“قتل وحصار ونزوح”| (زالنجي).. مدينة منسية في حرب السودان

عاين- 23 أكتوبر 2023

في صمت وبعيداً عن الأضواء، يعيش الآلاف من سكان مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور ظروفاً بالغة التعقيد على وقع القتال المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وتبادلهما القصف المدفعي داخل الأحياء السكنية لاسيما مخيم الحصاحيصا المُحاصر  لقرب موقعه من قيادة الجيش في المدينة.

وتحصي المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين في دارفور، مقتل (109) من المدنيين النازحين في عدد من مخيمات في المدينة بينهم (66) طفلاً ، بجانب (212) جريحاً، وذلك منذ اندلاع المواجهات بين الطرفين في أبريل الماضي. بينما قتل (7) نازحين وجرح (9) آخرين يومي الجمعة والسبت الماضيين بعد تجدد المواجهات في محيط قيادة الجيش.

تأثرت ولاية وسط دارفور بالقتال الذي يدور منذ منتصف أبريل الماضي، الأمر الذي أدى إلى تعطيل شبكات الاتصالات في المدينة والبلدات المجاورة. ومع إستمرار احتدام القتال وبلوغ الهجمات العشوائية مستويات “كارثية” تتفاقم المأساة بعد قطع المعارك  الطرق المؤدية إلى المنطقة وتوقف الخدمات العلاجية في المستشفيات الرئيسية.

على إثر تصاعد حدة القتال في زالنجي تحولت مساحات مثل الأسواق والمناطق السكنية إلى ساحات قتال وحاصرت العمليات القتالية آلاف المدنيين في الأحياء

أيضاً، وعلى إثر تصاعد حدة القتال في زالنجي تحولت مساحات مثل الأسواق والمناطق السكنية إلى ساحات قتال وحاصرت العمليات القتالية آلاف المدنيين في الأحياء وسط المدينة لاسيما المحيطة بقيادة الجيش والسوق الرئيسي.

ونقل ناجون من المعارك لـ(عاين)، بأن بعض الأسر فقدت عدداً من الأبناء والبنات من بينهم أطفال قُصَّر نتيجة لسقوط قذائف على أحياء مأهولة بالسكان، بجانب أن المواجهات المحتدمة أدت إلى إخلاء قسري وفرار أعداد كبيرة من الأهالي إلى مناطق جبل مرة والأحياء الطرفية بجانب مدينة الفاشر.

 وتجددت المواجهات بين قوات الجيش والدعم السريع المتواصلة الخميس الفائت، وتبادل الطرفان إطلاق الأسلحة الثقيلة، وسقطت على إثرها القذائف المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان وعلى مخيم الحصاحيصا القريب من مقر القيادة العامة للجيش.

(321) أسرة نزحت الخميس الفائت من حي الوحدة وسط المدينة إلى مخيم الحميدية شرق المدينة جراء تجدد المعارك.

مسؤول حكومي 

وذكر مسؤول حكومي في مفوضية العون الانساني بولاية وسط دارفور -فضل عدم ذكر اسمه- لـ(عاين): “إن (321) أسرة نزحت الخميس الفائت من حي الوحدة وسط المدينة إلى مخيم الحميدية شرق المدينة جراء تجدد المعارك”.

حصار المخيم

في غضون ذلك شكا نازحون في معسكر الحصاحيصا، من استمرار الحصار على المخيم لأكثر من شهر والمنع الكامل لدخول المواد الغذائية وإسعاف المرضى إلى مستشفى المدينة الرئيسي.

في وقت أطلقت غرفة الطوارئ بزالنجي نداء استغاثة لإنقاذ المدنيين بعد فرض قوات الدعم السريع حصاراً على المنطقة ومنع دخول الأغذية وإصلاح مضخات المياه التى يعتمد عليها النازحين في الحصول على مياه الشرب.

ويأتي نداء الاستغاثة متزامناً مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية السبت، عن تلقيها تقارير بشأن قصف وحصار مخيم الحصاحيصا بواسطة الدعم السريع، محذرة من استمرار الحصار الذي تفرضه القوات على المخيم.

وطالب عضو غرفة الطوارئ الذي -فضل عدم ذكر اسمه- في مقابلة مع (عاين) طرفي القتال بضرورة وقف التصعيد ومنح النازحين مهلة، وفتح ممرات آمنه تمكنهم من الخروج علاوة على السماح بدخول الغذاء وإصلاح مضخات المياه لجهة أنهم مدنيين وليس لهم علاقة بطرفي الحرب.

ويضيف عضو غرفة الطوارئ: “قوات الدعم السريع بدأت سياسة تجفيف المدن في دارفور من السكان، وبدأت ذلك بتجفيف مخيمات النازحين في زالنجي وإجبار المواطنين على النزوح واللجوء من خلال التدوين والقصف العشوائي للمخيمات داخل المدينة”.

اعتقالات

غرفة طوارئ زالنجي تندد باستمرار اعتقال قوات الدعم السريع لـ(9) نازحين من مخيم الحميدية، بجانب (13) آخرين من مخيم الحصاحيصا خلال الأسبوعين الماضيين.

وأفادت غرفة طوارئ زالنجي باستمرار اعتقال قوات الدعم السريع لـ(9) نازحين من مخيم الحميدية، بجانب (13) آخرين من مخيم الحصاحيصا خلال الأسبوعين الماضيين، عندما كانوا يحاولون توصيل مواد غذائية إلى مخيم الحصاحيصا المُحاصر.

وأضافت الغرفة- بحسب عضوها الذي فضل حجب اسمه-  أن النازحين بمخيم الحميدية أرسلوا معدات صيانة مضخات المياه بمخيم الحصاحيصا إلا أن قوات الدعم السريع قامت بمصادرة المعدات واعتقال عمال الصيانة بتهمة مساعدة قوات الجيش، والانتماء للاستخبارات العسكرية.

ووصف عضو غرفة الطوارئ في المدينة الوضع في المعسكر بـ “الكارثي لعدم دخول أي مواد غذائية منذ شهر ونفاد المواد داخله”. وأشار  إلى تردي الوضع الصحي مع انعدام المياه، ودعا المجتمع الدولي للضغط على الدعم السريع لرفع الحصار المفروض على معسكر الحصاحيصا.


الوافدون الجدد إن الخدمات الإنسانية والاجتماعية محدودة في المخيمات وإن اللاجئين يسافرون إلى مناطق حدودية خطرة للعثور على مساحات صغيرة من الأراضي للزراعة”.
الصورة: أزمة مياه الشرب في منطقة ادري التشادية التي لجأ اليها الاف السودانيين بعد معارك الجنينة

فيما شهد مخيم الحميدية أكبر المخيمات في زالنجي أحداث مماثلة رغم بعد المخيم من ساحة القتال. وأفاد المسؤول المحلي بمخيم الحميدية زالنجي، عبد الرازق يوسف (عاين) بمقتل (31) شخصاً على الأقل في  المعسكر، بينهم (21) قتيلًا وإصابة (19) منذ اندلاع الحرب.

وأشار عبد الرازق، إلى تزايد معدلات تفشي أمراض سوء التغذية والملاريا والإسهالات لجهة عدم صرف أي حصص غذائية منذ اندلاع الحرب في أبريل الماضي.

ويعاني النازحون في المخيمات من عدم توفر الغذاء والماء والعلاج بالمراكز الصحية، مع انعدام الرعاية الصحية وانعدام الدواء ونقص الكوادر الطبية مستشفى زالنجي.

توقف المساعدات الأنسانية

يقول الناطق باسم المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين في دارفور، آدم رجال، أن “الحرب زادت من معاناة ومأساة النازحين في دارفور، وتسببت في توقف المساعدات الإنسانية كلياً، بالإضافة إلى زيادة معدلات خطورة الوضع الأمني في الإقليم”. ويضيف: ” لا سبيل لوصول المساعدات الإنسانية في ظل الأوضاع الأمنية السيئة وحالة عدم الأمان التي يعيشها إقليم دارفور”.

وأشار رجال، إلى أن النازحين في (155) مخيماً بدارفور كانوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية التي تأتي من منظمة برنامج الغذاء العالمي وشركائهم، لكنها توقفت بعد اندلاع حرب الجيش والدعم السريع في 15 أبريل الماضي. وحذر من تطاول أمد الأزمة في السودان وانعكاساتها الاجتماعية، لافتاً بأن اندلاع الحرب أدى إلى ازدياد وتيرة العنف بدارفور.