“مخاطر أمنية وتكاليف باهظة”.. محنة طلاب الجامعات السودانية

عاين- 27 أكتوبر 2024

تكلفة سفر الطالب الجامعي “عمر” من العاصمة الأوغندية كمبالا إلى السودان لأداء امتحانات تنظمها جامعة الخرطوم في مدينة عطبرة الواقعة على بعد نحو 500 كيلو متر عن العاصمة المؤقتة للحكومة، وصلت حدود الـ 450 دولار أميركي وتقتصر على رحلة الذهاب فقط.

أضطر عمر للذهاب إلى سفارة بلاده في كمبالا للحصول على وثيقة سفر بقيمة 50 دولار كما اشترى تذكرة طيران من شركة خطوط سودانية بقيمة 400 دولار أميركي، لكنه ليس متفائلا لجهة عديد المتاعب داخل السودان ومخاوفه من الاجراءات الأمنية التي تفرضها السلطات في بجانب التكلفة الاقتصادية لرحلته.

الامتحانات تطرق الأبواب

وتعتزم جامعة الخرطوم وهي أحد أكبر الجامعات السودانية والأكثر تضررًا من الحرب تنظيم الامتحانات في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمال البلاد بنشر المراكز ولا زال مئات الطلاب يواجهون مشكلة في الوصول إلى المدينة مع تفاقم الوضع الاقتصادي.

يقول عمر لـ(عاين): إن “الامتحانات ستقام خلال الأسبوعين القادمين كان يتعين عليّ أن أحصل على وثيقة سفر اضطرارية بقيمة 50 دولار من السفارة السودانية في أوغندا ولم أتمكن من استخراج جواز السفر لأنني لا أملك قيمة الرسوم البالغة 250 دولار”.

وخلال الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لجأ آلاف الطلاب بسبب توقف الجامعات خاصة الواقعة في العاصمة السودانية وودمدني والأبيض والفاشر ونيالا  إلى دول الجوار وشرق أفريقيا التي من بينها أوغندا.

يقول عضو الهيئة النقابية للأساتذة جامعة الخرطوم عبد الله الرضي لـ(عاين): إن “الطلاب سيجلسون لأداء الامتحانات داخل البلاد في ظروف حرجة جدا لكن لا يمكن في ذات الوقت إيقاف التعليم.. لا بد من استعادته حتى لا يتضرر الطلاب”.

الخروج من مناطق الحرب

يرى طالب يدرس كلية العلوم الاجتماعية والاقتصادية بجامعة الخرطوم، أن مسألة السفر لأداء الامتحانات ملحة وضرورية ورغم ذلك عانى الطلاب من الوصول إلى عطبرة بعضهم غادر مناطق الحرب بصعوبة خاصة من يتواجدون في الخرطوم وود مدني والأبيض.

تسلق الطالب الذي فضل إخفاء اسمه لتجنب الملاحقة الإدارية والأمنية شاحنة لمغادرة محلية شرق النيل في الخرطوم والواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع ومن هناك وصل إلى مدينة شندي بولاية نهر النيل. طوال الطريق كان يتعرض إلى التحريات من جنود الدعم السريع والجيش، والأسئلة المعتادة ماذا تعمل وأين هي وجهتك؟ وفي بعض الأحيان يتفحص الجنود الهوية الاجتماعية للشخص- يسرد الطالب لـ(عاين) معاناته في الوصول إلى عطبرة لأداء الامتحانات الجامعية.

الجامعات وضعت الطلاب أمام الأمر الواقع دون مراعاة وضعهم الأمني والاقتصادي

أستاذ جامعي

ويقول الأستاذ الجامعي مصعب التوم: إن “الجامعات الحكومية التي أجبرت الطلاب على السفر إلى مدن واقعة شرق وشمال البلاد لم تراع وجودهم في مناطق محاصرة بسبب الحرب وعدم توفر ممرات آمنة”.

وتابع: “في هذه الحالة كان ينبغي على الجامعة مخاطبة السلطات العسكرية واللجنة الدولية للصليب الأحمر لإجلاء الطلاب لأداء الامتحانات لكن ما حدث أن الطلاب تُركوا  يواجهون مصيرهم مع تكلفة مالية وبعض الطلاب لم يتمكنوا من الحضور بسبب الوضع الأمني والمالي”.

بإحساس يعبر عن الأسى والخسارة روت الطالبة بجامعة الرباط “عبير” المشاكل التي تواجهها بعد أن طالبت إدارة الجامعة الطلاب بسداد الرسوم المالية البالغة 800 ريال سعودي بالنسبة للمقيمين في المملكة العربية السعودية لتنظيم الامتحانات في مراكز حددتها في هذا البلد الذي لجأ إليه عشرات الآلاف من السودانيين بسبب الحرب.

وتضيف عبير في مقابلة مع (عاين):”الطلاب في المملكة العربية السعودية يتعين عليهم سداد 800 ريال سعودي ما يعادل 280 دولار أميركي ومع تأخر فتح الحساب المالي الخاص بالجامعة اضطر الطلاب إلى جمع الرسوم في مصرف حساب شخصي”.

ربطت إدارة الجامعة أداء امتحانات الملاحق للطلاب بسداد الرسوم كما رهنت تسليم النتائج النهائية بسداد المال أيضا كل هذه العوامل دفعت الطلاب إلى إنشاء مجموعة على الشبكات الاجتماعية للتواصل والاتفاق على دفع الرسوم في حساب شخصي موحد وجميع الإجراءات تطوع فيها الطلاب لتذليل الصعوبات- وفق عبير التي تقول إن “بعض الطلاب لم يتمكنوا من دفع الرسوم لتعثرهم ماليا”.

الحرب قضت على آمال مئات الطلاب بوضعهم في صفوف القتال

أستاذ جامعي

يعتقد الباحث والأستاذ الجامعي مصعب التوم، أن الجامعات السودانية في القطاعين الحكومي والخاص تلقت ضربة موجعة بسبب الحرب وخسرت البنية التحتية خاصة في العاصمة السودانية لذلك تمر بحالة من الارتباك تتفاقم الأمور مع غياب مؤسسات الدولة.

ويوضح مصعب التوم أن ما لا يقل عن 5 آلاف طالب جامعي من جملة 300 ألف طالب لا زالوا منذ عام ونصف يعيشون مصيرًا غامضًا حيال الكليات التي لم يرتادونها بسبب الحرب المئات منهم توجه للتنقيب عن الذهب وبعضهم اصبح وقودا لطرفي القتال ويحمل السلاح.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *