مواكب ضحايا العنف: ضرب بالرصاص ومحاولة إخفاء الجريمة
تقرير عاين :7 فبراير 2019
بعد تراجع نسبي في التظاهرات المستمرة لما يقارب الشهرين في مدن السودان المختلفة، عادت المظاهرات بقوة إلى العاصمة الخرطوم في تحدي جديد للسلطات الامنية مقتحمة مناطق وسط الخرطوم. وسيطر المتظاهرون على عدد من الشوارع الرئيسية في قلب العاصمة لعدة ساعات.وتمسك المتظاهرون بدعوات تجمع المهنيين السودانيين للتجمع في وسط الخرطوم والتوجه الى القصر الجمهوري فيما عرف بمواكب ضحايا العنف والتعذيب. ورغم تعهدات الرئيس البشير بإجراء حزم من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية من أجل كبح جماح الغلاء وغضب المواطنين جراء القتل والتعذيب في المعتقلات. ووجه البشير خطابا للشباب مؤكدا على عزم الدولة حل مشاكل الشباب، مبينا ان الحكومة ستعمل على حل أزمة البطالة، ومراجعة قوانين النظام العام والخدمة الوطنية اضافة لتوسيع شبكة مشروعات التمويل الاصغر من البنوك ومراجعة سياساتها. ونشر متظاهرين صورة لاحد المواطنين اصيب برصاص حي في الكتف بمنطقة بري ولكن سيارات الشرطة سارعت بنقله الى مستشفى الشرطة وتفيد متابعات (عاين) بأن حالة المصاب أكثر استقراراً حتى لحظة كتابة التقرير.
سحب دخانية
قبل الموعد المحدد لانطلاق مواكب التضامن مع ضحايا التعذيب والمعتقلين بوسط الخرطوم الخميس، غطت سحب كثيفة من دخان قنابل الغاز المسيل للدموع الشوارع الجانبية غرب صينية القندول وحتى موقف جاكسون والاستاد بسبب ان تجمعات كبيرة للمتظاهرين تجوب المنطقة قبل بداية المواكب الاحتجاجية المعلنة. أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وبحسب مواطنين تحدثو لـ(عاين) كان القصد من ذلك إخلاء المنطقة بالكامل حتى تفرض الاجهزة الامنية سيطرتها بالكامل على مداخل الاماكن المعلنة للتظاهر صينية القندول وموقف الإستاد في مساراتها المتعددة نحو القصر.
كر وفر
(عاين) رصدت اكثر من موكب قبالة صينية القندول المكان الآخر المحدد لانطلاق موكب نحو القصر الرئاسي، وعلى الرغم من الحصار الامني المضروب على المنطقة، يفاجئ المتظاهرين هذه القوات بمواكب تخرج من ازقة عديدة قريبة من صينية القندول لكنها لم تصمد امام الترسانة الامنية والخروج الى الشارع الرئيس في خضم اعتقالات عشوائية وضرب المعتقلين الذين يتم ترحيلهم الى مقر عمليات الامن في منطقة ابوجنزير. ومع تقدم النهار خرج المئات من المتظاهرين في موقف جاكسون قبالة كبرى الحرية، ورصدت (عاين) إطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع على جموع المتظاهرين الذين تشتتوا سريعا في المنطقة المكتظة. ومع حلول المساء أخذت قوة من الشرطة في اطلاق عشوائي للغاز المسيل للدموع على جموع المواطنين في موقف جاكسون منعا للتجمعات في وقت تنعدم فيه المواصلات في المحطة الرئيسية بالخرطوم.
مفاجأة القوات الامنية
إنطلق موكب آخر من موقف الاستاد وهو منطقة حية مكتظة بمواقف المركبات العامة والباعة المتجولين ، وكانت السلطات الأمنية محتشدة بوحداتها المختلفة في عدد من الاتجاهات انهالت عليهم بالضرب والغاز المسيل للدموع بغزارة ، تفرق الموكب وتجمع مرة أخرى بشارع عبد المنعم غربي “مول الواحة ” احد اكبر مراكز التسوق بالخرطوم ، كانت عشرات السيارات التي تحمل قوات الأمن بعضهم يحمل اسلحة وعصي وعبوات الغاز المسيل للدموع .
هتافات داوية بالحرية والسلام والعدالة تنطلق وتشق عنان السماء بالقرب من موقف الاستاد وبنك فيصل المعلم الأبرز في المنطقة، الموكب كان مفاجئا للقوات الامنية التي غابت لزمن طويل عنه. وقال حداد فتح الرحمن وهو احد المشاركين في الموكب، لـ(عاين)، “تجمع لمئات من الشباب والشابات قرب الاستاد وكانت الحركة المرورية مضطربة في المنطقة مع تواجد أمني محدود في المنطقة.. تقدم المتظاهرين على شارع جانبي شرق بنك فيصل بالتمام وتحرك الموكب شمالا الى شارع رئيسي وسط هتافات داوية تندد بالحكومة وتطالب بتنحى الرئيس البشير”.
اعتقالات واسعة
إعتقلت القوات الامنية عشرات الثوار وكانت تجوب شوارع وسط الخرطوم بشكل مرعب ، اللافت ان المعتقلين كانوا ينظرون بإبتسامة من داخل سيارات الأمن و يلوحون بعلامة النصر ولا تبدو عليهم علامات الرعب، وأغلقت سلطات الأمن الشوارع المؤدية لميدان “ابوجنزير” المعروف وسط الخرطوم من الناحية الشمالية والجنوبية والغربية واستخدمت الميدان كمعتقل مؤقت قبل أن تقوم بتوزيع المعتقلين إلى أماكن مختلفة، أثناء تجولنا بالمنطقة شاهدنا أفراد الأمن وهم يقومون بضرب المعتقلين بالهراوات بشكل وحشي وتوجيه إساءات لفظية للفتيات. وبالقرب من الاستاد توجد مئات المحلات التجارية ارغمت السلطات الأمنية اصحابها على إغلاق الأبواب، وعندما لم يستجب التجار أطلقت الغاز المسيل للدموع على المحال واصحابها وبات السوق شبه مغلق تماماً، على الرغم من ذلك لم تتمكن قوات الأمن من السيطرة على المواكب التي كانت سرعان ما تلملم شملها وتنظم صفوفها وتعود مرة اخرى، على الناحية الأخرى أغلق مول الواحة أبوابه على غير العادة خوفاً من ان يحتمي المتظاهرين بأسواره ويدخلون فى مواجهات مع الأجهزة الأمنية كما حدث فى المرات السابقة .
تظاهرات متفرقة
منطقتي الديم وبري كانتا حاضرتين في الموعد وخرج المئات بالمنطقتين يطالبون برحيل النظام والإقتصاص للشهداء وهاجمت الأجهزة الأمنية سكان الديم وسط الخرطوم بالغاز المسيل للدموع واستمرت موجات الكر والفر في منطقة بري الدرايسة وغيرها من الأحياء.
ومع تزايد آلة القمع وسط العاصمة خرجت مواكب اخرى باحياء عديدة بالخرطوم، ونقل شهود لـ(عاين)، عن مظاهرات حاشدة في احياء اللاماب والشجرة، واغلق المحتجون شارع رئيسي في المنطقة يربط وسط الخرطوم بجنوبها، قبل أن تهاجمهم الشرطة بقنابل الغاز المسيل للدموع. كما نقل شهود آخرين، عن تظاهرات في أحياء اركويت والبلابل.
الدراميين في المشهد
الى ذلك، نفذ العشرات من الدراميين وقفة احتجاجية أمام المسرح القومي بأم درمان قبل أن تجبرهم قوة أمنية على فضها والدخول الى باحة المسرح. وقالت فنانة مسرحية شاركت في الوقفة ” تجمع عدد كبير من الدراميين والمسرحيين وخرجوا إلى الشارع الرئيس مرددين هتافات ثورية.. لكن افراد من الامن جاءوا بسيارات عسكرية وطلبوا من المحتجين الدخول الى داخل ساحة المسرح”. وأضاف “لحظة دخولنا الى المسرح القومي هاجمت قوة من الملثمين علي الدراميين داخل المسرح وأخذت في جمع هواتفهم النقالة واجبرتهم على مسح جميع الصور التي أخذوها لاحتجاجهم”.