حرب (ود مدني) تشعل أسواق غرب السودان

عاين- 21 ديسمبر 2023  

ألقت سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة “ود مدني” عاصمة ولاية الجزيرة أواسط السودان، بظلال سالبة على الحياة المعيشية والإنسانية لآلاف المدنيين في ولايات غرب السودان، وذلك بعد توقف حركة النقل والتجارة بين إقليم الوسط والأقاليم الغربية الأكثر ضرراً  بالحرب.

وتسببت تطورات الحرب بين الطرفين في تفاقم معاناة آلاف المدنيين من ولايات غرب السودان العالقين بمدن ولايتي الجزيرة وسنار هم غير قادرين على العودة إلى بلداتهم، جراء غلق الطرق وتوقف حركة النقل من جهة، أو عدم قدرتهم على توفير الأموال الكافية للسفر من جهة أخرى.

ومنذ الأحد الماضي توقفت حركة الشاحنات التجارية والسفر بين مدينة “المناقل” أحد أهم المراكز التجارية والصناعية بولاية الجزيرة، وولايات دارفور كردفان غرب السودان، متسبباً في ارتفاع جديد في المواد الغذائية، بالتوازي مع ركود وتراجع كبير في أسعار المحاصيل الزراعية المنتجة في دارفور وكردفان.

وتقع مدينة “ودمدني” في وسط السودان، وتمثل حلقة وصل بين جميع ولايات البلاد، فهي تعد المركز الرئيسي لربط ولايات “النيل الأبيض وكردفان ودارفور غرباً، وسنار والنيل الأزرق جنوباً، والقضارف وكسلا وبورتسودان شرقاً، ونهر النيل والشمالية والخرطوم شمالاً”.

فضلا عن ذلك وجود منطقة المناقل الصناعية وهي امتداد لمشروع الجزيرة، وتضم الكثير من المصانع، وانتقل إليها العديد من رجال المال والأعمال بعد تدمير البنية الاقتصادية بالعاصمة الخرطوم”.

اشتباكات ولاية الجزيرة شرق ود مدني

ويقول عضو لجنة الطوارئ بمدينة النهود بولاية غرب كردفان، عبد الرحمن حمد الله لـ(عاين) إن “انتقال الحرب إلى ولاية الجزيرة خلق أزمة اقتصادية حادة في كردفان، وتسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وعزل ولايات غرب البلاد عن الوسط والعاصمة البديلة والميناء الرئيسي في مدينة بورتسودان”.

ويضيف حمد الله، أن “مناطق واسعة في كردفان وشرق وشمال دارفور تعتمد على المواد الغذائية القادمة من مدينة المناقل بجانب تسويق المنتجات الزراعية في السوق الوحيد بالمدينة التي اكتسبت أهمية تجارية بعد انهيار أسواق العاصمة الخرطوم نتيجة الحرب”.

ويتابع عبد الرحمن: أن “التجار أوقفوا شاحناتهم لجهة أن اندلاع القتال في أي منطقة ستكون الشاحنات والبضائع عرضة لعمليات النهب، وأن أي عملية تجارية ستكون محفوفة بالمخاطر في الوقت الحاضر”.

ومنذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل الماضي في السودان تعتمد معظم ولايات كردفان ودارفور على تسويق نحو (80) بالمئة من المحاصيل الزراعية عبر أسواق مدينة المناقل في ولاية الجزيرة، وبالقدر نفسه استيراد منتجات أساسية من المصانع السودانية من الجزيرة، بالرغم من الرسوم العالية التي تفرضها المليشيات الأهلية وقوات الدعم السريع على الطرق الرئيسية.

تأثر شرق دارفور

في ذات السياق شهدت أسواق ولاية شرق دارفور ارتفاعاً في أسعار السلع الأساسية خاصة السكر، الدقيق، البصل، العدس، الأرز بنسبة 40 بالمئة، مقابل انخفاض نحو 30 بالمئة في أسعار محصول الفول السوداني الذي يُصَدَّر عبر منطقة المناقل- وفقاً للغرفة التجارية بمدينة الضعين.

وفي ذلك، نقل مسؤول الغرفة التجارية بمدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، محمد عيسى، لـ(عاين) أن “مئات الشاحنات محملة بالبضائع والفول السوداني في ولاية الجزيرة والنيل الأبيض هي عرضة للخطر بعد تمدد القتال”. ونوه بأن انتقال الحرب إلى ولاية الجزيرة أفقدهم سوق رئيسياً لتسويق المنتجات المحلية، مقابل جلب المواد الضرورية.

الصورة/ سوق بدارفور

ولم تتوقف تداعيات تمدد الحرب إلى ولاية الجزيرة على التجارية وتدفق المواد الضرورية فحسب، بل التأثير المباشر  امتد للمرضى العالقين في مستشفيات مدينة ودمدني التي أصبحت المركز العلاجي الرئيسي والملاذ الوحيد للباحثين عن العلاج خاصة من ولايات دارفور وكردفان، بعد توقف الخدمات العلاجية بمستشفيات “الخرطوم” حيث توجد فيها مرافق صحية تستوعب أغلب التخصصات الطبية، كما اتخذتها وكالات الأمم المتحدة الإنسانية مقرًّا لها، لكن كل هذه الخدمات باتت على المحك، بعد تعليق المنظمات الإنسانية لعملها.

توقف التحويلات المرضية الحرجة من كردفان إلى ولاية الجزيرة

مسؤول طبي بولاية غرب كردفان

ويقول مدير إدارة الطوارئ بوزارة الصحة في غرب كردفان د. محمد أحمد خليفة: إن “عمليات التحويلات المرضية الحرجة من الولاية إلى مستشفيات ولايات الجزيرة والنيل الأبيض توقفت بصورة كاملة نتيجة تطورات الحرب في مدينة ودمدني”.

ودعا محمد أحمد في مقابلة مع (عاين)، طرفي القتال إلى مرعاة الجوانب الإنسانية، والعمل على فتح الطرق والسماح بمرور المركبات للطوارئ الإنسانية، علاوة على المحافظة على المستشفيات والمؤسسات الصحية من النهب، بجانب حماية الكوادر الطبية.

وحذرت وزارة الصحة السودانية من انهيار الخدمات الصحية في عموم البلاد، واعتبرت، في بيان اطلعت عليه (عاين) أن “استهداف ود مدني، أكبر المدن اكتظاظاً بالسكان، والمركز الرئيس للعلاج، وتسيير الخدمات الصحية، جريمة إنسانية، تقود لكارثة صحية، وموت محتوم للشعب السوداني”.