الجريف شرق … دماء على قارعة الطريق

٢١ يونيو ٢٠١٥

شهدت منطقة الجريف شرق أحداثاً دامية الاسبوع الماضي قُتل على إثرها المواطن أحمد العبيد البالغ من العمر (22) عاماً، وأُصيب (8) آخرين احتجزتهم مستشفى شرق النيل لتلقي العلاج ، وطبقاً لشهود عيان، فأن أحد الأشخاص أُصيب في أعلى فخذه وتفجرت خصيته وأُجريت له عملية ، وشخص آخر حالته خطرة بعد إصابته في عينه اليسرى ويخضع أيضاً لإجراء عملية ، وتعود تفاصيل المُشكلة إلى مطالبة أهالي الجريف شرق بتعويضات أراضي الكمائن التي أُزالتها الحكومة ، غير ان مطالبهم لم تجد الاستجابة ، ما دعا المواطنون يواصلون اعتصامهم .

اعتصام لثلاثة اشهر في منطقة كركوج

وعلى الفور اعتصم عدد كبير من أهالي الجريف شرق منذ (3) أشهر بالميادين العامة في منطقة (كركوج) جنوبي الجريف شرق، وفي صباح الجمعة قبل الماضية توجه آلاف من الأهالي على متن أكثر من (60)  سيارة إلى منطقة (أم ضواً بان) للقاء خليفة السجادة القادرية بالمنطقة، الذي وعدهم الشيخ بإيصال شكواهم الى المسؤولين ، ودعاهم للعودة إلى منازلهم وانهاء الاعتصامات والتظاهرات أملاً في إيجاد حلول سلمية للمشكلة.

ورصدت (عاين) في اليوم التالي من التظاهرة ، حشداً أمنياً وشرطياً غير مسبوق في الشوارع الرئيسية والفرعية لمنطقة الجريف شرق ، خاصة الشارع المؤدي إلى جسر المنشية الرابط بين الجريف والمنشية ، خوفاً من تكرار سيناريو يوم (الجمعة) الدموي، وتم إغلاق الطريق أمام حركة المواطنين في طريقهم إلى داخل الخرطوم ، وطبقاً للبيان الصادر عن الشرطة فإنه نهار (الجمعة) قامت مجموعة من مواطني الجريف شرق بالخروج للشارع العام مطالبين بتعويضات أراضي الجريف، حيث قاموا بقفل شارع الجريف الرئيسي، وشارع أم دوم وإعاقة حركة المرور وتعطيل مصالح المواطنين.

وكذلك قام المتظاهرون بحرق موقع بسط الأمن الشامل بالمنطقة وحاولوا الهجوم على قسم شرطة الجريف شرق ، وقامت الشرطة بالتصدي للمتظاهرين ومخاطبتهم بفتح الشارع الرئيسي أمام حركة المرور وعدم الإخلال بالأمن والسلام العام، ولكن أصر المتظاهرون على مواصلة التظاهرات، غير ان الشرطة إستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وفق القانون ، وأثناء ذلك أصيب أحد المواطنين ونقل إلى المستشفى ولكنه توفى لاحقاً.

حلول امنية من النظام … والمواطنون يرفضون للتهدئة

إنقسم الأهالي بين ( مطيع ) لكلام الخليفة الشيخ الطيب الجد، واخرون عارضوه ، فوقع خلاف بين الأهالي وهم لم يغادروا منطقة  (أم ضوابان) حيث مكان الخليفة ، واتضح أن الرافضين كان صوتهم هو الأعلى فجاؤوا من أم ضوابان منفعلين، وتظاهروا عاقدين العزم على إغلاق (كبري المنشية) ،  ودخل الأهالي في صدام مع الشرطة فوقعت الإصابات وتوفى الشاب أحمد العبيد، وحدث بعد ذلك عملية حرق وتكسير لبسط الأمن الشامل من قبل الأهالي.

ويقول أحد المواطنين من سكان الجريف شرق، عيسى إبراهيم، لــ(عاين)، إن السلطات اتجهت لحل المشكلة أمنياً، لكنها فشلت وستفشل لاحقاً، موضحاً أن الحقوق لن تضيع سواء اليوم أو غداً، ويضيف أن الحشود الأمنية لن تثنيهم عن المواصلة في احتجاجاتهم إلى أن ينالوا حقوقهم كاملة غير منقوصة ، وأكد إبراهيم أن مقتل الشاب سيعود بالقضية إلى منصة التأسيس من جديد، وأن دماء أبناءهم لن تضيع هدراً مهما حالت الجهات المختصة لملمة الموضوع.

ومن جانبها تقول الطالبة بكلية القانون بجامعة النيلين، انتصار يوسف، لــ(عاين)، إن دماء ابنهم الذي قتلته الشرطة لن تضيع هدراً  وأن أهلها في الجريف شرق سيقتصون لابنهم، وتضيف أن القضية واضحة كالشمس، لكن الجهات المعنية تماطل الأهالين وترفض إعطاءهم حقوقهم، وأشارت إلى أن الكمائن كانت مصدر رزق، لكن السلطات أزالتها لصالح إحدى الشركات تحت مزاعم الاستثمار.   

مطالب الاهالي في الخطة الاسكانية وتنفيذ الاتفاقيات

وتتمثل مطالب أهالي الجريف شرق في تخصيص خطة إسكانية لأهالي المنطقة الذين لم يقدموا لأي خطة سكنية في مطري (كركوج)، وتنفيذ البند (13) من الاتفاق الذي تم بين الملاك أصحاب السواقي البحرية وإدارة النزع والتسويات ، وحذر الاهالي في حالة عدم تنفيذ أي بند من بنود الاتفاقية خلال عام تعود السواقي إلى أصحابها ويتم تعويضهم مادياً ومعنوياً ، وبحسب بيان صحفي صادر عن المعتصمين من أهالي الجريف شرق تلقته (عاين) فإن الأهالي طالبوا أيضاً بتعويض المتضررين من جراء حملات تكسير الكمائن، وتعميم البطاقة العلاجية لجميع المحتاجين من أهالي المنطقة على أن يتم ذلك في أقرب فرصة، وإعادة إعمار مدارس الجريف شرق.

وفور اندلاع الأزمة وجه الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين، والي ولاية الخرطوم الجديد ، تشكيل لجنة تحقيق في أحداث الشغب بالجريف شرق التي راح ضحيتها أحد المواطنين ، وصدر التوجه فور زيارة نفذَّها الوالي إلى محلية شرق النيل واجتماعه مع أعيان المنطقة بحضور معتمد شرق النيل .

تهديدات للحكومة بدفع ثمن ما حدث

أهالي الجريف شرق من أحياء (هب النسيم) إلى نهاية (حي كركوج) أصدروا بياناً تلقته (عاين) مفاده أن دماء أهلهم ليست سهلة، وأن الحكومة ستدفع الثمن غالياً جداً، وهدَّد البيان باغتيال رموز الحكومة والمؤتمر الوطني، أسوة بمقتل الشاب أحمد العبيد، وإصابة آخرين، باعتبار أن السلاح في أيديهم أيضاً كما في أيدي القوات النظامية. وأضاف البيان: (اليوم البداية والله أعلم بالنهاية، كما اعتصمنا سلماً طوال شهور، يمكننا أن نصمد شهوراً أيضاً تحت خط النار، بالأمس كانت قضايانا الأرض، واليوم ارواح الشهداء ) ، وقال البيان ( لن نترك دماء شهداءنا وجرحانا تضيع سداً، ولن يصمد الكبري ومستشفى شرق النيل غدا أو بعد غداً سندكهم دكاً وفي أيدينا كل أنواع السلاح الذي سينسف الكبري والمُستشفى).

ودعا البيان المواطنين إلى عدم المرور عبر جسر المنشية، أو العلاج بمستشفى شرق النيل، خوفاً على أرواحهم. وناشد البيان كافة القوى السياسية الداعية إلى الحوار مع المؤتمر الوطني بعدم الاستجابة لتلك الترهات، باعتبار أن الحكومة لا عهد لها ولا أمان. ودعت صفحة تضامن على (فيس بوك) المواطنين والثوار لفتح منازلهم للعزاء في كل الأحياء والمناطق، لتهيئة الفرصة للناس لعقد اجتماعات مفتوحة، وابتداع طريقة تضامن سوداني خلاقة لزرع الغضب في كل مكان.

ووصفت الحركة الاتحادية ما حدث في الجريف شرق بالمجزرة ارتكبهتها الحكومة وقال البيان ” النظام كعادته لم يراعي أي حرمة دينية ولا أخلاقية ضارب بكل المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية عرض الحائط بكل صلف وغرور وعليه) ،  وطالبت الحركة في بيانها تلقته (عاين)، جماهير الشعب السوداني ” بالثورة  في وجه النظام الغاشم ورميه في مزبلة التاريخ “، كما طالبت كل المنظمات المحلية والإقليمية والدولية بمساندة كل المستضعفين في البلاد.

من جهتها أدانت الجبهة الوطنية العريضة في تعميم صحفي المجزرة التى إرتكبها ما اسمته بالنظام المجرم في منطقة الجريف شرق وراح ضحيتها احد المواطنين ، وقال البيان إن ” نظام البطش والإرهاب لازال سادر فى غيه، يقتل ويسفك دماء ابناء وبنات شعبنا، وكل يوم يؤكد أنه نظام مجرم لا يخلف سواء الموت والدمار” من جهته قال حزب المؤتمر السوداني، في تعميم صحفي إن ” قوات النظام الفاشل من شرطة وجهاز أمن ومليشيات محاولات هجومها على الأبرياء وطلاب الحق ” .