جولة حاسمة بين الخرطوم والحركة الشعبية وشكوك حول الوصول الى حل
١٣ نوفمبر ٢٠١٤
تنطلق اليوم ( الاربعاء ) في العاصمة الاثيوبية أديس ابابا الجولة السابعة من المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية (شمال ) برعاية الآلية الرفيعة التابعة للاتحاد الافريقي برئاسة رئيس جنوب افريقيا السابق ثابو مبيكي وتوقعت الخرطوم نجاح الجولة القادمة في طي الازمة والوصول الي سلام ، فيما رهنت المعارضة نجاح المفاوضات والوصول الي سلام بقبول وفد الحكومة بالحل الشامل.
وأدي الخلاف بين الطرفين فى الجولة السابقة التي انتهت في نهاية ابريل الماضي، وتباعد مواقفهما الي تعليق المفاوضات من قبل الوساطة، وإحالة الملف الى مجلس السلم والامن الافريقى ،وقد جدد المجلس فى اجتماع عقده لتقييم سيرعملية التفاوض فى وقت لاحق، وتفويض ثابو مبيكى ، لمواصلة الوساطة فى التفاوض بين الطرفين ،على ان يتم التوصل الى تسوية للنزاع بنهاية ابريل الماضي.
مفاوضات مع اوضاع انسانية سيئة
ثم حددت الوساطة مواعيد جديدة كان يفترض ان تتم في اكتوبر الماضي لكن المؤتمر الوطني اعتذر بسبب انعقاد مؤتمره العام ثم دعت الوساطة الاطراف الى المحادثات اليوم (الاربعاء ) ، وبالنظر الي الاوضاع الانسانية علي الارض في مناطق الحرب التي اندلعت في المنطقيين قبل نحو ثلاث سنوات ، نجد انها أدت الي سقوط العديد من الضحايا من المدنيين الذي لاذوا بالكهوف والمغارات هرباً من لعلعلة الرصاص ودوي المدافع والمجنزرات وقنابل الطائرات ونيرانها الحارقة التي دمرت المزارع والمستشفيات وابار مياه الشرب النقية ، تلك الاوضاع دفعت الامم المتحدة للقول بان النازحين ياكلون من اوراق الاشجار (لاغذاء ولا دواء) وحذرت المنظمة الدولية من تعرض حياة مئات الالاف للخطر بسبب نقص الغذاء مؤكدة سقوط 59 قذيفة علي مدينة كاودا بجنوب كردفان وقالت ان حياة المدنيين بالمنطقتيين معرضة للخطر ، ولفتت الامم المتحدة الي ان حوالي 125 الف شخص في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان لم يتمكنوا من زراعة محاصيل ذات مغزى جراء الاوضاع الامنية وصعوبة الوصول الى الاراضي الزراعية ، ونوهت من مواجهة السكان ظروف غذائية سيئة العام القادم .
وقالت الامم المتحدة خلال ديسمبر من العام الحالي سيكون حوالي 20% من المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية- شمال، ضمن المعدل الثالث من التنصيف وهي مرحلة الطوارئ ،وفي ذات السياق أكدت مفوضية العون الإنساني ومنظمة الهجرة الدولية فرار ما يناهز ( 13,500 ) شخص، في المنطقتيين ، وبحسب النشرة الأسبوعية حول الوضع الإنساني في السودان التي يصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) تحصلت (عاين)علي نسخة منها أن ما يقرب من ( 90,000 ) شخص قد نزحوا .
يذكر ان بعثة الاتحاد الأوروبي في جمهورية السودان قد أصدرت بيان بالاتفاق مع كل رؤساء بعثات سفارات دول الاتحاد الاوروبي المعتمدة في السودان وسفارة النرويج، وأكدت فيه قلقها بشأن التقارير الواردة عن قصف جوي تم يومي 1 و 2 مايو 2014 لمنشأة ام الرحمة الطبية في جبال النوبة في جنوب كردفان ، وقالت البعثة في يونيو الماضي ان المستشفيات محمية بموجب القانون الإنساني الدولي لأنها منشآت مدنية يجب حمايتها ، وان عدم التمييز بين الاهداف والمنشآت المدنية والعسكرية يمثل هجوم عشوائي وهو جريمة حرب.
وكان منسق الامم المتحدة للشوؤن التنموية والانسانية بالانابة بالسودان قيرت كابيليري قد أبدي قلقه العميق من تعرض الاطفال في المنطقتيين لخطر الاصابة بشلل الاطفال ، واليوم وقبيل انطلاقة الجولة المقبلة جرت مياه كثيرة تحت الجسر ، لكن موقف الحركة الشعبية ظل كماهو حيث أكدت بعدم توقيعها لإتفاق ثنائي مع الحكومة وقالت في بيان لها ممهور بتوقيع رئيسها الفريق مالك عقار إنها مستعدة للجلوس لإتفاق سياسي شامل يحل كل مشاكل البلاد بما فيها خصوصية المناطق المتاثرة بالحرب وشددت انها ظلت تتبنى مواقف مبدئية فيما يخص مسألة الحريات العامة (المعتقد والتعبيروالتجمع وغيرها) وفي دوائر الحكومة فقد إستبق رئيس وفدها المفاوض ابراهيم غندور انطلاقة الجولة باتهام مفلوضي الحركة الشعبية شمال ، بالوقوع تحت تأثير وتحريض مجموعات ضغط دولية، وقال ان الحركة الشعبية غير جادة في المحادثات لانها تخلط قضية منطقيتي النيل الازرق وجنوب كردفان مع قضايا اخرى ليست من صميم التفاوض .
تصريحات ساخنة تسبق الجولة
وقال غندور إن موقف حكومته في هذه الجولة يستند على ضرورة الاتفاق على وقف شامل لإطلاق النار مع ترتيبات أمنية كاملة وأن يكون السلاح في يد الدولة فقط ، مع معالجة الآثار الإنسانية المترتبة على الحرب فضلا عن الاتفاق على معالجة أي قضايا سياسية أو تنموية مرفوعة في إطار اتفاق سوداني شامل حاسمة .
ومن جهته جدد الأمين العام للحركة الشعبية شمال ياسرعرمان في حوار له سابق نشر أكد رفضهم للحلول الجزئيه وقال (موقفنا ثابت) ، وشددعلي ضرورة الحل الشامل والتغييرلجهة الوصول الي نظام ديمقراطي قائم على المواطنه بلاتمييز وإحترام الحقوق والحريات وسيادة حكم القانون ، وتابع ( نحن قوى للتغيير ولن نقبل بغير التغيير) وأشارالي انهم التزموا بالتفاوض بحسب قراري مجلس الأمن والسلم الافريقي،ومجلس الأمن الدولي 2046 وردد(هذا القرارإعترف بقضيتنا وصعدها الى أقصى مستوى دولي ممكن وهو إنتصار لقضيتنا) ، وأوضح ان رفضهم للتفاوض سيساعد النظام في الخروج من مأزقه ويجعله يغسل يديه ويقول للعالم الخارجي انه يرى ان الحل الوحيد هواتباع طريق الحرب ، واضاف ( المفاوضات بالنسبة لنا هي جزء من كشف النظام ومنبر من منابر الصراع والنضال لكشف سياسات الحكومة وتعريتها فضلا عن عن التوضيح للعالم الخارجي ولافريقيا وللمجتمع الدولي وللشعب السوداني أولا وقبل كل شيء ان هذا النظام لايرغب في الحلول السلمية ) .
شكوك حول التوصل الى اتفاق والجميع مع الحل الشامل
وبدوره يقول السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب لـ (عاين) ان الحكومة تمضي في اتجاه تصعيد الحرب في المنطقتيين وليس الحل السلمي عبر المفاوضات ، ويشير الي ان الحكومة ظلت تتحايل علي الحل الشامل وذلك من خلال اللجوء للحل الجزئي عبر حل قضية دارفور من خلال اتفاقية الدوحة ، وقضية المنطقتين عبر نيفاشا وبرتوكولاتها ، ويضيف (ايقاف الحرب واغاثة المتضررين والحل الشامل هو الاساس) ، ويؤكد على ان اي كلام عن اتفاق ثنائي وجزئي في دارفور والمنطقتين يعني تجزئة لقضايا السودان وتفتيتها ، وتابع (نحن مع الحل الشامل) ، وقال السكرتير السياسي للحزب الشيوعي ان المؤتمر الوطني يرفض الحل الشامل لازمات البلاد ويتمسك بالحلول الثنائية والاتفاقية الجزئية ، متهماً الحزب الحاكم بعدم الالتزام بسداد مستقحات اتفاقية نيفاشا لاسيما المواد الخاصة بالتحول الديمقراطي والحريات العامة.
لكن الاكاديمي والاستاذ السابق بجامعة الخرطوم ورئيس الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات دكتور فاروق محمد ابراهيم في حديثه مع (عاين) بدأ واثقاً من عدم وصول الجولة المقبلة الي اتفاق ينهي الحرب ، ويضيف ( ايقاف الحرب هو المهم والقضية المحورية بجانب اغاثة النازحين وتطعيم الاطفال) ، فيما يقول المحلل السياسي واستاذ العلوم السياسية الدكتورصلاح الدومة لـ(عاين) ان الجولة القادمة مفروض ان تكون حاسمة بالنظر الي موقف الحركة الشعبية شمال ومساندة غالبية القوي السياسية والمجتمع الدولي (الاتحاد الافريقي- مجلس الامن الدولي- مجلس السلم والامن الافريقي وغيرها ) لمطالب الحل الشامل وإغاثة المتضررين ، ويضيف ( لكن التجارب السابقة أكدت علي ان مصالح المجتمع الدولي مع الحكومة التي تقدم تنازلات كبيرة مقابل صمت المجتمع الدولي عن الانتهاكات الواسعة التي تطال حقوق الانسان ) ، ويقول ( معلوم بان الانقاذ تم تعريفها بانها دولة راعية للارهاب ) ، ويتابع ( لكن ليس هناك قلق حقيقي من قبل المجتمع الدولي حيال ذلك فهو اي –المجتمع الدولي- مع بقاء النظام واجراء اصلاحات طفيفة عليه لامساكه واجباره علي تحقيق تنازلات تصب في مصالح المجتمع الدولي الذي يفضل مصالحه من خلال مساندته للنظام بدلا عن موقفه المبدي مع الطرف الاخر حول قضايا الحريات وحقوق الانسان ) ، ويرى ان الجولة الحالية لا يوجد مؤشر بانها يمكن ان يتوصل فيها الطرفان الى اتفاق )، ويقول (هذا السيناريو مستمر منذ 25 عاما) .
ومن جهته يقول رئيس لجنة الاعلام بقوي الاجماع الوطني المهندس صديق يوسف لـ(عاين) انه لا يتوقع بان تحقق الجولة المقبلة سلام حقيقي وشامل ، ويشير الى انه يستند على ماطرحه الرئيس عمر البشير الذي كان قد قال ( ان التفاوض مع الحركة الشعبية مرجعيته ما ورد في نيفاشا اي التسريح والدمج اما بشان دارفور فقد دعا الحركات المسلحة للتوقيع علي اتفاقية الدوحة ) ، ويضيف يوسف (هذا ما طرحه البشير وهو ذات الموقف الذي يحمله غندور الي المفاوضات وهذا غير مقبول بالنسبة للحركة الشعبية التي تطالب بالحل الشامل واغاثة المتضررين، واتاحة الحريات ) ، ويؤكد على تباعد الطرفين في مواقفهما وان ذلك لن يقود الى نتائج حقيقية في هذه الجولة .
وفي حديثها مع (عاين) بشان الجولة القادمة للمفاوضات اعربت القيادية بالحزب الوحدوي الناصري الاشتراكي انتصار العقلي عن أملها في ان تتوصل الجولة الي سلام شامل يطوي سنين الحرب اللعينة وايصال الغذاء للمتضررين وتطعيم الاطفال ، وقالت العقلي ان الحل الشامل الذي تنادي به الحركة الشعبية شمال حق طبيعي لها ولكافة الشعب السوداني .