حرب الصيف : الجبهة الثورية تضرب شمالاً
الجبهة الثورية تضرب شمالاً والخرطوم تحشد لـ كاوده
2013/12/2
تحاصر الجبهة الثورية القوات الحكومية بكردفان وتقول أنها كبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ضمن المعارك التي اندلعت بعد انتهاء موسم الأمطار. بينما تدعي الحكومة جاهزيتها لدخول كاوده معقل الجبهة الثورية بجنوب كردفان في أي لحظة. في حين تخلف الاشتباكات عشرات القتلى والجرحى.
في الوقت الذي حشدت فيه الحكومة السودانية قواتها لمهاجمة الجبهة الثورية في أكبر معقلين لها وهما منطقة يابوس بالنيل الأزرق، وكاوده مقر القيادة العسكرية المشتركة للجبهة الثورية في جنوب كردفان. بغية الانتهاء من عملية التمرد وبسط الأمن. تتواصل المعارك في مناطق متفرقة بلغت الحدود الفاصلة بين شقي كردفان. حتى سيصبح من غير المجدي في وقت قريب حصر الحديث عن الحرب الأهلية في جنوب كردفان وحدها والاستعاضة عن ذلك بكردفان كاملة.
وتواصل الجبهة الثورية الرد على تلك الاستعدادات بهجوم على الأرض فى عدة مواقع. كان أبرزها في أبو زبد التي تمكنت قوات الجبهة الثورية من الهجوم عليها صبيحة الاثنين 18 نوفمبر الجاري فى أول هجوم على المنطقة منذ اشتعال الحرب الدائرة .
تراجع خطة الحكومة
بعد الهجوم على أبو زبد تراجعت القوات المسلحة السودانية من الهجوم إلى موقع الدفاع. مستخدمة الطيران لإجلاء الموقف لصالحها في كل المعارك التي دارت. حيث نصبت الجبهة الثورية عدة كمائن أولها كان في كرتالا جنوب شرق الدلنج ثم الضليمة شمال شرق الدلنج ومنطقة الشفر جنوب شرق أبو زبد ثم أعقبتها بكمين في منطقة أبو كرشولا وكمين آخر في منطقة والي غرب الدلنج. مما أدى إلى حصار قوات النظام فى الدلنج وأبو زبد وتحولت الخطة من هجومية إلى دفاعية.
وكانت الجبهة الثورية قد اتهمت الخرطوم في تصريح بعد معركة أبو زبد باستجلاب مرتزقة من دول الجوار (ليبيا – تشاد – مالي) وهو ما أشار إليه ضابط متقاعد في القوات المسلحة – فضل عدم ذكر اسمه – في اتصال هاتفي مع (عاين) بأن الحكومة السودانية لجأت إلى استجلاب مقاتلين من دول أخرى لم يسميها. موضحاً أن الروح القتالية للجيش السوداني أصبحت في تراجع خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وأضاف الضابط أن عدداً كبيراً من الرتب الصغيرة (من رتبة مقدم فما دون) في حالة هروب تام من الخدمة العسكرية. بينما أصبحت الرتب الوسيطة من عقيد وما فوق في حالة استياء عام. موضحاً أن السبب وراء ذلك هو تدهور الأجور وعدم صرف الحوافز، وغيره. في حين يمضي مصدر عسكري من داخل القوات المسلحة – حجبت هويته لحساسية وظيفته – في ذات الاتجاه بالقول أن مؤسسة الجيش الآن في حالة يمكن وصفها بأنها خارج السيطرة، لاتساع موجة السخط بين الضباط. مما قادهم إلى عدم تلبية أي أوامر تصدر من أي جهة مهما كانت. كاشفاً أن الإدارة الفعلية لعميات الصيف التي تدور الآن في مناطق كردفان والنيل الأزرق أصبحت تدار من قبل جهاز الأمن مع وجود رمزي للجيش.
واستطرد المصدر بالقول أنه من الواضح أن الرئيس البشير يريد من خلال ذلك خلط الأوراق وتحويل البلد إلى فوضى تصعب السيطرة عليها بحيث لا يستطيع أحد القبض عليه وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية. مشيراً إلى أن التوجيهات المباشرة للمليشيات في مناطق العمليات تصدر من رئاسة الجمهورية، وهو ما أحدث نوعاً من الفوضى في إدارة العمليات من قبل المليشيات الحكومية بمنطقة أبو زبد، فقام والي غرب كردفان اللواء أحمد خميس بالتدخل لإيقافها، ولكن أحد قادة المليشيات رفض الانصياع لأوامره بذريعة أنه يتلقى الأوامر من رئاسة الجمهورية. مما دفع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه إلى السفر سراً إلى أبو زبد عشية ذات اليوم لاحتواء الأزمة.
ويقول مواطن من منطقة تندلتي – فضل حجب اسمه لدواعي أمنية – أنه شاهد قوات ملثمة أطلق عليها مجازاً “الجنجويد” في منطقة تندلتي وقال لـ(عاين) : “الناس ديل مما جوا بسألوا من مكان المريسة والعوين واشتروا أي حاجة من السوق وفي بعض السلع انتهت وشكلهم ناس فوضى الله يكيفينا شرهم”، وأردف شاهد عيان آخر من كبار السن لـ (عاين) بأن المليشيات التي شاهدها بمنطقة تندلتي في طريقها إلى كردفان هي عبارة عن مجموعة من الأطفال – على حد تعبيره – ليس لديهم أي قدر من التحكم، واصفاً القتال بأنه كان عبارة عن حملة من الضرب العشوائي التي أدت إلى مقتل أربعة مواطنين لم يتسن لـ(عاين) التعرف على هويتهم. لكن الملاحظة الأهم في إفادته أن المجندين كانوا يتحدثون لغة عربية ركيكة – مشيراً ربما إلى كونهم غير سودانيين – في حين كانوا يستقلون أكثر من مائة مركبة.
دماء السودانيين
خلفت المعارك الأخيرة في كل من : الموريب – كرتالا – الضليمة – أبو زبد – الشفر – كالنك – والي. عدد غير قليل من القتلى والجرحى. يقول الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية – شمال، أرنو نقلتو لودي، في إحدى بياناته عقب معركة الشفر، اأن عدد قتلى القوات المسلحة يفوق الـ 60 ، وفي ذات الاطار قال الناطق العسكري باسم الجبهة الثورية العقيد قاضي عمر رمبوي، بعد معركة أبو كرشولا الأخيرة أن قواته استطاعت أن تكبد القوات الحكومية خسائر في الأرواح قدرت بـ 15 قتيلاً. بينما اكتفى الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصورامي خالد سعد في بيان رسمي عقب معركة أبو زبد بالقول : “تصدت قواتكم المسلحة الباسلة لفلول المرتزقة .. مكبدة إياهم خسائر كبيرة في القتلى يجري حصرهم وعلى رأسهم قائدهم المتمرد فضيل محمد رحوم” في إشارة إلى القائد الثاني لعمليات حركة العدل والمساواة.
من جهتها نعت حركة العدل والمساواة في بيان رسمي موقع من رئيسها د. جبريل إبراهيم، القائد فضيل محمد رحومة، “بالأمس اغتالت مليشيات المؤتمر الوطني ومرتزقته القائد خليل ابراهيم وها هي ذي اليوم تغتال القائد فضيل محمد رحومة يتساءل كثيرون هل مثل هذه الاغتيالات تؤثر سلبياً على مستقبل الحركة والثورة بشكل عام ونحو أي طريق تقودها؟”
وفي تطور لاحق أعلنت الجبهة الثورية أنها استولت على عدد من الأسلحة الثقيلة في معاركها الدائرة خلال الأسبوع المنصرم. حيث نشرت بعض المواقع على شبكة الانترنت مجموعة من الصور نسبت إلى الجبهة الثورية وضحت الآليات التي تقول الجبهة أنها تحصلت عليها. في حين نشر موقع حركة العدل والمساواة تقريراً مصوراً يبرز طائرة مروحية تابعة للقوات المسلحة أسقطت بالقرب من منطقة سمامسم في الطريق الرابط بين كادوقلي والدلنج يوم السبت 30 نوفمبر. هذا في الوقت الذي تحدثت فيه بعض وسائل الإعلام يومي السبت والأحد الماضيين عن معارك بالقرب من منطقة كاوده المقر الرئيسي للحركة الشعبية – شمال إلا أن الحركة الشعبية نفت ذلك في بيان رسمي وقعه الناطق الرسمي باسمها أرنو نقولتو لودي الذي نفى نشوب أي معارك حول كاوده. مؤكداً أن الاشتباكات بين الطرفين وقعت الأسبوع الماضي حول مناطق كجورية ووالي.
وقال المواطن خالد محمد لـ(عاين) يوم الاثنين 2 ديسمبر أن الأوضاع في كاوده في استقرار تام، والحياة تمضي بشكلها الطبيعي. موضحاً أن هنالك جولات للطيران الحربي دون أي قصف حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
وتقول الحركة الشعبية – شمال بأن حشود القوات الحكومية ما زالت ترابط على بعد 250 كلم من منطقة الفرشة بجنوب كردفان. مما يعني استعدادها للتحرك نحو الجنوب. بينما ترابط قوات الجبهة الثورية على مقربة من معسكرات القوات الحكومية. مما يشير إلى أن معارك طاحنة ستشهدها الأيام القادمة.