السلطات السودانية تواصل العنف… وقتل طفل دهساً هو الأبشع
تقرير: عاين 23مارس 2019م
رغم الانتقادات الدولية المطالبة الحكومة السودانية بوقف العنف المُفرط تجاه المتظاهرين السلميين، إلا أن القوات الحكومية ظلت تواصل انتهاكاتها لحقوق الإنسان. متماشية بذلك مع الواجهة التي اختارها النظام الحاكم بفرض قانون الطوارئ؛ وإطلاق يد القوات النظامية وأجهزتها القضائية. وغيرهم ممن يعرفون بكتائب الظل مدججين بأسلحة نارية وهراوات في مواجهة متظاهرين عُزل. نتج عنه اغتيال العديد وإصابات كبيرة بين المتظاهرين ضد الحكومة السودانية دون قيد او شروط.
وفي رصد أجرته( شبكة عاين) لحجم الانتهاكات التي تعرض لها المواطنين خلال الشهر الماضي، تعتبر حادثة اغتيال الطفل مؤيد دهساً؛ وإصابة شقيقة بعربة تتبع للقوات النظامية هي الاسوء في قمع التظاهرات السودانية. فضلاً عن ارتفاع نسبة استخدام الغاز المسيل للدموع داخل المؤسسات التعليمية لتفريق الطلاب. وقد زاد من احتقان الشارع العام اقتحام القوات النظامية لمنازل الاهالي الابرياء.
سرد اعتقال وتعذيب
يروي أحد ضحايا التعذيب لـ(عاين) قصته بالقول: ” يوم 17 يناير على امتداد شارع المعرض كانت المتاريس موجودة، والناس تهتف وأعداد كبيرة من الشباب والبنات والاولاد، بيهتفوا؛ والهتافات تتزايد أطلقت السلطات الغاز المسيل للدموع عليهم حوالي الرابعة مساء وقد أصيب عدد كبيرة، اعتقلونا مع عدد من المشاركين”. ويضيف ذات المصدر الذي فضل حجب اسمه في فيديو مع (عاين) : ” تحركت العربة نحو ميدان بري الدرايسة، وكنا فوق بعضنا البعض في التاتشر؛ كانوا بيقعدوا المعتقلين مواجهين الحيطة و يضربوا منذ النزول من التاتشر والجلد من ورا”. كاشفاً عن أنه مصاب بكسر على يده مما سبب له اذىً متزايد أثناء الضرب؛ في وقت كان يحاول حماية يده المكسوره وجسده معاً من الضرب. ضرب كان يتلقاه الجميع بـ (الدبشك)مؤخرة السلاح مع إساءات عنصرية.
إحباط وتحرش
بما ان التظاهرات كان قوامها من النساء في كافة فصولها استمعت (عاين) لاحدى ضحايا انتهاكات الاجهزة الحكومية، رواية قصتها لـ(عاين) بالقول: “اعتقلونا وركبونا بوكس بدون ارقام؛ كالعادة العساكر ملثمين بيتحرشوا بالبنات، ما في طريقة نتعرف عليهم” وتضيف اجبرونا على النظر تحت داخل ( البوكس) جلسنا فوق بعضنا البعض لان عددنا كان كبيراً، وتمضي واصفة انهم لم يدرو وجهتم حينما تحركت العربة الى أن وصلو الى مقر تعرفو لاحقاً انه مكتب يتبع لجهاز الأمن بالعمارات شارع (57) قبل أن يتم ترحيلهم لموقف شندي. وتضيف قائلة في دهشة : “من البداية كنا عارفين ممكن يعتقلونا، وكنا عارفين انو ده كلو يحصل، لكن كونو زول يتحرش بيك، بدون ما تلقي طريقة تدافع بيها عن روحك، وهو شايل سلاح ما كنا متوقعنو”!
حادثة الدروشاب
لم تكن تعلم اسرة الطفل مؤيد ياسر المتوفي، دهساً بعربة تتبع للقوات النظامية، إن يوم السادس والعشرين من فبراير سيكون وقعه أليم عليها؛ عندما دخلت عربة تحمل قوات نظامية تسير بسرعة فائقة مخترقة السور الخارجي للمنزل نتج عنه مقتل الطفل ذو الـ(5 ) سنوات مؤيد وإصابة أخاه في نفس الحادثة… ووفق بيان صادر عن لجنة أطباء السودان التي كانت تتابع الحالة، أن الطفل توفي نتيجة للدهس بمنطقة الدروشاب بالخرطوم بحري مؤكدين أن (التاتشر) يتبع لجهاز الأمن والمخابرات. وفي تسجيل صوتي حصلت عليه (عاين) لأحد المتابعين لما حدث لاسرة الطفل المتوفي مؤيد ياسر، لم يفصح عن هويته، يشير إلى أن الحادث كان في وقت متأخر من الليل، متسائلاً حول من تسببوا في موت الطفل ان كانوا “سكرانين أم لا”؟ مضيفاً أن هؤلاء الاطفال كانوا نائمين، وتكشف مصادر قريبة من الحدث، ان إدارة مشرحة أم درمان رفضت كتابة الأسباب التي قادت إلى موت مؤيد.
الأحفاد تئن
في الخامس والعشرين من فبراير الماضي قامت قوة من الاجهزة الامنية بإطلاق الغاز المسيل للدموع داخل جامعة الاحفاد؛ بعد خروج الطالبات تضامنا مع بعض زميلاتهن الطالبات اللائي تعرضن للقمع العنيف من للسلطات؛ وسبب الغاز حالات عديدة من إغماءات بين الطالبات. وقد أثار غضب الرأي العام الرافض لكل محاولات النظام لإثنائه عن طريق القمع والتعذيب التي يقوم بها لاسكات الاصوات المواطن وإجهاض الثورة الشعبية التي تمثل قطاعات عديدة. وفي السادس والعشرين من ذات الشهر اعتقلت قوة من الأمن المواطن ابراهيم كردي، وقامت بتعذيبه، مما ادى الى اصابته بجروح على ظهره، جراء التعذيب الذي تعرض له وبعض المعتقلين.
اقتحامات وضرب
امتداد لعملية الترويع ضد المواطن اقتحمت قوة من جهاز الأمن داخلية شيقي كارو بأم درمان العباسية، واعتقلت عدد من الطلاب الذين تم اقتيادهم الى مكان مجهول، حسب المصادر التي أكدت اعتقالهم يوم السادس والعشرين من فبراير، ويبلغ عدد الطلاب المعتقلين حوالي 9. ويعد أقتحام الداخليات. وفي الثامن والعشرين منه. قامت قوات من جهاز الأمن باقتحام منزل في بري اللاماب الخرطوم، معتقلةَ عدد من الأطفال، وبعد ساعات من اعتقال الأطفال اقتحمت قوة مدججة بالسلاح منزلا مستخدمة القوة المفرطة في مواجهة من كانوا في المنزل. في لفة جوبا بالخرطوم جنوب أتلفت قوات الأمن اثاث منزل المواطن عماد الزين، بعد إطلاق الغاز المسيل للدموع. عشية ذات اليوم أطلقت قوات رسمية الغاز المسيل للدموع بحري الشعبية مما ادى الى احتراق جزء من المنزل، . أيضاً قامت قوة من الأمن بنفس المنطقة إلقاء القبض على أطفال كانوا متظاهرين، واجبروا على الاستلقاء أرضا أثناء الضرب والتعذيب رغم محاولاتهم الهروب من قبضة الأمن . وفي تلك الفترة تداول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الصور التي توضح مدى بشاعة أجهزة النظام تجاه المتظاهرين خاصة الأطفال. حيث انشرت صورتين للطفلين مدني وأبو بكر خضعوا للتعذيب، أثناء وقوعهم في يد قوات الجهاز الامنية.
كما حصلت (عاين) على فيديو اخر يوضح مدى العنف المستخدم من قبل قوات جهاز الأمن والمخابرات الوطني مستخدمين أساليب ضرب المتظاهرين. ويوضح الفيديو ضرب متظاهر اثناء محاولته الهروب منهم، حتى عندما سقط احدهم أرضا، لم يسلم من القمع والضرب.
حرمات البيوت
يقول مواطن من بري فضل حجب اسمه لـ(عاين): “ان سياسة اقتحام المنازل من قبل أجهزة الأمن والشرطة يهدف إلى ترويع المواطنين الامنين وتريد ان ترسل لهم رسالة فحواها عليكم أن لا تأووا المتظاهرين من أيادي جهاز الأمن والشرطة التي تطاردهم في الشوارع والأزقة”. كما يدين هذا السلوك، ويصفه بغير المحترم، ويشير إلى أن هذه القوات لا تعطي أي قيمة للخصوصية للافراد، و انهم يسبون اهالي المنازل، بالفاظ نابية وسوقية، وهذا يؤكد ان هذه القوات ليست محترفة ونظامية، بل هي مليشيات النظام، وتعبر عن ايديولوجيته السيئة.
إدانة ورفض
أدانت منظمة هيومان رايتس ووتش استخدام السلطات السودانية القوة المفرطة تجاه المتظاهرين السلميين، وأكدت في تقريرها أن السلطات قتلت العشرات منهم، واحتجزت المئات، وتقول جيهان هنري، مديرة هيومان رايتس ووتش قسم افريقيا، ان السودانيين لهم الحق في الاحتجاج السلمي، وان يعبروا عن ارائهم من دون أن يفقدوا حياتهم. هذا و رفضت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ميشيل باشليه استخدام اجهزة الامن السودان الذخيرة الحية والعنف ضد المتظاهرين، وأكدت في رصدها ان 50 قتلوا، إلى جانب أعداد من الجرحى، كما طالبت الحكومة ان تتعامل مع المتظاهرين بما يتطابق مع الالتزامات الدولية في مواجهة المتظاهرين السلميين.