السودان يترقب معركة جديدة مع الإسلاميين بعد تعديلات قانون الأحوال الشخصية
13 يناير 2020
تترقب الأوساط القانونية في السودان معركة جديدة للحكومة الانتقالية مع مجموعات دينية إسلامية موالية للنظام البائد حول مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي تعده لجنة شكلتها وزارة العدل السودانية في أكتوبر الماضي.
وتثير التعديلات المرتقبة على قانون الأحوال الشخصية حفيظة جماعات دينية في السودان والتي تعترض على منح الولاية للمرأة بـ تزويج نفسها بواسطة المحاكم المدنية حال رفض الأب أو ولي أمرها لشريكها.
كما أن التعديلات المرتقبة مرتبطة بتعديل قانون الميراث بين الرجل والمرأة إذ أن اللجنة المعنية بإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية تعتقد أن المحاكم تضج بالقضايا التي تواجه آلاف السيدات اللائي واجهن صعوبة في الحصول على نصيبهن في الميراث خاصة العقارات.
تعديلات مُلحّة
ويرى الخبير القانوني عثمان مبارك برلمان، أن مادة الميراث في قانون الأحوال الشخصية “متخلفة” لأن المحاكم حاليًا تواجه آلاف القضايا بسبب رداءة القانون.
ويدلل مبارك على ذلك بانه في حال وراثة الأخ والأخت أرضًا بمساحة 400 مترا مربعا فإن الرجل يحصل على 266 مترًا بينما تحصل “المرأة ” وهي الأخت على 134 مترًا بالتالي وفقًا لقانون الأراضي لا يمكن للسيدة أن تشيد مسكنًا لنفسها ومع ضغوط الطرف الثاني تضطر إلى البيع بسعر لا يتيح لها الحصول على مسكن بديل.
وأضاف مبارك في مقابلة مع (عاين): “إما أن يتم تعديل قانون الأراضي أو أن يتم تعديل قانون الميراث بما يراعي منح المرأة مساحة تسمح لها بالاحتفاظ بالعقار بنقل وضعية المساحة لتكون قانونية وفقا لمصلحة الأراضي”.
وتمتد التعديلات المرتقبة إلى تخفيف القيود على مادة الطلاق حيث تطلب المحكمة من السيدات إثبات ضرب الرجل لهن بإحضار شاهدين.
وقال مصدر من اللجنة التي اعدت مشروع القانون، لـ(عاين)، أن العلاقة بين الزوج والزوجة علاقة خاصة قد يقع العنف بين الأزواج غالبًا في غرفة النوم أو المنزل كيف للزوجة أن تحضر شهود قد لا يكونوا متواجدين.
وتابع المصدر القانوني الذي اشترط ذكر اسمه : “هذه من تشوهات قانون الأحوال الشخصية للعام 1993 أو يسمى قانون 1994 ويجب السماح مثلًا للمرأة بالقسم على المصحف أمام المحكمة لاثبات تعرضها إلى الضرب بدلًا من طلب شاهدين في واقعة غالبًا حدثت بعيدا عن الأشخاص لخصوصية العلاقة الزوجية.
زواج الفتاة في سن العاشرة
ومن بين المحاولات الحثيثة للجنة تعديل قانون الزواج بإلغاء المادة التي تسمح بزواج الفتاة من سن الـ(10) سنوات وهي مواد ترتبط مع منح ولاية للأب أو ولي أمر الفتاة حيث يتيح القانون الحالي للأحوال الشخصية للأب أو ولي الأمر بتزويج الفتاة في سن العاشرة حتى ولو أجبرت على ذلك.
وإذا ما تمكن مشروع قانون الأحوال الشخصية من المرور عبر البرلمان فإن المادة الخاصة بالسماح للزواج المدني للفتيات قد تنهي تلقائيًا “زواج الطفلات” كما يتوقع حقوقيون.
وفيما يتعلق بولاية الفتاة في تزويج نفسها تستند اللجنة على فتاوى صادرة من الإمام أبي حنيفة بأنه يحق للمرأة تزويج نفسها إذا رفض أبيها أو ولي أمرها شريكها الذي اختارته.
وتواصلت اللجنة مع جماعات إسلامية سلفية ومعتدلة وعرضت عليها المواد المثيرة للجدل والتي تحتاج إلى التعديلات أو الإلغاء في خطوة لإيقاف الهجوم الذي تتعرض له اللجنة.
وأكد مصدر من اللجنة أن : “الأمور نُوقشت بسلاسة” وتوقع أن تمضي إلى نهايتها رغم الأصوات التي تعارض التعديلات في المنصات الاعلامية .
وتابع : “قانون الأحوال الشخصية يعبر عن الشعب السوداني ولا يمكن الانفراد لذلك اللجنة تضم أطراف مختلفة من المجتمع”.
وذكر مصدر من اللجنة أن الآراء التي أخذت بها اللجنة من مجمع الفقه الإسلامي كانت آراء مستنيرة في مشروع مادة منح ولاية الزواج للفتاة والميراث وإنهاء زواج الطفلات.
استغلال العاطفة الدينية
وتعتقد أمين أمانة حقوق الإنسان بـ اللجنة التسييرية لنقابة المحامين نون كشكوش في تصريح لـ(عاين)، أن السنوات الماضية التي حكم فيها النظام البائد أثرت على طريقة تفكير المجتمع بالتالي فإن العاطفة الدينية تستغل في هذه المعارك.
وأضافت كشكوش : “السودان لم يوقع على اتفاقية سيداو وعليه أولًا أن يوقع عليها ثم يستند عليها في قانون الأحوال الشخصية كما إن السلطة الانتقالية غير قادرة على حماية التشريعات الجديدة والتغييرات التي تتسق مع الثورة الشعبية وهذا ما رأيناه في معركة تغيير المناهج بتجميدها فهل تستطيع السلطة الانتقالية حماية تطورات جديدة في قانون الأحوال الشخصية قد تعارضها نفس الأصوات التي عارضت المناهج الجديدة”.