الباعة المتجولين.. بين مطرقة الجبايات ، وسندانة الأجهزة الأمنية
22 يونيو 2021م
لم يكن العيد سعيدا على الباعة المتجولين (الفريشة)، داخل أسواق ولاية الخرطوم، حيث بدأت الشرطة في تنفيذ حملات إزالة واسعة داخل الأسواق مع حلول عيد الأضحى. وعلى الرغم من توقف تلك الحملات التي تنفذها السلطات المحلية منذ سقوط النظام البائد إلا أنها عادت بقوة هذه الأيام لتجد استنكار واسع من قبل الباعة في السوق.
في وقت أكد فيه مدير الشؤون المالية بمحلية بحري خلال حديثه لـ”عاين” إن والي الخرطوم منع استخراج التصاديق المؤقتة وإلزام الباعة الجائلين بدفع جباية مقابل بقائهم في الأسواق. ودونت الشرطة بلاغات عديدة في مواجهة بعض الباعة ليخضعوا للمحاكمة عقب عطلة العيد. “عاين” تجولت بين اروقة الأسواق لتروي لكم تفاصيل ما حدث.
خسائر فادحة
جمال محمدين يعقوب أحد الباعة يدرس في إحدى الجامعات بالمستوى الثالث يعمل كبائع للأحذية في سوق بحري، يقول لـ”عاين” بأنه قام بشراء أحذية قيمتها (450,000) جنيه لمواجهة موسم العيد إلا أن الحملات المستمرة للسلطات المحلية بمدينة الخرطوم بحري أوقفتهم عن العمل وعرضتهم لخسائر فادحة.
ومضى جمال بالقول :” طوال الست ايام الماضية كنا في حالة كر وفر مع الشرطة لكن يوم الأحد الماضي توصلنا لعقد تسوية مع السلطات بدفع جباية قيمتها (5000) جنيه مقابل عدم التعرض لنا في السوق”. ووصف جمال الطريقة التي تتعامل بها السلطات مع البائعة بالمذلة وغير الكريمة لجهة أنها تقوم بحجز البضائع ومطالبة الفريشين بدفع غرامات مالية مقابل إعادتها ، مؤكدا مطالبة بعض أفراد الشرطة وموظفي المحلية بدفع “رشوة” مقابل عدم التعرض لهم.
فساد مؤسسي
اتهم محمود عثمان أحد الباعة في سوق ليبيا الواقع غرب مدينة امدرمان، السلطات الحكومية بالفساد. وأضاف لـ”عاين”:” إدارة المحلية استخرجت تصاديق مؤقتة قيمتها (7000) تنتهي أول أيام عيد الأضحى. مؤكدا وجود فساد في إيصالات المحلية وأضاف :” قمنا بدفع مبلغ (7) آلاف جنيه وتسلمنا إيصالات بقيمة (6) آلاف جنيه. داعيا الحكومة لحسم الفساد الذي وصفه بالمؤسسي.
نفي حكومي
في ذات السياق نفى مدير الشؤون المالية بمحلية الخرطوم بحري شيخ الضو إصدارهم لأي تصاديق مؤقتة أو أخذ مبالغ مالية من الباعة الجائلين مقابل عدم طردهم من الأسواق. ومضى بالقول لـ”عاين” حاكم ولاية الخرطوم اصدر مرسوما يمنع التصاديق المؤقتة وأخذ مبالغ مالية من ” الفريشين”.
وتحصلت “عاين” على إيصالات مالية أصدرتها السلطات المحلية في كل من سوق بحري، وسوق ليبيا للبائعة كاذن للعمل مع عدم اعتراضهم أو ملاحقتهم، وعملت على توثيقها. وفي جولة ميدانية قامت بها “عاين” رصدت توقف ملاحقة القوات الأمنية للفريشين في كل من سوق بحري وسوق ليبيا بعد إلزامهم بدفع الجباية بينما استمرت المطاردات بالسوق العربي الذي لم تفرض فيه السلطات هذه الجباية.
السوق العربي
الفريشين بالسوق العربي وسط الخرطوم لم يكن التعامل مثل نظرائهم في الأسواق الاخرى لجهة مشاركة قوة مشتركة مكونة من (الدعم سريع ـ الشرطة ـ القوات المسلحة ) في مطاردتهم. وقال محمد أحمد ادم احد الباعة لـ”عاين” إن قوات أمنية قامت بمطاردتهم صبيحة يوم الجمعة الماضية إلا أنه تمكن من الفرار والاحتفاظ ببضاعته في أحد المخازن بالقرب من السوق ومن ثم المغادرة، إلا أنه فوجئ عقب تواصله مع من كانوا في السوق باقتحام القوات المخزن ومصادرة كافة البضائع ، وأضاف :” أعتبر هذا الاقتحام تعدي على ممتلكاتي”.
كاشفا عن لجوئه للنيابة بغية تدوين بلاغ مباشرة إلى النيابة ومضى بالقول :” أبلغتني النيابة النيابة بأن هذا الأمر إداري و وجهوني بالذهاب إلى المحلية لمناقشة الأمر معهم”. وقطع محمد بمقابلته لبعض الموظفين في المحلية إلا أنهم رفضوا إعادة البضائع التي تقدر قيمتها بـ(800,000) جنيه ، وزاد قائلا :” بعد هذه المصادرة انا معرض للسجن في مقبل الأيام، لأنني قمت بشراء البضاعة عن طريق البيع الآجل (استدانة). وأكد تعرضه للخسائر حتى إذا قامت السلطات بارجاعها في وقت لاحق، لأنها ستتعرض للتلف بجانب انخفاض أسعار الملبوسات عقب موسم العيد.
بلاغات جنائية
قال أحد الباعة بالسوق العربي فضل حجب اسمه لـ”عاين” إن قوة من الشرطة ألقت عليه القبض يوم الجمعة الماضية عندما كان يجلس بالقرب من برج التأمينات واعتدت عليه بالضرب واقتاده إلى القسم الشمالي ، وأوضح عند دخوله للقسم قام الضابط المناوب بتوجيه تهمتي التحريض على التظاهر والازعاج العام من القانون الجنائي السوداني في مواجهته ، وأكد أن خمس أشخاص آخرين دونت الشرطة في مواجهتم ذات التهم ليطلق سراحهم لاحقاً بالضمانة العادية بعد أن قاموا بدفع رشوة قدرها (2500) قصاد كل شخص وينتظر عدد من الباعة بالسوق العربي المثول أمام القضاء عقب عيد الأضحى .