لليوم الثاني.. ود مدني تحت القصف والسكان يواصلون النزوح

عاين- 16 ديسمبر 2023

تعيش مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة أواسط السودان تحت وطأة معارك بين الجيش وقوات الدعم السريع لليوم الثاني على التوالي، فيما واصل المدنيون عمليات نزوح واسعة نحو ولايتي سنار وربك ومناطق جنوبي الجزيرة.

وبعد هدوء نسبي لأعمال القتال ظهر أمس الجمعة، عادت المعارك ليل اليوم نفسه في مناطق واسعة بشرق ولاية الجزيرة، ودخلت قوات الدعم السريع منطقة ود راوة وتمبول بعد وصول تعزيزات عسكرية إليها؛ وبالتالي تمددت حتى قرى أبو حراز التي تبعد عن مدني بنحو 11 كلم، وذلك حسبما نقلته مصادر محلية لـ(عاين).

واستمرت الاشتباكات والقصف المدفعي بين الجيش وقوات الدعم السريع حتى صباح اليوم السبت، في محيط جسر حنتوب الذي يربط غرب ود مدني مع شرقها، وذكرت لجان مقاومة حنتوب في بيان صحفي أن شظايا القصف المتبادل تسببت في إصابة أحد المواطنين.

استمرار النزوح

من جهتها، نقلت لجان مقاومة ود مدني في تعميم على صفحتها في فيس بوك نهار السبت أن دوي الأسلحة المختلفة ما يزال يُسمع في مناطق الإنقاذ وابوحراز وطريق مدني الخرطوم الغربي، واستمرار إغلاق جسر حنتوب أمام السيارات والسماح للمشاة، بجانب استمرار حركة نزوح المواطنين وإغلاق جسر رفاعة- الحصاحيصا بالحاويات من جانب الجيش.

وقالت سامية عبدالله، وهي مواطنة بمدينة الحصاحيصا لـ(عاين): إن “الجيش أغلق جسر رفاعة بالحاويات منذ البارحة، كما أغلق كافة الجسور المؤدية إلى منطقة غرب الجزيرة مع انتشار مكثف في مدينة الحصاحيصا وطرقاتها.

عمليات نزوح واسعة لسكان مدينة ود مدني لمناطق جنوب الجزيرة ومدن سنار والقضارف- الصورة من مواقع التواصل الاجتماعي

“الوضع هادئ في الحصاحيصا حالياً، لكن هناك توجس وخوف كبير وسط السكان، بعد وصول أصوات الانفجارات والأسلحة في اتجاه المناطق الشرقية مثل رفاعة وأبو قوتة وغيرها، فنحن في حالة ترقب واسعة لمآلات الأوضاع الحالية”. تضيف عبد الله.

وتحولت ود مدني إلى مدينة أشباح بعد أن اختفت المواصلات العامة، وقلت حركة المواطنين في الطرقات باستثناء بعض المدنيين فارين سيراً على الأقدام باتجاه محطة الحافلات السفرية في السوقين المركزي والشعبي في وسط المدينة، وذلك وفق ما أفاد به شاهد (عاين).

وبحسب الشاهد، فإن الأسواق والمحال التجارية ما تزال مغلقة، بينما ينتشر الجيش بشكل مكثف في كل أرجاء المدينة بما في ذلك الطرق الرئيسية والفرعية داخل الأحياء السكنية، وفي ظل إغلاق كبري حنتوب لجأ السكان في المناطق الغربية إلى عبور النهر شرقا عبر القوارب النيلية للفرار من مدني.

ونشبت أزمة حادة في الوقود بعد إغلاق محطات الخدمة البترولية من قبل الجيش، وهو ما ألقى بظلال سالبة على وسائل النقل العامة، وأدى إلى ارتفاع كبير في التذاكر السفرية.

وبالأمس قرر والي الجزيرة المكلف، الطاهر إبراهيم فرض حظر للتجوال من الساعة السادسة مساء وحتى السادسة صباحاً ومنع كافة أشكال التجمعات وإغلاق الأسواق خلال الفترة المسائية، مع حظر  الدراجات النارية، وفرض غرامات تصل مليون جنيه سوداني أو السجن مدة لا تتجاوز 6 أشهر.

مليونا نازح

وتؤوي ودمدني ما لا يقل عن مليوني شخص فروا إليها من حرب العاصمة الخرطوم، وهم يواجهون شبح نزوح جديدة إلى مناطق أخرى بحثاً عن الأمن، كما تمثل مركز ثقل اقتصادي واستراتيجي ومحطة تربط شرق السودان مع غربه، ويشكل جسر حنتوب الذي يواصل الجيش إغلاقه المنفذ الوحيد للمسافرين من الغرب للشرق وأيضاً لشاحنات نقل البضائع والمحصولات من وإلى مواني السودان على شاطي البحر الأحمر.

في مدينة ود مدني كحال عديد المدن السودانية سارع متطوعون لفتح مراكز إيواء للفارين من القتال في الخرطوم عبر جهود شعبية- الصورة ارشيفية 

ويواجه مواطنو ودمدني الراغبون في التوجه إلى مناطق شرق السودان صعوبات بالغة، واضطر بعضهم للسفر إلى سنار؛ ومن ثم عبور جسرها شرقاً؛ وبالتالي سلك طرق وعرة إلى ولاية القضارف وهي مغامرة يخوضها اليوم المواطن عماد حسين الذي وصل توا إلى سنار.

ويقول حسين في مقابلة مع “عاين”: “لم يكن أمامي خيار غير المجيء إلى سنار؛ وبالتالي التوجه إلى الدندر ومنها للقضارف، وربما تستغرق رحلتي ثلاثة أيام على الأقل، فالوضع في مدينة ود مدني أصبح مرعبا للغاية، وإذا تأخرت وانتظر إعادة فتح كبرى حنتوب قد تزداد المهمة صعوبة لذلك قررت المغادرة”.

ورصد مراسل “عاين” وصول مئات السيارات الخاصة ومركبات النقل العام إلى منقطة سنار التقاطع قادمة من مدني محملة بالمواطنين وهي في طريقها إلى ولاية النيل الأبيض وأخرى متجهة جنوباً عبر طريق سنجة والدمازين، بينما دخلت أخرى إلى سوق سنار المدينة.

وكانت جميع البعثات الميدانية الإنسانية داخل ولاية الجزيرة علقت عملها اعتبارًا من 15 ديسمبر وحتى إشعار آخر إثر عمليات القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بولاية الجزيرة.