاستفتاء لكونه يقود الى فتنة جديدة، قال النائب البرلماني المستقل الطيب احمد ابراهيم “دارفور لاتحتاج الى لاستفتاء، وانما تحتاج الى سلام حقيقي”، فيما اكد رئيس حزب (السودان انا) الدكتور ابراهيم مادبو ان اجراء استفتاء في دارفور لكونه قد يتسبب في زيادة فتك النسيج الاجتماعي، داعياً البشير لاعادة النظر في القرار، قائلا “لقد ماتت دارفور وكفاية موت”
ومن جانبه يقول المحلل السياسي الاستاذ عبدالله ادم خاطر لـ (عاين) ان اعلان البشير للاستفتاء في دارفور حول المستقبل الاداري لدارفوربين ان تصبح دارفور في شكل اقليم واحد، او ولايات في اطار اقليمي، ويضيف “الاستفتاء استحقاق ضمنته اتفاقية الدوحة”، ويشير الى ان هناك تطورات جديدة حدثت في وثيقة الدوحة بعد ان تم تضمينها في دستور البلاد الى جانب العملية السلمية الجارية، ويقول “لكن في الواقع التنفيذ ضعيف”.
واذا كان هناك اصرار على اجراء الاستفتاء فان من المهم ان دفع استحقاقات اخرى، اهمها اسكتمال العملية السلمية والمصالحات، العدالة الانتقالية والاستقلال النسبي، وعلى الاستفتاء ان يقود الى الاجماع حول مستقبل دارفور، ويعتقد خاطر انه تم انجاز عملي من ناحية العملية السلمية، وهو يختلف مع بعض الذين يرددون ان التدهور الامني ما زال مستمراً، غير انه يشير في نفس الوقت الى ان الاستفتاء في الوقت الراهن يتزامن المفاوضات مع الجبهة الثورية والحوار الوطني، ويقول “في حال فشل الحوار فان الاستفتاء سيفرغ من محتواه، وسيقود ذلك الى عزل دارفور من مستقبلها السياسي والوطني”.
الحكومة لا ترغب في تحقيق السلام على الارض
الحكومة ليس لديها الرغبة في الوقت الراهن في تحقيق السلام والامن على الارض، هكذا يبتدر القيادي فيحركة تحرير السودان بشارة مناقو حديثه مع (عاين)، ويقول ان الحكومة تسعى الى افراغ الفكرة من محتواها لا سيما ان وتصريح البشير الاخير يريد فرض الامر الواقع على الارض، يضيف “هذا ينسف الفكرة من جذروها كيف يتم اجراء الاستفتاء في دارفور دون تحقيق الامن والاستقرار ونصف سكان اقليم دارفور ما زالوا في معسكرات النزوح واللجوء”، ويؤكد ان الاستفتاء ورد في اتفاقية الدوحة عام 2011 ايضا.
ويرى مناقو ان الاستفتاء يجب ان يتم اجراءه في ظل مناخ ديمقراطي وبمراقبة دولية واقليمية، ويعتقد ان هدف النظام من اجراء الاستفتاء في ابريل المقبل هو تطبيق سياسته المعروفة بـ(فرق تسد)، ويقول ان الحركات التي وقعت على اتفاقيات مع الحكومة تحولت الي احزاب (توالي) وان النظام يستخدمهم لارادته هو ولتمرير اجندته، ويشير الى ان دور الحركات في الخرطوم سلبي، ويقول ان اجراء الاستفتاء ليس له علاقة بالحركات الثورية، ويرى ان اجراء الاستفتاء من قبل المواطنين يحتاج في المقام الاول تحقيق الامن على الارض وعودة النازحين واللاجئين، ويتابع “من يرددون ان الحركات الثورية غير موجودة على الارض فانهم يخدعون انفسهم”.
الحزب الحاكم ينفي تضحيته باقليم دارفور
من جانبه ينفي القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم الدكتور ربيع عبدالعاطي لـ (عاين) ان يضحي حزبه باقليم دارفور كما يردد البعض، ويقول ان اجراء الاستفتاء في ابريل القادم بين خيارين الاقليم الواحد او الابقاء على الشكل الحالي في تقسيمه على ولايات، ويشير الى ان اهل دارفورسيختارون الانسب بالنسبة لهم، ويشدد على ان اجراء الاستفتاء تنفيذ لاتفاقية الدوحة لسلام دارفور والتي وقعت عليه الحكومة وعدد من الحركات المسلحة، وباجراء الاستفتاء وفق الاتفاقية فان مهلة السلطة الاقليمية لدارفور تصبح في حكم المنتهى، ويقول “اهل دارفور مستحيل ان يرهنوا مستقبلهم لمجموعة من الحركات المسلحة، وليسوا جميع سكان الاقليم حملة للسلاح ضد الدولة … وعليه اجراء الاستفتاء نصت عليه الاتفاقية ولذلك يجب ان يتم تنفيذه”.
فيما يرى الكاتب ابراهيم صالح (جيفارا) ان الخرطوم تسعي الى تقسيم السودان وانها بعد استكمال فصل الجنوب تتجه نحو دارفور ومن ثم مناطق اخرى ويقول لـ(عاين) ان تنفيذ اجراء الاستفتاء خطط له النظام بعقلية التقسيم وفرق تسد، ويرى ان اجراء الاستفتاء في ابريل القادم امر غير واقعي وانها مرواغة من النظام ومحاولة لتغبيش المواطنين للتغطية على الجرائم التي تم ارتكابها منذ سنوات، ويقول ان اغلب سكان دارفور اصبحوا في معسكرات النزوح واللجوء، ويشير الى ان خطورة اجراء الاستفتاء تكمن في استبدال المواطنين الاصلين بمستقدمين جدد، ويقول “كل ذلك سيساعد دعاة انفصال دارفور في تمرير اجندتهم”، متهماً اطراف لم يسمها بانها تنفذ اجندة امريكية دون وعي واهمها تقسيم السودان الى دويلات، ويضيف بان سياسة المؤتمر الوطني ايضاً تساعد في التوجهات الانفصالية، داعياً دعاة الانفصال العودة الى رشدهم، ويشدد على ان اهل دارفور لهم الفضل في تشكيل الدولة السودانية ولديهم ارث تاريخي طويل في ادارة الدولة، ويتابع “من اجل ماذا تنفصل دارفور؟”، وتنبأ بقدوم جرائم حرب جديدة في حال تم اجراء الاستفتاء في ابريل القادم.
اعتقاد سائد بان النظام السوداني يسعى الى تفكيك ما تبقى من السودان
في ذات السياق يقول حبيب محمد ادم عضو حركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد النور لـ (عاين ) ان النظام يسعى الى تفكيك ما تبقى من السودان وان كل الخطوات الدائرة الان الهدف منها تقسيم دارفورعلى اساس اثنيات متحاربة، وفكرة الاستفتاء او تقريرمصير ليس حولها اجماع كبير، ويشير الى ان حركته ترفض هذا الاتجاه وان النازحين واللاجئين اكدوا رفضهم للفكرة، ويقول آدم ان الفئة التي ستتضرر من اجراء الاستفتاء هم اللاجئين والنازحين لانهم يقيمون في المعسكرات الى جانب استمرار الحرب، ويشدد على ان حركته لم تطرح مسالة تقرير المصير والاستفتاء وانها متمسكة بالحل الشامل في اطار الدولة السودانية الموحدة مع اعطاء دارفور خصوصية في الحكم، ويقول “لدينا الحق الكامل في السودان لا ان يتم حصرنا في دارفور”، مشيرا الى ان الحزب الحاكم هو يروج لافكار مجموعة قلة تنادي بفكرة استقلال دارفور، ويضيف ان طرح موضوع الاستفتاء في دارفور يعني ضرب النسيج الاجتماعي في الاقليم من جديد ولن تنعم البلاد بعدها بالاستقرار الا في حالة ازالة هذا النظام، ويتابع ” هذا النظام يسعى الى الاستفراد بالحكم على الشريط النيلي بعد تقسيم بقية البلاد رغم ان السودان بلد الحضارات القديمة .. ولذلك نحن لن نتركه لاننا جزء من ذلك التاريخ”.
ويعتقد المواطن علي ابو جلحة ان اجراء الاستفتاء سيقود الى صراع جديد داخل مكونات المجتمع في الاقليم، ويقول ابو جلحة وهو من ولاية غرب دارفور ل(عاين) ان اجراء الاستفتاء لن يحل الازمة بل سيزيد من امد الحرب في دارفور وحدة فتك النسيج الاجتماعي بتقطيع اوصاله التي تبقت، ويقول ان ابناء دارفور يطالبون بالحقوق المتساوية في كل السودان، مشككاً في امكانية اقامة الاستفتاء لان طرح اجراء الاستفتاء كما قال سابقيه يقود الى توسيع نطاق الحرب.
النازحون يعتبرون الاستفتاء يخص البشير لا اهل دارفور
وفي ذات السياق شكك زايد بكري من معسكر الحصاحيصا للنازحين في ولاية وسط دارفور في اجراء الاستفتاء بشكل نزيه، ويعتقد ان الظروف الحالية غير مواتية اضافة الى ان السكان لم يتم حصرهم ومعرفة معايير الذين سيشاركون فيه، ويرى كما ذكر اخرون بان الغالبية العظمي من سكان دارفور في معسكرات النازحين واللاجئين وموزعون في اقاليم السودان الاخرى، ويقول ان الاستفتاء يجب ان يتم اجراءه بعد ان يتم وقف الحرب وتحقيق السلام وعودة النازحين واللاجئين الى مناطقهم الاصلية وان يشارك كل اهل دارفور، واكد انه لن يشارك في هذه العملية، داعياً قيادة المعسكرات الى منع اجراء الاستفتاء بكل السبل، ويقول “اذا فشل قادة المعسكرات في منع اجراء الاستفتاء فان كارثة كبيرة ستصبح النتيجة في الاقليم اسوأ مما كانت عليه في السابق”.
وفي ولاية شمال دارفور يقول الناشط شريف حسين لـ (عاين) ان المواطنين في ولايته متمسكون بوحدة السودان، ويضيف “اذا اراد النظام ان يجري الاستفتاء في ابريل القادم فان ذلك يمثله وحده، وهذا الاستفتاء سيقود الى دولة جديدة مثلما حدث مع جنوب السودان”، ويقول ان مستقبل البلاد اصبح غامضاَ وان اجراء الاستفتاء سيقود الى عواقب وخيمة على جميع الاطراف في كل البلاد، مشدداً على ان هناك حلول افضل يمكن ان تخرج السودان من ازماته المتلاحقة، ويقول “اجراء الاستفتاء ليس هو الحل وهو لا يمثل الا البشير وزمرته “، ويتابع “هذا الاستفتاء يمثل البشير ولا يمثل اهل دارفور”.