السودان: اتهامات لعسكريين بتأليب الإسلاميين ضد فولكر
1 يونيو 2022
بالتزامن مع إعادة عناصر النظام البائد إلى المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية نشطت دعوات خلال الفترة الماضية لطرد بعثة “اليونتامس” من السودان فيما تتهم قوى الحرية والتغيير مراكز داخل السلطة بالتحالف مع بعض التيارات القبلية والمؤتمر الوطني المحلول لعرقلة التسوية بين الأطراف السودانية والتي تيسرها البعثة الأممية.
وقبل ساعات من تظاهرات قرب مقر بعثة “يونتامس” شرقي العاصمة الأربعاء والتي قادتها تيارات إسلامية موالية للنظام البائد أطلقت قيادات قبلية الثلاثاء تهديدات ضد رئيس البعثة فولكر بيرتس بعدم المساس بالسيادة الوطنية.
ويعد الزعيم الأهلي محمد الأمين ترك رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا في شرق السودان أبرز القادة الأهليين المناهضين لبعثة يونتامس وذكر ترك في مؤتمر صحفي الثلاثاء أن فولكر يتجاهل قضايا شرق السودان وهدد بإغلاق الاقليم حال استمرار ما أسماه بـ “إقصاء فولكر”.
وتظاهر اليوم الأربعاء المئات من أنصار التيار الإسلامي العريض الذي أعلن تبنيه لاحتجاجات قرب مقر البعثة دعت إلى إبعادها من السودان وردد المتظاهرون هتافات تطالب بطرد البعثة.
خيبة أمل العسكريين
في ديسمبر الماضي أطلق رئيس بعثة “يونتامس” فولكر بيرتس مبادرة للعودة إلى المسار الدستوري وإنهاء الانقلاب العسكري لكن سرعان ما واجه مناهضة من تيارات قبلية وسياسية مقربة من المؤتمر الوطني المحلول.
ولم يتوارى العسكريون بقيادة قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان “خلف الخطاب الدبلوماسي” للتعامل مع البعثة وجاهر البرهان المعروف بالتشدد في مواقفه حيال استمرار الإجراءات العسكرية التي اتخذها في 25 أكتوبر الماضي بـ”طرد البعثة الأممية” إذا خرجت عن التفويض الممنوح لها وذلك في خطاب أمام جنود من الجيش غربي العاصمة السودانية نهاية مارس الماضي.
كما صعدت الخرطوم من لجهتها ضد البعثة الأممية بطلب تغيير تفويض البعثة بإرسال وكيل وزارة الخارجية السودانية إلى نيويورك في أبريل الماضي مع اقتراب إنتهاء تفويضها السنوي في يونيو الجاري.
وانخرط وكيل وزارة الخارجية السودانية نادر الطيب في سلسلة لقاءات مع مندوبي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لكن مصدر دبلوماسي أشار إلى أن وكيل وزارة الخارجية السودانية نادر الطيب عاد دون أن يحرز أي تقدم في هذا الصدد لأن “الدول الكبرى” رفضت تغيير التفويض الممنوح للبعثة وأبلغته أن الوضع في السودان يثير قلق المجتمع الدولي ويجب أتخاذ مواقف ملموسة لإصلاح البيئة السياسية والأمنية.
تقليص مهام البعثة
وأوضح مصدر دبلوماسي لـ(عاين)، أن الحكومة السودانية التي يقودها العسكريون ردت على رفض مجلس الأمن لتحركاتها بشأن البعثة الأممية برفض تأشيرة الدخول لكبيرة مستشاري بعثة يونتامس السفيرة البريطانية السابقة لدى السودان روزاليند مارسدن.
وتبدو المعركة الدبلوماسية بين المجتمع الدولي والخرطوم على أشدها مؤخرا بعد أن واصل فولكر بيرتس ضغوطه للعودة إلى مسار الانتقال بينما يشعر الإسلاميون أن “أجندة البعثة الأممية لا تشملهم في التسوية”.
ويقول عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير معتز صالح لـ(عاين)، إن الاحتجاجات المناوئة للبعثة الأممية والتي تقودها عناصر النظام البائد بالتحالف مع بعض الأطراف في السلطة الغرض منها تعطيل أي تقدم للعودة إلى مسار الانتقال.
ويرى صالح، أن الوضع الراهن هو مطلب عناصر النظام البائد لإقصاء المدنيين وإنهاء الثورة الشعبية التي أطاحت بهم وهناك مراكز داخل السلطة متشددة وتتحالف معهم.
وعقب إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن العشرات من أعضاء لجان المقاومة هذا الأسبوع لتهيئة المناخ السياسي وفقا لما أعلنه رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان ارتفعت وتيرة التوقعات بالانتقال إلى تسوية بين الأطراف المدنية والعسكرية.
تأجيل زيارة مسؤولة أميركية
وعلى نحو مفاجئ أرجأت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية مولي في، زيارتها إلى السودان الأسبوع القادم إلى وقت آخر بالتشاور مع الإدارة الأميركية حسب ما نقلت وسائل إعلام الثلاثاء.
ويعزو عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير معتز صالح تأجيل زيارة المسؤولة الأميركية إلى العاصمة السودانية لعدم وجود تقدم في الملفات، واشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية كانت تتوقع “خطوات كبيرة” من جانب العسكريين. وقال إن “الآلية تواجه خلافات لأن قوى الحرية والتغيير اشترطت إلغاء القرارات الخاصة التي قضت بإعادة عناصر النظام البائد بعد انقلاب 25 أكتوبر ولم يتم تنفيذ هذا الشرط نتيجة تمترس العسكريين”.
وأضاف : “هذه هي التحليلات التي توصلنا إليها عقب تأجيل زيارة المسؤولية الأميركية خاصة وأن السلطة الحالية ذات مركز متعددة هناك تباين في وجهات النظر “.
ويشير صالح إلى أن السعودية مارست ضغوطا على العسكريين للوصول إلى تسوية مع الِمدنيين ولذلك تشعر القيادات القبلية بالغضب تجاه سفير الرياض في الخرطوم.
وتابع : “السعودية تلعب دورا كبيرا للوصول إلى تسوية بين الأطراف السودانية”.
ورغم “هتافات التيارات الإسلامية” بطرد البعثة الأممية من السودان لم يكن مفاجئا أن يُجدد مجلس الأمن الدولي التفويض الممنوح للبعثة حتى يونيو 2023 ليتحرك فولكر بيرتس في الشأن السوداني لإنقاذ الانتقال من تحت أقدام الانقلاب العسكري.
حوار مباشر
والتأم اليوم الاربعاء، الاجتماع التشاوري الثاني للآلية الثلاثية الميسرة للحوار السوداني مع اللجنة العسكرية.
وضم الاجتماع قادة الانقلاب العسكري برئاسة، “حميدتي، كباشي وابراهيم جابر” بمشاركة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة (يونيتامس) فولكر بيترس، وممثل الاتحاد الأفريقي بالخرطوم، محمد بلعيش، ومبعوث الإيقاد اسماعيل ويس.
وقال ممثل الاتحاد الأفريقي بالسودان، الناطق الرسمى باسم الآلية، محمد بلعيش، في تصريح صحفي، أن الاجتماع، الذي إتسم بروح إيجابية وبناءة، تناول القضايا ذات الصلة بالحوار المباشر المرتقب خلال الأسبوع المقبل، بين الأطراف السودانية اصحاب المصلحة، للتوصل إلى توافق لترتيب دولاب الحكم بالبلاد، بما يلبي رغبة الشعب السوداني نحو التحول الديمقراطي المدني وبناء السودان الجديد.